«حماس» تتبرأ من تصريحات عضو مكتبها السياسي

الحركة استنكرت الاعتداءات على اليهود الآمنين

TT

«حماس» تتبرأ من تصريحات عضو مكتبها السياسي

تبرأت حركة «حماس» من تصريحات مسؤول كبير في الحركة، أمس، دعا فيها إلى قتل اليهود أينما وجدوا، وقالت إن تصريحاته لا تمثل سياساتها. كما أثارت تصريحات عضو في المكتب السياسي لحركة «حماس» حضّ فيها الفلسطينيين على مهاجمة اليهود «قتلاً وذبحاً» في مختلف أنحاء العالم، تنديداً من مسؤولين إسرائيليين وفلسطينيين ومن مبعوث الأمم المتحدة.
وأصدر المكتب السياسي للحركة، وهو أعلى هيئة تنظيمية، بياناً عقب فيه على تصريحات عضو المكتب فتحي حماد، التي وردت في الخطاب الجماهيري أمام المحتشدين في مسيرات العودة، قائلة: «إن هذه التصريحات لا تعبر عن مواقف الحركة الرسمية، وسياستها المعتمدة والثابتة، التي نصت على أن صراعنا مع الاحتلال الذي يحتل أرضنا ويدنس مقدساتنا، وليس صراعاً مع اليهود في العالم، ولا مع اليهودية كدين، وسبق أن استنكرت الحركة الاعتداءات التي استهدفت يهوداً آمنين في أماكن عبادتهم».
وكان حماد قد أمهل إسرائيل الجمعة الماضي «أسبوعاً واحداً»، لتنفيذ تفاهمات التهدئة قبل تفجير الموقف. وأضاف: «معاكم أسبوع يا إسرائيل، إذا لم يرفع الحصار فلن نموت واقفين، سنموت ونحن نجز رؤوسكم».
ثم قال إن حركته جهزت مصانع أحزمة ناسفة لإرسال الشبان والبنات إلى الحدود، وإنها جاهزة لتفجير الإسرائيليين «جاهزون لتفجيرهم... ستقتلون بأحزمتنا. شغلنا مصانع جديدة للأحزمة. مين بدو راح يصف على الدور. ليسمع العدو. سنموت ونحن نفجر ونقطع رقاب اليهود».
ودعا حماد أهل الضفة الغربية و7 ملايين فلسطيني في الخارج إلى قتل اليهود أينما وجدوهم: «يجب أن نهجم على أي يهودي ذبحاً وقتلاً». وتحدث عن صواريخ مطورة ووحدات إضافية لاستهداف الإسرائيليين.
وهذه ليست أول مرة يهدد فيها مسؤول في «حماس» بالتصعيد؛ لكنها سابقة فيما يخص الدعوة لشن هجمات خارج فلسطين، والمرة الأولى التي يتحدث فيها مسؤول رسمي عن استهداف اليهود وليس الإسرائيليين، بعدما غيرت «حماس» ميثاقها، وأسقطت منه العداء لليهود، وركزت فقط على الاحتلال.
كما هاجم حماد الوسيط المصري ضمناً بقوله: «نقول للوسطاء الموجودين في غزة، بأننا لن نسكت ولا نقبل باعتذار العدو بقتله (عنصراً من «حماس») وسنثأر له. لن نسكت، لن نسكت أيها الوسطاء»
وأضاف: «هذه رسالة للوسطاء ولإسرائيل. إذا لم يكسر الحصار فلن نسكت... لدينا الكثير. بتفكرونا عقال؟ لا، نحن لسنا عاقلين».
ورفضت «حماس» ما جاء على لسانه بخصوص الوسيط المصري، وكذلك طبيعة المسيرات، وليس فقط فيما يتعلق باليهود. وقالت «حماس»: «إن مسيرات العودة مسيرات شعبية سلمية تهدف إلى تثبيت حق العودة وكسر الحصار المفروض على قطاع غزة، وإن الإجماع الوطني على شعبيتها وسلميتها لا يعني السماح للاحتلال بالتغول على المتظاهرين السلميين وقتلهم واستهدافهم».
وأضافت: «نجدد تقديرنا الكبير للوسطاء كافة، وفي مقدمتهم الأشقاء المصريون، على جهودهم لكسر الحصار المفروض على قطاع غزة، وتحقيق الوحدة الوطنية».
وكانت تصريحات حماد قد أثارت جدلاً واسعاً وانتقادات، ووصفتها وسائل إعلام إسرائيلية بـ«هدايا ثمينة».
وقال عوفير جيندلمان، المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إن هذه التصريحات تظهر «ما هي (حماس)». وكتب على «تويتر»: «(حماس) تقف وراء أعمال الشغب على حدود غزة. (حماس) بنت مصانع للسترات الناسفة... (حماس) تريد قتل اليهود في مختلف أنحاء العالم». وأضاف: «الآن تعلمون لماذا نحمي الحدود مع غزة من (حماس)».
وندّد أمين سرّ اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، بتصريحات حماد. وكتب عريقات على «تويتر»: «القيم العادلة للقضية الفلسطينية تشمل العدالة والمساواة والحرية والمحبة. تصريحات القيادي في حركة (حماس) فتحي حماد المقيتة حول اليهود لا تمت بصلة إلى قيم النضال الفلسطيني. يجب عدم استخدام الدين لأغراض سياسية».
كما ندد مبعوث الأمم المتحدة نيكولاي ملادينوف، بأقوال حماد، معتبراً إياها «خطيرة ومقيتة وتحريضية! يجب أن يدينها الجميع بشكل واضح».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».