البرلمان العراقي ينهي عقدة كركوك في قانون انتخابات مجالس المحافظات

TT

البرلمان العراقي ينهي عقدة كركوك في قانون انتخابات مجالس المحافظات

أنهى البرلمان العراقي عقدة بدت مستحكمة لأكثر من 10 سنوات تتعلق بمحافظة كركوك المتنازع عليها التي تعطلت الانتخابات المحلية فيها منذ عام 2005 وإلى اليوم. ففي جلسة استمرت أكثر من 8 ساعات صوت البرلمان العراقي أمس على التعديل الأول لقانون انتخابات مجالس المحافظات والمحافظات غير المنتظمة.
من جهتها، رحبت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات التي أوكل إليها البرلمان مهمة تنظيم الانتخابات في كل محافظات العراق ومن ضمنها كركوك. وقالت المفوضية في بيان لها إن «إقرار القانون يعد خطوة متقدمة ومباركة من أجل إنجاز المفوضية مهامها استعدادا لإجراء انتخابات مجالس المحافظات في الأول من أبريل (نيسان) المقبل، وهي على أتم الاستعداد للمضي في الجدول الزمني الذي وضعته لتنظيم وإدارة العملية الانتخابية، داعياً الشركاء الأساسيين إلى بذل الجهود والتنسيق معها من أجل إنجاح الحدث الانتخابي». وأشاد مجلس المفوضين «بهيئة رئاسة البرلمان المتمثلة برئيس مجلس النواب ونائبيه ورئيس وأعضاء اللجنة القانونية ولجنة الأقاليم والمحافظات واللجان الأخرى التي شاركت في النقاشات والتصويت عليه، لما بذلوه من جهد ووقت واجتماعات متعددة للوصول إلى الصيغة النهائية للتعديلات، وبالتالي إقرار القانون بكامله، وكذلك الكتل النيابية في مجلس النواب التي دعمت وصوتت عليه».
إلى ذلك، أعلنت رئيسة كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني في البرلمان، الدكتورة فيان صبري، أن «إقرار هذا القانون بالطريقة التي جرت سوف يؤدي إلى غبن المكوّن الكردي في كركوك». وأضافت صبري في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المكوّن الكردي في محافظة كركوك والمناطق المتنازع عليها سيُغبن في هذه الانتخابات القادمة لمجالس المحافظات»، مبينة أن «القانون الذي أقر وتم تمريره بليل، خاصة على صعيد كركوك، سوف تترتب عليه أمور ليست في صالح الأكراد في كركوك بسبب حصول عمليات تغيير ديموغرافي خلال الفترة الماضية، وسوف تحصل في المستقبل، خصوصاً على عهد المحافظ الحالي». وأوضحت صبري أن «التطبيع الإداري والأمني لم يحصل والاتفاق السياسي على إدارة الملف الأمني بين حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية لم تحصل أيضاً، فضلاً عن القرارات الصادرة عن لجنة المادة 140 لم تنفذ من قبل الحكومة الاتحادية». وتابعت صبري: «لا يزال هناك الآلاف من المهجرين من المكوّن الكردي من المحافظة، والمادة 35 لم تكن بالشكل الذي يحفظ الحقوق لجميع المكوّنات بشكل عادل، الأمر الذي يجعلنا على قناعة بأن الانتخابات القادمة في كركوك في ضوء هذا القانون ستؤثر سلباً على التمثيل العادل للمكوّنات، وخاصة الأكراد، لذلك ارتأينا التحفظ وعدم التصويت على المادة للأسباب التي أشرت إليها».
من جهته، عد حسن توران نائب رئيس الجبهة التركمانية في كركوك، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «إجراء الانتخابات المحلية خطوة إيجابية، لا سيما على صعيد كركوك التي حُرمت منذ أكثر من عقد من إجراء الانتخابات المحلية فيها». وأضاف أن «ما حصل من توافق حول كركوك يخص جزءاً من المشكلة، إذ ما زالت هناك ملفات عالقة لم تحل في هذا القانون». وعبّر توران عن تمنيات تركمان كركوك في أن «يحصل تقدم في الملفات الأخرى مثل تحقيق الإدارة المشتركة بنسبة 32 في المائة‎ لكل مكوّن من المكونات الرئيسية الثلاثة في كركوك، وهم العرب والتركمان والكرد».
وفي السياق ذاته، قال النائب عن محافظة بغداد، آراس حبيب كريم، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «حل عقدة كركوك في قانون مجالس المحافظات يعد إنجازاً مهماً للبرلمان وأيضاً لمكوّنات كركوك» مبيناً أن «الخلافات السياسية حالت طوال السنوات الماضية دون التوصل إلى حل مرضٍ لكل الأطراف، لكن ما حصل عبر التصويت على تعديل القانون أمر مهم نأمل أن يطور أبناء كركوك من كل القوميات والأديان والطوائف، ويعزز المقاربة التي تجعلهم قادرين على حسم ما تبقى من إشكالات بينهم دون تدخلٍ أحد طالما الجميع يؤمن بأن كركوك عبارة عن عراقٍ مصغّر». وحول طبيعة القانون وكيفية إقراره أكد مقداد الشريفي، الرئيس الأسبق للدائرة الانتخابية في مفوضية الانتخابات والخبير الدولي في شؤون الانتخابات، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «الذي حصل على صعيد التصويت على قانون مجالس المحافظات إنما هو توافق بين جميع الكتل الكبيرة دون استثناء على تمرير نظام سانت ليغو 1.9، وتم إلغاء موضوع 70 في المائة‎ للقوائم و30‎ في المائة لأعلى الفائزين بغض النظر عن القائمة».
وحول كركوك وكيفية حسم أمرها بعد سنوات طويلة من الخلافات، قال الشريفي إن «موضوع كركوك تم حسمه بالاتفاق بين التركمان والسنة والاتحاد الوطني الكردستاني، كون هناك توافق بين هذه الأطراف على تمريره بشرط أن يدقق سجل الناخبين قبل الانتخابات، وفي حال تقديم طعون على الانتخابات فيتم اللجوء إلى العد والفرز اليدوي». وأوضح الشريفي أن «البرلمان وجد نفسه أمام تحدٍ كبير حيال انتخابات مجالس المحافظات التي تم تأجيلها من أواخر العام الحالي إلى أبريل من العام المقبل، وبالتالي فإن تمرير القانون سوف يتيح للمفوضية القدرة الفنية والإجرائية على تنظيم الانتخابات في الموعد المقرر».



السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.