الموفد الدولي إلى سوريا ينطلق في جولته الإقليمية من لبنان ويؤكد على إيجاد حل للأزمة

قال بعد لقائه رئيس الحكومة: تداعياتها على لبنان خطيرة ومعقدة

ستيفان دي ميستورا
ستيفان دي ميستورا
TT

الموفد الدولي إلى سوريا ينطلق في جولته الإقليمية من لبنان ويؤكد على إيجاد حل للأزمة

ستيفان دي ميستورا
ستيفان دي ميستورا

أكد الموفد الدولي الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا أنه مصمم على محاولة إيجاد «وسائل جديدة وكل أنواع الصيغ الممكنة للتخفيف من معاناة الشعب السوري والتوترات في المنطقة»، واصفا تداعيات الأزمة السورية على لبنان بـ«الخطيرة والمعقدة».
وأشار دي ميستورا بعد لقائه رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام إلى أنه ارتأى الانطلاق بجولته الإقليمية من لبنان، بعد محادثات «مفيدة» أجراها في دمشق. وقال: «اليوم كنت مستمعا أكثر مما كنت متحدثا لأنه، على الرغم من خبرتي السابقة، كان علي أن أطلع على النتائج الخطيرة والمعقدة، وعلى الثمن الذي يدفعه لبنان والشعب اللبناني بسبب ما يحصل في الخارج وخصوصا في سوريا».
وأوضح دي ميستورا أنه وبعد انتهاء جولته الإقليمية، سيرفع تقريره إلى الأمين العام للأمم المتحدة «عما توصلت إليه في هذه المرحلة الأولية، وأتمنى أن نتمكن من المساهمة في حل الأزمة السورية التي أخذت وقتا طويلا».
ولفت دي ميستورا إلى أنه لا يمكنه الحديث بإمكانية إعادة إحياء قرار جنيف الأول كونه لا يزال في بداية مهمته، «ولكن ما أستطيع قوله إنني مصمم على القيام بما طلب مني الأمين العام للأمم المتحدة في محاولة إيجاد وسائل جديدة وكل أنواع الصيغ الممكنة للتخفيف من معاناة الشعب السوري والتوترات في المنطقة».
ويبلغ عدد اللاجئين السوريين المسجلين لدى مفوضية الأمم المتحدة في لبنان مليون و185 ألفا. وبحسب دراسة أعدها البنك الدولي، فإن المصاريف المباشرة للخزينة اللبنانية لتأمين الخدمات الإضافية للنازحين السوريين بلغت 1.1 مليار دولار. ونبه البنك الدولي من أن 170 ألف لبناني سيكونون تحت خط الفقر بإطار التداعيات السورية على لبنان. وكان دي ميستورا التقى الرئيس السوري بشار الأسد الخميس الماضي، مؤكدا على ضرورة مواجهة «المجموعات الإرهابية»، على أن يترافق ذلك مع حلول سياسية جامعة للأزمة السورية، بينما اعتبر الأسد أن «مكافحة الإرهاب باتت أولوية في سوريا والمنطقة».
يُذكر أن الأمين العام للأمم المتحدة عين دي ميستورا مبعوثا للأمم المتحدة إلى سوريا في شهر يوليو (تموز) خلفا للمبعوث السابق الأخضر الإبراهيمي الذي استقال في الماضي، وسط استبعاد قوى المعارضة أن يحرك تكليفه خرقا على مستوى «الحل السياسي في سوريا»، كون الأولويات في هذا الوقت «تتجه إلى محاربة (داعش)».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.