اتهامات لتركيا بـ «التورّط» في نقل الإرهابيين من سوريا إلى ليبيا

الجيش الليبي يؤكد امتلاكه أدلة على جلبهم من إدلب ودعم أنقرة للميليشيات الإجرامية

TT

اتهامات لتركيا بـ «التورّط» في نقل الإرهابيين من سوريا إلى ليبيا

ضاعفت تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، التي أطلقها في الخامس من يوليو (تموز) الحالي، حول «نقل عناصر مسلحة من محافظة إدلب السورية إلى ليبيا»، طرح تساؤلات كثيرة حول خطورة تحركات الإرهابيين وهوياتهم، وأعدادهم، وهل الهدف من نقلهم مساندة قوات حكومة «الوفاق» في معركة طرابلس؟ أم تحويل غرب وجنوب البلاد إلى قاعدة جديدة للإرهاب قصد تهديد دول الجوار الليبي، وربما شمال وغرب أفريقيا؟
كجواب على هذا التساؤل قال اللواء أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسم «الجيش الوطني» الليبي، إن معركة الإرهاب التي تستهدف تقويض الدول والجيوش النظامية «بدأت تُنقل من موقع إلى آخر داخل المنطقة»، مؤكدا أن خسارة كثير من التنظيمات الإرهابية مواقعها داخل سوريا وانحسارها في إدلب «دفعها إلى نقل بعض مقاتليها إلى الأراضي الليبية».
وأضاف المسماري في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «القيادة العامة للجيش تملك معلومات وأدلة على نقل تركيا لهؤلاء المقاتلين إلى ليبيا، بينهم عناصر ما يعرف بـ(جبهة النصرة) المنضوية بهيئة تحرير الشام، وغيرها من التنظيمات القريبة فكريا وآيديولوجيا مع جماعة الإخوان المسلمين في سوريا»، موضحا أن «هناك مصادر دولية تثبت ذلك، بل وتؤكد قيام الأتراك بنقل عناصر متطرفة من دول أخرى، مثل مالي موريتانيا والنيجر. بالإضافة إلى مجموعات من جماعة (بوكو حرام) إلى أراضينا».
ولا يرى المسماري فرقا في الأهداف التي تم من أجلها نقل العناصر المسلحة إلى ليبيا، وقال بهذا الخصوص: «المعركة واحدة، سواء في الجنوب الغربي أو في طرابلس... وفي الحالتين هي التنظيمات ذاتها، وجميعهم يتلقون الدعم المباشر من السراج (رئيس المجلس الرئاسي بحكومة الوفاق) بالمال والسلاح، ويأتمرون بأوامر غرف عملياته العسكرية، ونحن نتوقع الزج بهؤلاء المقاتلين في كل المناطق بطرابلس لدعم الميليشيات الإجرامية الموالية لحكومته، والتي بدأت خسائرها تتوالى».
محذرا من «أن أي دعم يوجه للجماعات الإرهابية، حاليا أو مستقبلا، لن يضر الجيش الوطني، أو حتى ليبيا فقط، بل المنطقة بكاملها».
في السياق ذاته، اعتبر العميد خالد المحجوب، مدير إدارة التوجيه المعنوي بـ«الجيش الوطني»، وآمر المركز الإعلامي لغرفة «عمليات الكرامة»، أن تصريح بوتين «لم يكن مجرد حديث سياسي عابر»، بل «استند إلى معلومات لدولة ذات نفوذ وضلوع استخباراتي واسع في سوريا». وقال المحجوب لـ«الشرق الأوسط»: «هناك أحاديث كثيرة عن طرق نقل الأتراك لهؤلاء المقاتلين، بحراً وجواً، عبر نقلهم بطائرات أوكرانية... وهذا موضع بحث من جانبنا. لكن الحقيقة الأهم هي أن هؤلاء باتوا مع الأسف داخل حدودنا، ويقومون بقتل أبنائنا».
كما لفت المحجوب إلى أن «حزب إردوغان لديه مصلحة في دعم الميليشيات الإجرامية، ومهربي الوقود والبشر في طرابلس»، مبرزا أن الرئيس التركي «يحاول إنقاذهم ودعمهم بشتى السبل، مثلما فعل مع (إخوان) مصر حتى يتسنى لهم البقاء في السلطة إلى الأبد».
ووصف المحجوب الفيديو الأخير، الذي نشره تنظيم «داعش» بزعم مبايعة أمير جديد لهم جنوب البلاد، بأنه «محاولة دعائية فاشلة من قبل التنظيم لإثبات وجوده في ليبيا، وتشجيع مسلحين متطرفين آخرين على القدوم إلى ليبيا بهدف مناصرة إخوة لهم، سواء (داعش) أو «النصرة» أو غيرهم، وتشكيل حواضن أكبر»، مؤكدا أن «الجيش سيطهر البلاد منهم بعد (تحرير) العاصمة».
