السلطات الإيرانية تعتقل مُوقعين على بيان يطالب باستقالة خامنئي

السلطات الإيرانية تعتقل مُوقعين على بيان يطالب باستقالة خامنئي
TT

السلطات الإيرانية تعتقل مُوقعين على بيان يطالب باستقالة خامنئي

السلطات الإيرانية تعتقل مُوقعين على بيان يطالب باستقالة خامنئي

تضاربت الأنباء، أمس، بشأن حملة اعتقالات نفذتها أجهزة الأمن الإيرانية في مدينة مشهد، شمال شرقي إيران، وطالت مُوقعين على بيان يطالب المرشد الإيراني علي خامنئي بالاستقالة. وقالت السلطات إنها «أحبطت» سلسلة اضطرابات، بعد تفكيك شبكة «معادية للثورة». في حين قالت مصادر مطلعة على مجريات الأمر إن اعتقالات طالت ناشطين تجمعوا أمام سجن مشهد احتجاجاً على قرار للمحكمة بسجن ناشط سياسي 13 عاماً.
وذكرت وكالة فارس، التابعة لـ«الحرس الثوري»، أن «أعضاء شبكة معادية للثورة اعتُقلوا في مشهد، وأُحبطت برامج لإثارة الاضطرابات»، متهمة المعتقلين بمجاميع تريد الإطاحة بالنظام.
وقال التقرير إن الأشخاص المعتقلين «كانوا بصدد التخطيط وتنظيم وإثارة الاضطرابات المتسلسلة في مدينة مشهد». وأضاف أن «اختيار المدينة لإثارة الاضطراب والفوضى بسبب صداها الدعائي في وسائل إعلام (فارسية) خارج البلاد». وتابع أن عملية الاعتقال وقعت في تجمع للناشطين، من دون أن يذكر طبيعة التجمع، لكنه أشار إلى أنهم «توجهوا من مدن ومناطق مختلفة للتخطيط وإثارة الاضطراب وزعزعة الأمن في مشهد».
وشهدت إيران، في نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2017، احتجاجات امتدت لأكثر من 80 مدينة للتنديد بارتفاع الأسعار وتدهور الوضع المعيشي، وكانت مشهد نقطة انطلاق الاحتجاجات. وبعد عودة الهدوء للبلاد، وجّهت الحكومة أصابع الاتهام إلى خصومها المحافظين بالتحريض على احتجاجات، قادتها الطبقة المتوسطة والفقيرة، على خلاف الاحتجاجات السابقة التي كان طابعها سياسياً، قبل أن يكون اقتصادياً.
وتعدّ مدينة مشهد من بين أكبر 5 مدن إيرانية صناعية، وهي قطب أساسي للسياحة، في وقت يعاني الاقتصاد الإيراني من تفاقم الأزمة الاقتصادية بعد إعادة العقوبات الأميركية.
لكن الغموض حول طبيعة التجمع، كشفه محسن سياح مدير الشؤون الأمنية والسياسية في محافظة خراسان، الذي نقلت عنه وكالة التلفزيون الإيراني أن «عدداً من العناصر المعادية للثورة التي تربطها صلات بالخارج، اعتقلت خلال مشاركتها في تجمع غير قانوني أمام مقر القضاء». واتهم المعتقلين بالسعي وراء تحريض الرأي العام على النظام وزعزعة الأمن بواسطة الاحتجاجات.
على خلاف التقارير الرسمية، أفادت مصادر مطلعة أن الاعتقالات طالت ناشطين تجمعوا أمام مقر محكمة مدينة مشهد احتجاجاً على حكم قضائي ضد ناشط مدني بعد شهرين من نشر بيان يحمل توقيع 14 ناشطاً مدنياً بارزاً ويخاطب بشكل أساسي الشارع الإيراني والناشطين والمثقفين المعنيين بتغيير الأوضاع الداخلية في إيران. وجاء في جزء من البيان الذي تناقلته مواقع إيرانية ويخاطب الرأي العام، بما فيهم الناشطون والمثقفون، ويطالب بالنزول إلى الساحة ورفع وقيادة مطالب بالتغيير الجذري في الدستور واستقالة المرشد الذي «تتسع صلاحياته يومياً بصورة غير عادلة» بحسب ما ورد في البيان. كما يوجه أصابع الاتهام إلى «الاستبداد المنظم وغير المسؤول» في تراجع الأوضاع وعرقلة الإصلاح.
وبحسب المعلومات الأولية، أمس، فإن السلطات اعتقلت نحو 10 ناشطين نظّموا وقفة احتجاجية أمام محكمة مشهد ضد قرار للمحكمة يدين الناشط كمال جعفري يزدي، أحد الموقعين على البيان الصادر في يونيو (حزيران) الماضي، بالسجن 13 عاماً.
وقال جعفري يزدي، في اتصال مع إذاعة «فردا» الأميركية الناطقة بالفارسية، إنه شاهد لحظة اعتقال الناشطين أمام المحكمة.
وتأتي الاعتقالات بعدما قال ناشطون إنهم يتعرضون لمضايقات أمنية متزايدة من مجهولين، عقب نشر البيان الأول.
ويأتي الحادث في أعقاب بيان موقع من 14 ناشطة إيرانية، هذا الأسبوع، يطالب باستقالة المرشد الإيراني علي خامئني من منصبه، وتغيير طبيعة نظام ولاية الفقيه. ويشدد أيضاً على عزم الناشطات مواصلة المطالب المدنية لرفض النظام السياسي الحالي، وفي الوقت ذاته يحتج بشدة إزاء ما وصفه بـ«نظام الفصل (الأبارتيد) الجنسي» ويتهم النظام السياسي بـ«معاداة المرأة» و«محو القيم الإنسانية للمرأة».
وينوّه البيان بأن إقامة نظام ولاية الفقيه أدى إلى «حرمان المرأة» من الحقوق الأولية والإنسانية، لافتاً إلى أن «المعترضين ضد التمييز الجنسي واجهوا التنكيل والتحقير والتعذيب والسجن والإعدام».
واكتسب بيان الناشطات الإيرانيات في الأيام الماضية زخماً واسعاً في الأوساط الإيرانية، وذلك في خضم تنافس شرس بين وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف، على مخاطبة الرأي العام الإيراني حول أسباب تدهور الاقتصاد وسلوك النظام السياسي في إيران، ما أدى إلى تشديد العقوبات الأميركية.



