سياحة عائلة مغربية في إسطنبول قادتها إلى «داعش» بسوريا

582 مغربية وأبناؤهن ينتظرون في مخيم الهول تأشيرة عودة من حكومة بلادهم

مخيم الهول يضم نساء وأطفالهن كانوا في مناطق سيطرة تنظيم «داعش» شرق سوريا (الشرق الأوسط)
مخيم الهول يضم نساء وأطفالهن كانوا في مناطق سيطرة تنظيم «داعش» شرق سوريا (الشرق الأوسط)
TT

سياحة عائلة مغربية في إسطنبول قادتها إلى «داعش» بسوريا

مخيم الهول يضم نساء وأطفالهن كانوا في مناطق سيطرة تنظيم «داعش» شرق سوريا (الشرق الأوسط)
مخيم الهول يضم نساء وأطفالهن كانوا في مناطق سيطرة تنظيم «داعش» شرق سوريا (الشرق الأوسط)

من مدينة تطوان المغربية المطلّة على شواطئ البحر الأبيض المتوسط، سافرت حنان، عام 2014، برفقة زوجها وعائلتها المكونة من ثلاث بنات وثلاثة أولاد إلى سوريا، وهي تظن نفسها في رحلة سياحة إلى تركيا، لينتهي بها الأمر في مخيم الهول قرب الحسكة، بعد أن فقدت زوجها وترملت ابنتاها، في معارك التحالف الدولي مع «داعش»، ويقبع زوج الابنة الثالثة في سجن «قوات سوريا الديمقراطية».
من تحت خيمة لا تقي من أشعة شمس الصيف الحارقة وسط ارتفاع درجات الحرارة إلى معدلات قياسية، تروي السيدة المغربية التي تبلغ من العمر 44 سنة، وهي متشحة بالسواد وتلبس نقاباً لا يظهر منه سوى عينين حزينتين، قصة مجيئها إلى هذا البلد الذي مزقته نيران الحرب.
بدأت بسرد قصتها، فقالت إنّ ابنتها الكبرى وعمرها 23 سنة متزوجة من مغربي الجنسية محتجز لدى «قوات سوريا الديمقراطية» منذ مارس (آذار) الماضي.
أما ابنتها الثانية وتصغر أختها بسنتين، فتزوجت هي الأخرى من مقاتل مغربي في سوريا قُتِل بعد عام من زواجهما وترك لها طفلاً، ثم تزوجت من مقاتل تونسي قُتِل أيضاً وترك لها طفلة وُلدت في بلدة الباغوز عند فرارهم قبل 5 أشهر.
أما أصغر البنات، وكانت طفلة بعمر 14 سنة، عندما هاجرت عائلتها واستقرت في مناطق سيطرة «تنظيم داعش»، فقد أجبرها والدها على الزواج من مقاتل مغربي وهي قاصر، ليقتل بعد شهرين وهي حامل بطفلة، ورفضت الزواج مرة ثانية.
الأبناء الثلاثة الصغار أكبرهم يبلغ من العمر عشر سنوات، وقد شرحت حنان كيف حُرموا من مقاعد الدراسة بسبب قرار والدهم بالمجيء لسوريا، وقالت بصوت بالكاد يُسمع: «في المغرب لم ألاحظ التطرُّف على زوجي، نعم كان يصلي، لكنه يحلق شعره وذقنه بشكل طبيعي، ولم يخفِ تأثره بمآسي الشعب السوري وما يتعرض له من ويلات الحرب»، وتابعت حديثها: «لم يبلغني أننا ذاهبون إلى سوريا، قال لنا: (سنسافر للسياحة في تركيا من أجل قضاء عطلة الصيف)».
وبالفعل سافرت العائلة إلى إسطنبول جواً في شهر يناير (كانون الثاني)، عام 2014، بعد الإعلان رسمياً عن تنظيم داعش وقتئذ، ومنها إلى أضنة ثم قصدوا مدينة غازي عنتاب الحدودية مع سوريا. مكثوا في فندق عدة أيام وكان الزوج أثناءها يجري اتصالات سرية لتنسيق العبور مع وسطاء أتراك، بحسب حنان، وفي ساعة متأخرة طلب منها أن تبلغ الأطفال بأنهم ذاهبون إلى مكان سياحي آخر. تقول: «وقتها دخل الشكّ قلبي، لأن الساعة جاوزت 12 ليلاً، وافقتُه وخرجنا بسيارة خاصة حتى وصلنا إلى الحدود وقال لي إنه سيدخل إلى سوريا، وسيأخذ بناته وأطفاله معه»، توقفَتْ عن الحديث واغرورقت عيناها بالدموع من خلف نقابها، لتبكي معها بناتها، وتمالكت نفسها وتابعت حديثها: «وضعني أمام خيارين، أحلاهما مُرّ، ذهبتُ مجبَرة لأنني متعلقة ببناتي وأطفالي وحدث ما حدث».
