إيطاليا ترفض إنزال المهاجرين على أراضيها رغم ارتفاع حصيلة الغرقى

اشترطت تعهداً خطياً من الدول الأوروبية بتوزيعهم واستقبالهم

سالفيني لدى عقده مؤتمراً صحافياً في مجلس النواب الخميس الماضي (رويترز)
سالفيني لدى عقده مؤتمراً صحافياً في مجلس النواب الخميس الماضي (رويترز)
TT

إيطاليا ترفض إنزال المهاجرين على أراضيها رغم ارتفاع حصيلة الغرقى

سالفيني لدى عقده مؤتمراً صحافياً في مجلس النواب الخميس الماضي (رويترز)
سالفيني لدى عقده مؤتمراً صحافياً في مجلس النواب الخميس الماضي (رويترز)

بعد أن أنقذ مركبان إيطاليان للصيد 135 مهاجراً في عرض البحر المتوسط منتصف ليل الأربعاء الماضي، وغرق ما لا يقل عن 150 مهاجراً يوم الخميس قرب السواحل الليبية، ما زالت الحكومة الإيطالية تصر على رفضها السماح بإنزالهم إلى البر على أراضيها، وتشترط لذلك تعهداً خطياً من الدول الأخرى الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، لتوزيعهم واستقبالهم.
وكعادته، يدير «المايسترو» سالفيني جوقة الرفض والتهجم على الشركاء الأوروبيين أنفسهم الذين طلب تعاونهم، فيما يتمتع بعطلته الصيفية على الشاطئ محاطاً بالمعجبين، ويتمنى لصديقته السعادة والنجاح بمناسبة عيد ميلادها، على حسابه في «فيسبوك».
وزيرة الدفاع الإيطالية ما زالت تلزم الصمت حتى الآن، رغم أن المهاجرين يوجدون على متن إحدى سفن خفر السواحل الإيطالي، فيما اكتفى وزير النقل بالقول إن العملية تمت بالتنسيق مع وزارة الداخلية.
المفوضية الأوروبية من جهتها أكدت أنها تسلمت طلب السلطات الإيطالية، وهي تقوم بالاتصالات اللازمة مع الدول الأعضاء لتوزيع المهاجرين. لكن يتضح، بعد مرور 4 أيام على تسلمها الطلب من غير الرد على طلب روما، أنها ليست في وارد الاستعجال لتلبية رغبة وزير الداخلية الإيطالي الذي شن هجوماً آخر، أمس، على الرئيس الفرنسي، ووصفه بنابوليون بونابرت، رغم أن ماكرون كان هو الذي تقدم في القمة الأوروبية الأخيرة باقتراح لمعالجة تدفق المهاجرين غير الشرعيين عن طريق تقاسم الأعباء وتوزيعهم بين الدول الأعضاء. وقد علق سالفيني على ما وصفه بأنه «مماطلة» من بروكسل بالقول: «لن أسمح بأي إنزال للمهاجرين قبل الحصول على اسم وكنية وعنوان البلد الأوروبي الذي سيستقبلهم بعد إنزالهم. لا ثقة عندي بأحد».
وفي هذه الأثناء، وصل 112 مهاجراً آخرين إلى سواحل جزيرة لامبيدوسا خلال نهاية الأسبوع الماضي، بينما كان خفر السواحل الليبيون ينتشلون جثث المهاجرين الذين غرقوا يوم الخميس الفائت قبالة السواحل الليبية. ومن جهتها، أفادت السلطات المالطية بأنها تتوقع تدفق أعداد كبيرة من المهاجرين في الأسابيع المقبلة، وأن أجهزتها التي تعمل ليل نهار غير قادرة على مواجهة «أزمة كبرى على الأبواب».
والمعارضة الإيطالية تستعد لتنظيم مظاهرات احتجاجية في عدد من المدن الكبرى هذا الأسبوع ضد سياسة «وزير الحقد»، وتطالب النيابة العامة بمحاكمته بتهمة «احتجاز أشخاص»، كما حصل في مثل هذه الأيام من العام الماضي، عندما رفض سالفيني السماح بإنزال 190 مهاجراً كانوا على متن إحدى السفن الحربية الإيطالية، قبل أن يتراجع ويعطي الضوء الأخضر بعد 10 أيام، لكن مجلس الشيوخ رفض يومها رفع الحصانة عن وزير الداخلية، بفضل دعم حلفائه من حركة النجوم الخمس في الحكومة الائتلافية.
ويفيد استطلاع نشرته أمس (الأحد) بعض وسائل الإعلام الإيطالية بأن شعبية سالفيني لم تتأثر جراء مواقفه الأخيرة المتشددة في ملف الهجرة، التي زادت من عزلة إيطاليا في محيطها الأوروبي، لكن الجهات السياسية والأوساط الشعبية المعترضة على سياسته بدأت تتحرك بمزيد من التنظيم والنشاط، وهي تحضر لاحتجاجات حاشدة ومحاسبة قانونية في الداخل والخارج.
ويقول غاسباريه جياراتانو، وهو مالك سفينة الصيد التي أنقذت عدداً من المهاجرين الذين يرفض سالفيني السماح بإنزالهم اليوم: «لهم أن يسنوا ما أرادوا من قوانين، وأن يفرضوا كل الغرامات الممكنة، ويحتجزوا قواربنا. نحن لسنا أثرياء، نحن صيادون، نعيش ونمارس مهنتنا بكرامة، ولا نعرف سوى قانون واحد، هو قانون البحر، ولن نتخلى أبداً عن الذين يطلبون الاستغاثة... أما أنا، بصورة خاصة، فإني قررت تكريس حياتي لإنقاذ الغرقى في عرض البحر، بعد أن فقدت ابني عندما كان في الخامسة عشرة من عمره»، ثم يضيف: «أتساءل عما إذا كان سالفيني، وغيره من السياسيين، يسمعون أصوات الاستغاثة في الظلام!».


