«حزب الله» يسجّل سابقة بتصويته المؤيد للموازنة

خبير: يدخل إلى الدولة اللبنانية تحت عنوان «الاندماج في سبيل الاحتماء»

TT

«حزب الله» يسجّل سابقة بتصويته المؤيد للموازنة

صوّت نواب كتلة «حزب الله» النيابية؛ المعروفة باسم «كتلة الوفاء للمقاومة»، تأييداً لموازنة المالية العامة لعام 2019 للمرة الأولى في تاريخ الحزب الذي دخل المجلس النيابي للمرة الأولى في عام 1992، وهو بذلك يسجّل سابقة في تاريخ الموازنات، تلي قراره الدخول إلى إدارات الدولة، من شعار رفعه في العام الماضي مع الانتخابات النيابية هو «محاربة الفساد».
في موقفه المعلن وعلى لسان مسؤوليه، يعدّ «حزب الله» أن تصويته على الموازنة جاء بعد مشاركته الفعلية بها عبر إدخال تعديلات يصفها بالجذرية ويعدّها نجاحاً، وهو ما عبّر عنه أمس النائب في الكتلة علي فياض.
ولطالما أحجم الحزب عن تأييد الموازنات والتصويت لصالحها، وفرض نفسه في البرلمان معارضاً لسياسات الحكومات التي ترأسها رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري بشكل خاص، وبعده، والرئيس الحالي سعد الحريري. وعندما كان الحزب جزءاً من حكومة الرئيس نجيب ميقاتي التي قاطعها «تيار المستقبل» و«حزب القوات اللبنانية»، لم تكن هناك موازنات؛ علماً بأنها انقطعت منذ عام 2005 وحتى 2017.
ويتعمق الحزب في الملفات السياسية المحلية أكثر، بعد استدارته من الملف السوري باتجاه الداخل اللبناني، وظهر ذلك خلال التحضيرات للانتخابات النيابية الماضية، وما تلاها من جهود لتشكيل الحكومة، والمشاركة في جلسات إعداد الموازنة الأخيرة التي تختلف عن الموازنات السابقة بأنها أكثر تقشفاً، وتتضمن الضرائب مضمرة، رغم أن نسبتها قليلة، وتطال جميع السكان من جميع الطبقات، وهو ما يهدد بأن يكون الحزب أمام تحديات جمهوره.
ويرى مدير «مركز أمم للتوثيق والأبحاث» لقمان سليم أن تداعيات تأييد الحزب للموازنة على جمهوره تدخل ضمن القراءة العامة وتضع جميع الأحزاب أمام تحديات جمهورها، بالنظر إلى أن الاقتطاعات الضريبة والزيادات ستطال جميع اللبنانيين، لكنه يؤكد في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن تصويت الحزب على الموازنة سابقة في تاريخه وتاريخ علاقته بلبنان، ويدخل إليها تحت عنوان «الاندماج في سبيل الاحتماء»، من خلال تأييده الموازنة وتصويته عليها بيسر، ولعب دور المسهّل لإقرارها.
ويقول سليم إن الحزب بتسجيل هذه السابقة «يقول بكل بساطة (أنا لبنان ولبنان أنا)، وهو ما نفسره من خارج السياسة اللبنانية بأنه حاجة الحزب للاحتماء بالدولة ومؤسساتها وهياكلها ودورة الحياة اليومية فيها رغم بؤسها». ويضيف: «قد يفسر البعض هذا التصويت على أنه تكريس لدخول الحزب إلى الدولة، لكنه في الواقع يحاول فرض هيمنته الكاملة على جانب من الدولة كان قد تركه منذ تأسيس الشراكة بعد (اتفاق الطائف) مع الرئيس رفيق الحريري»، حيث بات الآن «الحرب والسلم والاقتصاد والنقد والمال والسياسات الضريبية كلها يُسأل عنها (حزب الله)».
ويأتي تصويت الحزب على الموازنة في ظل حملة أطلقها العام الماضي لمحاربة الفساد، ويقول إنها متواصلة. لكن سليم، يرى أن طرحه هذا الملف «هو للاستهلاك المحلي»، قائلاً: «إذا كان الحزب يريد حقاً محاربة الفساد، فليبدأ بالفساد ضمن التنظيم والطائفة قبل أن يتحدث عن أي فساد آخر». وأضاف: «الناس أحسنت الظن وظنوه جاداً في حملة مكافحة الفساد حين رفع شعارها، لكنه في الواقع، يرفع الشعار ضد خصومه وليس محاربة الفساد عموماً. استغل الشعار وسيستغله للاستئثار بمزيد من الهيمنة». ويؤكد أن الحزب «لا يدخل المنظومة كعضو فيها، بل يثبّت بأنه حامي المنظومة بقدر ما يحتمي بها».
وفي تعليقه على الموازنة، قال النائب في «حزب الله» علي فياض، أمس: «الأزمة المالية الاقتصادية تحتاج لأعلى درجات التضامن الوطني الذي نحن حريصون عليه». وأضاف: «(كتلة الوفاء للمقاومة) تمكنت من أن تدخل تعديلات جذرية على هذه الموازنة، فخففنا إلى أبعد مدى من البعد الضرائبي فيها، وأبعدنا كل ضريبة عن الطبقات المستضعفة والمتوسطة... ونحن لا ندّعي أن هذه الخطوة كافية لمعالجة مشاكلنا الاقتصادية والاجتماعية، ولكنها خطوة أساسية في هذا الاتجاه».
وشدّد على «ضرورة أن تستكمل موازنة عام 2020 تخفيض العجز وضبط الهدر والتقشف وزيادة إيرادات الدولة وحماية الجامعة اللبنانية ورفع معدلات الإعفاءات التي يستفيد منها المواطنون»، مضيفاً: «نعلن، بكل مسؤولية وجدية، أننا نجحنا في موازنة عام 2019، ولكن هذا الشوط طويل».