الأسباب التي تدفع إسرائيل لإبعاد فرنسا من لجنة الإشراف على وقف النار مع «حزب الله»

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً الخميس إلى الكونغرس التشيلي بمناسبة زيارته الرسمية إلى سانتياغو (د.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً الخميس إلى الكونغرس التشيلي بمناسبة زيارته الرسمية إلى سانتياغو (د.ب.أ)
TT

الأسباب التي تدفع إسرائيل لإبعاد فرنسا من لجنة الإشراف على وقف النار مع «حزب الله»

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً الخميس إلى الكونغرس التشيلي بمناسبة زيارته الرسمية إلى سانتياغو (د.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً الخميس إلى الكونغرس التشيلي بمناسبة زيارته الرسمية إلى سانتياغو (د.ب.أ)

لم تعلق فرنسا رسمياً على المعلومات الواردة من إسرائيل والتي تفيد بأن الطرف الإسرائيلي نقل إلى المبعوث الأميركي آموس هوكستين رفضه مشاركة فرنسا في اللجنة الدولية المطروح تشكيلها، بمشاركة الولايات المتحدة وفرنسا، للإشراف على تنفيذ القرار الدولي رقم 1701 الذي يعد حجر الأساس لوقف الحرب الدائرة بين إسرائيل و«حزب الله»، كما رفضها الربط بين وقف النار وإيجاد حلول للمشاكل الحدودية بينها وبين لبنان، إن بالنسبة للنقاط الخلافية المتبقية على «الخط الأزرق» أو بالنسبة لمزارع شبعا وكفرشوبا وقرية الغجر.

 

ماذا يريد نتنياهو؟

 

وجاء رفض تل أبيب بحجة أن باريس تنهج «سياسة عدائية» تجاهها، في الإشارة إلى التوتر الذي قام بين الطرفين منذ سبتمبر (أيلول) الماضي وكانت قمته دعوة الرئيس ماكرون إلى وقف تزويد إسرائيل بالسلاح، لكونه «الوسيلة الوحيدة لوقف الحرب»، ما عدّه رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو «عاراً» على فرنسا، كما حال اعتبار ماكرون أن ما تقوم به إسرائيل في غزة «مجازر». وجاء قرار الحكومة الفرنسية، مرتين، بمنع شركات دفاعية إسرائيلية من المشاركة بمعداتها في معرضين دفاعيين ثانيهما الشهر الماضي، ليزيد من التوتر الذي تفاقم مع التصرف «الاستفزازي» لعناصر أمن إسرائيليين بمناسبة زيارة وزير الخارجية جان نويل بارو لإسرائيل الأخيرة، وما تبعه من استدعاء السفير الإسرائيلي في باريس للاحتجاج رسمياً على ما حصل.

بيد أن ماكرون سعى لترطيب الأجواء مع نتنياهو من خلال إرسال إشارات إيجابية؛ منها الإعراب عن «تضامنه» مع إسرائيل بسبب ما تعرض له فريقها الرياضي في أمستردام، وحرصه لاحقاً على حضور مباراة كرة القدم بين فريقهما. كذلك لم توقف باريس تصدير مكونات عسكرية لإسرائيل بوصفها «دفاعية»، وتستخدم في إنشاء وتشغيل «القبة الحديدية» المضادة للصواريخ. كذلك، سمحت مديرية الشرطة، الأسبوع الماضي، بقيام مظاهرة أو تجمع في باريس بدعوة من مجموعات يهودية متطرفة منها. وبالتوازي مع المظاهرة، حصل احتفال ضم شخصيات يهودية من كثير من البلدان تحت عنوان «إسرائيل إلى الأبد»، وذلك رغم المطالبات بمنعها.

بيد أن ذلك كله لم يكن كافياً بنظر نتنياهو. وقال سفير فرنسي سابق لـ«الشرق الأوسط»، إن نتنياهو «وجد فرصة فريدة لإحراج فرنسا، لا بل الحط من قيمتها ومن دورها، وذلك برفض حضورها في اللجنة». ويضيف المصدر المذكور أن باريس «تتمتع بالشرعية الأهم والأقوى» لتكون طرفاً فاعلاً في اللجنة، باعتبار أن جنودها موجودون في لبنان منذ عام 1978، وأنها صاحبة فكرة إنشاء «اللجنة الرباعية» في عام 1996، التي أنهت آنذاك الحرب بين إسرائيل و«حزب الله»، حيث لعب وزير الخارجية الأسبق هيرفيه دو شاريت الدور الأكبر في وقفها. ويذكر المصدر أخيراً أن باريس قدمت مشروعاً لوقف الحرب، منذ بداية العام الحالي بالتوازي مع الجهود التي بذلها هوكستين، وما زال، وأن التنسيق بين الطرفين «متواصل». وأعاد المصدر إلى الأذهان أن ماكرون والرئيس بايدن أطلقا، منذ شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، وعلى هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، مبادرة مشتركة لوقف إطلاق النار والخوض في مباحثات لاحقة لتسوية الخلافات القائمة بين لبنان وإسرائيل والعودة إلى العمل جدياً بالقرار الدولي رقم 1701. ولاكتمال الصورة، تتعين الإشارة إلى أن «حزب الله» رفض مشاركة ألمانيا وبريطانيا، علماً بأن الأولى موجودة داخل «اليونيفيل»، لا بل إنها تشرف على قوتها البحرية، ما قد يدفع إلى اعتبار أن نتنياهو رفع «البطاقة الحمراء» بوجه فرنسا، ليبين من جهة حنقه، ومن جهة ثانية قدرته التعطيلية.

 

أوراق الرد الفرنسية

واضح أن رفض باريس من شأنه أن يشكل عقبة إضافية على طريق الحل، خصوصاً أن لبنان سيكون، بلا شك، متمسكاً بحضور باريس في اللجنة وهي الجهة التي يرتاح لها، ولكونها المتفهمة لمواقف الطرف اللبناني. لكن السؤال الحقيقي المطروح يتناول الهدف أو الأهداف الحقيقية لإسرائيل. وفي هذا السياق، ترى مصادر سياسية في باريس أن لنتنياهو عدة أغراض أساسية؛ أولها الإمساك بذريعة من شأنها تأخير الاتفاق وإعطائه الوقت الإضافي لمواصلة حربه على لبنان، والاقتراب أكثر فأكثر من تحقيق أهدافه وأولها مزيد من إضعاف «حزب الله»، واستمرار الضغط على السلطات اللبنانية للخضوع لمطالبه. أما الغرض الآخر فعنوانه «تدفيع ماكرون ثمناً سياسياً» لقبول بلاده في اللجنة، إذ سيكون على فرنسا أن «تستأذن» إسرائيل، وربما دفع باريس إلى تعديل بعض جوانب سياستها إزاء إسرائيل.

وبانتظار أن يرد رد فرنسي رسمي على البادرة العدائية الإسرائيلية، فإن من الواضح أن لفرنسا القدرة على اتخاذ تدابير «مزعجة» لإسرائيل في حال «توافرت الإرادة السياسية»، وفق ما يقوله مسؤول سابق. وتشمل مروحة الردود الجانبين الثنائي والجماعي الأوروبي. في الجانب الأول، يمكن لباريس أن توقف مبيعاتها العسكرية، رغم قلتها، إلى إسرائيل، أو أن تعمد إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية على غرار ما فعلته دول أوروبية أخرى، مثل إسبانيا وسلوفينيا وآيرلندا. وبمستطاع فرنسا أن تعبر عن موقف مماثل لموقف هولندا إزاء القرار الصادر عن المحكمة الجنائية الدولية بالقبض على نتنياهو، وعلى وزير الدفاع السابق يوآف غالانت، بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة.

وحتى اليوم، بدت ردة فعل باريس «باهتة» و«غامضة» فهي «أخذت علماً» بقرار المحكمة، وهي تؤكد تمسكها بعملها المستقل وفق أحكام نظام روما الأساسي، فضلاً عن ذلك، بإمكان باريس أن تلجأ إلى لغة دبلوماسية أكثر حزماً في إدانة الممارسات الإسرائيلية بغزة والضفة الغربية ولبنان، بما في ذلك استهداف المواقع الأثرية. وبالتوازي، يقول المسؤول السابق إنه «لا يمكن إغفال ما تستطيعه باريس على المستوى الأوروبي» مثل الدفع لوقف الحوار السياسي مع تل أبيب، أو لاتخاذ تدابير إضافية ضد الصادرات الإسرائيلية من المستوطنات في الضفة الغربية وتركيز الأضواء، مع آخرين على حل الدولتين.