الحريري يدعو لمعالجة أزمة الجبل «بهدوء» وجنبلاط منفتح على «الحلول المقبولة»

التحقيق استدعى مرافقي الوزير الغريب... لكنهم امتنعوا عن الحضور

TT

الحريري يدعو لمعالجة أزمة الجبل «بهدوء» وجنبلاط منفتح على «الحلول المقبولة»

نفى رئيس الحكومة سعد الحريري، أن يكون هناك أي تعطيل لمجلس الوزراء على ضوء الأزمة الناتجة عن أحداث الجبل، الأسبوع الماضي، مؤكداً أنه هو من طلب «إرجاء الجلسة لأن الجو كان متشنجاً، وما حصل لم يكن بسيطاً، ولكن بالهدوء يمكن معالجته».
ويبذل رئيس الحكومة سعد الحريري، جهداً كبيراً مع الرئيس اللبناني ميشال عون، لحل المشكلات الناتجة عن تداعيات أحداث الجبل، من غير أن ينفي زواره أن هناك بعض الإيجابية «لكنها تحتاج لبذل جهودٍ أكبر وتفاهم من الأطراف السياسية».
والتقى الحريري، أمس، الرئيس ميشال عون، وقال بعد اللقاء في قصر بعبدا: «بحثت وفخامة الرئيس في الشؤون العامة بالبلاد، على رأسها المساعي الرامية إلى تهدئة نتائج حادثة قبرشمون، لا سيما أن مشروع الموازنة يفرض نفسه في الأسبوع المقبل». وأضاف: «المواطن اللبناني همه الاقتصاد، وعلينا التركيز على الاقتصاد، ونتوقف عن الحديث في السياسة ليرتاح البلد. كما أن الصراخ السياسي والتعبئة التي لا تفيد المواطنين ولا تأتي بالكهرباء لا توصل إلى أي نتيجة». وقال إن «التركيز يجب أن يكون على العمل الذي ينتظره اللبنانيون».
وفيما يواصل الحريري حركته لتطويق ذيول الأشكال وتفعيل الحكومة، آخرها استقباله رئيس «الحزب الديمقراطي اللبناني» النائب طلال أرسلان ووزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب، للمرة الأولى منذ أزمة أحداث الجبل، أبدى رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب السابق وليد جنبلاط، انفتاحه «على كل الحلول الممكنة والمقبولة فيما يتعلق بحادثة البساتين»، لكن توقف عند استبعاد عناصر موكب الوزير الغريب من استدعائهم للتحقيق، قائلاً: «المنطق أن الموكب المدجج بالسلاح، الذي فتح طريقه بالنار، والذي أدى إلى سقوط ضحايا يعتبر من الشهود، وبالتالي لا يُسلَّم الفاعلون فيه، هو منطق يحتقر الحد الأدنى من الالتزام بتحقيق عادل».
ورد رئيس «الحزب الديمقراطي اللبناني» النائب طلال أرسلان، على تغريدة جنبلاط من دون أن يسميه قائلاً: «بلا مزايدات واحتقار وتسخيف للذي حصل... حاضرون لتسليم كل الشهود والمطلوبين إذا كان هنالك مطلوبون عند طلبهم، عندما يستقيم المسار القضائي... بدءاً بالوزير المغدور أخينا صالح الغريب».
وتحدثت معلومات، أمس، عن تمنع مرافقي الوزير الغريب عن الحضور إلى التحقيق، وهو ما سيعقد الاتصالات، إذ ذكرت قناة «إم تي في» أن «التحقيقات في حادثة قبرشمون توصلت إلى تحديد مطلقي النار من الجانبين»، وكشفت عن معلومات عن «استدعاء شهود من عناصر موكب الوزير الغريب إلى التحقيق للاستماع إلى مشاهداتهم، إلا أنهم امتنعوا عن الحضور».
وكرر «الاشتراكي» تأكيده أن الجميع يجب أن يكونوا تحت سقف القانون، إذ قال النائب السابق غازي العريضي، بعد زيارته متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران إلياس عودة «إن المؤسسات هي لكل اللبنانيين، وترعى شؤونهم، ويجب على الحكومة أن تتعاطى مع كل قضية انطلاقاً من المؤسسات والقانون ممن دون الاستعلاء، ويجب على اللبنانيين جميعاً أن يكونوا تحت سقف القانون».
ورغم ذلك، لا يزال الرئيس الحريري على إيجابيته، إذ قال الأمين العام لحزب «الطاشناق»، النائب هاغوب بقرادونيان، بعد لقائه ووزير السياحة أواديس كيدانيان بالرئيس الحريري: «لا تزال أجواء الرئيس الحريري إيجابية، وهو في حركة مستمرة، ويبارك كل التحركات، ويبذل جهداً كبيراً مع الرئيس عون لحل المشكلات القائمة، لا سيما تداعيات أحداث الجبل. الانطباع الذي خرجنا به من عند الرئيس أن هناك بعض الإيجابية، لكنها تحتاج لبذل جهود أكبر وتفاهم من الأطراف السياسية».
وتطرق بقرادونيان إلى موضوع الموازنة، قائلاً إن «الرئيس حريص على تطبيق بنود الموازنة بعد الموافقة عليها من قبل المجلس النيابي، ونحن للأسف الشديد ككتلة نواب الأرمن، وقبل أحداث الجبل، دعونا الأطراف السياسية إلى إيقاف إطلاق المواقف عالية النبرة والخطاب السياسي العالي، لأننا كنا نرى أن البلد لا يتحمل، خصوصاً أننا في موسم الصيف والسياحة، ونحن نتكل على هذا الموسم. اليوم يعاني المواطن من المشكلات، جزء منها نعرفه، والجزء الآخر لا نعرفه، وأعتقد أن للمواطن الحق بمطالبة جميع المسؤولين بوقفة ضمير لمساعدة المواطنين ولبنان لنستطيع جميعاً الخروج من هذه الأزمة».
في غضون ذلك، أكد أرسلان بعد لقائه الحريري، أمس، أن «ما حصل في الجبل أخيراً غير مقبول، ومسؤولية الدولة وهيبتها والعيش المشترك والسلم الأهلي كلها مهددة».
وقال أرسلان: «تم تسليم عدد ضئيل من المطلوبين، وما حصل ليس إشكالاً، فقد تم إقفال طريق عامة بوجه وزير وإصابة سيارته الخاصة بـ19 طلقة، كما أصيبت كل السيارات في الموكب». وأكد «أننا منفتحون على كل الحلول، لكن هذا لا يعني أن نسمح بأن يكون الشهداء الأحياء والأموات عرضة للسياسة قضائياً وأمنياً». ولفت أرسلان إلى أن «الحريري حريص على الدور الذي يقوم به اللواء إبراهيم، ونأمل التوصل إلى نتائج ترضي الحق، ونحن مع المسار القضائي الصحيح بتحويل المسألة إلى المجلس العدلي».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».