هادي يبحث مع المبعوث الأممي تصحيح مسار تنفيذ اتفاق استوكهولم

غريفيث يدين أحكام الإعدام الحوثية ضد أبرياء في اليمن

TT

هادي يبحث مع المبعوث الأممي تصحيح مسار تنفيذ اتفاق استوكهولم

التقى الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، مساء أمس، المبعوث الخاص لأمين عام الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث.
وتناول اللقاء، الذي حضره الفريق ركن علي محسن صالح، ورئيس الوزراء الدكتور معين عبد الملك، جملة من القضايا والموضوعات المتصلة بالسلام وآفاقه المتاحة والممكنة، فيما جدد الرئيس هادي موقفه الدائم تجاه السلام، وتحمله العديد من التحديات والصعاب في سبيل تحقيق ذلك الهدف لمصلحة اليمن وطناً ومجتمعاً.
من جانبها، وصفت الحكومة اليمنية لقاء الرئيس هادي مع المبعوث الخاص مارتن غريفيث، بالإيجابي، حيث تطرق اللقاء إلى جملة من الموضوعات العالقة، وأبدت تحفظاتها على أداء المبعوث الأممي، ومنها تصحيح مسار تنفيذ اتفاق استوكهولم المتعلق بانسحاب الميليشيات الانقلابية من الموانئ الثلاثة ومدينة الحديدة، للانخراط في العملية السلمية.
وقالت وكالة الأنباء اليمنية «سبأ»، إن الرئيس هادي لفت إلى مواقف الأمم المتحدة والمجتمع الدولي الإيجابية مع اليمن وشرعيته الدستورية في هذا الإطار منذ عملية التحول التي شهدتها البلد، واختيار اليمنيين الحوار سبيلاً لحل خلافاتهم وتحديد شكل دولتهم في توافق وطني غير مسبوق عبر مؤتمر الحوار الوطني و«دعم الأشقاء والأصدقاء»، من خلال المبادرة الخليجية والقرارات الأممية ذات الصلة، في مقدمتها القرار 2216، التي ارتد عليها الانقلابيون الحوثيون لتنفيذ أجندة إيران في اليمن والمنطقة، وتجاه الشرعية والمرجعيات الثلاث التي لا يمكن أن يقبل شعبنا المساس بها.
وأشار الرئيس اليمني إلى دعم الأمم المتحدة لليمن وشرعيته الدستورية وتعزيز أواصر العلاقة مع الأمين العام للأمم المتحدة، ومدى الثقة بحرصه على اليمن واليمنيين، وقال الرئيس: «لقد وجهنا فريقنا في لجنة إعادة الانتشار باستئناف العمل مع الجنرال مايكل لوليسغارد، والتعامل بإيجابية كاملة، لتصحيح مسار تنفيذ اتفاق الحديدة، وقد بدأت اجتماعاتهم أمس... وللأسف بلغنا تعنت وصلف الميليشيا الحوثية مجدداً».
وأكد هادي أنه لا بد من الاتفاق بوضوح على أن تنفيذ اتفاق استوكهولم يعد مفتاح الدخول لمناقشة الترتيبات اللاحقة، لافتاً إلى أهمية تحقيق تقدم في الملف الإنساني، وفقاً لجهود المبعوث في هذا الإطار، على قاعدة الكل مقابل الكل.
وقال محمد الحضرمي، نائب وزير الخارجية اليمني لـ«الشرق الأوسط»، إن الاجتماع الذي كان بطلب غريفيث إيجابي بشكل عام، ويتوافق مع توجهات الحكومة في المضي نحو السلام وفق البنود والاتفاقات الدولية، خصوصاً أن الرئيس هادي أكد خلال الاجتماع أنه والشعب اليمني حريصون على السلام، ومن هذا المنطلق وجهت الحكومة منذ الوهلة الأولى بضرورة الانخراط بإيجابية مع جهود المبعوثين الأمميين.
