تركيا تعيد أطفال «دواعشها»

84 أماً رهن الاحتجاز و26 منهن يواجهن أحكاماً بالإعدام في العراق

الطفلة نيسا (9 أعوام) تجلس في منزل عائلتها في إسطنبول عقب عودتها من أحد معسكرات الاعتقال العراقية (نيويورك تايمز)
الطفلة نيسا (9 أعوام) تجلس في منزل عائلتها في إسطنبول عقب عودتها من أحد معسكرات الاعتقال العراقية (نيويورك تايمز)
TT

تركيا تعيد أطفال «دواعشها»

الطفلة نيسا (9 أعوام) تجلس في منزل عائلتها في إسطنبول عقب عودتها من أحد معسكرات الاعتقال العراقية (نيويورك تايمز)
الطفلة نيسا (9 أعوام) تجلس في منزل عائلتها في إسطنبول عقب عودتها من أحد معسكرات الاعتقال العراقية (نيويورك تايمز)

كانت الطفلة نيسا، البالغة من العمر 9 أعوام، تجلس على الكرسي تتأرجح بساقيها، وتظهر على وجهها ابتسامة نادرة لذكرى قبلات والدتها في آخر مرة شاهدت إحداهما الأخرى فيها قبل شهر واحد في أحد معسكرات الاعتقال العراقية، حيث لا تزال والدتها قيد الاحتجاز لتنفيذ حكم بالسجن مدى الحياة لاتهامات تتعلق بمساعدة الإرهاب، إذ كانت حياة الطفلة عبارة عن رحلة من الصدمات المكتومة والكوارث التي تتجاوز حد الوصف.
عاشت الطفلة الصغيرة قرابة خمس سنوات تحت حكم «داعش» بعد أن انتقل الوالد بالأسرة كاملة من تركيا بهدف الانضمام إلى التنظيم الإرهابي. وفقدت والدها وشقيقها الرضيع خلال الحرب. ثم أمضت أكثر من عام كامل في سجن عراقي رفقة العشرات من العائلات التركية الأخرى ذات الصلة بتنظيم «داعش».
والآن، هي واحدة من أكثر من 200 طفل تركي استعادتهم الحكومة من العراق. ولقد تم تسليمها إلى جديها لوالدتها في إسطنبول، اللذين لا يعرفان إلا النذر اليسير مما مرت به الطفلة الصغيرة منذ رحليها عن البلاد أول الأمر.
وقالت جدتها، التي طلبت عدم ذكر اسم العائلة احتراما لخصوصيتها مثل أقارب الأطفال الآخرين: «كانت نحيفة للغاية عندما جاءتنا، وكانت عيناها مليئتين بالخوف. ولقد بدأت تستجمع شتات نفسها خلال الشهر الماضي لأننا نعتني بها جيدا».
وتباطأت تركيا كثيرا، شأنها شأن كثير من البلدان الغربية، في استعادة مواطنيها الذين غادروا البلاد بغية الانضمام إلى تنظيم «داعش» حال توسع التنظيم في مباشرة خلافته الرجعية العنيفة فيما سيطر عليه من أراض في سوريا والعراق بدءا من عام 2014. أما الآن، وبعدما خسر التنظيم الإرهابي أراضيه في سوريا والعراق، وسقوط الآلاف من المقاتلين وعائلاتهم رهن الاعتقال أو تفرقت جموعهم بين البلدان، فتتزايد المخاوف بشأن الفلول المتبقية منهم والتي قد تستأنف أعمال العنف والإرهاب من جديد.
ويقبع أكثر من 12 ألف امرأة وطفل قيد الاحتجاز في معسكرات سوريا والعراق. الأمر الذي يشكل ورطة عصيبة بالنسبة إلى بلدانهم الأصلية، التي رفض أغلبها استعادة مواطنيها.
كما اشتمل رفض استعادة المواطنين جميع أفراد الأسرة مثل الزوجات والأطفال وليس مجرد المتعاونين المباشرين مع التنظيم الإرهابي من الرجال. لكن، وبسبب الضغوط المستمرة من الأهل والأقارب المنشغلين على ذويهم - وبعضهم من الأجداد الذين لم يعرفوا أحفادهم ولم يلتقوا بهم قط - شرعت الحكومة التركية في تغيير تلك السياسة مؤخرا.
وبدأ المسؤولون الأتراك في مساعدة العائلات على التفاوض بشأن البيروقراطية القانونية المعقدة في العراق، مع تأمين إطلاق سراح بعض من الأطفال المحتجزين، على أقل تقدير، ممن أمضوا سنوات في أحد السجون بالقرب من العاصمة العراقية بغداد.
