التوترات التجارية الأميركية ـ الصينية قد تنعكس سلباً على أوروبا

التوترات التجارية الأميركية ـ الصينية قد تنعكس سلباً على أوروبا
TT

التوترات التجارية الأميركية ـ الصينية قد تنعكس سلباً على أوروبا

التوترات التجارية الأميركية ـ الصينية قد تنعكس سلباً على أوروبا

من غير المستبعد أن يؤول التحدي الأميركي الصيني في تجارة المعادن النادرة إلى إحداث أضرار اقتصادية جسيمة ستطال مصالح البلدين معاً. ومع أن اليابان تنتمي اليوم إلى عدد قليل من الدول التي نجحت في تنويع وارداتها من هذه المعادن، إلا أن دول الاتحاد الأوروبي وبينها ألمانيا ستعاني كثيراً من الحرب التجارية المستعرة حول هذه المعادن والتي قد تدوم شهوراً عدة وفق توقعات خبراء المعادن الأولية في برلين.
يقول البروفسور الألماني الخبير في تجارة المعادن النادرة والأولية راينهارد شبورير في العاصمة برلين إن تهديدات حكومة بكين بشأن تقليص حصة المعادن النادرة المخصصة للشركات الأميركية رمت حكومة واشنطن في قلب الأسواق الدولية الشرعية والسوداء معاً لتلبية حاجاتها من هذه المعادن مما جعل أسعارها في ارتفاع مستمر منذ أكثر من شهرين.
وتخطط واشنطن حالياً لشراء أكثر من 420 طناً من المعادن النادرة من الأسواق غير الصينية لسد ثغراتها الداخلية، الإنتاجية والصناعية.
ويضيف بأن زيادة الأسعار وضعت الدول الصناعية كافة أمام صعوبة الحصول على المعادن النادرة، كما النيوديميوم المستعمل لصناعة المغناطيس. وبما أن التوترات الأميركية الصينية لم تبق في فلك النظريات إنما تحوّلت إلى واقع مقلق، بدأ البنتاغون الأميركي صوغ شبكة علاقات تجارية مع عدة شركات تعدين في أفريقيا لتنويع تجهيزات المعادن النادرة التي تتراجع كمياتها المستخرجة من باطن الأرض عاماً تلو الآخر، من جهة، والابتعاد عن القبضة الصينية من جهة ثانية. وقد تدفع أوروبا الثمن غالياً هذا العام. فصناعاتها تحتاج بدورها للمعادن النادرة في قطاعات إنتاجية عديدة كما الطب والطاقة.
ويختم شبورير: «قفز سهما شركتي (مكانغو ريسورسز)، التي باشرت تطوير مناجم للمعادن النادرة في جمهورية مالاوي جنوب شرقي أفريقيا، و(راينبو رار إرثز) التي تنتج هذه المعادن في جمهورية بوروندي، وتعتبر المجهّزة الأولى لشركة (تيسن غروب) الألمانية، قفز أكثر من 40 في المائة منذ مطلع الربيع الفائت. كما يتم التداول بسهم شركة (ليناس) الأسترالية، وهي المنتجة العالمية الأكبر للمعادن النادرة خارج الصين، بأسعار هي الأعلى في الأعوام الخمسة الأخيرة. وفي الشهر الفائت نجحت الشركة الأسترالية في مضاعفة رسملتها في البورصات الدولية. هكذا بدأ المستثمرون الألمان سوية مع شركات رؤوس الأموال الأوروبية المغامرة المراهنة على أبرز الشركات العاملة في قطاع المعادن النادرة».
في سياق متصل، تقول الخبيرة تامارا روسيل في مصرف (دويتشه بنك) إن لقاء التهدئة بين الرئيسين الصيني والأميركي في مدينة (أوزاكا) اليابانية لن يردع اللجنة الوطنية الصينية للتنمية والإصلاحات عن اتخاذ الخطوات اللازمة لتنظيم تصدير المعادن النادرة إلى الخارج. وفي مطلق الأحوال، لن تعود الأمور إلى ما كانت عليه الحال سابقاً لا لناحية الأسعار ولا من حيث الكميات المصدّرة.
وتضيف بأن سعر كيلوغرام معدن النيوديميوم قفز أكثر من 30 في المائة منذ شهر مايو (أيار) الفائت ليرسو عند 64 دولاراً تقريباً. وهذا أعلى سقف له منذ شهر يوليو (تموز) من عام 2018. في حين قفز سعر كيلوغرام معدن الديسبروسيوم، المستخدم بدوره في صناعة المغناطيس، أكثر من 14 في المائة ليرسو عند 293 دولار تقريباً. وهذا أعلى سقف له منذ عام 2015.
وتختم القول: «نظراً للتطورات الأخيرة على الساحة الدولية تحاول الشركات الألمانية التمسّك باستقلالية أكبر في تجهيزات المواد الأولية والمعادن النادرة. فالكوبالت والليثيوم، وهما معدنان مستعملان في صناعة بطاريات السيارات، سوية مع النحاس، هي خط أحمر بالنسبة للصناعات الألمانية. وقد تتسبب التقلبات القوية في أسعار هذه المعادن بصدمة حادة تصيب عمق المحرك الإنتاجي الألماني. لذا يحاول الاتحاد الأوروبي المحافظة على علاقات تجارية متوازنة مع الصين وروسيا تجعل الدول الأوروبية بمنأى عن أي انتقام تجاري خارجي يستهدفها. علماً بأن ألمانيا سوية مع الدول المجاورة لها عانت في الماضي من عقوبات روسية غير مباشرة استهدفت التلاعب بإمدادات الغاز، المستعمل للتدفئة، إلى أوروبا».



صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
TT

صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)

كشف الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش أن الولايات المتحدة تخطط لفرض عقوبات على المورد الرئيسي للغاز لصربيا الذي تسيطر عليه روسيا.

وقال الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش لهيئة الإذاعة والتلفزيون الصربية إن صربيا أُبلغت رسمياً بأن قرار العقوبات سيدخل حيز التنفيذ في الأول من يناير (كانون الثاني)، لكنه لم يتلقَّ حتى الآن أي وثائق ذات صلة من الولايات المتحدة، وفق «رويترز».

تعتمد صربيا بشكل شبه كامل على الغاز الروسي الذي تتلقاه عبر خطوط الأنابيب في الدول المجاورة، ثم يتم توزيع الغاز من قبل شركة صناعة البترول الصربية (NIS)، المملوكة بحصة أغلبية لشركة احتكار النفط الحكومية الروسية «غازبروم نفت».

وقال فوسيتش إنه بعد تلقي الوثائق الرسمية، «سنتحدث إلى الأميركيين أولاً، ثم نذهب للتحدث إلى الروس» لمحاولة عكس القرار. وأضاف: «في الوقت نفسه، سنحاول الحفاظ على علاقاتنا الودية مع الروس، وعدم إفساد العلاقات مع أولئك الذين يفرضون العقوبات».

ورغم سعي صربيا رسمياً إلى عضوية الاتحاد الأوروبي، فقد رفضت الانضمام إلى العقوبات الغربية ضد روسيا بسبب غزوها أوكرانيا، ويرجع ذلك جزئياً إلى شحنات الغاز الروسية الحاسمة.

وقال فوسيتش إنه على الرغم من التهديد بالحظر، «لست مستعداً في هذه اللحظة لمناقشة العقوبات المحتملة ضد موسكو».

وعندما سئل عما إذا كان التهديد بفرض عقوبات أميركية على صربيا قد يتغير مع وصول إدارة دونالد ترمب في يناير، قال فوسيتش: «يجب علينا أولاً الحصول على الوثائق (الرسمية)، ثم التحدث إلى الإدارة الحالية، لأننا في عجلة من أمرنا».

ويواجه الرئيس الصربي أحد أكبر التهديدات لأكثر من عقد من حكمه الاستبدادي. وقد انتشرت الاحتجاجات بين طلاب الجامعات وغيرهم في أعقاب انهيار مظلة خرسانية في محطة للسكك الحديدية في شمال البلاد الشهر الماضي، ما أسفر عن مقتل 15 شخصاً في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني). ويعتقد كثيرون في صربيا أن الفساد المستشري والمحسوبية بين المسؤولين الحكوميين أديا إلى العمل غير الدقيق في إعادة بناء المبنى، الذي كان جزءاً من مشروع سكة ​​حديدية أوسع نطاقاً مع شركات حكومية صينية.