وزير الدفاع المصري يبحث مع نظيره الفرنسي أوضاع المنطقة

تناولا التعاون في مجال التسليح في أرفع لقاء عسكري منذ تولي السيسي الرئاسة

وزير الدفاع المصري خلال المباحثات مع نظيره الفرنسي
وزير الدفاع المصري خلال المباحثات مع نظيره الفرنسي
TT

وزير الدفاع المصري يبحث مع نظيره الفرنسي أوضاع المنطقة

وزير الدفاع المصري خلال المباحثات مع نظيره الفرنسي
وزير الدفاع المصري خلال المباحثات مع نظيره الفرنسي

بحث الفريق أول صدقي صبحي، القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي المصري، مع نظيره الفرنسي جان إيف لودران والوفد المرافق له، أمس، سبل تطوير آفاق التعاون الثنائي بين مصر وفرنسا في مجال الدفاع، ورغبة مصر في التزود بمعدات فرنسية، وذلك في إطار سعيها لتنويع مصادر التسليح، وعدم الاعتماد على الولايات المتحدة وروسيا والصين في مجال شراء الأسلحة العسكرية. كما تناولت المباحثات عددا من الملفات الإقليمية المهمة، خاصة الوضع في العراق وليبيا، إضافة إلى الأزمات في دول شمال أفريقيا وباقي دول الشرق الأوسط.
ويعول مراقبون مصريون على أهمية تطوير العلاقات المصرية الفرنسية ودعمها، خاصة بعد ازدياد خطر الإرهاب وتنظيم داعش في كل من العراق وسوريا، كما تخوض مصر حربا شبه يومية على الإرهاب، منذ الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين التي عدتها الدولة جماعة إرهابية.
وزار مصر بعد تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي رئاسة البلاد، وفد فرنسي من الجمعية الوطنية الفرنسية يضم 6 أفراد، والتقى الوفد خلال الزيارة الرئيس السيسي، وأعقبها زيارة لوزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس لمصر في 17 يوليو (تموز) الماضي، أيضا التقى خلالها الرئيس السيسي، وبحث معه مستجدات الأوضاع في المنطقة والعلاقات بين البلدين.
وأعرب وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان عن تقديره الكامل لمصر حكومة وشعبا، متمنيا لها دوام الاستقرار والتقدم لاستعادة مكانتها الرائدة إقليميا ودوليا، ووصف مباحثاته مع الفريق أول صدقي صبحي بـ«البناءة»، وحضر المباحثات الفريق محمود حجازي رئيس أركان حرب القوات المسلحة وعدد من كبار قادة القوات المسلحة.
وذكر المتحدث الرسمي للقوات المسلحة على صفحته الرسمية بموقع «فيسبوك» إن المباحثات على الصعيد الفني والسياسي تناولت التعاون في مجال التسليح ومواصلة إمداد مصر بالشحنات العسكرية، خاصة في مجال المركبات المدرعة.
وأكد وزير الدفاع الفرنسي في حوار لوكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية الرسمية، أن القاهرة وباريس تربطهما علاقات وثيقة في جميع المجالات، ولا سيما المجال العسكري، وهو ما يعكس رغبة الطرفين في تعزيز سبل التعاون الأمني والعسكري المشترك لمواجهة مخاطر «عولمة» الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط.
وأوضح أن فرنسا لديها تقديرات شاملة حول الخطر المتنامي للجماعات الإرهابية، وعلى رأسها تنظيم داعش، في كل من سوريا والعراق وليبيا ولبنان ومالي، مشيرا إلى أن العملية العسكرية التي شنتها القوات الفرنسية في مالي والمسماة «أركان» كان هدفها احتواء التهديد الإرهابي من خلال نشر 3 آلاف جندي، وهو ما أتاح تعزيز القدرة العسكرية في منطقة الساحل الأفريقي.