مقالات ذات صلة

دول أوروبية تعلق طلبات اللجوء المقدمة من سوريين بعد الإطاحة بالأسد

العالم العربي دول أوروبية تعلق البت في طلبات اللجوء المقدمة من سوريين (أ.ف.ب)

دول أوروبية تعلق طلبات اللجوء المقدمة من سوريين بعد الإطاحة بالأسد

علقت دول أوروبية كثيرة التعامل مع طلبات اللجوء المقدمة من سوريين بعد استيلاء المعارضة على دمشق وهروب الرئيس بشار الأسد إلى روسيا بعد 13 عاماً من الحرب الأهلية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

جزر الباهاماس ترفض اقتراح ترمب باستقبال المهاجرين المرحّلين

قالت صحيفة «الغارديان» البريطانية إن جزر الباهاماس رفضت اقتراحاً من إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب المقبلة، باستقبال المهاجرين المرحَّلين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا مهاجرون أفارقة خلال محاولتهم اقتحام معبر سبتة الحدودي مع إسبانيا (أ.ف.ب)

إسبانيا تشيد بتعاون المغرب في تدبير تدفقات الهجرة

أشادت كاتبة الدولة الإسبانية للهجرة، بيلار كانسيلا رودريغيز بـ«التعاون الوثيق» مع المغرب في مجال تدبير تدفقات الهجرة.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
المشرق العربي مهاجرون يعبرون بحر المانش (القنال الإنجليزي) على متن قارب (أرشيفية - أ.ف.ب) play-circle 00:32

العراق وبريطانيا يوقعان اتفاقاً أمنياً لاستهداف عصابات تهريب البشر

قالت بريطانيا، الخميس، إنها وقعت اتفاقاً أمنياً مع العراق لاستهداف عصابات تهريب البشر، وتعزيز التعاون على الحدود.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

ترحيل المهاجرين ضمن مهام ترمب في أول أيامه الرئاسية

قالت ثلاثة مصادر مطلعة لـ«رويترز» إنه من المتوقع أن يتخذ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب عدة إجراءات تنفيذية في أول أيام رئاسته لإنفاذ قوانين الهجرة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.