وتصر عائلة الطفلة نيسا، وغيرها كثير، على أن زوجات وأطفال مقاتلي تنظيم «داعش»، لا يستحقون معاملة المجرمين والجناة من جانب الحكومات، كما يجري في كثير من الأحيان، وينبغي اعتبارهم من ضحايا التنظيم الإرهابي وليس من أعوانه.
يقول الخبراء إن بعض النساء قد انتقلن بالفعل للعيش تحت حكم التنظيم الإرهابي رغما عن إرادتهن. وهناك بعض آخر ممن كنّ يؤمنّ بقضية التنظيم وعاونّه على فرض أحكامه بالقوة وشاركن أيضا في أعمال القتال. وكيفية التمييز بين الإرهابي الحقيقي والضحية هي من التساؤلات التي لا تزال تشكل معضلة لدى كثير من البلدان، رغم أن البعض يبدو مقتنعا بترك النساء والأطفال في مخيمات اللاجئين ومعسكرات الاعتقال في سوريا والعراق.
جرى القبض على ما يقرب من 1000 امرأة وطفل تركي ممن كانوا على علاقة تربطهم بتنظيم «داعش» في العراق، وتوجد الأغلبية منهم خارج مدينة تلعفر منذ أغسطس (آب) لعام 2017، وتم السماح باستعادة 16 طفلا من أكثر الأطفال مرضا وضعفا، بخلاف الأيتام، خلال الأشهر السبعة الماضية.
ثم في شهر مايو (أيار)، تمت استعادة 188 طفلا آخرين، تتراوح أعمارهم بين عام واحد و16 عاما، من الذين عادوا إلى عائلاتهم في الوقت المناسب قبيل عيد الفطر في أوائل يونيو (حزيران) الماضي.
كما عادت العشرات من النساء المحتجزات في شمال العراق إلى الوطن، ومن المتوقع استعادة 60 طفلا آخرين خلال الأسابيع القليلة القادمة، وفقا لإفادات بعض العائلات والأصدقاء في تركيا. ولا يزال هناك نحو 800 امرأة وطفل قيد الاحتجاز في العراق.
وكانت العائلات التركية تعمل جاهدة من أجل استعادة أمهات الأطفال العائدين إلى الوطن. غير أن أغلب البالغين هناك قد خضعوا للمحاكمة وصدرت بحقهم الأحكام القضائية في العراق في عملية وصفتها منظمات حقوق الإنسان والأمم المتحدة بأنها «العدالة المقتضبة الموجزة».
وترك الـ188 طفلا العائدين إلى تركيا وراءهم 84 والدة رهن الاحتجاز في العراق، و26 منهن يواجهن أحكاما بالإعدام، وفقا لأحد القضاة من المطلعين على مجريات القضايا في بغداد.
وقد رفض المسؤولون الأتراك التعليق على عمليات الإعادة إلى الوطن.
لا شك أن أولئك الأطفال قد مروا بأوقات عصيبة للغاية ويحتاجون إلى المزيد من الرعاية. وتعاملت عائلاتهم مع مختلف الأمراض من الجرب، والملاريا، والتصرفات العصبية، والبكاء طوال الليل.
ومن الواضح تعرض الطفلة الصغيرة نيسا إلى صدمات مروعة، فهي تخاف كثيرا من الظلام، ولا تجرؤ على الذهاب إلى دورة المياه بمفردها، كما تقول جدتها لوالدتها: «لقد أصيبت بذعر كبير عندما رأت طائرة تحلق في السماء، وقالت اختبئي يا جدتي قبل أن يقصفونا».
سافر حسين، طباخ المعجنات في مدينة دنزلي بجنوب غربي تركيا، إلى العراق 4 مرات في محاولة لإنقاذ هاليت، وهو حفيده البالغ من العمر عامين اثنين، والذي كان من بين المجموعة الأولى المستعادة إلى البلاد ضمن 16 طفلا آخرين رجعوا إلى الوطن.
وقال حسين عن تجربته: «كان مصابا بالملاريا والجرب. وكان يواصل البكاء بلا توقف خلال الأسبوع الأول. وظل يبكي حتى إنه ما عاد قادرا على مزيد من البكاء».
كان الطفل هاليت يلعب سعيدا على أرضية غرفة المعيشة في منزل جده. ولكنه كان يعتاد إيذاء الابنة البالغة من العمر 4 سنوات عند وصوله للمرة الأولى. وكان ينطلق يركض ويلعب في سعادة وجذل كلما انطلقوا به إلى أحد مراكز التسوق القريبة.
وقال حسين عن تجربته في العراق: «كان الحراس يعاملوننا معاملة الحيوانات، ويدفعوننا بقسوة عندما خرجنا. كما تورمت أيادي الأطفال عدة مرات جراء سوء المعاملة التي كانوا يعانون منها هناك».
خدمة «نيويورك تايمز»



