محكمة إسرائيلية ترفض طلب فلسطينيين تجميد هدم حي جنوب القدس

الجدار القريب جعل السكان مصنفين كـ«خطر أمني»

جولة نظمتها السلطة الفلسطينية لدبلوماسيين أوروبيين بشأن مخطط إسرائيل لهدم أبنية في القدس والضفة الغربية (أ.ف.ب)
جولة نظمتها السلطة الفلسطينية لدبلوماسيين أوروبيين بشأن مخطط إسرائيل لهدم أبنية في القدس والضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

محكمة إسرائيلية ترفض طلب فلسطينيين تجميد هدم حي جنوب القدس

جولة نظمتها السلطة الفلسطينية لدبلوماسيين أوروبيين بشأن مخطط إسرائيل لهدم أبنية في القدس والضفة الغربية (أ.ف.ب)
جولة نظمتها السلطة الفلسطينية لدبلوماسيين أوروبيين بشأن مخطط إسرائيل لهدم أبنية في القدس والضفة الغربية (أ.ف.ب)

حاصرت القوات الإسرائيلية حي وادي الحمص في قرية صور باهر، جنوب القدس المحتلة بشكل مشدد، فيما يبدو استعداداً لهدمه بالكامل، بعدما أيدت المحكمة العليا الإسرائيلية هذه الخطوة.
وقال رئيس لجنة أهالي حي وادي الحمص، حمادة حمادة، إن قوات الجيش فرضت حصاراً شاملاً على الحي، بعد يومين من انتهاء مهلة سابقة لأهالي الحي بهدم منازلهم بأيديهم.
وأعطت السلطات الإسرائيلية أهالي الحي مهلة حتى تاريخ 18 يوليو (تموز) الجاري لهدم نحو 100 شقة سكنية؛ لكن أهالي الحي رفضوا ذلك، والتمسوا للمحكمة العليا في إسرائيل بتأجيل أو تجميد القرار. وردت المحكمة أمس برفض طلب تأجيل وتجميد قرارات هدم الشقق الـ100، في 16 بناية سكنية في حي وادي الحمص.
وقال محمد أبو طير، من لجنة حي وادي الحمص: «لقد تم رفض الطلب، وأبلغنا أن قرار الهدم ساري المفعول».
وتسيطر حالة من الغضب والقلق في الحي العربي الذي تقول إسرائيل إنه قريب من الجدار. ويقع حي وادي الحمص التابع أصلاً لقرية صور باهر خارج حدود بلدية القدس، بعدما وضعت إسرائيل جداراً فاصلاً حول المدينة، وفصلته عن القرية.
وتبلغ مساحة الحي نحو ثلاثة آلاف دونم، وقد حرم جيش الاحتلال السكان فيه من البناء على نصف المساحة تقريباً؛ لكن الأهالي حصلوا على تراخيص من السلطة الفلسطينية لبناء منازلهم، باعتبار الحي يقع ضمن تصنيف المنطقة «أ». وتقول إسرائيل إن الأمر يتعلق بالأمن في مدينة القدس. ووصف محافظ القدس عدنان غيث أسباب إسرائيل «بحجج واهية وباطلة»، باعتبار «الجدار غير قانوني، ويفصل المواطنين بعضهم عن بعض، ويحول التجمعات السكانية إلى كانتونات».
وحذرت السلطة من عمليات تهجير جماعي. وقالت منظمة التحرير الفلسطينية، أمس: «إن عملية الهدم هذه جزء من عملية هدم كبيرة، تستهدف مئات الشقق السكنية قرب جدار الفصل العنصري، وتصب في مخطط التطهير العرقي، بهدف تهويد المدينة المقدسة، الأمر الذي يعتبر جريمة حرب حسب القوانين الدولية، ما يستوجب إيفاد لجنة مراقبة وتحقيق فورية، وتوفير حماية دولية للشعب الفلسطيني».
كما دانت وزارة الخارجية اقتحام قوات الاحتلال حي وادي الحمص، وقرار «العليا» الإسرائيلية، محذرة من مغبة إقدام سلطات الاحتلال على هدم تلك البنايات، لما ستخلفه هذه الجريمة من أوضاع مأساوية على العائلات الفلسطينية، بمن فيهم الأطفال والنساء والشيوخ. وبحسب الخارجية فإنها تواصل مساعيها مع المجتمع الدولي ومؤسسات الأمم المتحدة ومجالسها ومع الدول، لحثها للضغط على سلطات الاحتلال للتراجع عن هذا القرار، كما تواصل بذل الجهود مع «الجنائية الدولية» للإسراع في إجراء تحقيق رسمي في جرائم هدم المنازل وعمليات التطهير العرقي، وغيرها.
واتهمت الخارجية منظومة القضاء في إسرائيل بأنها جزء لا يتجزأ من منظومة الاستعمار الإسرائيلي، ولا تمت بصلة للقانون والقضاء؛ بل توفر الغطاء والحماية لانتهاكات الاحتلال وجرائمه، بما فيها عمليات التهجير القسري للمواطنين الفلسطينيين من أماكن سكناهم، وهدم منازلهم ومنشآتهم، وتدمير مصادر رزقهم ومقومات صمودهم في أرضهم، كما هو الحال بشكل دائم ومتواصل في الأغوار الشمالية والقدس المحتلة وبلداتها وأحيائها، وكما يحدث حالياً في حي وادي الحمص.
هذا في وقت تستمر فيه سلطات الاحتلال في حملاتها الدعائية، وتقديم الموازنات المطلوبة والتسهيلات لجذب مزيد من المستوطنين إلى المستوطنات في الجبال الشرقية المطلة على الأغوار، وسط حملات تحريض على القيادة الفلسطينية، تقوم بها جمعيات يمينية متطرفة ضد ما تسميه «نشاطات فلسطينية في المناطق المصنفة ج».
وما يحدث في وادي الحمص يختبر الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في القدس، وهو صراع منصب على السيادة والجغرافيا والديموغرافيا.
ويوثق مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة (بتسليم) أن إسرائيل تبذل جهوداً كبيرة لمنع التطوير والبناء المخصّص للسكّان الفلسطينيين، مقابل البناء واسع النطاق وتوظيف الأموال الطائلة في الأحياء المخصّصة لليهود فقط، وفي كتل الاستيطان التي تشكّل «القدس الكبرى».
ومع واقع أن آلاف الفلسطينيين في المدينة يعيشون تحت التهديد المستمرّ بهدم منازلهم أو محالّهم التجاريّة، التي يقدرها المسؤولون الفلسطينيون بأكثر من 20 ألف منزل، فإنه منذ عام 2004 وحتى نهاية 2018 هدمت السلطات الإسرائيلية 803 منازل في القدس الشرقية.
وهذه السياسة متبعة منذ بداية الاحتلال؛ لكنها توسعت مؤخراً. ويقول مركز المعلومات الوطني إن عدد المنازل المهدومة منذ احتلال إسرائيل للقدس عام 1967 بلغ نحو 1900 منزل.



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».