وزير خارجية فرنسا رداً على ترمب: لا نحتاج إذناً للتعبير عن مواقفنا بشأن إيران

جان إيف لو دريان
جان إيف لو دريان
TT

وزير خارجية فرنسا رداً على ترمب: لا نحتاج إذناً للتعبير عن مواقفنا بشأن إيران

جان إيف لو دريان
جان إيف لو دريان

جاء رد باريس على تغريدتين للرئيس الأميركي دونالد ترمب هاجم فيهما مجدداً نظيره الفرنسي وحذره من التحدث باسم الولايات المتحدة الأميركية على خلفية «الوساطة» التي يجهد إيمانويل ماكرون للقيام بها بين واشنطن وطهران أمس، على لسان وزير الخارجية.
فقد اعتبر جان إيف لو دريان، في بيان صدر، أنه «بالنسبة إلى إيران، فإن فرنسا تعبر عن موقفها بسيادة تامة، وهي تلتزم بقوة السلام والأمن في المنطقة وتعمل من أجل نزع فتيل التوتر ولا تحتاج إلى أي إذن للقيام بذلك». وذكّر لو دريان بمواقف بلاده من الاتفاق النووي مع طهران وتوابعه، مؤكداً أن باريس «ملتزمة باتفاق فيينا الذي يمنع انتشار الأسلحة النووية». وذكر أيضاً أن فرنسا «تحترم توقيعها، على غرار أطراف الاتفاق الآخرين باستثناء الولايات المتحدة»، وحث إيران «بشدة» على الوفاء بالتزاماتها المنصوص عليها في الاتفاق.
ودافع الوزير الفرنسي عما يقوم به الرئيس ماكرون من «مبادرات سياسية لضمان شروط الحوار»، مؤكداً أن ما يفعله يتم «بكل شفافية مع شركائنا، وفي مقدمتهم الأوروبيون الموقعون، وهو بالتأكيد يبقي السلطات الأميركية على اطلاع». وخلاصته أنه «يجب بذل كل الجهود لتفادي أن يتحول هذا الوضع النزاعي إلى مواجهة خطيرة». لكن لو دريان لم يجب عن جوهر انتقادات ترمب؛ أي رفضه أن تتحدث أي جهة تسعى إلى وساطة مع إيران باسم الولايات المتحدة الأميركية.
المزعج للرئيس ماكرون أن هجمة ترمب تأتي عقب تغريدة سابقة تضمنت تجريحاً شخصياً بحق ماكرون بسبب الضرائب المرتفعة التي قررت باريس فرضها على الشركات الرقمية الرئيسية وغالبيتها أميركية. ولم يتردد ترمب وقتها في وصف الإجراء الفرنسي بأنه تعبير عن «بلاهة ماكرون»، مهدداً باتخاذ تدابير مماثلة.
ووفق مصادر واسعة الاطلاع في باريس، فإن الجانب الفرنسي يتخوف من أن التوتر الدبلوماسي «المستجد» بين الرئيسين ستكون من نتائجه «تلويث» أجواء قمة السبع التي يستضيفها منتجع بياريتز بين 24 و26 الشهر الحالي.
والمنتظر أن يكون الملف النووي الإيراني وأمن الملاحة في الخليج على رأس الملفات السياسية المطروحة على قادة الدول السبع. وسبق لمصادر رسمية فرنسية أن قالت لـ«الشرق الأوسط»، إن ما لا تريده فرنسا هو ألا يتكرر في قمة بياريتز ما حصل في قمة العام الماضي التي استضافتها كندا وشاب أجواءها التوتر على خلفية نزاعات تجارية وتصريحات لرئيس الوزراء الكندي التي اعتبرها ترمب «معادية» لأميركا وعمد بعدها إلى سحب توقيعه من بيانها الختامي.
وجاء في تغريدة ترمب الأولى أن «إيران لديها مشكلات مالية خطيرة. إنهم يائسون للتحدّث إلى الولايات المتحدة، لكنهم يتلقون إشارات متناقضة من جميع أولئك الذين يزعمون أنّهم يمثّلوننا، بمن فيهم الرئيس الفرنسي ماكرون». وفي تغريدة ثانية أضاف: «أعرف أنّ إيمانويل يقصد الخير، وكذلك يفعل كل الآخرين، لكن لا أحد يتحدّث باسم الولايات المتحدة سوى الولايات المتحدة نفسها. لا أحد مصرّح له بأي شكل أو طريقة أو صيغة تمثيلنا!». ثمة ملاحظتان أوليان على هاتين التغريدتين؛ الأولى، أنه لم يذكر من الوسطاء سوى اسم الرئيس الفرنسي ما يدل على أنه المستهدف الأول، خصوصاً أن ماكرون لا يتردد، كلما سنحت له الفرصة، في التركيز على استمراره في «التوسط» وعلى تواصله الدائم مع الرئيس الإيراني حسن روحاني الذي اتصل به هاتفياً 4 مرات في الأسابيع الأخيرة. والثانية، اللهجة الحازمة والقاسية التي استخدمها والتي تقترب من كونها «إنذاراً»، بقوله إنه «لا أحد مصرح له بأي شكل أو طريقة أو صيغة لتمثيلنا» في الحديث إلى إيران.