أكثر من 800 مجموعة مالية أوروبية تتعامل مع شركات مرتبطة بمستوطنات إسرائيلية

وسعت إسرائيل نشاطها الاستيطاني بوتيرة لم يسبق لها مثيل (رويترز)
وسعت إسرائيل نشاطها الاستيطاني بوتيرة لم يسبق لها مثيل (رويترز)
TT

أكثر من 800 مجموعة مالية أوروبية تتعامل مع شركات مرتبطة بمستوطنات إسرائيلية

وسعت إسرائيل نشاطها الاستيطاني بوتيرة لم يسبق لها مثيل (رويترز)
وسعت إسرائيل نشاطها الاستيطاني بوتيرة لم يسبق لها مثيل (رويترز)

أظهرت دراسة أجرتها منظمات للمجتمع المدني، اليوم الثلاثاء، أن أكثر من 800 مؤسسة مالية أوروبية لها علاقات تجارية بشركات مرتبطة بالمستوطنات الإسرائيلية.

ووفقاً لـ«رويترز»، وسعت إسرائيل نشاطها الاستيطاني بوتيرة لم يسبق لها مثيل، ويأمل بعض المستوطنين أن يساعدهم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب في تحقيق حلم فرض السيادة على الضفة الغربية التي يعدها الفلسطينيون محور دولة لهم في المستقبل.

وأدى العنف المتزايد للمستوطنين إلى فرض عقوبات أميركية، وقالت بعض الشركات إنها ستوقف أعمالها في الضفة الغربية المحتلة.

وأفاد تقرير تحالف منظمات «لا تشتري من الاحتلال» بأن 822 مؤسسة مالية في المجمل أقامت علاقات هذا العام مع 58 شركة «ضالعة بنشاط» في المستوطنات الإسرائيلية ارتفاعاً من 776 مؤسسة في 2023.

ودعت منظمات المجتمع المدني إلى تشديد التدقيق وسحب الاستثمارات إذا لزم الأمر.

وقال أندرو بريستون، من منظمة المساعدات الشعبية النرويجية، وهي واحدة من 25 منظمة مجتمع مدني أوروبية وفلسطينية أجرت البحث: «المؤشر هو أن الأمور تسير في الاتجاه الخطأ».

وقال لنادي جنيف للصحافة حيث قُدم التقرير: «نرى أنه يجب على المؤسسات المالية الأوروبية معاودة تقييم نهجها بشكل عاجل تجاه الشركات الضالعة في الاحتلال غير القانوني».

ولم ترد وزارة المالية الإسرائيلية بعد على طلب للتعليق.

ويبلغ طول الضفة الغربية نحو 100 كيلومتر وعرضها 50، وتقع في لب الصراع الإسرائيلي الفلسطيني منذ استيلاء إسرائيل عليها في حرب عام 1967.

وتعد معظم الدول الضفة الغربية أرضاً محتلة، وأن المستوطنات غير قانونية بموجب القانون الدولي، وهو الموقف الذي أيدته أعلى محكمة تابعة للأمم المتحدة في يوليو (تموز).

وأفاد التقرير بأن بنوكاً كبرى منها «بي إن بي باريبا» و«إتش إس بي سي» من بين الشركات الأوروبية المدرجة على القائمة. ولم ترد البنوك بعد على طلب للتعليق.

وأفاد التقرير بأن الشركات الضالعة بنشاط في المستوطنات وعددها 58 تشمل شركة كاتربيلر لصناعة الآلات الثقيلة، بالإضافة إلى موقعي السفر «بوكينغ» و«إكسبيديا». ولم ترد أي من هذه الشركات بعد على طلب للتعليق.

وقالت «بوكينغ» في وقت سابق إنها حدثت إرشاداتها لمنح العملاء مزيداً من المعلومات لاتخاذ قرارات مستنيرة بشأن المناطق المتنازع عليها والمتأثرة بالصراع. وقالت «إكسبيديا» إن أماكن الإقامة الخاصة بها محددة بوضوح على أنها مستوطنات إسرائيلية تقع في الأراضي الفلسطينية.

وكثير من الشركات المذكورة في التقرير، ولكن ليس كلها، مدرج أيضاً في قاعدة بيانات الأمم المتحدة للشركات التي تتعامل مع المستوطنات الإسرائيلية.

وذكر التقرير أن بعض المؤسسات المالية سحبت استثماراتها من شركات مرتبطة بالمستوطنات الإسرائيلية في السنوات القليلة الماضية، بما في ذلك صندوق التقاعد النرويجي (كيه إل بي).