أنقرة قد تتفق مع النظام لإخراج «الوحدات» الكردية من «المنطقة الآمنة»

وفد حزبيّ تركي يلتقي الأسد الشهر المقبل في إطار مفاوضات منذ 3 سنوات

طفلة سورية مع والدتها تبكي أمام حافلة في إسطنبول ستقل مجموعة من السوريين إلى الحدود التركية ــ السورية (أ.ف.ب)
طفلة سورية مع والدتها تبكي أمام حافلة في إسطنبول ستقل مجموعة من السوريين إلى الحدود التركية ــ السورية (أ.ف.ب)
TT

أنقرة قد تتفق مع النظام لإخراج «الوحدات» الكردية من «المنطقة الآمنة»

طفلة سورية مع والدتها تبكي أمام حافلة في إسطنبول ستقل مجموعة من السوريين إلى الحدود التركية ــ السورية (أ.ف.ب)
طفلة سورية مع والدتها تبكي أمام حافلة في إسطنبول ستقل مجموعة من السوريين إلى الحدود التركية ــ السورية (أ.ف.ب)

كشفت تقارير صحافية تركية عن احتمال عقد اتفاق بين أنقرة ونظام بشار الأسد بوساطة روسية إيرانية بشأن المنطقة الآمنة في شمال سوريا وإخراج وحدات حماية الشعب الكردية منها، في الوقت الذي جدد فيه حزب تركي دعوته للحكومة إلى التفاوض المباشر مع نظام الأسد بشأن وضع سوريا في المستقبل.
وحسب هذه التقارير، يبدو اتفاق المنطقة الآمنة مُرضياً لجميع الأطراف على الرغم من استمرار الجدل حول عمق وامتداد هذه المنطقة، فأنقرة، وعلى الرغم من عدم رضاها حتى الآن عن مسألة حدود وعمق المنطقة فإنها تبدو راضية عما تحقق بشأن المجال الجوي، في حين تشعر واشنطن بأنها انتصرت عندما نجحت في منع تركيا من دخول منطقة شرق الفرات والهجوم على الوحدات الكردية الحليفة لها، بينما الوحدات الكردية ذاتها تشعر بالرضا لانتهاء الرهان على زوالها عقب زوال تهديد تنظيم «داعش» الإرهابي في سوريا.
ووفقاً للكاتب في صحيفة «خبر تورك» القريبة من الحكومة التركية، محرم صاري كايا، فإن قلق أنقرة من أن يتم إنشاء كيان كردي في سوريا على غرار إقليم كردستان العراق، يدفعها إلى الاستعجال فيما يخص إنشاء المنطقة الآمنة، بينما تخشى واشنطن ومعها الوحدات الكردية من أن تنفكّ العقدة في لحظة ما، فتذهب أنقرة مع النظام بوساطة روسية - إيرانية إلى اتفاق مشترك حول إدارة المنطقة الآمنة.
في السياق ذاته، حذر الخبير الأمني التركي عبد الله أغار، من استغلال الولايات المتحدة للقلق التركي بشأن قيام كيان كردي في شمال شرقي سوريا، قائلاً إن ذلك الأمر ستكون له عواقب وخيمة على الولايات المتحدة ذاتها، لأنه سيؤدي إلى تغيير في التفضيلات الجيوسياسية التركية.
ولفت أغار إلى خطط تركية بديلة ستطبقها أنقرة، إذا لم تفِ الولايات المتحدة بتعهداتها بإنشاء المنطقة الآمنة في شمال شرقي سوريا، مؤكداً أن اهتمام تركيا الرئيس هو التهديد المتمثل في «إنشاء كيان شبه دولة إرهابية» في المنطقة، الأمر الذي سيؤدي إلى تمزيق سوريا، ثم العراق وتركيا نفسها على المدى المتوسط أو البعيد».
وأضاف: «نرى أن الولايات المتحدة تستغل هذا القلق، وفي الوقت نفسه تحذّر أنقرة واشنطن من أنه ما لم يتم تنفيذ الاتفاقات التي تم التوصل إليها، فلدينا خيارات بديلة تتضمن مجموعة من الأدوات ذات الطبيعة الجيوسياسية والاستراتيجية والتكتيكية والعملياتية».
وأشار الخبير التركي إلى أن «الاستراتيجية الأميركية الرئيسة في سوريا هي استخدام عناصر الوحدات الكردية لأغراضها من ناحية، ومن ناحية أخرى تطوير تعاون مع تركيا يفيدها في تحقيق مصالحها في المنطقة... لكن مثل هذه السياسة ذات الوجهين ستكون لها عواقب وخيمة». واعتبر أن مشكلة تركيا مع الولايات المتحدة ليست في المواجهة في سوريا، فحسب، بل في مجموعة التفضيلات والأولويات الجيوسياسية.
وبدا أن تباينات في المواقف لا تزال تفرض نفسها على التنسيق التركي الأميركي بشأن المنطقة الآمنة في شمال شرقي سوريا، عبّر عنها المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا جيمس جيفري، بقوله إن «هناك خلافاً بين الولايات المتحدة وتركيا حول وحدات حماية الشعب الكردية».