لزمت الابنتان الكبيرتان الصمت طوال الحديث، بينما نقلت الابنة الصغرى إسراء، وتبلغ من العمر اليوم 19 سنة، أن الحياة التي عاشوها في سوريا كانت قاسية للغاية، فالعائلة تنقلت بين مدن وبلدات سورية عدة حفظتها واحدة تلو الأخرى، حتى انتهى بهم المطاف في الباغوز بريف دير الزور. هربوا إلى العراق أيضاً، وسكنوا في بلدة العشارة لكنهم عادوا إلى سوريا أواخر 2018، جراء القصف العنيف لطيران التحالف الدولي.
تقول إسراء: «بعد شهر من وصولنا إلى الباغوز بدأت المعركة، تنقلنا كثيراً بين البيوت والخيام، كنا نأكل فتات الخبز ونشرب من مياه النهر، بقينا أشهراً لم نذق البطاطا، والدتي يومياً تطبخ شوربة الحشائش».
وبحسب الأم حنان وابنتها إسراء، كان سكان المناطق الخاضعة لسيطرة التنظيم المتطرف يعيشون في حالة خوف دائم، ورعب من سماعهم قصص الإعدامات الوحشية، والعقوبات، من قطع الأطراف والجلد، وغيرها من القوانين المشددة التي طبقها التنظيم على كل مَن كان يخالف أحكامه أو يعارضها.
تقول إسراء: «كنا نسمع بتلك الجرائم، ونراها، فإذا ذهبنا للسوق نشاهد رؤوساً فُصِلت عن جثثها، أو إعداماً ميدانياً في ساحة عامة. الحياة جحيم هناك». أما عن الأيام الأخيرة التي قضتها العائلة قبل خروجها من الباغوز، فتضيف: «عندما خرجنا كانت جثث المسلحين ملقاة في الطرق والنيران في كل مكان، لم نصدق أننا سنفلت من موت محقق».
الآن وبعد أربعة أشهر على خروج حنان وبناتها وأطفالها من بلدة الباغوز، آخر معاقل «داعش» قبل دحره في 23 مارس (آذار) العام الحالي، إثر هجوم واسع شنته «قوات سوريا الديمقراطية» العربية الكردية بدعم من التحالف الدولي بقيادة أميركية، تنتظر العائلة في مخيم الهول سلطات بلدها لمنحهم تأشيرة سفر والعودة إلى مسقط رأسها، لمتابعة حياتها بشكل طبيعي وطي صفحة الحرب.
وعلى غرار مصير عشرات الآلاف من النساء والأطفال بعد انتهاء العمليات العسكرية، نُقلت حنان وبناتها وأطفالها إلى مخيم الهول، بينما نُقل زوج ابنتها الكبرى، وباقي الرجال إلى السجن للتحقيق معهم بشبهة انتمائهم إلى التنظيم المحظور.
يُذكر أن المخيم الواقع على بُعد (40 كيلومتراً) شرق مدينة الحسكة، شمال شرقي سوريا، يؤوي أكثر من سبعين ألف شخص يشكل السوريون والعراقيون النسبة الأكبر من قاطنيه، ويبلغ عدد النساء العربيات المهاجرات وأطفالهنّ 1453، حيث يأتي المغرب على رأس القائمة، ويبلغ العدد 582، من بينها عائلة حنان المغربية المتحدرة من مدينة تطوان الساحلية.
فالمغرب دولة عربية عضو في التحالف الدولي، ورفض، كباقي الدول الغربية، استعادة مواطنيه، وتشدد في محاكمتهم بالمكان الجغرافي عند إلقاء القبض عليهم أو استسلامهم، لكنه أبدى مرونة باستعادة الأطفال اليتامى، وأعاد 8 أطفال في مارس (آذار) العام الحالي.
ونقلت حنان أنها فرحت كثيراً عندما قُتِل زوجها في معارك دير الزور منتصف العام الماضي، لأنه كان السبب في كل ما حدث لعائلتها، أما ابنتها إسراء فلا تزال تحلم بإكمال دراستها لتصبح مصممة أزياء تعمل بمجال الموضة، ونفت عودتها مرة ثانية إلى سوريا أو أي دولة فيها حرب بعد سنوات عجاف أمضتها من عمرها، أما أخواتها الأكبر، فلم يعد لهنّ طموح سوى تربية أطفال يتامى وتأمين حياة أفضل من تلك التي عاشوها في سوريا.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.