ونوه وزير الدفاع الفرنسي بأنه بحث مع وزير الدفاع المصري الفريق أول صدقي صبحي كل الموضوعات المتعلقة بالعراق وليبيا وسوريا ولبنان، وسيستكمل مباحثاته مع الرئيس عبد الفتاح السيسي للتأكيد على روح التعاون بين القاهرة وباريس لمواجهة مخاطر الإرهاب في المنطقة.
وفيما يتعلق بالوضع الليبي، أضاف لورديان أن فرنسا تعرب عن قلقها إزاء تدهور الأوضاع الأمنية في ليبيا، مشيرا إلى أن فرنسا تعمل على الصعيد السياسي من خلال دعم عمليات المصالحة الوطنية بين مختلف القبائل الليبية لوضع حد أمام نزف الدم الليبي.
وتابع أن هناك مخاطر تحدق بالسيادة الليبية وهي ليست موجودة حاليا، معربا عن مخاوف الأوروبيين من تدفق المهاجرين المتطرفين عبر البوابة الليبية، منوها بأن فرنسا وضعت خارطة طريق لتفادي الفوضى في المنطقة لأن الأمر يتعلق بأمن أوروبا وأفريقيا.
وأضاف لورديان أن فرنسا على استعداد للتدخل في سوريا تحت إطار تحالف دولي ومظلة الأمم المتحدة، مشددا على أهمية أن يكون هناك تعبئة للمجتمع الدولي، وهو ما عبر عنه الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند خلال كلمته في مؤتمر باريس أمس لمناقشة تهديدات تنظيم داعش.
واستطرد قائلا إن باريس تتمسك بالحفاظ على سلامة الأراضي السورية وعدم تفتيتها، وأنه لا بديل عن دعم الجيش السوري الحر حتى لا تستفيد الجماعات الإرهابية من هذا الدعم.
وحول إمكانية مشاركة فرنسا في عمليات عسكرية بالعراق، قال لورديان إن فرنسا على استعداد كامل للتدخل في العراق شريطة طلب السلطات العراقية لذلك التدخل، مشيرا إلى أنه تأكد خلال زيارته لقاعدة «الظفرة» في الإمارات من جاهزية القوات الفرنسية واستعدادها للتدخل الفوري وقت الحاجة، لافتا في الوقت نفسه إلى أنه التقى الأسبوع الماضي رئيس إقليم أربيل العراقي، واتفقا على مواصلة فرنسا تقديم المساعدات العسكرية لقوات البيشمركة، وكذلك تدريبهم، بما يمكنهم من الحد من تقدم «داعش»، مشددا على ضرورة تشكيل حكومة عراقية تضم كل أطياف المجتمع العراقي للقضاء على خطر «داعش».
وأضاف وزير الدفاع الفرنسي أن باريس ستشارك في كل اللقاءات التي ستعقد بالأمم المتحدة لوضع خارطة طريق يرضى بها المجتمع الدولي لدحر الإرهاب في العراق والتصدي لخطر «داعش»، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن مؤتمر باريس أعطى توجيهات لازمة بضرورة تشكيل قاعدة سياسية تمكنها من اقتلاع «داعش»، وهو ما يدعو إلى التفاؤل.
وأشار لورديان إلى أن التحالف الدولي لمواجهة «داعش» هدفه اقتلاع جذور «داعش» من خلال تسخير كل الإمكانيات العسكرية في دول التحالف.
وبدأت فرنسا أول من أمس أولى طلعاتها الجوية لاستكشاف المناطق التي يتمركز بها بها تنظيم داعش في الأراضي العراقية، وتناقلت الأنباء قيام طائرتين فرنسيتين من طراز «رافال»، أقلعتا من قاعدة «الظفرة» بالإمارات، بطلعات استكشافية في هذا الصدد، وكان لودريان أشار أمام نحو مائتي عسكري فرنسي، بينهم طيارون بالقاعدة، قائلا إنه «اعتبارا من صباح أول من أمس الاثنين، سنقوم بأولى الطلعات الاستكشافية بموافقة السلطات العراقية والسلطات الإماراتية».
وأضافت الأنباء أن وزير الدفاع لورديان قال للعسكريين الفرنسيين المتمركزين في قاعدة الظفرة الواقعة على بعد 30 كيلومترا جنوب غربي العاصمة الإماراتية أبوظبي: «كونوا متأهبين للتدخل». وأضاف أن فرنسا تقف مستعدة في هذه اللحظات المصيرية بالنسبة للأمن، لأن «داعش»، هذه الدولة الإسلامية المزعومة، تهدد أيضا أمن فرنسا.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».