ولفت جيفري، خلال ندوة في معهد «أسبن» للدراسات الإنسانية بواشنطن، ليل الجمعة - السبت، إلى أن هناك اختلافاً في الأدوار التي تقوم بها كل من واشنطن وأنقرة في شمال شرقي سوريا، مؤكداً أن وحدات حماية الشعب الكردية حليف لبلاده وأنها وتركيا تقفان على طرفي نقيض حيالها. وأشار إلى أن «قاعدة وحدات حماية الشعب جاءت من حزب العمال الكردستاني، وتركيا تعدهما (إرهابيين)، أما نحن فلا نرى أولئك المواطنين السوريين (عناصر الوحدات الكردية) إرهابيين». وأضاف: «وحدات حماية الشعب الكردية ليست مدرجة على لائحة الإرهاب الأميركية، ولا على لائحة الأمم المتحدة، وتركيا تطالب بفك ارتباطنا وتحالفنا معها، كما سبق أن هددت الولايات المتحدة». وتابع: «الوحدات الكردية ستبتعد عن المناطق الحدودية مع تركيا عند إنشاء المنطقة الآمنة التي يجري العمل على إقامتها حالياً».
كان الجانبان الأميركي والتركي قد توصلا، الأسبوع الماضي، إلى اتفاق بشأن المنطقة الآمنة شمالي سوريا، يقضي بإنشاء مركز عمليات مشتركة في شانلي أورفا جنوب تركيا، لتنسيق شؤون إنشاء وإدارة المنطقة الآمنة.
في السياق ذاته، أكد زعيم حزب العمال الكردستاني السجين في تركيا مدى الحياة عبد الله أوجلان، أن «اندلاع الحرب في منطقة شمال شرقي سوريا سيتسبب بأضرار لتركيا وللشعوب التي تعيش في سوريا في الوقت ذاته، ولن يستفيد منها أي طرف»، مشدداً على أنه «من الممكن حل هذه المشكلة بالوسائل الديمقراطية، وأن الحرب لن تَحلّ أي مشكلة». وذكر محمد أوجلان، الذي زار شقيقه عبد الله أوجلان في محبسه بسجن إيمرالي غرب تركيا بمناسبة عيد الأضحى، أنه تناول مع شقيقه التطورات في شمال العراق وشمال سوريا والتهديدات التركية بعملية عسكرية ضد الوحدات الكردية في شرق الفرات، وأن شقيقه أكد أنه دائماً مع خيار السلام، مشيراً إلى أنه عاش في سوريا 20 عاماً، ويعرف شعبها والعشائر العربية الموجودة هناك جيداً، وطلب إيصال تحياته للعشائر العربية ولشعب تلك المنطقة.
في سياق متصل، قال رئيس حزب «الوطن» التركي المعارض دوغو برينتشيك إنه تلقى دعوة من رئيس النظام السوري بشار الأسد لزيارة سوريا، وإنه سيزور دمشق في سبتمبر (أيلول) المقبل. وأضاف برينتشيك، الذي بات في السنوات الأخيرة على وفاق مع حزب العدالة والتنمية الحاكم بزعامة الرئيس رجب طيب إردوغان، أن النظام السوري يتبنى دوراً محورياً في إنهاء وجود «داعش» والوحدات الكردية (امتداد حزب العمال الكردستاني) في الشمال السوري، وأن حكومة إردوغان ترتكب خطأً كبيراً بعدم تواصلها مع النظام السوري، معتبراً أن التنسيق مع نظام الأسد سيجنّب تركيا الكثير من المخاطر.
ودعا برينتشيك، الذي يُجري حزبه زيارات ومباحثات مع نظام الأسد في سوريا منذ عام 2016 بعلم الحكومة التركية، حكومة إردوغان إلى المشاركة في الزيارة المرتقبة لوفد حزبه إلى دمشق. وقال في تصريح أمس: «سنحمل إلى دمشق خطة لحل الأزمة القائمة منذ سنوات، ومقترحنا يتمثل في إلقاء المعارضة للسلاح، وإصدار حكومة دمشق عفواً عاماً يشمل الجميع»، مشيراً إلى أن خطته لاقت قبولاً مبدئياً من كل من النظام السوري وروسيا وإيران.
على صعيد آخر، كشفت مصادر عسكرية تركية أن المعارك العنيفة التي تشهدها إدلب في الآونة الأخيرة، وتقدم النظام السوري في بعض البلدات بدعم من روسيا وإيران، لن تؤثر على وجود نقاط المراقبة العسكرية التركية في منطقة خفض التصعيد في إدلب، وأن تركيا لن تسحب قواتها من النقاط الاثنتي عشرة، التي تعرّض بعضها لهجمات في الأشهر الماضية أدت إلى مقتل وإصابة عدد من الجنود الأتراك. وحسبما نقلت وسائل إعلام تركية عن المصادر تم التأكيد لوفد من أهالي المنطقة، أن تركيا لن تسحب جنودها من أيٍّ من نقاط المراقبة وستتعامل مع أي محاولة لمحاصرة نقطة المراقبة في مورك بريف حماة الشمالي بعد سيطرة النظام على خان شيخون وقرى أخرى في المنطقة.



