مصادر ليبية لـ «الشرق الأوسط»: حفتر لن يوقف القتال رغم لقائه سلامة

TT

مصادر ليبية لـ «الشرق الأوسط»: حفتر لن يوقف القتال رغم لقائه سلامة

تواصلت المعارك في العاصمة الليبية طرابلس أمس، رغم تصاعد الإدانات الدولية والغربية لمقتل مدنيين واستهداف منشآت طبية. كما تتزامن مع اجتماع عقده أمس فائز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني بالعاصمة طرابلس، مع سرحت أكسن سفير تركيا لدى ليبيا، الذي جدد، وفقا لبيان وزعه مكتب السراج، دعم بلاده لحكومة الوفاق، وما وصفه بموقفها الثابت دفاعا عن طرابلس وعن مدنية الدولة، مؤكدا إدانة تركيا استهداف القوات المعتدية للمنشآت المدنية.
وراجع السراج الذي يعتبر نفسه بمثابة القائد الأعلى للجيش الليبي، أمس، مع اللواء محمد الزين آمر قوة مكافحة الإرهاب، ما وصفه بـ«التدابير المتخذة لمنع استغلال التنظيمات الإرهابية للوضع الاستثنائي الحالي الناتج عن الاعتداء على العاصمة طرابلس».
وقال السراج في بيانه إنه تم بحث «عمليات التنسيق بين قوة مكافحة الإرهاب والأجهزة الأمنية المختلفة ومتطلبات ملاحقة لفلول التنظيمات الإرهابية».
وكانت بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا أعلنت أن رئيسها غسان سلامة التقى مساء أول من أمس حفتر، بمقر الأخير بالرجمة شرق مدينة بنغازي، مشيرة إلى أنهما تباحثا في الأوضاع الراهنة في ليبيا وكيفية العودة إلى حالة من السلم والحوار.
ولم يعلق حفتر على الاجتماع، لكن مصادر مقربة منه قالت لـ«الشرق الأوسط»، إنه «لا نية لديه لوقف إطلاق النار أو إيقاف العملية العسكرية التي أطلقها في الرابع من أبريل (نيسان) الماضي لتحرير طرابلس من قبضة الميليشيات الموالية لحكومة السراج».
بدورها، أدانت السفارة البريطانية لدى ليبيا، التقارير الواردة عن استهداف المدنيين في المستشفى الميداني جنوب طرابلس، واعتبرت في بيان لها عبر «تويتر» أن السُكان المدنيين، بما فيهم الأطباء وعمال الإغاثة، والمُؤسسات المدنية والمستشفيات والمدارس، ليسـت هدفاً، كما دعت إلى توقُف التصعيد العسكري على الفور لتجنُب وقوع المزيد من الخسائر في الأرواح.
وأعربت منسقة الشؤون الإنسانية في ليبيا بالإنابة برونغير بويل عن إدانتها الشديدة لما سمته بالقصف الشائن على مدرسة العلمين في منطقة الهاني ومستشفى الزاوية الميداني في منطقة طريق المطار جنوب طرابلس.
وقتل أربعة أطباء ومسعف وأصيب ثمانية من أفراد الطاقم الطبي في هجوم على المستشفى الميداني فيما اعتبر بمثابة الهجوم الـ37 على العاملين في القطاع الصحي في طرابلس، مما أسفر عن مقتل 11 شخصاً وإصابة 33 آخرين.
وطبقا لما أعلنه متحدث باسم مستشفى محلي في طرابلس، فقد لقي خمسة أطباء حتفهم وأصيب ما لا يقل عن ثمانية من المساعدين الطبيين يوم السبت الماضي جراء ضربة جوية استهدفت مستشفى ميدانيا تديره حكومة السراج.
ونفى «الجيش الوطني» اتهامات وجهتها له عملية بركان الغضب التي تشنها قوات السراج زعمت خلالها أنه استهدف سيارة إسعاف في وادي الربيع، ما أدى إلى وفاة أحد المسعفين من مدينة مصراتة، بينما نقلت وكالة «رويترز» عن مالك مرسيط المتحدث باسم المستشفى أن المستشفى يقدم المساعدة الطبية للقوات المتحالفة مع حكومة السراج.
ميدانياً، قال المركز الإعلامي للواء 73 مشاة التابع لـ«الجيش الوطني» إنه تم السيطرة بالكامل على كوبري القربولي، وسط ما وصفه بتقدم كبير من جهة عين زارة والوصول لكوبري القربولي. وأضاف: «نجحنا في استدراج معظم قوات الحشد الميليشياوي لمحور النقلية لتقدمات أكبر في باقي المحاور».
ولفت إلى تراجع تمركزات الجيش إلى نصف معسكر النقلية للحفاظ على الأفراد من تمركزات العدو مقابل البوابة وخلفها، مشيرا إلى أن «الخطة ممتازة وتنفذ حسب التعليمات بحذافيرها، حسب تعليمات غرفة عمليات المنطقة العسكرية الغربية»، كما أعلن عن وصول اللواء مفتاح شقلوف لمنطقة الأحياء البرية.
في المقابل، أعلن العقيد محمد قنونو الناطق باسم قوات السراج، أن سلاح الجو التابع لها نفّذ خلال الساعات الـ24 الأخيرة، أربع طلعات قتالية، استهدفت ثلاثة منها ما وصفه بفلول هاربة لقوات الجيش في محيط معسكر النقلية، بينما استهدفت الرابعة إمدادات للجيش في محيط مزدة.
ونقلت أمس وسائل إعلام موالية لحكومة السراج عن مصدر عسكري أن سلاح الجو التابع له للوفاق نفذ ضربة جوية استهدفت تمركزا للجيش في محور وادي الربيع، بينما قال مسؤول آخر إنه تم تدمير رتل عسكري تابع لقوات الجيش قرب مزدة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.