بدوره، ذهب عز الدين عقيل، رئيس حزب الائتلاف الجمهوري الليبي، إلى أن «نقل هؤلاء المقاتلين ليس إلا جزءاً من مؤامرة يتم نسج خيوطها من أطراف عدة، تستهدف إعادة (الإخوان) إلى المشهد السياسي، بعيداً عن نتائج المعركة العسكرية».
وأضاف عقيل لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك أطرافا وشخصيات محلية ودولية، تحاول بكل عزم أن تصور للمجتمع الدولي أن معركة تحرير العاصمة، (ينفذها الجيش الوطني) لن تكون سوى الباب الواسع، الذي ستعبره عصابات (داعش) من كل اتجاه وهي تشق طريقها إلى ليبيا، محوّلة الأخيرة لعاصمة جديدة للخلافة بالنسبة لهذا التنظيم الإرهابي»، معتبرا أن هذه التصورات «ستثير ذعر المجتمع الدولي، وقد تدفع قادته للضغط بكل الطرق على طرفي القتال في ليبيا، وتحديدا المشير خليفة حفتر (القائد العام) لإجباره على التفاوض والصلح».
كما لفت عقيل إلى أن «انتقال مقاتلين من سوريا، ولو على نحو محدود، يخدم هذا المخطط». وقال بهذا الخصوص إن تركيا تهدف من وراء نقل المقاتلين إلى بلاده «تحقيق الكثير، خاصة إذا ما نجحت في السيطرة عليها عبر بوابة (الإخوان)، وتشكيل حكومة يمكنها تهديد مصر، وذلك من خلال تسليح التنظيمات الإسلامية المتطرفة»، كما «تكفل لها أيضا إضعاف وإسقاط التيار الليبرالي واليساري في تونس لمصلحة حليفتها حركة النهضة، والأمر ذاته قد يتكرر في الجزائر والسودان، بصور مختلفة، ثم النفاد إلى قلب القارة الأفريقية بكل ثرواتها، التي قد تحول تركيا لقطب اقتصادي».
وحول طرق نقل المقاتلين إلى ليبيا، تحدث عقيل عن نشاط الاستخبارات التركية، الذي وصفه بـ«الاحترافي في تزوير وسرقة جوازات سفر وهويات جديدة للقيادات، التي سيتم استقطابها من سوريا بعد إحداث تغييرات عدة في ملامحهم وملابسهم»، وقال موضحا: «هكذا يتم دخولهم ضمن أي رحلة تصل للمطارات الليبية، دون إثارة الريبة... وعلى سبيل المثال فهناك عشر رحلات يومياً بين طرابلس وتونس. فإذا جاء عشرة مقاتلين في كل رحلة، فهذا يعني مائة مقاتل كل يوم».
في المقابل، رفض عضو البرلمان إبراهيم الدرسي أن يكون تصريح بوتين كـ«مكايدة» مع أنقرة على خلفية العمليات العسكرية في إدلب، وقال إن «مناخ الفوضى وغياب الدولة المركزية في ليبيا، فضلا عما خصصته حكومة (الوفاق) من أموال للتصدي لقوات (الجيش الوطني)، جعل من ليبيا واجهة مفضلة لمعظم العناصر، التي بات وجودها مهددا في سوريا، أو تلك التي تبحث عن فرص أفضل». ورأى الدرسي لـ«الشرق الأوسط» أن كل الدلائل تشير إلى احتمال انتقال البغدادي إلى الصحراء الليبية عن طريق تركيا، بعد أن سقطت دولته المزعومة في العراق وسوريا.
أما المحلل السياسي الروسي أندريه أونتيكوف فقد استبعد صحة ما يتردد بأن الخلاف بين بلاده وأنقرة على خلفية العمليات العسكرية في إدلب، يقف وراء مخاوف بوتين حول انتقال المسلحين، مشددا على أن الباعث الوحيد وراء حديث الرئيس الروسي هو «وجود مؤشرات جادة لدى السلطات الروسية على إتمام عملية نقل المقاتلين، مما يعيق فرص التوصل لأي حل سياسي للأزمة الليبية».
وانتهى أونتيكوف في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن انتقال بعض العناصر، وتحديدا الليبيين الذين شاركوا في الصراع المسلح في سوريا واكتسبوا مهارات قتالية عالية، هو «أمر يدعو للقلق... فهؤلاء لم يعد أمامهم سوى أفغانستان ودول آسيا الوسطى القريبة من الحدود الروسية، أو ليبيا القريبة من الشواطئ الأوروبية، وروسيا ترفض ذلك».
واستكمالاً لما سبق، تحدث خالد المحاميد، النائب السابق لرئيس الهيئة العليا السورية للمفاوضات، عن ضلوع الجانب التركي، المتحكم فعليا في كل فصائل الشمال السوري، في نقل المقاتلين من إدلب إلى ليبيا، وقال إن «عملية النقل حدثت بالفعل، وربما لا تزال مستمرة». مبرزا أن «الهدف الرئيسي من نقل قيادات وعناصر من صفوف التنظيمات الإرهابية إلى ليبيا هو زعزعة استقرار دول الجوار».