الداخلية السورية تعلن مقتل شخص واعتقال 8 بعملية أمنية ضد خلية لـ«داعش»

من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (أرشيفية - وزارة الداخلية)
من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (أرشيفية - وزارة الداخلية)
TT

الداخلية السورية تعلن مقتل شخص واعتقال 8 بعملية أمنية ضد خلية لـ«داعش»

من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (أرشيفية - وزارة الداخلية)
من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (أرشيفية - وزارة الداخلية)

أعلنت السلطات السورية، الثلاثاء، أن قواتها قتلت زعيم خلية مرتبطة بتنظيم «داعش» واعتقلت 8 آخرين، على خلفية الهجوم الدامي الذي استهدف، الأحد، قوات الأمن بشمال البلاد.

ووفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية، قالت الوزارة في بيان إن العملية «استهدفت موقع خلية إرهابية تتبع لتنظيم (داعش) الإرهابي»، وأدت العملية إلى «إلقاء القبض على جميع أفراد الخلية وعددهم 8، وحُيّد (قُتل) العنصر التاسع، متزعم الخلية، أثناء المداهمة».

وأفادت الوزارة بعملية أمنية ثانية بناء على المعلومات التي جمعتها من العملية الأولى، وأسفرت العمليتان عن «ضبط أحزمة ناسفة، وكواتم صوت، وصواريخ من نوع ميم-دال، إلى جانب أسلحة رشاشة».