إزاء هذا التوتير بين رئيسين سعيا «خصوصاً ماكرون» لإقامة علاقات سياسية وشخصية متميزة، تعتبر مصادر دبلوماسية أوروبية أن المثير للدهشة فيها أن الأخير «أطلع دائماً نظيره الأميركي» على مجريات اتصالاته مع روحاني، وبالتالي لم يفاجأ ترمب قط بـ«الوساطة» الفرنسية.
وتذكر هذه المصادر أن ترمب طلب في 2017 من ماكرون أن يرتب له لقاء مع روحاني على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة. لكن هذا اللقاء لم يتم. وتضيف هذه المصادر أن باريس «لم تخفِ لا أهدافها ولا طريقة أدائها»، ومنذ البداية أعلنت فرنسا بلسان ماكرون ووزير الخارجية لو دريان أن ما تسعى إليه هو «تبريد» الوضع بداية والبحث عن «الشروط والظروف» التي من شأنها «ضم الجميع» إلى طاولة المفاوضات.
وأعلن ماكرون شخصياً عقب اتصال هاتفي نهاية الشهر الماضي مع روحاني أن «دور فرنسا هو بذل كل الجهود الضرورية حتى تقبل كل الأطراف التهدئة وتعود إلى المفاوضات».
ولإرضاء ترمب، ثابر ماكرون على التذكير، كما حصل في آخر اتصال هاتفي بينهما، بأن باريس وواشنطن كلتيهما تسعى لحرمان طهران من الحصول على السلاح النووي، وكلتاهما متفقة على ضرورة تحجيم البرنامج الصاروخي الإداري واحتواء سياسة طهران الإقليمية، إضافة إلى وضع ضوابط لبرنامجها النووي لما بعد عام 2025 وكلها أهداف أميركية.
إذن ما الذي أثار حفيظة ساكن البيت الأبيض؟
حقيقة الأمر أنها ليست المرة الأولى التي يعبر فيها ترمب عن «امتعاضه» من ماكرون. وثمة واقعة يتبدى اليوم معناها كاملاً: فعلى هامش قمة العشرين في أوساكا «اليابان» في 20 يونيو (حزيران)، لم يحصل اجتماع ثنائي بين الرئيسين الفرنسي والأميركي كان يريده الأول للحديث تحديداً عن الملف الإيراني. وترى المصادر المشار إليها أن الخلافات بين باريس وواشنطن (ليس فقط بالنسبة للنووي الإيراني) معروفة للجميع: فرنسا متمسكة بالاتفاق النووي الذي خرجت منه واشنطن وهي سعت (مع برلين ولندن) لتمكين إيران من الالتفاف جزئياً على «العقوبات القصوى» التي فرضها ترمب والتي يريد منها «خنق» الاقتصاد الإيراني وهو ما يشير إليه في تغريدته الأولى. وترجح هذه المصادر أن تكون المعلومات التي تم تداولها عن عزم باريس إطلاق الآلية المالية «أنستكس» من خلال توفير مبلغ 15 مليار يورو لإطلاقها هي الشعرة التي قصمت ظهر البعير، إضافة إلى ما أشيع عن أن ماكرون دعا روحاني لحضور قمة السبع من أجل لقاء ترمب، الأمر الذي أكدته طهران ونفته مصادر رئاسية فرنسية و«استبعدت» حدوثه الناطقة باسم الخارجية الأميركية.
ولا تتوقف الخلافات بين باريس وواشنطن عند هذا الحد، إذ إن فرنسا رفضت الانضمام إلى المبادرة الأميركية الداعية إلى قيام تحالف دولي بحري لضمان أمن الملاحة في الخليج، لا بل إنها رفضت أيضاً إرسال قطع بحرية إلى المنطقة لكي لا تعتبر طهران ذلك استفزازاً، وفق ما جاء على لسان وزيرة الدفاع فلورانس بارلي. وفيما تريد واشنطن ضمن أمن الملاحة من خلال الردع العسكري، فإن فرنسا تسعى إليه من خلال «الأمن الدبلوماسي».
لا تخفي المصادر الدبلوماسية في باريس أن فرنسا ترى أن الخروج من أزمة الخليج لا يتم من غير «خطوات متوازية»، بمعنى أنه يتعين على كل طرف القيام بخطوات تجاه الطرف الآخر. وهذه الفلسفة تتعارض تماماً مع المقاربة الأميركية رغم أن واشنطن أعربت أكثر من مرة عن رغبتها في الحوار مع طهران، ولكن «من غير شروط» أي مع بقاء العقوبات، كما هي على غرار النموذج الكوري الشمالي، بينما تطالب طهران برفع العقوبات للجلوس إلى طاولة التفاوض. والمرجح أن يكون ماكرون قد لعب على هذه الهوامش لدفع «وساطته» إلى الأمام. وبعد تغريدات ترمب، يبدو من المستبعد أن تستمر هذه الوساطة، وبالتالي ربما سعى ترمب إلى قطع الطريق من خلال آخر تغريدتين له، على الوساطة الفرنسية أو على أي وساطة أخرى، مهمشاً بذلك الدور الأوروبي الذي تآكل بعد أن سلكت بريطانيا طريقاً مغايرة عن الطريق الفرنسية - الألمانية في موضوع التحالف البحري بإعلانها الانضمام إلى المبادرة الأميركية.