المجاعة تهدد أطفال غزة وأمهات يبحثن عن الحليب

توفي منذ اندلاع الحرب في غزة 32 شخصاً بسبب سوء التغذية (أ.ف.ب)
توفي منذ اندلاع الحرب في غزة 32 شخصاً بسبب سوء التغذية (أ.ف.ب)
TT

المجاعة تهدد أطفال غزة وأمهات يبحثن عن الحليب

توفي منذ اندلاع الحرب في غزة 32 شخصاً بسبب سوء التغذية (أ.ف.ب)
توفي منذ اندلاع الحرب في غزة 32 شخصاً بسبب سوء التغذية (أ.ف.ب)

تبحث أميرة الطويل في صيدليات قطاع غزة عن حليب لإطعام طفلها يوسف، الذي يحتاج إلى علاج وغذاء، لكن كل محاولاتها لتأمينه باءت بالفشل. يستلقي يوسف بجسده النحيل على السرير في مستشفى الأقصى في دير البلح وقد ربطت رجله بحقن وريدية.

تقول الطويل لوكالة الصحافة الفرنسية: «يوسف يحتاج إلى علاج وغذاء جيد، الحليب غير متوفر نهائياً». وتضيف الأم: «أُطعمه حالياً بعض القمح، لكن لا حليب. هذا ما يجعله يعاني من الانتفاخ، طلبوا مني أن أجري له فحصاً لحساسية القمح».

توفي منذ اندلاع الحرب في غزة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 32 شخصاً بسبب سوء التغذية.

وقالت «منظمة الصحة العالمية»، السبت، إن أكثر من 4 من أصل 5 أطفال أمضوا يوماً كاملاً من دون تناول الطعام مرة واحدة على الأقل خلال 3 أيام.

وقالت المتحدثة باسم «منظمة الصحة العالمية» مارغريت هاريس، في بيان، إن «الأطفال يتضورون جوعاً».

وبحسب منظمات الإغاثة، فإن ارتفاع معدلات سوء التغذية بين أطفال غزة دون الخامسة سببه عدم وصول المساعدات الإنسانية التي تدخل إلى غزة إلى من يحتاجون إليها.

إغلاق المعابر

بدأت الحرب في قطاع غزة مع شنّ «حماس» هجوماً غير مسبوق على الأراضي الإسرائيلية في 7 أكتوبر تسبّب بمقتل 1189 شخصاً، معظمهم مدنيون.

وردّت إسرائيل متوعدة بـ«القضاء» على «حماس»، وهي تشنّ منذ ذلك الحين حملة قصف مدمر على قطاع غزة، تترافق مع عمليات برية، ما تسبب بسقوط 36439 قتيلاً، معظمهم مدنيون، وفق وزارة الصحة التابعة لـ«حماس».

بعد فحص أجراه مكتب «الأمم المتحدة» لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) لأكثر من 93400 طفل دون الخامسة في غزة للتأكد من سوء التغذية، خلصت النتائج إلى أن 7280 منهم يعانون سوء تغذية حاداً.

وينتشر سوء التغذية في شمال قطاع غزة بشكل خاص حيث لم يتلقَّ من بقوا هناك من السكان سوى قليل من المساعدات في الأشهر الأولى من الحرب.

في الأسابيع الأخيرة تم تحويل جزء كبير من المساعدات الغذائية عبر المعابر، وذلك بعد تحذيرات من مجاعة وشيكة.

أما الطفل سيف فقد بدا منهكاً للغاية وبالكاد يستطيع التنفس.

وتقول والدته نهى الخالدي: «طوال الليل وهو يتألم ويعاني المغص والانتفاخ، تم تأجيل العملية التي كانت مقررة له، وهذا يمكن أن يسبب له انفجاراً في الأمعاء».

وتضيف الأم: «نعتمد على ما يأتي من مساعدات لإعطاء الأولاد، وهذا يؤثر كثيراً على صحتهم لأنهم اعتادوا على حليب يتناسب مع أجسادهم».

لكنها تتدارك وهي تحاول حبس دموعها «لا يتوفر أي نوع حليب في الأسواق».

ويؤكد طبيب الأطفال في مستشفى الأقصى، حازم مصطفى، أن إغلاق إسرائيل للمعابر أدى إلى تفاقم الوضع.

ويعدّ معبر رفح المنفذ الرئيسي لدخول المساعدات إلى قطاع غزة من مصر، قبل أن تقوم إسرائيل في 7 مايو (أيار) المنصرم بعملية برية وتسيطر على المعبر الحدودي.

ومنذ ذلك الوقت، لم تسمح إسرائيل بدخول أي مساعدات إلى قطاع غزة، كما لم يتمكن أي من الجرحى والمرضى من الخروج للعلاج.

ويقول الطبيب مصطفى، وخلفه على شاشة الحاسوب صورة أشعة لقفص صدري لأحد المرضى، إن الأخير يعاني «ضعفاً شديداً في جسمه وسوء نمو بسبب منع الاحتلال دخول الأغذية، وخصوصاً الحليب للأطفال».

ويطالب بـ«إدخال كميات وافرة من الحليب حتى تتمكن الأمهات من إعطاء أطفالهن الغذاء المناسب ليكونوا بصحة جيدة».