وقالت الداخلية إن المجموعة المستهدفة «مسؤولة عن تنفيذ عدد من العمليات الإرهابية التي استهدفت دوريات أمنية وعسكرية في محافظتي إدلب وحلب».

وتأتي هذه العملية بعد هجوم استهدف، الأحد، دورية لإدارة أمن الطرق في ريف إدلب، ما أسفر عن مقتل أربعة من عناصر قوى الأمن الداخلي وإصابة خامس، حسب وزارة الداخلية السورية.

وأفادت وكالة الأنباء الرسمية «سانا» بأن مسلحين أطلقوا النار على الدورية أثناء تنفيذ مهامها على طريق معرة النعمان جنوب المحافظة.

وتبنى تنظيم «داعش» لاحقاً الهجوم، وفق ما أورده موقع «سايت» المتخصص في شؤون الجماعات الجهادية.

ويأتي ذلك بعد أيام من استهداف وفد عسكري مشترك في مدينة تدمر وسط سوريا، ما أدى إلى مقتل ثلاثة أميركيين، بينهم جنديان ومدني يعمل مترجماً، إضافة إلى إصابة عناصر من القوات الأميركية والسورية، حسب واشنطن ودمشق.


تسهيلات مصرية لمستثمرين في السياحة بسيناء لتعويض خسائر حرب غزة

أحد المنتجعات السياحية الفاخرة في مدينة طابا (هيئة تنشيط السياحة)
أحد المنتجعات السياحية الفاخرة في مدينة طابا (هيئة تنشيط السياحة)
TT

تسهيلات مصرية لمستثمرين في السياحة بسيناء لتعويض خسائر حرب غزة

أحد المنتجعات السياحية الفاخرة في مدينة طابا (هيئة تنشيط السياحة)
أحد المنتجعات السياحية الفاخرة في مدينة طابا (هيئة تنشيط السياحة)

أقرت مصر حزمة واسعة من التسهيلات لمستثمري منطقة طابا ونويبع، الواقعتين على شاطئ البحر الأحمر بجنوب سيناء، بعد تضرر الأنشطة السياحية هناك على مدار العامين الماضيين، نتيجة الحرب في قطاع غزة والتوترات الأمنية المحيطة بالمنطقة.

وبحسب تصريحات إعلامية لرئيس الهيئة العامة للتنمية السياحية في مصر، مصطفى منير، فإنه تمت الموافقة من جانب إدارة الهيئة على منح المستثمرين عاماً إضافياً لتأجيل سداد المديونيات، مع وقف المطالبة بالسداد لمدة 18 شهراً دون فوائد، لافتاً إلى أن هذه القرارات جاءت استجابة لمطالب المستثمرين وبعد عدة اجتماعات ميدانية وجولات تفقدية للمنطقة.

وتضمنت حزمة التسهيلات المقررة مد فترة الإعفاء من سداد قيمة الأراضي إلى 3 سنوات بدلاً من عامين، إلى جانب تجميد المديونيات لمدة سنة ونصف السنة دون فرض أي أعباء إضافية.

وأوضح أن المنطقة تعرضت لضغوط استثنائية أدت إلى توقّف غالبية المقاصد السياحية، مشيراً إلى أن عدد الفنادق العاملة حالياً لا يتجاوز 6 فنادق من بين 55 فندقاً مسجلة في المنطقة.

حوافز حكومية لمنتجعات جنوب سيناء في مصر لتنشيط السياحة (هيئة تنشيط السياحة)

وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2023، أشارت تقارير إعلامية مصرية إلى «إغلاق نحو 90 في المائة من المنشآت السياحية في مدينتي طابا ونويبع الواقعتين بسيناء على شاطئ البحر الأحمر وتراجع معدل الإشغالات الفندقية في منتجع شرم الشيخ ومدن جنوب سيناء نتيجة الحرب على غزة».

