«هناك أمر أعجبني فيه كثيرا، أي شيء أطلبه من اللاعبين يترجمه حرفيا وبنفس الطريقة التي ذكرتها».. هكذا يصف المدرب الإنجليزي الشهير الراحل السير بوبي روبسون، مترجمه البرتغالي جوزيه مورينهو، الذي عمل معه لمدة زمنية طويلة كمترجم في بداية حياته العملية، وذلك في فريقي سبورتنغ لشبونة وبورتو البرتغاليين، قبل أن يختم الثنائي مشوارهما المزدوج في نادي برشلونة الإسباني، الذي بدأ فيه مورينهو التحول ليصبح مساعدا للمدرب بوبي روبسون، قبل أن يرحل الأخير فيما بعد لفريق أيندهوفن الهولندي، في حين استمر مورينهو في العمل مساعدا للهولندي فان غال في نادي برشلونة.
بين شخصية مورينهو المترجم ومورينهو المدرب الذي انتزع لقب الأفضلية حول العالم سنوات ليست بالقليلة، اختلاف وفرق كبير، لكنه الطموح وحده الذي قاد البرتغالي للانخراط في العمل الفني معتمدا على الخبرة التي اكتسبها من ملازمة المدربين كمترجم في بداية حياته المهنية، ليتحول إلى الاسم الأبرز والأغلى في عالم التدريب، وهو ما يشير إلى امتلاكه مزايا عن غيره من زملائه في ميدان الترجمة لها علاقة بالجانب الفني.
في السعودية يعتمد مترجمو المدربين على النقل الحرفي الذي يصل خاطئا في بعض الأحيان، دون امتلاك أي خبرة فنية تساعدهم على توصيل المعلومة كما يريدها المدرب أن تصل للاعب، وليس كما يفهمها المترجم نفسه، لكن في الوقت نفسه البعض من المترجمين يملكون خبرة فنية اكتسبوها من ملازمتهم الطويلة للمدربين الذين عملوا معهم.
المترجم هو بمثابة لسان المدرب ومفتاح قلبه، ومسار الآخرين من لاعبين وإداريين أو حتى رجال الإعلام للوصول إلى المدرب. هناك هوة واسعة بين أمانة النقل وتوصيل كل ما يرد من تصاريح أو أحاديث للاعبين عن المدرب، وبين نقل ما يريده المترجم أو حتى مجلس إدارة النادي، حيث يتخلل ذلك تغييب بعض المعلومات والأخبار التي لا يريدها المسؤول أن تصل للمدرب لسبب أو آخر.
وعادة ما يصاحب اللغط بعض المترجمين لتجاوزهم الدور المناط بهم فعليا، وفي بعض الأحيان افتعال بعض المشاكل بين أطراف داخل النادي أو التقصير في عملهم، وعدم توصيل ما يريده المدرب بصورة حقيقية، ليقودنا ذلك إلى عدد من التساؤلات حول المطلوب من المترجم من دور ليقوم به، وهل يحتاج للحصول على دورة تدريبية مبسطة ليكون على دراية بالجوانب الفنية.
اللاعب الدولي السابق فؤاد أنور، صاحب التجربة الطويلة في الملاعب السعودية بين فريقه الشباب والمنتخب السعودي قبل أن يختم مشواره الكروي في نادي النصر؛ يقول في إجابته عن التساؤلات المطروحة والمتعلقة بمترجمي الأندية في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «بحكم خبرتي والسنوات التي قضيتها في الملاعب، هناك مترجمون محترفون وعلى مستوى كبير، بحيث يقومون بنقل كل شيء بحسب ما يقصده المدرب، تضاف إلى ذلك الخبرة التي يتعامل بها هذا المترجم من حيث نقل تعليمات المدرب بصورة كاملة أثناء التدريب، وعندما يريد من لاعبيه الضغط أو تقدم لاعب أو تراجع آخر للدفاع، بمعنى أنه يوصل وجهة نظر المدرب كما يريد».
وعن كفاءة المترجمين الذين عمل معهم أو يعرفهم في الأندية السعودية، قال أنور «أعتقد أنها مسألة قدرات، كما هو الحال مع المدرب في ما يتعلق بإشرافه على الفريق فنيا، وكذلك المحلل الفني وكيف يستطيع أن يوصل المعلومة بشكل صحيح؛ فهناك مترجمون عاديون جدا لدرجة أن أحدهم لا يستطيع أن يوصل لك المعلومة بالشكل الصحيح، ولا يمكنك أن تفهم ماذا يريد منك المدرب داخل الملعب».
