الأزمة المالية في الأراضي الفلسطينية تثني كثيرين عن شراء أضاحي العيد

حركة ضعيفة بسوق الأضاحي في نابلس (وفا)
حركة ضعيفة بسوق الأضاحي في نابلس (وفا)
TT

الأزمة المالية في الأراضي الفلسطينية تثني كثيرين عن شراء أضاحي العيد

حركة ضعيفة بسوق الأضاحي في نابلس (وفا)
حركة ضعيفة بسوق الأضاحي في نابلس (وفا)

يؤثر الوضع الاقتصادي الصعب الذي تعيشه الأراضي الفلسطينية بشدة على حياة الفلسطينيين، فكثير منهم ينوي ذبح عدد قليل من الخراف في عيد الأضحى، الأحد، في انعكاس للأزمة المالية التي تعانيها السلطة الفلسطينية، ومع خفض رواتب الموظفين منذ أشهر.
واعتاد الفلسطينيون خلال عطلة العيد شراء الأضحية من خراف أو أنواع أخرى من الأغنام، ليتم ذبحها صبيحة يوم العيد، وتوزيعها على الفقراء؛ لكن المبيعات انخفضت بشكل كبير هذا العام وفق مربي الأغنام.
ووصلت الأزمة إلى المدن الرئيسية، مثل مدينة البيرة وسط الضفة الغربية المحتلة.
ويقول مدير مسلخ بلدية البيرة أشرف مرار لوكالة الصحافة الفرنسية، إنه «لا يوجد أي حجز لأي أضحية كما جرت العادة، ونسبة بيع الأضاحي حتى الآن 0 في المائة»، مؤكداً أن «هذا العام هو الأسوأ على تجار الأضاحي منذ 20 عاماً في المحافظات كافة».
وأشار إلى أن عدد الأضاحي المتوفرة في محافظتي رام الله والبيرة «يبلغ 30 ألف خروف، منها 25 ألف خروف بلدي، و5 آلاف خروف مستورد».
وعزا مرار هذا الانخفاض الهائل في نسبة البيع إلى «الوضع الاقتصادي السيئ، وانخفاض نسبة الطلب رغم ارتفاع نسبة العرض»، بالإضافة إلى «نقص الرواتب».
ولم يحصل العاملون في القطاع الحكومي الفلسطيني على رواتبهم منذ فبراير (شباط) الماضي، بسبب الأزمة التي تعيشها السلطة الفلسطينية، نتيجة خلافات مع الجانب الإسرائيلي.
وأشار البنك الدولي إلى نمو بسيط في الناتج المحلي الإجمالي في عام 2018، على مستوى الضفة الغربية وقطاع غزة، بالإضافة إلى بلوغ نسبة البطالة نحو 30 في المائة.
بدوره، يقول محمد فارع الذي يملك ملحمة شمال مدينة رام الله في الضفة الغربية، إن إقبال الناس على الأضاحي هذا العام «انخفض جداً». وتابع بأن «الوضع تعس جداً، وأعتقد أن مبيعات الأضاحي انخفضت بنسبة 30 في المائة عن العام الماضي، بسبب الأزمة المالية».
وحاول بعض التجار زيادة الطلب على الأضاحي من خلال خفض سعر الكيلوغرام؛ لكن هذا الأمر لم يحدث فارقاً.
ويقول التاجر عصام عبد الله من مدينة نابلس في الضفة الغربية، إنه خفض سعر الكيلوغرام من 10 دولارات إلى 8 دولارات؛ لكن «لم يسارع أحد للشراء».
وبات عبد الله مقتنعاً تماماً بوجود ركود اقتصادي في الأراضي الفلسطيني، سببه الرئيسي «نقص الرواتب لدى الموظفين، ما يؤثر على توجههم نحو المحال التجارية».
وخفضت الحكومة الفلسطينية منذ أزمتها مع إسرائيل نحو خمسين في المائة من الرواتب، وستين في المائة في بعض الحالات، خلال الأشهر الأخيرة.
وبدأت الأزمة المالية التي تعيشها السلطة الفلسطينية منذ أن قررت إسرائيل اقتطاع مبالغ من أموال الضرائب التي تجبيها لصالح السلطة الفلسطينية، ورفض السلطة في المقابل تلقي أي أموال ناقصة.
وتجبي إسرائيل لصالح السلطة الفلسطينية نحو 190 مليون دولار شهرياً، من عائدات الضرائب على التبادل التجاري الذي يمر عبر الموانئ والمعابر الإسرائيلية.
وأعلنت إسرائيل في فبراير الماضي بدء خصم نحو 10 ملايين دولار، وهو يساوي ما تدفعه السلطة الفلسطينية شهرياً لصالح أسر المعتقلين في السجون الإسرائيلية، أو من قتلوا خلال مواجهات مع إسرائيل.
وتصر السلطة الفلسطينية على حق هؤلاء المعتقلين وأسر الضحايا في تلقي رواتبهم. وأكد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس مراراً أن هذا الحق «مقدس» وهو يصر على تسلم مبالغ الضرائب كاملة.
من جهتهم، سخر ناشطون على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» من «أزمة الخراف»، فقد نشروا على سبيل المثال فيديوهات تظهر الخراف وهي تسير بحرية، بينما انتشرت صورة لخروف شديد النحول، وعليها تعليق يقول إن هذا الخروف «ملائم لمستوى رواتب الموظفين».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.