الدكتور يسري الشرقاوي، مستشار الاستثمار الدولي ورئيس جمعية رجال الأعمال المصريين الأفارقة، عدّ التسهيلات المالية التي تقدمها الحكومة المصرية لمساندة المشروعات السياحية المتعثرة خطوة مهمة، لكنها لا تمثل حلاً كاملاً في مواجهة تداعيات الظروف الجيوسياسية الراهنة، مشدداً على ضرورة تبني استراتيجية متعددة المحاور.

وقال الشرقاوي، لـ«الشرق الأوسط»: «تُعد السياحة أحد أهم المصادر للعملة الصعبة في مصر، وكان تأثير الظروف الجيوسياسية على مناطق سيناء، خصوصاً المناطق الجنوبية المتضررة جغرافياً، تأثيراً مباشراً وحاداً».

وتابع: «اليوم، تنظر الحكومة المصرية إلى عام 2026 بوصفه عاماً مرتقباً للهدوء النسبي والاستقرار، وهو العام الذي سيأتي أيضاً بعد شهور من الافتتاح الكامل للمتحف المصري الكبير، والتدابير المتخذة تهدف إلى جعل عام 2026 عاماً ذهبياً لقطاع السياحة إذا ما تلاشت التأثيرات الخارجية»، مؤكداً أن الحلول المالية المطروحة حالياً ستسهم في سداد الفواتير الكبيرة المستحقة على أصحاب المشروعات السياحية المتعثرة في سيناء، ومتوقعاً المزيد من المساعدات التدريجية في هذا الصدد.

وبحسب تصريحات رئيس الهيئة العامة للتنمية السياحية في مصر، مصطفى منير، فإن الهيئة حرصت على جمع مطالب المستثمرين، وإقرار ما يدعم استمرارية النشاط في المنطقة التي تمثل أحد أهم المقاصد في جنوب سيناء.

واستقبلت مصر، وفق بيانات رسمية 15.7 مليون سائح خلال عام 2024، ما يُعدّ أعلى رقم تحققه البلاد في تاريخها. كما أعلنت زيادة أعداد السائحين خلال الربع الأول من العام الحالي 2025 بنسبة 25 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، رغم التحديات الجيوسياسية التي تواجهها المنطقة.

ودعا الشرقاوي إلى ضرورة تدخل أوسع من الحكومة على 3 محاور متزامنة لضمان جذب أعداد أكبر من السائحين؛ أولها المحور الدبلوماسي والسياسي، عبر استمرار الجهد المكثف، ممثلاً في وزارة الخارجية وتحت توجيهات القيادة السياسية، لضمان التحسن التدريجي المستقر في الظروف الجيوسياسية وتلاشي أثرها، إلى جانب الترويج النوعي، من خلال إعداد وزارة السياحة والآثار المصرية برامج ترويجية جاذبة تستهدف إعادة تثبيت الرؤية الآمنة لأسواق السياحة الدولية تدريجياً، خاصة للوافدين إلى سيناء.

وتابع: «كما يجب أن يكون هناك ترويج مدعوم للسياحة الداخلية للحفاظ على نسب الإشغال داخل هذه المنطقة، فلا يمكن لأي منطقة في العالم أن تتجاوز جميع الآثار إلا إذا تضافرت الأيدي الداخلية مع الدعم الخارجي».


«الخط الأصفر» يشعل التوترات بين مصر وإسرائيل

منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)
منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

«الخط الأصفر» يشعل التوترات بين مصر وإسرائيل

منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)
منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)

في وقت تحدث فيه إعلام إسرائيلي عن زيادة وتيرة التوتر بين مصر وإسرائيل في الفترة الحالية، بسبب ممارسات حكومة بنيامين نتنياهو في قطاع غزة، قال مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط»، إن «الأجهزة المصرية رصدت ما تقوم به إسرائيل من مخالفات لاتفاق شرم الشيخ، وأعدت به ملفاً وأبلغت به واشنطن للتأكيد على أن القاهرة ملتزمة ومصرة على تنفيذ الاتفاق».

