ولد الغزواني يؤدي اليمين الدستورية رئيساً لموريتانيا

تعهد أن يكون رئيساً للجميع مهما اختلفت انتماءاتهم السياسية... وبناء دولة قوية ومتطورة

الرئيس الجديد ولد الغزواني يؤدي اليمين الدستورية وإلى جانبه الرئيس المنتهية ولايته محمد ولد عبد العزيز (أ.ف.ب)
الرئيس الجديد ولد الغزواني يؤدي اليمين الدستورية وإلى جانبه الرئيس المنتهية ولايته محمد ولد عبد العزيز (أ.ف.ب)
TT

ولد الغزواني يؤدي اليمين الدستورية رئيساً لموريتانيا

الرئيس الجديد ولد الغزواني يؤدي اليمين الدستورية وإلى جانبه الرئيس المنتهية ولايته محمد ولد عبد العزيز (أ.ف.ب)
الرئيس الجديد ولد الغزواني يؤدي اليمين الدستورية وإلى جانبه الرئيس المنتهية ولايته محمد ولد عبد العزيز (أ.ف.ب)

تسلم الرئيس الموريتاني الجديد محمد ولد الغزواني (63 عاماً)، أمس، مهامه رئيساً للبلاد لولاية رئاسية مدتها خمس سنوات، وذلك خلال حفل تنصيب، حضره الرئيس المنتهية ولايته محمد ولد عبد العزيز وأعضاء المجلس الدستوري، بالإضافة إلى 12 رئيس دولة وحكومة، وما يزيد على ستين وفداً عربياً وأفريقياً وغربياً.
وأدى ولد الغزواني اليمين الدستورية أمام أعضاء المجلس الدستوري، وقال في كلمته: «أقسم بالله العلي العظيم أن أؤدي وظائفي بإخلاص على الوجه الأكمل، وأن أزاولها مع مراعاة أحكام الدستور وقوانين الجمهورية الإسلامية الموريتانية، وأن أسهر على مصلحة الشعب الموريتاني، وأن أحافظ على استقلال البلاد وسيادتها، وعلى وحدة الوطن وحوزته الترابية».
وأضاف الرئيس الجديد في قسمه: «أقسم بالله العلي العظيم ألا أتخذ أو أدعم، بشكل مباشر أو غير مباشر، أي مبادرة من شأنها أن تؤدي إلى مراجعة الأحكام الدستورية المتعلقة بمدة مأمورية رئيس الجمهورية، وشروط تجديدها الواردة في المادتين 26 و28 من الدستور»، وهو القسم الذي يمنع الرئيس تعديل الدستور للبقاء في الحكم.
وبعد نهاية القسم أصبح ولد الغزواني عاشر رئيس في تاريخ موريتانيا، ورابع رئيس يصل إلى الحكم عن طريق صناديق الاقتراع، وتم توشيحه من طرف رئيس المجلس الدستوري بالوسام الكبير في نظام الاستحقاق الوطني الموريتاني، على أنغام النشيد الوطني.
وتابع الموريتانيون هذه اللحظة باهتمام كبير، إذ إنها المرة الأولى التي يتم فيها تبادل سلمي للسلطة بين رئيسين منتخبين في موريتانيا، حيث رفض ولد عبد العزيز تعديل الدستور من أجل البقاء في الحكم، وهو الذي ألقى خطاباً خلال حفل التنصيب، هنأ فيه ولد الغزواني واستعرض حصيلة حكمه، الذي امتد لأكثر من عشر سنوات.
وقال ولد عبد العزيز إنه عمل منذ وصوله إلى الحكم على «تصحيح الأوضاع» في موريتانيا، من خلال مكافحة الفساد ورفع مستوى الحريات، وتحسين البنية التحتية والعدالة في توزيع الثروة بين المواطنين، وقال إنه نجح في كثير من الأمور، ولكن ما تزال هناك مشاريع كثيرة يجب العمل عليها.
وأضاف ولد عبد العزيز أن الرئيس المنتخب محمد ولد الغزواني «يستحق الثقة لتجربته وكفاءته، وأجدد له دعمي وثقتي، وأنا واثق في أنه سيتمكن من رفع التحديات»، وتابع: «أنا فخور لأنني سأسلم لرئيس منتخب قيادة موريتانيا، التي تختلف جذريا عما كانت عليه في مستهل مأموريتنا الأولى».
من جهته، قال ولد الغزواني في أول خطاب يلقيه بصفته رئيسا لموريتانيا: «سأكون رئيساً لجميع الموريتانيين، مهما اختلفت انتماءاتهم السياسية»، واستعرض المحاور الرئيسية لبرنامجه الانتخابي، وقال إنه يتعهد بالعمل منذ «هذه اللحظة» ببناء دولة قوية ومتطورة من خلال إطلاق ما سماه «نهضة تنموية».
ولم يترك ولد الغزواني الفرصة تمر من دون أن يشكر صديقه الذي سلمه السلطة، وقال إنه سيقدم في حقه «شهادة للتاريخ»، مؤكداً أن «الذاكرة الجمعية ستحتفظ بالإنجازات العملاقة، والمكاسب الديمقراطية التي تحققت في عهده»، وثمن في السياق ذاته احترام ولد عبد العزيز للدستور.
ووصف ولد الغزواني الانتخابات الرئاسية، التي شهدتها موريتانيا في يونيو (حزيران) الماضي، والتي فاز فيها من الشوط الأول، بأنها «ملحمة ديمقراطية»، أثبتت ما سماه «نضج التجربة الديمقراطية» في موريتانيا، وقال إن هذه الانتخابات «ذات دلالة خاصة بالنسبة للشعب والوطن؛ لأنها مكنت، لأول مرة، من تحقيق تداول سلمي على السلطة بين رئيسين منتخبين، تكريسا للدستور».
ومع نهاية الحفل وقف الرجلان وسط القاعة الكبيرة لقصر المؤتمرات الدولية (المرابطون)، وتلقيا التهاني من طرف القادة والزعماء، الذين قدموا من العالم العربي وأفريقيا وبعض الدول الأوروبية لحضور حفل التنصيب.
وبينما تولى الوزير الأول في حكومة تصريف الأعمال مهمة توديع الضيوف بعد نهاية حفل التنصيب، توجه الرئيس الجديد محمد ولد الغزواني إلى القصر الرئاسي في قلب نواكشوط، وكان برفقته على متن السيارة نفسها سلفه ولد عبد العزيز، ودخلا فور وصولهما إلى مكتب الرئيس في اجتماع مغلق على انفراد، استمر لقرابة ساعتين، وخرجا منه بتسليم المهام بشكل رسمي للرئيس الجديد. فيما غادر ولد عبد العزيز القصر الرئاسي متوجهاً إلى بيته في أحد الأحياء الشعبية بنواكشوط.
وبهذه اللقطة انتهى حكم ولد عبد العزيز، الذي استمر منذ انتخابه رئيساً للبلاد منتصف عام 2009، لكنه ترك خلفه في القصر الرئاسي صديقه ورفيق دربه محمد ولد الغزواني، الرجل الذي سبق أن درس معه في الكلية العسكرية المغربية نفسها نهاية سبعينات القرن الماضي، وخاض معه انقلابين عسكريين، ويوصفان بأنهما «صديقان مقربان جداً».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.