التقى هاليفي وكاتس... كوريلا بحث في إسرائيل الوضع بسوريا والمنطقة

قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال مايكل كوريلا (رويترز)
قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال مايكل كوريلا (رويترز)
TT

التقى هاليفي وكاتس... كوريلا بحث في إسرائيل الوضع بسوريا والمنطقة

قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال مايكل كوريلا (رويترز)
قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال مايكل كوريلا (رويترز)

زار قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال مايكل كوريلا، إسرائيل، من الأربعاء إلى الجمعة، حيث التقى بمسؤولين من الجيش الإسرائيلي، وناقش الوضع في سوريا وعدداً من المواضيع الأخرى المتعلقة بمنطقة الشرق الأوسط، وفق «رويترز».

وقالت القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم) إن الجنرال كوريلا التقى رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، ووزير الدفاع يسرائيل كاتس.

وحثت واشنطن إسرائيل على التشاور الوثيق مع الولايات المتحدة بشأن مستجدات الأوضاع في سوريا، بعد أن أنهى مقاتلو المعارضة بقيادة أحمد الشرع، المكنى أبو محمد الجولاني، قبل أيام، حكم عائلة الأسد الذي استمر 50 عاماً عقب فرار الرئيس المخلوع بشار الأسد من البلاد.

ويراقب العالم لمعرفة ما إذا كان بمقدور حكام سوريا الجدد تحقيق الاستقرار في البلاد التي شهدت على مدى أكثر من 10 سنوات حرباً أهلية سقط فيها مئات الآلاف من القتلى، وأثارت أزمة لاجئين كبيرة.

وفي أعقاب انهيار الحكومة السورية، قال الجيش الإسرائيلي إن طائراته نفذت مئات الضربات في سوريا، ودمرت الجزء الأكبر من مخزونات الأسلحة الاستراتيجية لديها.

وأمر كاتس القوات الإسرائيلية بالاستعداد للبقاء خلال فصل الشتاء على جبل الشيخ، وهو موقع استراتيجي يطل على دمشق، في إشارة جديدة إلى أن الوجود الإسرائيلي في سوريا سيستمر لفترة طويلة.

وقال بيان القيادة المركزية الأميركية: «ناقش القادة مجموعة من القضايا الأمنية الإقليمية، بما في ذلك الوضع المستمر بسوريا، والاستعداد ضد التهديدات الاستراتيجية والإقليمية الأخرى».

وقالت القيادة المركزية الأميركية إن كوريلا زار أيضاً الأردن وسوريا والعراق ولبنان في الأيام القليلة الماضية.

ورحبت إسرائيل بسقوط الأسد، حليف عدوتها اللدودة إيران، لكنها لا تزال متشككة إزاء الجماعات التي أطاحت به، والتي ارتبط كثير منها بتنظيمات إسلاموية.

وفي لبنان، زار كوريلا بيروت لمراقبة انسحاب القوات الإسرائيلية الأولى بموجب اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه الشهر الماضي، في حرب تسببت في مقتل الآلاف ونزوح أكثر من مليون شخص.

وتشن إسرائيل حرباً منفصلة في قطاع غزة الفلسطيني منذ نحو 14 شهراً. وحصدت هذه الحرب أرواح عشرات الآلاف، وقادت إلى اتهامات لإسرائيل بارتكاب إبادة جماعية وجرائم حرب وهو ما تنفيه إسرائيل.