من جانبه، أكد المبعوث الأممي مارتن غريفيث، تجديد أواصر التقدير والاحترام لمواصلة العمل المشترك لخدمة السلام، الذي يعمل ويؤكد عليه الرئيس هادي في مختلف لقاءاته، وقال: «سنعمل معاً على تنفيذ مسارات السلام وفق المرجعيات الثلاث مع تركيزنا الآني على المرحلة الأولى من اتفاق الحديدة»، معبراً عن شكره للفريق الحكومي الميداني وحضوره تلك اللقاءات متجاوزاً الصعوبات والعراقيل.
وعبر عن إدانته لأحكام الإعدام التي اتخذها الحوثيون تجاه 30 مواطناً يمنياً، كما أدان الاستهدافات التي طالت منشآت مدنية في السعودية، والتي قال إنها «لا تخدم السلام وتزيد مساراته تعقيداً»، لافتاً إلى العمل مع الحكومة لتفعيل جوانب التعاون الاقتصادي والتنموي. ورحبت الحكومة، خلال لقائها، باستجابة وتفاعل الأمين العام للأمم المتحدة مع ملاحظات اليمن التي رفعتها الحكومة في وقت سابق ضمن محاضر رسمية على أداء المبعوث، وبعد أن تلقت الحكومة الاستجابة لهذه الملاحظات وجه الرئيس اليمني للانخراط في العملية السلمية، على أن تترجم هذه الاستجابة على أرض الواقع، وأن يكون ذلك واضحاً على أداء المبعوث، لافتاً إلى أن الحكومة ستراقب بكل حرص إحاطة المبعوث الخاص، يوم الخميس المقبل، أمام مجلس الأمن، ونأمل أن تكون واضحة بما يكفي للانتقال للمرحلة المقبلة.
وقال الوزير الحضرمي إن الاجتماع ناقش جملة من الموضوعات العالقة، ومنها ضرورة أن تكون إحاطة المبعوث في مجلس الأمن واضحة، لأنها الوسيلة المناسبة لقضية الضغط على الانقلابيين، كذلك جرت مناقشة تصحيح المسار في المرحلة المقبلة.
وعرج نائب الوزير إلى الملاحظات التي طرحتها الحكومة اليمنية في وقت سابق، ومن أبرزها أن المبعوث الأممي «لا يلتزم بفضح الطرف المعرقل»، وقال: «أوضحنا نحن مراراً للمبعوث أن عدم كشف انتهاكات الحوثيين أمام مجلس الأمن لا يسهل مهمته، بل يصعبها، ونعتقد كحكومة يمنية أن الرسالة وصلت للسيد غريفيث».
وناقش اجتماع الحكومة اليمنية مع غريفيث، قضية 36 شخصاً أصدرت الميليشيات الانقلابية أحكاماً بالإعدام ضدهم، إذا أوضح الحضرمي أن الحكومة استنكرت هذه الأحكام غير القانونية، لأنها من محاكم غير شرعية، إضافة إلى أن هؤلاء الأشخاص وردت أسماؤهم في اتفاقية تبادل الأسرى التي جرى التوقيع عليها في وقت سابق، وقال: «أخبرنا المبعوث الخاص أن عرضهم للمحاكمة مناورة سياسية لإضعاف جهود المبعوث الخاص، وإثبات سوء النوايا».
وعن تصحيح المسار، قال الحضرمي: «كانت هناك ملاحظات من الحكومة، تلتها استجابة من الأمم المتحدة، والحكومة أعادت الانخراط بإيجابية، وهو ما يأتي على أساس تصحيح المسار، ومن ذلك المرحلة الأولى من تنفيذ اتفاق الحديدة... ومسألة تصحيح المسار تأتي ضمن تنفيذ المرحلة الأولى من الخطوة الأولى، وبعدها ننتقل للمرحلة الثانية، ومن ثم تنفيذ اتفاق استوكهولم، وننتقل للمرحلة الأخيرة لحل ما تبقى من إشكاليات».


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».