ووفق عسكريين سابقين بمصر، فإن «القاهرة ترى في ممارسات إسرائيل بغزة محاولة للتملص من خطة ترمب المتفق عليها، واللجوء لترسيخ وجود عسكري إسرائيلي دائم فيما يعرف بالخط الأصفر بغزة، مما يهدد الأمن القومي المصري».

و«الخط الأصفر» هو خط تقسيم يفصل قطاع غزة إلى جزأين، وفقاً لخطة السلام الموقعة بشرم الشيخ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بحضور الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وهي الخطة التي تهدف إلى إنهاء حرب غزة. ويفصل الخط الأصفر 47 في المائة من الأراضي في المنطقة الغربية التي يسيطر عليها الفلسطينيون، عن 53 في المائة من قطاع غزة التي تسيطر عليها إسرائيل، وتقريباً جميع الفلسطينيين في غزة نزحوا إلى المنطقة الغربية من الخط.

قمة مرتقبة بين ترمب ونتنياهو آخر الشهر تناقش خطة السلام في غزة (أ.ف.ب)

وكشف تقرير لـ«القناة 14» الإسرائيلية عن نشاط للجيش الإسرائيلي فيما يعرف بـ«الخط الأصفر»، وتعديل التضاريس الجغرافية لقطاع غزة، وهو ما تعدّه القاهرة «تهديداً مباشراً لمصالحها الإقليمية»، وفق القناة، التي ذكرت أن «ذلك أغضب مصر ودفعها للشكوى إلى الولايات المتحدة، متهمة إسرائيل بأنها تعمل على تقسيم قطاع غزة إلى جزأين، وتغيير التركيبة الديموغرافية والتضاريسية للمنطقة».

وحسب التقرير، فإن القاهرة «تنظر بقلق بالغ لما يجري في قطاع غزة، خصوصاً بعد تصريحات رئيس الأركان الإسرائيلي إيل زامير، حول الخط الأصفر، باعتباره خطاً دفاعياً وهجومياً جديداً»، حيث إن نشاط الجيش الإسرائيلي في المنطقة «الصفراء» - الذي يشمل تدمير بنية تحتية للأنفاق وهدم منازل - «يفسر في القاهرة على أنه استعداد لترسيخ وجود عسكري طويل الأمد في غزة، ما دفع مصر إلى التحرك الدبلوماسي العاجل باتجاه واشنطن»، وفق القناة العبرية.

وأكد نائب مدير المخابرات الحربية ورئيس جهاز الاستطلاع السابق بمصر، لواء أركان حرب أحمد كامل، أن «مصر غاضبة بشدة من محاولات إسرائيل التملص من التزامها بخطة السلام المتفق عليها، وتحركاتها في المنطقة الصفراء توحي برغبتها في تثبيت وجود عسكري دائم في غزة وقرب الحدود المصرية، مما يمثل تهديداً للأمن القومي المصري».

مصادر تتحدث عن اشتراطات مصرية لعقد قمة بين السيسي ونتنياهو (إعلام عبري)

كامل، وهو مستشار بالأكاديمية العسكرية المصرية للدراسات العليا والاستراتيجية قال لـ«الشرق الأوسط»: «الموقف المصري واضح ومحدد وثابت في عده قضايا رئيسية تخص الأمن القومي المصري، ويقوم على أن السلام هو الهدف الرئيسي والاستراتيجي للسياسة الخارجية المصرية، واحترام مصر للاتفاقيات الموقعة مع الجانب الإسرائيلي، خصوصاً اتفاقيه السلام الموقعة عام 1979، والملحق العسكري المرفق بالاتفاقية وتعديلاته الخاصة بزيادة أعداد القوات المسلحة المصرية في سيناء، وضرورة احترام إسرائيل للاتفاقيات الموقعة بين الجانبين».

