جنبلاط يقترح إحالة حادث الجبل مع جريمة الشويفات إلى المجلس العدلي

في محاولة للبحث عن مخرج بعد تمسك أرسلان بموقفه

بري مجتمعاً مع النائب طلال ارسلان والوزير صالح غريب (موقع مجلس النواب)
بري مجتمعاً مع النائب طلال ارسلان والوزير صالح غريب (موقع مجلس النواب)
TT

جنبلاط يقترح إحالة حادث الجبل مع جريمة الشويفات إلى المجلس العدلي

بري مجتمعاً مع النائب طلال ارسلان والوزير صالح غريب (موقع مجلس النواب)
بري مجتمعاً مع النائب طلال ارسلان والوزير صالح غريب (موقع مجلس النواب)

فشلت المساعي الأخيرة في إقناع رئيس «الحزب الديمقراطي اللبناني» النائب طلال أرسلان بالعدول عن مطلبه بإحالة ملف حادثة الجبل أواخر الشهر الماضي إلى المجلس العدلي مباشرة قبل المرور بقنوات قضائية أخرى ومنها «المحكمة العسكرية»، وهو ما ظهر بعد اجتماعه برئيس مجلس النواب نبيه بري للمرة الأولى منذ آخر اجتماع بينهما قبيل الانتخابات النيابية الأخيرة في مايو (أيار) 2018.
وبينما بقي ملف الإحالة إلى المجلس العدلي (وهو واحد من أعلى المحاكم القضائية في لبنان ولا تقبل أحكامه التمييز) عالقاً من دون حل، طرح رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط مخرجاً جديداً، تمثل في ضم ملفين، هما ملف حادثة الجبل التي قتل فيها عنصران من مرافقي الوزير صالح الغريب، وملف جريمة الشويفات التي قضى فيها مناصر لـ«الحزب الاشتراكي» إثر إطلاق النار عليه من قبل مناصر لأرسلان في مايو 2018، وإحالة الملفين إلى المجلس العدلي إذا لزم الأمر.
وقال جنبلاط عبر حسابه على «تويتر»: «هناك الحد الأدنى لاحترام الناس وعقولهم. وللتذكير فقط؛ فإن حادثة البساتين (قبر شمون) نتيجة الفلتان السابق في بعض المظاهرات العسكرية وصولاً إلى جريمة الشويفات، والتي هرب فيها الفاعل إلى سوريا. لذا أعتقد أنه آن الأوان لضم القضيتين والسلطات المختصة تقرر كيف وإذا لزم المجلس العدلي للقضيتين سوياً».
ويتمسك أرسلان بإحالة الملف إلى المجلس العدلي، مطالباً الرئيس ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري بعدم تصغير الحادثة، مؤكداً: «إننا لا نقصد ليّ ذراع أحد؛ بل إحقاق الحق».
وزار أرسلان برفقة وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب رئيسَ مجلس النواب نبيه بري في عين التينة أمس، وقال على الأثر: «طرحنا كل ما لدينا، وليس لدينا مطالب كثيرة. نحن نطالب بالعدالة وبحق الشهداء الذين سقطوا وبحق الشهداء الأحياء وعلى رأسهم الوزير الغريب». وأكد: «لا نريد أحكاماً مسبقة أو توجيه أصابع الاتهام ظلماً أو زوراً، ولا نريد التلاعب بالتحقيق. إن كل ما نطلبه هو تحويل الملف إلى المجلس العدلي، لأن الذي حصل معيب في حق الدولة اللبنانية»، لافتاً إلى أن ضميره مرتاح، وأنه لم يرتكب أو يساهم «بهذا الجرم، وهذا المكمن يجب أن يكون هو من نطالب بتحويله إلى المجلس العدلي»، قائلاً: «ما يشغل بالنا هو الرفض المطلق والتذاكي لتصغير ما حصل، وهذا ما نرفضه رفضاً مطلقاً، ولن نكون شهود زور عليه».
وتابع: «لا نقصد ليّ ذراع أحد، إنما الشهداء الذين دفعوا دماءهم يملكون حقاً، ومطالبتنا وإصرارنا على المجلس العدلي هما من منطلق احترامنا لدمائهم والسلم الأهلي»، سائلاً: «عندما تصاب سيارة وزير بتسع عشرة رصاصة؛ فكيف يقبل أحد المسؤولين أن يقول إن ما حصل كان عن طريق الخطأ أو كان عبارة عن إطلاق نار عشوائي؟». وأكد أرسلان أنه «لا غطاء لأحد. أنا أطالب باستجواب الجميع من صالح الغريب وصولاً إلى الباقين، فما حصل ليس حادثاً أو إشكالاً، إنه كمين ومحاولة اغتيال لوزير في الحكومة اللبنانية».
وقال: «لا تتيحوا المجال للناس أن تأخذ حقها بيدها. فلنتجه للمجلس العدلي، وسنكون منفتحين على كل شيء». وناشد انعقاد مجلس الوزراء، داعياً إلى التصويت على إحالة الملف إلى المجلس العدلي «إن لم يكن هناك إجماع مسبق»، مطالباً رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري بأن يعيا مخاطر تصغير ما حصل.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.