فرنسا تفرض على اللاجئين السوريين «دورات للاندماج»

TT

فرنسا تفرض على اللاجئين السوريين «دورات للاندماج»

بعد قانون اللجوء الجديد، الذي أقرته الحكومة الفرنسية، أصبح على اللاجئين السوريين الذين قدموا إلى فرنسا أن يخضعوا لبرنامج لمدة 4 أيام للاندماج في المجتمع، يحددها المكتب الفرنسي للهجرة والاندماج.
السيدة نيكول التي تعمل مع المكتب، مؤسسة «أوفي» في مدينة بواتييه، قالت لـ«الشرق الأوسط» إن «اليومين الأوليين في أيام الاندماج لم يتغيرا، وهما عبارة عن معلومات قانونية عن القوانين في فرنسا، بالإضافة إلى معلومات تاريخية وجغرافية عن البلد الجديد، ومراحل تأسيس الاتحاد الأوروبي. أما اليومان الآخران فهما عبارة عن أسئلة وإجابات تتناول أموراً حياتية متعلقة بالعائلات السورية، كطريقة تسجيل الأطفال في المدارس، وأساليب التصريح الضريبي، وغيرها من الأوراق والإجراءات الإدارية الضرورية للعائلات».
وأوضحت: «أصبح من الممكن الآن أن يدرس اللاجئ 400 أو 600 ساعة من حصص اللغة الفرنسية التي تعطى في مكاتب (الأوفي) بكل مدينة، وبذلك يستطيع اللاجئ أن يتعلم اللغة بشكل أفضل، سواء شفهياً أم كتابياً، الأمر الذي يتيح له أن يندمج في سوق العمل مباشرة، أو أن يستطيع أن يملأ أوراقه وطلباته المختلفة لوحده دون الاعتماد على المساعدين الاجتماعيين، خصوصاً بعد حصوله على إقامته وأوراق عائلته المختلفة».
وأوضحت المساعدة الاجتماعية دومينيك أن «بعض اللاجئين السوريين ليس لديهم حافز لتعلم اللغة، خصوصاً وأنهم مروا بمراحل صعبة قبل وصولهم إلى فرنسا، أو أن بعضهم لم يحصلوا تحصيلاً علمياً مناسباً، لكن إلزامهم بساعات دراسية إضافية، حسب ما تحدده نتائج امتحان (أوفي)، يلزم اللاجئ بالدراسة والتحصيل، كما أن يومي الاندماج الإضافيين قد يضغطان على مكاتب (الأوفي)، لكنهما يفيدان اللاجئ الذي أصبحت لديه الكثير من الأسئلة في الأشهر الماضية، بأن يتلقى إجابات شافية ومفيدة لمستقبله ومستقبل أطفاله».
تيم الذي قدم مؤخراً هو وزوجته وطفلته الصغيرة إلى مدينة بواتييه الفرنسية، ملتحقاً بأبيه وأمه، يقول إن «لديه فكرة أن يؤسس مطعماً صغيراً، وموضوع زيادة الساعات الدراسية الفرنسية قد يساعده، لكن المشكلة أن لديه طفلة عمرها عامان، ما يضع العصا بالدواليب، ويرهق العائلة الصغيرة التي لم تحصل بعد على قرار لجوئها وعلى إقامة، وطبعاً فإن وضع الطفلة في حضانة بشكل يومي مكلف للعائلة، خصوصاً أن الحضانات هنا مرتفعة الثمن، ومن يقبل وجود الطفلة في أي حضانة عليه أن يكون على علم بذلك منذ أشهر».
أروى رحبت بالقرارات الفرنسية الجديدة، وقالت إنها تجد «إشغال اللاجئ وعائلته بعدد من الأمور يعطي طعماً أفضل لحالة اللجوء والغربة التي يحس بها السوري لدى وصوله إلى أي مدينة في فرنسا، والتي قد تجعله منغلقاً على نفسه، في انتظار أوراق قد لا تسمن ولا تغني عن جوع... علماً بأن حصول اللاجئ على إقامة لا يعني أنه أنهى كل مراحل وجوده ومستقبله ومستقبل عائلته في فرنسا... فمن الضروري تعلم اللغة بشكل أفضل، والبحث عن عمل يعطي اللاجئ قيمة إنسانية، مهما كان هذا العمل».
من جهتها، أفادت مصادر في مكتب «أوفي» أن هذه القرارات ضغطت على العاملين في المكاتب من محاضرين ومنسقين، وحتى مترجمين، «ما جعل البعض يلغي أو يؤجل عطلته الصيفية، التي تعتبر أمراً مقدساً بالنسبة للعامل الفرنسي، وفرضت على المكتب أن يستعين بأصدقاء لجلب مترجمين ومحاضرين من مدن أخرى، ودفع تكاليف تنقلهم من أماكن سكنهم، بالإضافة إلى زيادة تكاليف الحكومة؛ الأمر الذي يخفى على اللاجئين، خصوصاً من السوريين، الذين تعاطوا مع القرارات وكأنها ضدهم، بينما هي لمصلحتهم قولاً واحداً».



مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
TT

مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)

في بلدة عمشيت الساحلية الهادئة التي تبعد 45 دقيقة بالسيارة شمالي بيروت، استأنفت المدارس الحكومية أخيراً مهمتها التعليمية وسط عشرات الآلاف من النازحين الذين اتخذوا من بعض المدارس مأوى مؤقتاً.

وحسب «رويترز»، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إنه مع تصاعد الصراع بين إسرائيل و«حزب الله» في سبتمبر (أيلول) لحق الدمار بمئات المدارس في لبنان أو اضطرت لغلق أبوابها بسبب الأضرار أو المخاوف الأمنية.

وقالت وزارة التربية والتعليم العالي اللبنانية إنه تم تحويل 505 مدارس من بين نحو 1250 مدرسة حكومية في لبنان إلى ملاجئ مؤقتة لبعض النازحين الذين يبلغ عددهم 840 ألف شخص.

وبدأت الوزارة، الشهر الماضي، إعادة فتح المدارس على مراحل، مما سمح بعودة 175 ألف طالب منهم 38 ألف نازح إلى بيئة تعليمية لا تزال بعيدةً عن وضعها الطبيعي.

وفي مدرسة عمشيت الثانوية الحكومية، التي تضم الآن 300 طالب مسجل ويُتوقع انضمام المزيد منهم مع استمرار وصول العائلات النازحة، تحولت المساحات المألوفة ذات يوم إلى مكان مخصص لاستيعاب الواقع الجديد.

وقال مدير المدرسة، أنطوان عبد الله زخيا، إنه قبل شهرين ونصف الشهر اختيرت المدرسة كملجأ.

واليوم، تتدلى الملابس المغسولة من نوافذ الفصول الدراسية، وتملأ السيارات ساحة اللعب التي كانت ذات يوم منطقةً صاخبة، والممرات التي كان يتردد فيها صوت ضحكات التلاميذ أصبحت الآن استراحةً للعائلات التي تبحث عن ملجأ.

وأعربت فادية يحفوفي، وهي نازحة تعيش مؤقتاً في المدرسة، عن امتنانها الممزوج بالشوق. وقالت: «بالطبع، نتمنى العودة إلى منازلنا. لا أحد يشعر بالراحة إلا في المنزل».

كما أعربت زينة شكر، وهي أم نازحة أخرى، عن قلقها على تعليم أطفالها.

وقالت: «كان هذا العام غير عادل. بعض الأطفال يدرسون بينما لا يدرس آخرون. إما أن يدرس الجميع، أو يجب تأجيل العام الدراسي».

التعليم لن يتوقف

قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن الخطة المرحلية لاستئناف الدراسة ستشمل تسجيل 175 ألف طالب من بينهم 38 ألف طفل نازح في 350 مدرسة عامة غير مستخدمة كملاجئ. وقال وزير التربية والتعليم العالي، عباس الحلبي، لـ«رويترز»: «العملية التعليمية هي أحد مظاهر مقاومة العدوان الذي يواجهه لبنان». وأضاف الحلبي أن قرار استئناف العام الدراسي كان صعباً لأن العديد من الطلاب والمدرسين النازحين لم يكونوا مستعدين نفسياً للعودة إلى المدرسة. وفي مبنى مجاور في مدرسة عمشيت الثانوية الرسمية، يتأقلم المعلمون والطلاب مع أسبوع مضغوط مدته 3 أيام ويشمل كل يوم 7 حصص دراسية لزيادة وقت التعلم إلى أقصى حد.

ولا تزال نور قزحيا (16 عاماً)، وهي من سكان عمشيت، متفائلة. وقالت: «لبنان في حالة حرب، لكن التعليم لن يتوقف. سنواصل السعي لتحقيق أحلامنا». ويتأقلم المعلمون مع الظروف الصعبة. وقال باتريك صقر وهو مدرس فيزياء (38 عاماً): «الجميع مرهقون ذهنياً... في نهاية المطاف، هذه الحرب تطولنا جميعاً». وبالنسبة لأحمد علي الحاج حسن (17 عاماً) النازح من منطقة البقاع، يمثل الأسبوع الدراسي الذي يدوم 3 أيام تحدياً لكنه ليس عائقاً. وقال: «هذه هي الظروف. يمكننا أن ندرس رغم وجودها».