تكرر انقطاع الكهرباء في طرابلس يحاصر حكومة «الوفاق»

TT

تكرر انقطاع الكهرباء في طرابلس يحاصر حكومة «الوفاق»

يشتكي كثير من مواطني العاصمة الليبية من انقطاع التيار الكهربائي في مناطق عدة بالعاصمة، وتخفيف الأحمال لمدد طويلة، ما دفع مجموعة من الإعلاميين والصحافيين إلى التظاهر في ميدان الجزائر، تنديداً بتردي الأوضاع، في وقت تبحث فيه حكومة «الوفاق» أسباب وتداعيات الأزمة.
وعقد وزراء بحكومة «الوفاق» اجتماعات عدة على مدار اليومين الماضيين لتدارك الأوضاع، التي تسببت في غضب قطاع واسع من المواطنين، ومطالبتهم بإقالة المسؤولين عما سموه «كارثة إنسانية».
في المقابل، تقول حكومة «الوفاق» إنها أنفقت نحو 3.5 مليار دولار لشراء معدات لقطاع الكهرباء. لكن الاقتصادي الليبي الدكتور محسن الدريجة رأى في تعليقه على الأزمة أن المشكلة لا تزال قائمة، «لأن المسؤولين عن هذا القطاع يفكرون بطرق تقليدية قديمة». واصطفّ عشرات الإعلاميين والصحافيين في ميدان الجزائر بالعاصمة، مساء أول من أمس، احتجاجاً على انقطاع التيار الكهربائي لمدد طويلة في مناطقهم، ما ألحق أضراراً بقطاعات كثيرة، من بينها محال بيع المواد الغذائية والصيدليات، وبعض المشافي الخاصة.
وأطلقت الصحافية لبنى يونس، التي شاركت في الوقفة الاحتجاجية «هاشتاغ»، «صرخة مواطن أطلقوا سراح الكهرباء»، وقالت أمس عبر حسابها على «فيسبوك» إن شركة الكهرباء «ارتكبت جريمة ضد المواطنين».
ورفع المحتجون لافتات تندد بتقاعس الحكومة في مواجهة الأزمة، التي قالوا إنها تؤثر بشكل حاد ومباشر على المواطنين، في ظل ارتفاع درجات حرارة الطقس هذا الشهر. كما تفاعل كثير من رواد التواصل الاجتماعي مع الـ«هاشتاغ»، ووعدوا بالخروج في وقفات احتجاجية مماثلة.
وعكست اللافتات جانباً من غضب المحتجين؛ حيث كُتب على بعضها «تسقط إدارة شركة الكهرباء»، و«بلد النفط بلا كهرباء». كما نددوا بالحرب على طرابلس، التي تسبب في «تدمير البنية التحية لشركة الكهرباء»، بما فيها «احتراق محولات وخطوط نقل التيار، وخاصة في الضواحي الجنوبية من العاصمة».
وقال توحيدي عبد الله، أحد أبناء طرابلس، إن «أزمة انقطاع التيار الكهربائي تتزايد في العاصمة، ولا نرى حلولاً حقيقية من حكومة الوفاق»، مبرزاً أن «الحرب تسببت بشكل كبير في تردي مستوى قطاع الكهرباء، وذلك بسبب احتراق كثير من المولدات، نتيجة الاشتباكات المسلحة، وقصف خطوط نقل التيار بالصواريخ».
من جهته، طالب المجلس البلدي لسوق الجمعة خلال اجتماع عمداء بلديات طرابلس، أول من أمس، بإحالة كل من تولى إدارة الشركة منذ عام 2012 للتحقيق، والمقارنة بين حجم الإنفاق بالنتائج، وكشف أسباب فشل النهوض بالقطاع. بالإضافة إلى عدم التجديد لمجلس إدارة الشركة العامة للكهرباء، الذي انتهت ولايته. وخلال الأيام الماضية، اضطر عدد من المواطنين في جلّ مناطق العاصمة إلى إغلاق طرق رئيسية، واعتبروا أن شركة الكهرباء لا تساوي بين البلدات في تخفيف الأحمال، ما يعرض مناطق للظلم.
وكان فتحي باشا آغا، وزير الداخلية في حكومة «الوفاق»، قد توعد بالتعامل بحزم مع أي اعتداء مسلح على أي مرفق تابعة لشركة الكهرباء، أو محطات الوقود. وقالت وزارة الداخلية، في بيان عبر صفحتها على «فيسبوك»، إن باشا آغا أتاح للأجهزة الأمنية «إمكانية التعامل وفق قواعد الاشتباك، والرد بإطلاق النار على مثل هذه الاعتداءات، حفاظاً على حياة الناس وأرزاقهم».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».