وأوضح أن «هناك اشتراطات مصرية للتهدئة مع إسرائيل تتعلق بتنفيذ اتفاق غزة طبقاً لمبادرة الرئيس الأميركي ترمب بمراحلها المختلفة، والبدء فوراً في المرحلة الثانية دون عرقلة أو أسباب واهية، مع التأكيد على تثبيت وقف إطلاق النار الدائم والتحول إلى مرحلة السلام، وقيام إسرائيل بالتنفيذ الدقيق للاتفاقية ودخول المساعدات الإنسانية بالكميات المتفق عليها، وفتح معبر رفح في الاتجاهين».

ومن الشروط كذلك بحسب كامل، «رفض مصر الهجرة القسرية أو الطوعية لسكان قطاع غزة، وكذلك الإجراءات الإسرائيلية بالضفة الغربية الخاصة بإقامة المستوطنات وضم الضفة الغربية لإسرائيل، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من كامل أراضي القطاع بما فيها محور فيلادلفيا والعودة لحدود 7 أكتوبر 2023، والتأكيد أن الوجود الإسرائيلي الحالي هو وضع مؤقت مرهون بتطور تنفيذ مراحل الاتفاق، وأن الخطوط الملونة ومنها الخط الأصفر، هي خطوط وهمية لا يعتد بها».

الشرط الرابع، وفق كامل، متعلق بـ«مدى تجاوب نتنياهو وحكومته مع المطالب العربية الواضحة في المبادرة العربية، والخاصة بالانسحاب من الأراضي العربية المحتلة، والشروع والموافقة على حل الدولتين وعدم التهجير للفلسطينيين؛ سواء بغزة أو الضفة، وإبداء النوايا الحسنة الخاصة بحسن الجوار وعدم الاعتداء، والتجاوب مع المطالب الدولية الخاصة بإخلاء المنطقة من التهديد بالسلاح النووي، وانضمام إسرائيل للاتفاقيات الدولية بذات الشأن».

مسلحون من «حماس» يرافقون أعضاء «الصليب الأحمر» نحو منطقة داخل «الخط الأصفر» الذي انسحبت إليه القوات الإسرائيلية في مدينة غزة (أرشيفية - رويترز)

ويعتقد أن «مصر لن تتجاوب مع المساعي الأميركية والإسرائيلية الخاصة بعقد اجتماع بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، دون تقديم إسرائيل مبادرة واضحة ومحددة لرغبتها في السلام واستقرار المنطقة، وتكون قابلة للتنفيذ».

وذكرت التقارير الإسرائيلية أن الولايات المتحدة حاولت فعلياً تنظيم قمة ثلاثية في واشنطن؛ بين السيسي ونتنياهو بحضور ترمب، لكن الفكرة ارتطمت بجدار الشروط المصرية التي وصفها الإعلام العبري بـ«غير المقبولة» من وجهة النظر الإسرائيلية، لكن التقارير ذاتها أشارت إلى أن القاهرة تتوقع أن يمارس ترمب ضغوطاً خلال لقائه المرتقب مع نتنياهو في فلوريدا نهاية الشهر الحالي، لـ«كبحه» والحد من خطواته في غزة.

وقال مدير إدارة الشؤون المعنوية الأسبق بالجيش المصري، اللواء سمير فرج، إن «هناك تعويلاً كبيراً على القمة التي ستعقد بين ترمب ونتنياهو ومخرجاتها، وإن ترمب بالقطع سيضغط على نتنياهو للالتزام بخطة السلام في غزة، التي تحمل اسم ترمب شخصياً».

ونوه فرج في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، بأن مصر ستقيم الموقف في إطار ما ستتمخض عنه قمة ترمب ونتنياهو، ولكن في الوقت ذاته، فإن موقفها واضح وثابت في أنها لا تقبل أبداً بتثبيت الوجود العسكري الإسرائيلي في الخط الأصفر، أو في أي منطقة من غزة، وكل ما تفعله حكومة نتنياهو تدرك القاهرة تماماً أنه محاولة لعرقلة خطة السلام التي تنص على الانسحاب الكامل للجيش الإسرائيلي من جميع أراضي غزة.