ويعرج أحد أبرز لاعبي فريق الشباب في تاريخه للحديث عن نقطة يعتقد أنها مهمة تتعلق بأدوار المترجمين، بالقول «دور المترجم تزداد أهميته في الفترة بين شوطي المباراة؛ لأنه يجب أن يوصل وجهة نظر المدرب للاعبين، وأعتقد أن المترجم الذي مارس كرة القدم يستطيع أن يوصل المعلومة بشكل أدق، وهناك بعض المترجمين بالخبرة التي اكتسبوها عندما ينقلون لك المعلومة تشعر كأنهم مدربون».
وعن أهمية حصول المترجم على دورة في الأمور الفنية حتى يتمكن من شرح الخطط والتكتيكات للاعبين، قال أنور «بالطبع لا بد من أن تكون لديه خبرة أو يحضر ذات الدورات المبسطة والمحاضرات التي يحصل عليها المدربون لتمنحهم ثقافة رياضية داخل الملعب، وأرى أننا لا نركز على موضوع المترجم بالشكل الصحيح، لكن أستطيع القول إن لاعب الفريق الأول قد تكون عنده معلومات وخبرة كافية يستطيع أن يفهم من خلالها ماذا يريد المدرب حتى لو أخفق المترجم في توصيل المعلومة، لكن في الفئات السنية يصعب على اللاعب الصغير أن يفهم ماذا يريده المدرب إذا كانت ثقافة المترجم الرياضية ضعيفة».
وعن تحمل اللاعب مسؤولية تثقيف نفسه من خلال امتلاكه بعض اللغات لإجادة التعامل مع المدربين، أو حتى زملائه اللاعبين الأجانب في الفريق، وحاجة المدرب له داخل الميدان، كما كان الحال مع مهاجم الهلال ياسر القحطاني ومدربه الروماني أولاريو كوزمين، وهو ما دعا الأخير لوصف القحطاني بأنه عينه داخل الملعب؛ قال اللاعب الدولي السابق «بالتأكيد يجب أن يكون اللاعب على ثقافة عالية جدا، وكما ذكرت فالقحطاني يملك ثقافة رياضية، وإنجليزية عالية جدا، فهو يسهل وصول المعلومة لزملائه اللاعبين حتى لو المترجم لم يقم بتوصيلها بشكل صحيح».
ورغم تنوع جنسيات المترجمين العاملين في الأندية السعودية الذين يحضر أغلبهم من دول المغرب العربي ومصر ولبنان وسوريا، فإن فؤاد أنور يبيّن أنه لا ينظر لجنسية المترجم، وإنما ينظر لعمله الذي يقدمه، ويقول «أنا أنظر لثقافة الشخص الرياضية التي تساعده على الترجمة وتوصيل المعلومة، وأحيانا تؤثر علاقة المترجم الجيدة بالمسؤولين في توصيل المعلومة الصحيحة، وهو ما يؤدي إلى تغييب الحقيقة في توصيل ما يريده المسؤول، وهذا من وجهة نظري يعطل بعض الأمور في أي فريق». ويضيف «المترجم إذا كانت لديه خبرة رياضية ويعمل مع المدرب ثلاثة أشهر، سيعرف حينها توجهات المدرب، وما يريد أن يوصله للاعبين، ويفترض على المترجم قراءة فكر المدرب الذي يعمل معه حتى يسهل عليه نقل المعلومة للاعبين، خاصة أن هناك فئة من اللاعبين ثقافتهم الرياضية والإنجليزية والاحترافية ليست بالقدر الكافي، فنشاهد لاعبا يلتقط المعلومة بصورة سريعة وبعضهم يحتاجون لوقت طويل حتى يفهموا المعلومة».
وعن تجاوز المترجم أدوارا غير دوره الرئيس والفعلي في ميدان عمله داخل النادي، قال أنور «في الحقيقة هناك البعض وليس الكل الذي قد يتجاوز حده كمترجم».
مترجمو المدربين.. سلاح ذو حدين في أروقة الأندية السعودية
فؤاد أنور قال إن بعضهم يربكون اللاعبين بسبب خلفيتهم الرياضية الضعيفة
البرتغالي مورينهو بدأ مترجما في سبورتنغ لشبونة قبل أن يتحول إلى عالم التدريب
مترجمو المدربين.. سلاح ذو حدين في أروقة الأندية السعودية
البرتغالي مورينهو بدأ مترجما في سبورتنغ لشبونة قبل أن يتحول إلى عالم التدريب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة

