المرزوقي: «قوى التغيير» المعارضة سوف تترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة

الرئيس التونسي السابق انتقد جهات داخلية وأجنبية بإذكاء فتيل التطرف في البلاد

TT

المرزوقي: «قوى التغيير» المعارضة سوف تترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة

أعلن المنصف المرزوقي، الرئيس التونسي السابق، خلال أول مؤتمر إعلامي كبير ينظمه في تونس منذ مغادرته قصر قرطاج قبل نحو 5 أعوام، أن «قوى التغيير في تونس» ستشارك في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية القادمة، ضمن تحالف انتخابي سوف يقدم مرشحين في كل جهات البلاد.
ورفض المرزوقي أمس تقديم تفاصيل عن هذه الجبهة الانتخابية، التي ينتسب إليها وتسعى إلى توحيد جبهة من معارضي السلطات الحالية، بدعم من رئيس الحكومة الأسبق حمادي الجبالي، والمعارض الحقوقي عبد الرؤوف العيادي، وشخصيات سياسية سبق لها أن انشقت عن أحزاب الائتلاف الحكومي في مرحلة 2011 – 2013، ضمن ما عرف بـ«الترويكا»، التي جمعت سياسيين من اليسار المعتدل، وقوميين عروبيين وقياديين من حركة النهضة.
وقلّل المرزوقي في كلمته خلال مؤتمر أمس من دلالات استطلاعات الرأي، التي نشرت مؤخرا ومنحته وحزبه «الحراك»، وحلفاءه الافتراضيين في الانتخابات القادمة، نسبا ضعيفة من نيات التصويت. وشكك في مصداقية المؤسسات التي أعدت الاستطلاعات، واتهمها خلال مؤتمر إعلامي نظمه مركز دراسات استراتيجية، برئاسة وزير الخارجية الأسبق رفيق عبد السلام، بالانحياز لعائلات ثرية، تحتكر منذ عشرات السنين ثروات تونس، ولأبرز مؤسسات صنع القرار فيها.
كما قلل الرئيس التونسي السابق من جدية الاستطلاعات، التي رجحت فوز شخصيات وأحزاب «شعبوية» بالأغلبية في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة، ومن بينها المحامية عبير موسي، زعيمة حزب ينتسب إلى النظام السابق، وحزب «قلب تونس» الذي يتزعمه رجل الأعمال نبيل القروي، مالك قناة تلفزية خاصة، لديها إشعاع كبير منذ 15 عاما في تونس والدول المغاربية.
ودعا المرزوقي من وصفهم بـ«أنصار التغيير والإصلاح في تونس وبقية الدول العربية» إلى عدم الرهان على وعود الدول الأوروبية والغربية التي تعلن دعمها للديمقراطية والإصلاح السياسي، والانتقال السلمي للسلطات في الدول العربية: «لكنها لا تبرهن عن ذلك عبر إجراءات عملية» حسب تعبيره، متهما قادتها باعتماد «سياسة الكيل بمكيالين» و«الخطاب المزدوج». وفي هذا الصدد استدل المرزوقي بالمفاوضات المطولة التي أجراها عندما كان رئيسا لتونس خلال نهاية 2011 و2014 مع قادة فرنسا وإيطاليا وألمانيا وبريطانيا، وعدد من قادة العواصم الغربية، من أجل إلغاء ديون تونس الموروثة عن عهد زين العابدين بن علي، وتحويلها إلى استثمارات تساهم في مكافحة الفقر والبطالة والإرهاب والتطرف.
وقال المرزوقي في هذا السياق: «كنا نحصل على وعود... لكننا لم نحصل على أموال. وقد تواصل الخطاب المزدوج بعد انتخابات 2014، إذ لم تقدم الدول الغربية دعما ماليا يذكر للدولة التونسية، ولمسار الانتقال السياسي الديمقراطي، رغم تنويهها بنزاهة الانتخابات وإيجابية أجواء انتقال السلطة».
من جهة أخرى، انتقد الرئيس السابق جهات تونسية وأجنبية، لم يسمها، بسبب دعم التطرف والإرهاب في تونس، ومحاولة افتعال أزمة خانقة جديدة في البلاد، بعد أن راجت أخبار عن مرض الرئيس الباجي قائد السبسي، واحتمال تدهور صحته بشكل خطير، بما كان سيتسبب في إحداث فراغ سياسي مؤقت. واتهم المرزوقي هذه الأطراف أيضا بالضغط على الزر الأحمر «يوم الخميس الأسود»، أي في 27 من يونيو (حزيران) الماضي، وهو اليوم الذي نفذت فيه العمليات الإرهابية ضد مواقع استراتيجية وسط العاصمة تونس، وعلى الحدود الجزائرية - التونسية فور تأكدها من مرض الرئيس السبسي، ونقله إلى المستشفى العسكري في وضعية حرجة.
واعتبر المرزوقي أن هدف هذه «الأطراف» هو إرباك المسار الانتخابي والسياسي التعددي، ودفع البلاد مجددا نحو مناخ شبيه بما وقع في 2013 عندما تعاقبت العمليات الإرهابية، وحوادث الاغتيال السياسي، بهدف دفع البلاد نحو الفوضى الشاملة، التي أوشكت أن تتسبب وقتها في إجهاض المسار الديمقراطي التعددي، حسب تعبيره.
وتابع المرزوقي موضحا: «هناك لوبيات داخلية وأجنبية أفشلت الثورات العربية. لكن مشروع الثورة المضادة فشل، وستنتصر الشعوب العربية عاجلا أو آجلا، عبر فرض الانتقال السلمي للسلطة، والإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي عبر الاحتكام لصناديق الاقتراع».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».