زيارة وزير الخارجية الكويتي «التاريخية» لرام الله تفتح صفحة جديدة من العلاقات

الشيخ الصباح نقل رسالة من أمير الكويت ووقع اتفاقيتين وبحث التنسيق قبل اجتماع الأمم المتحدة

وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح خالد الصباح يوقع مع نظيره الفلسطيني رياض المالكي اتفاقيتين في رام الله أمس بحضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح خالد الصباح يوقع مع نظيره الفلسطيني رياض المالكي اتفاقيتين في رام الله أمس بحضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أ.ف.ب)
TT

زيارة وزير الخارجية الكويتي «التاريخية» لرام الله تفتح صفحة جديدة من العلاقات

وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح خالد الصباح يوقع مع نظيره الفلسطيني رياض المالكي اتفاقيتين في رام الله أمس بحضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح خالد الصباح يوقع مع نظيره الفلسطيني رياض المالكي اتفاقيتين في رام الله أمس بحضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أ.ف.ب)

فتحت الزيارة الاستثنائية لنائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح خالد الصباح إلى رام الله، أمس، صفحة جديدة بين فلسطين والكويت بعد سنوات من العلاقة الفاترة التي أعقبت عقدين من القطيعة التامة بسبب موقف منظمة التحرير الفلسطينية من الغزو العراقي للكويت في أغسطس (آب) 1990.
وعبر الفلسطينيون عن سعادتهم بزيارة الضيف الكبير وأهمية ذلك، وقال الصباح في رام الله التي حظي فيها باستقبال دافئ إنه «في غاية السعادة بهذه الزيارة التاريخية إلى فلسطين».
واستقبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) الشيخ الصباح في رام الله بعد أن زار الأخير المسجد الأقصى وصلى فيه. وتسلم منه رسالة من أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، تؤكد على تعزيز التعاون والتنسيق، قبل أن يوقع الطرفان الفلسطيني والكويتي اتفاقيتين للتعاون المشترك.
وتعد هذه أول زيارة رسمية لمسؤول كويتي للأراضي الفلسطينية منذ عام 1967، وكانت العلاقات بين السلطة والكويت انقطعت لأكثر من 22 سنة، بسبب تأييد منظمة التحرير الاجتياح العراقي للكويت، ولكن في أبريل (نيسان) من العام الماضي افتتح عباس رسميا سفارة فلسطين لدى الكويت، وذلك بعد سنوات من تقديمه (عباس) في ديسمبر (كانون الأول) 2004 اعتذارا للكويت على الموقف الفلسطيني المساند للغزو العراقي، وإثر محاولات وزيارات لإعادة العلاقات إلى طبيعتها.
ووصل الشيخ الصباح إلى رام الله، أمس، على متن طائرة أردنية قادما من عمان، وكان في استقباله أمين عام الرئاسة الفلسطينية الطيب عبد الرحيم، ووزير الخارجية رياض المالكي، وسفير فلسطين لدى الكويت رامي طهبوب، ثم ذهب إلى الأقصى وعاد إلى رام الله مجددا، والتقى عباس، ومن ثم غادر عائدا إلى الكويت.
وبعد الصلاة في المسجد الأقصى، قال في رحابه إنه جاء «لنقل تحيات ومحبة الشعب والقيادة الكويتية لفلسطين وشعبها وقيادتها». وأضاف: «نتابع ما يجري في فلسطين وما تقدمونه للحفاظ على المقدسات، والأقصى محل اهتمامنا وسيبقى كذلك إن شاء الله، وكل الدعم الذي تقدمه الكويت سوف يستمر؛ فالكويت معكم وستظل».
وقال وزير الخارجية الكويتي في مؤتمر صحافي بعد لقائه الرئيس الفلسطيني: «أنا في غاية السعادة بهذه الزيارة التاريخية إلى فلسطين. المباحثات مع الرئيس محمود عباس تناولت جانب العلاقات الثنائية بين البلدين، وتطور الأوضاع في المنطقة، والخطوات المقبلة للقضية الفلسطينية».
وأضاف الصباح: «تشرفت بنقل رسالة خطية من أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح إلى الرئيس محمود عباس، تضمنت تعزيز العلاقات، واستعراض كل سبل الارتقاء بالعلاقات، وتبادل وجهات النظر حول القضايا في المنطقة، كون الكويت تترأس القمة العربية، ولجنة متابعة مبادرة السلام العربية، ويهمنا الاطلاع على رأي الرئيس عباس والتشاور والتنسيق حول الخطوات المقبلة».
وتابع: «وقعنا اتفاقيات مهمة ستعطينا مظلة واسعة للتنسيق والتعاون في مجالات متعددة، والتنسيق والتشاور بين وزارتي خارجية البلدين، في الخطوات المقبلة، بما يتعلق بالوفد الوزاري برئاسة الكويت ووزير خارجية كل من: فلسطين، الأردن، مصر، موريتانيا، والأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي، الذي سيجتمع بالرئيس عباس في نيويورك على هامش الدورة المقبلة للجمعية العامة». وأضاف: «سنستثمر وجود 130 رئيس دولة ورئيس حكومة للتباحث حول الخطوات القادمة بالتنسيق مع الرئيس محمود عباس». وأردف: «سعدنا بأجواء المباحثات التي تعكس عمق ومتانة العلاقات المشتركة، وأشكر الرئيس عباس على كل ما لاقيناه في الزيارة من حفاوة الاستقبال وحسن الضيافة».
وكانت الجامعة العربية دعمت أخيرا خطة عباس لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي عبر الرجوع إلى حدود 1967 أو التوجه إلى مجلس الأمن والانضمام إلى المؤسسات الدولية.
ووقع الصباح مع المالكي اتفاقيتين «في غاية الأهمية»، حسب تعبير وزير الخارجية الفلسطيني الذي أوضح خلال المؤتمر الصحافي أن «الأولى تتعلق بإنشاء لجنة وزارية تكون بمثابة مظلة جامعة بين الطرفين للبحث في كيفية تعميق هذه العلاقات الأخوية نحو الأفضل، والثانية تتعلق بإنشاء لجنة مشاورات سياسية بين وزارتي الخارجية في فلسطين والكويت».
وأكد المالكي أن عباس بحث مع الضيف الكويتي الكبير «العلاقات الثنائية وكيفية تطويرها، خاصة أن هذه الزيارة تمثل منعطفا مهما في هذه العلاقة لأنها تفتح صفحة جديدة لتعميقها وتعزيزها».
وقال المالكي: «قيّمنا خلال اللقاء الأوضاع في المنطقة ككل، وهي هامة لفلسطين والكويت أيضا، وتطرقنا إلى الترتيبات الجارية لعقد الجمعية العامة للأمم المتحدة، وكيفية الاستفادة من الحضور المكثف لزعماء دول العالم لترجمة ما اتفق عليه في اجتماع وزراء الخارجية العرب حول الذهاب إلى مجلس الأمن لتقديم مشروع قرار يتعلق بتحديد سقف زمني لإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وفق حل الدولتين».
وتابع: «المناقشات كانت في أجواء إيجابية، ما يعكس قوة العلاقات الثنائية الحالية بين دولتي الكويت وفلسطين.. نحن سعداء بهذه الزيارة الهامة، التي نتمنى تكرارها».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.