إردوغان يعلن نية تركيا تنفيذ عملية شرق الفرات

إصابات لـ«الحرّ» في اشتباكات مع «الوحدات»... وضبط متفجرات لـ«داعش»

TT

إردوغان يعلن نية تركيا تنفيذ عملية شرق الفرات

قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أمس الأحد، إن تركيا ستقوم بعملية شرق نهر الفرات شمال سوريا في منطقة تسيطر عليها «وحدات حماية الشعب» الكردية، يأتي ذلك قبل الجولة الجديدة للمباحثات العسكرية بين تركيا وأميركا حول المنطقة الآمنة في أنقرة اليوم.
وأوضح الرئيس التركي أن بلاده أبلغت روسيا والولايات المتحدة بخصوص العملية المرتقبة. وأضاف: «قمنا بعمليات في عفرين وغرابلس والباب (بمحافظة حلب)، والآن سنقوم بعملية شرق نهر الفرات في سوريا».
وتشعر تركيا باستياء متزايد تجاه الولايات المتحدة التي أبرمت اتفاقاً مع أنقرة لإقامة منطقة آمنة في شمال شرقي سوريا. وقال إردوغان إنه أبلغ روسيا والولايات المتحدة بالعملية.
من جهة اخرى قالت وزارة الداخلية التركية إنه تم ضبط طن من المتفجرات في عملية مشتركة لقوات الدرك والاستخبارات التركية ضد تنظيم «داعش» الإرهابي في مركز مدينة الباب الواقعة ضمن منطقة درع الفرات الخاضعة لسيطرة تركيا وفصائل موالية لها من الجيش السوري الحر في شمال سوريا.
وأضافت الوزارة، في بيان، أن استخبارات الدرك نفذت بالتعاون مع جهاز الاستخبارات عملية مشتركة إثر تلقيها بلاغاً بوجود ورشة لتصنيع قنابل يديرها «داعش» في مركز المدينة، مشيرة إلى مشاركة قوات أمنية محلية، تحت إشراف خبراء المتفجرات في قوات الدرك التركية.
وبحسب البيان، أسفرت العملية عن القبض على عدد من إرهابيي «داعش» الذين كانوا يخططون لتنفيذ تفجيرات في سوريا وتركيا، وبحوزتهم متفجرات، مشيراً إلى أنه خلال أعمال التفتيش في الورشة، تم ضبط أجهزة هواتف ولاسلكي، وطن من المتفجرات، إلى جانب كمية كبيرة من المعدات التي تستخدم في صناعة القنابل، فضلاً عن سترات ناسفة، وأن العملية حالت دون وقوع هجمات دموية كبيرة.
في الوقت ذاته، قتل 3 عناصر من الجيش السوري الحر، وأصيب 3 آخرون خلال التصدي لمحاولة تسلل عدد من عناصر وحدات حماية الشعب الكردية من مدينة تل رفعت إلى خطوط التماس بريف حلب.
وذكرت وكالة أنباء الأناضول التركية أن عناصر الوحدات الكردية حاولوا التسلل إلى مناطق المعارضة على خط التماس في مدينة، عن طريق قرية عبلة، خلال ساعات ليل السبت/ الأحد.
وذكرت الوكالة أن وحدات الجيش الحر تصدت لعناصر الوحدات الكردية، واندلعت اشتباكات بين الجانبين على محاور عدة، وأحبطت محاولة التسلل، مشيرة إلى وقوع اشتباكات عنيفة بين الطرفين بالأسلحة الرشاشة طوال الليل، في محاور «كلجبرين» جنوب مدينة أعزاز، و«شيخ عيسى» غرب مدينة مارع، وقرى «عبلة» و«ديكمه طاش» و«حزوان» غرب مدينة الباب، أسفرت عن مقتل 3 أفراد من الجيش الحر وإصابة 3 آخرين.
جاءت هذه التطورات عشية الاجتماع السادس للجنة العمل المشترك بين المسؤولين العسكريين الأتراك والأميركيين اليوم (الاثنين)، لبحث المنطقة الآمنة المخطط إقامتها في شمال شرقي سوريا، منذ تأسيسها الصيف الماضي، والثاني خلال أسبوعين فقط.
وكان الاجتماع السابق عقد في 23 يوليو (تموز) الماضي، خلال زيارة الوفد الأميركي، برئاسة المبعوث الخاص إلى سوريا جيمس جيفري، لمناقشة المنطقة الآمنة التي اقترحها الرئيس الأميركي دونالد ترمب في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، عقب قراره سحب القوات الأميركية من سوريا.
وفشلت المباحثات في التوصل إلى إنهاء الخلافات بين أنقرة وواشنطن بشأن عمق وأبعاد المنطقة الآمنة، ولمن تكون السيطرة عليها، وسحب أسلحة «وحدات حماية الشعب» الكردية، وإخلاء المنطقة منهم.
وقال المتحدث باسم الخارجية التركية حامي أكصوي، في مؤتمر صحافي في أنقرة الجمعة، إن وفداً عسكرياً أميركياً سيزور تركيا اليوم، كما أن المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا جيمس جيفري سيزورها أيضاً لعقد لقاءات ومباحثات مع الجانب التركي حول المنطقة الآمنة، والشأن السوري بجميع تفاصيله.
وعقب زيارة جيفري لتركيا، الأسبوع قبل الماضي، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، إن ما عرضه المبعوث الأميركي خلال مباحثاته في أنقرة لم يرضها، سواء من حيث عمق المنطقة أو أبعادها، أو من تكون له السيطرة عليها، وكذلك إخراج «وحدات حماية الشعب» الكردية (الحليفة لواشنطن في الحرب على «داعش») منها، واعتبر أن واشنطن تماطل بشأن المنطقة الآمنة، مثلما ماطلت وتماطل في تنفيذ اتفاق خريطة الطريق في منبج الموقع مع بلاده في 4 يونيو (حزيران) 2018، حيث لم تلتزم واشنطن بسحب عناصر «وحدات حماية الشعب» الكردية من منبج إلى شرق الفرات بموجب الاتفاق.
وهددت تركيا في الأسابيع الأخيرة، أكثر من مرة، بإقامة المنطقة الآمنة في شمال سوريا بمفردها، حال عدم التوصل إلى اتفاق مع واشنطن، وبدأت حشد قواتها على الحدود، ومع سوريا، وإقامة خنادق وتحصينات قبالة منطقة شرق الفرات.
وأرسل الجيش التركي تعزيزات متتالية خلال الأسبوعين الماضيين، إلى منطقة الحدود مع سوريا في ولاية شانلي أورفا المقابلة لشرق الفرات، ضمت آليات عسكرية ومدرعات وناقلات جند وعناصر من القوات الخاصة، آتية من مناطق مختلفة لدعم الوحدات العسكرية على الحدود السورية.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.