تزايد بيانات التهديد ضد السوريين والمطالبة بإخلاء مساكنهم في الجنوب

مختار بلدة القليعة لـ(«الشرق الأوسط»): أعمال فردية لم تصدر عن جهة رسمية

أكراد في لبنان يطالبون خلال مظاهرة أمام مقر الأمم المتحدة في بيروت أمس بحماية الأقلية الإيزيدية في العراق من اعتداءات «داعش» (أ.ب)
أكراد في لبنان يطالبون خلال مظاهرة أمام مقر الأمم المتحدة في بيروت أمس بحماية الأقلية الإيزيدية في العراق من اعتداءات «داعش» (أ.ب)
TT

تزايد بيانات التهديد ضد السوريين والمطالبة بإخلاء مساكنهم في الجنوب

أكراد في لبنان يطالبون خلال مظاهرة أمام مقر الأمم المتحدة في بيروت أمس بحماية الأقلية الإيزيدية في العراق من اعتداءات «داعش» (أ.ب)
أكراد في لبنان يطالبون خلال مظاهرة أمام مقر الأمم المتحدة في بيروت أمس بحماية الأقلية الإيزيدية في العراق من اعتداءات «داعش» (أ.ب)

تصاعدت مطالب اللبنانيين من النازحين والعمال السوريين بإخلاء مقرات سكنهم خلال الأسبوع الماضي، عبر بيانات وزعت عليهم، أو قرارات اتخذتها البلديات في قرى لبنانية، بعد ذبح الجندي في الجيش اللبناني المحتجز لدى «داعش» عباس مدلج. لكن بعض تلك الدعوات، لم تصدر عن جهات رسمية، إذ أكد مختار بلدة القليعة في جنوب لبنان لـ«الشرق الأوسط» أن البيان الذي وزع أول من أمس في البلدة، ويطالب السوريين بمغادرة البلدة، «عمل صبياني وفرديّ، لا نتبناه، ولم يصدر عن جهة رسمية».
وكان النازحون السوريون في بلدة القليعة (قضاء مرجعيون) في جنوب لبنان، تلقوا بيانا صادرا عن سكان في البلدة، يطالبهم بإخلاء البلدة قبل اليوم (الثلاثاء). وقال المختار أمين سعيد لـ»الشرق الأوسط» إن الجهات المسؤولة في القليعة «لم تتخذ هذا القرار»، واضعا الأمر في إطار «الحركات الصبيانية والفردية التي لا تمثل أبناء البلدة».
وعد معدو البيان، أن هذا القرار «نهائي»، مصحوبا بعبارة «وقد أعذر من أنذر»، مبررا إصداره بأنه على خلفية «التعاطف مع الجيش اللبناني». وطلب «شباب بلدة القليعة» الذين وقعوا البيان، من جميع الأحزاب اللبنانية والبلدية «عدم التدخل في الأحداث التي ستحصل في حال عدم الالتزام من السورين بهذا القرار».
ويعد هذا البيان، أحدث موجات التهديد بحق النازحين السوريين. فقد تلقى نازحون في عدة بلدات لبنانية، خلال الأسبوع الماضي، بيانات مشابهة، وحملت معظمها توقيع شباب في البلدة، من غير أن تتبنى أي جهات حزبية أو رسمية تلك البيانات، على الرغم من مخاوف لدى النازحين بتعرضهم لخطر التهديد الجسدي. ويقول عامل سوري في إحدى بلدات الجنوب لـ«الشرق الأوسط» إن تلك البيانات «نأخذها على محمل الجدّ لأن موجة التحريض ضد السوريين تستعر، ما يعرضنا لخطر حقيقي»، مشيرا إلى أنه انتقل إلى بيروت مع عائلته «بعد إصدار بيان يطالب بمغادرة السوريين» في بلدة مجاورة.
وأكد رئيس تحرير المكتب الإعلامي لتنسيقية اللاجئين السوريين في لبنان صفوان الخطيب لـ«الشرق الأوسط» أن السوريين «يأخذون البيانات الموجهة ضدهم على محمل الجد»، مشيرا إلى أن كثيرين «غادروا المناطق باتجاه شمال لبنان». وطالب الخطيب الحكومة اللبنانية بأن «تتولى الأجهزة الرسمية التحقيق وتوقيف كل سوري عليه شبهة أمنية، وفي الوقت نفسه حماية اللاجئين السوريين في لبنان من التهديد، وأن تضع حدا لترهيبهم عبر محاسبة مرسلي البيانات التي لا تحمل توقيعات رسمية».
وحملت بعض البيانات الموجهة ضد السوريين توقيعا رسميا من البلديات، وهي السلطة المحلية في القرى، بهدف الحفاظ على الأمن، كما بقيت بيانات أخرى دون توقيع جهات مسؤولة بالوقوف وراءها، وهو ما يراه الخطيب بأنه «الحدث الأخطر، كونه يشرّع شريعة الغاب، خصوصا حين تنفي الجهات الرسمية والبلديات تبنيها للموقف واعتباره عملا فرديا».
وإذ نفى الخطيب أن تكون هناك إحصاءات دقيقة حول اللاجئين الذين تعرضوا لتهديد، وغادروا على أثره إلى مناطق لبنانية أخرى، قال: «النازحون الذين نزحوا مجددا باتجاه شمال لبنان، كانوا خائفين، وعليه اتخذوا القرار بالمغادرة إلى منطقة أكثر أمانا»، مشددا على أن بعض البيانات التي تصدر «لا تفرق بين لاجئ وشخص آخر عليه شبهة، وهو ما يتسبب بحالات ذعر شديدة». وأضاف: «اللاجئ السوري ليس مسؤولا عن ذبح داعش لجنود لبنانيين.. فهو ضحية أيضا لداعش وسلوكياتها وممارساتها، وهرب من تهديد في بلده ليتجنب الخطر».
وبرزت قضية تنظيم اللاجئين السوريين، عقب المعارك بين الجيش اللبناني ومسلحين متشددين في عرسال، حيث اتخذت بعض البلديات تدابير لحماية مناطقها من تمدد تداعيات المعركة إليها. وتضاعفت التدابير بعد ذبح «داعش» جنديين لبنانيين من أصل 11 عسكريا آخر محتجزين لديها، ما أثار نقمة شعبية على اللاجئين السوريين وسط مخاوف من أن يكون بينهم أشخاص مرتبطون بتنظيم «داعش». وعلى الأثر، اتخذ بعض اللبنانيين مواقف تدعو لرحيل السوريين من مكان إقامتهم.
وبدأت الحملة في الجنوب حين أمهلت بلدية برج الشمالي في قضاء صور السوريين القاطنين في منطقة الشواكير شرق مدينة صور، مهلة 48 ساعة لإخلاء خيمهم تحت طائلة المسؤولية، بذريعة «الحفاظ على العمال السوريين وعلى أمننا في المنطقة». واللافت أن البيانات تلك، تطالب الأحزاب والقوى الفاعلة بعدم التدخل.
وتلقى السوريون في بلدة تولين في جنوب لبنان بيانا مشابها، يدعوهم للرحيل خلال يومين، وحمل توقيع الشباب أنفسهم، كما تلقى السوريون في بلدة عبا في جنوب لبنان القرار نفسه، أول من أمس، بعدما أوقفت القوى الأمنية أحد سكان البلدة، ظهر في شريط فيديو يتوعد أطفالا سوريين، على سبيل المزاح، بالذبح. وكانت معظم البيانات أصدرت على خلفيات إشكالات مع السوريين.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.