مقالات ذات صلة

إردوغان يوجه تحذيراً صارماً لـ«العمال الكردستاني»

شؤون إقليمية إردوغان تعهد بدفن مسلحي «العمال الكردستاني» إذا رفضوا إلقاء أسلحتهم (الرئاسة التركية)

إردوغان يوجه تحذيراً صارماً لـ«العمال الكردستاني»

بينما يواصل وفد الحوار مع زعيم حزب «العمال الكردستاني» السجين عبد الله أوجلان في إطار مبادرة لإنهاء الإرهاب في تركيا، وجّه إردوغان تحذيراً صارماً لمقاتلي الحزب.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي عناصر من الفصائل الموالية لتركيا تواصل القتال مع «قسد» على محاور جنوب شرقي منبج (أ.ف.ب)

إردوغان: تركيا لم تتدخل في سوريا

تتواصل الاشتباكات بين الفصائل الموالية لتركيا و«قسد» على محاور جنوب شرقي منبج... وأكد الرئيس رجب طيب إردوغان أن بلاده ستواصل الحرب ضد الإرهاب في سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الخليج الشراكة قائمة على تعزيز التعاون وتوسيع التنسيق حيال الوقاية ومكافحة الإرهاب والتطرف العنيف (الشرق الأوسط)

«تلغرام» و«اعتدال» يزيلان 100 مليون محتوى متطرّف

تمكن «المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف» ومنصة «تلغرام»، عبر مواصلة جهودهما في مكافحة النشاط الدعائي للتنظيمات الإرهابية، من إزالة 100 مليون محتوى متطرف

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الولايات المتحدة​ يتحدث دوري كورين مساعد قائد شرطة لاس فيغاس متروبوليتان خلال مؤتمر صحافي بشأن تطورات انفجار شاحنة ليلة رأس السنة الجديدة يوم الجمعة 3 يناير 2025 في المدينة (أ.ب)

«إف بي آي»: لا صلة لـ«الإرهاب» بانفجار شاحنة «تسلا» في لاس فيغاس

أكد المحققون الفيدراليون أن العسكري الذي قضى انتحارا في شاحنة صغيرة من طراز «سايبرتراك» خارج فندق ترمب بمدينة لاس فيغاس الأميركية، كان يعاني اضطرابا

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس (الولايات المتحدة))
آسيا سائقو الشاحنات يتجمعون بجوار شاحنات إمدادات المساعدات المتوقفة على جانب الطريق في هانجو يوم 4 يناير 2025 بعد أن نصب مسلحون كميناً لقافلة مساعدات باكستانية (أ.ف.ب)

مقتل 6 أشخاص جرَّاء هجوم انتحاري جنوب غربي باكستان

لقي 6 أشخاص مصرعهم، وأصيب أكثر من أربعين بجروح، جراء هجوم انتحاري استهدف موكباً لقوات الأمن في منطقة تُربت، بإقليم بلوشستان، جنوب غربي باكستان.


هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.