نهر جليدي «غير مستقر» يهدد مدن العالم الساحلية

نهر ثوايتس الجليدي (ناسا)
نهر ثوايتس الجليدي (ناسا)
TT

نهر جليدي «غير مستقر» يهدد مدن العالم الساحلية

نهر ثوايتس الجليدي (ناسا)
نهر ثوايتس الجليدي (ناسا)

ذكرت دراسة نشرتها الأكاديمية الوطنية الأميركية للعلوم، أن ذوبان «الصفائح الجليدية» في القطب الجنوبي، وبخاصة أحد أكبر الأنهار الجليدية «غير المستقرة»، يمكن أن يُسرع بشكل كبير من ارتفاع مستوى سطح البحر.
وحسب الدراسة، فإنه حتى لو لم يحدث المزيد من التغير المناخي في المستقبل، فمن المرجح أن تصبح طبقات الجليد في القارة القطبية الجنوبية غير مستقرة، و«مع استمرار زعزعة استقرار الأنهار الجليدية، فسترتفع مستويات سطح البحر بسرعة أكبر وبشكل متزايد»، بحسب ما نقلت مجلة «تايم» الأميركية.
واعتمد علماء المناخ الذين قاموا بقياس النتائج المحتملة لذوبان الجليد في قاع العالم، على دراسة أجريت على نهر ثوايتس الجليدي، وهي منطقة كبيرة في حجم ولاية فلوريدا في غرب القارة القطبية الجنوبية، وتعتبر أكثر المناطق غير المستقرة في القارة.
وفي وقت سابق من هذا العام، اكتشفت دراسة تقودها وكالة الفضاء الأميركية «ناسا» أن تجويفاً عملاقاً قد نشأ وتطور تحت ثوايتس؛ مما يسلط الضوء على نسب ذوبان متسارعة «غير متوقعة».
وحذرت هيلين سيروسي، العالمة بوكالة «ناسا»، أنه يمكن أن يفقد نهر ثوايتس كل جليده خلال 150 عاماً؛ ما يرفع مستوى البحر بأكثر من نصف متر.
ويغطي النهر الجليدي العملاق مساحة 182 ألف كم مربع، وفي حال ذوبانه فسترتفع مستويات البحر العالمية نحو 0.61 متر؛ ما يتسبب في فيضانات ساحلية تهجّر مئات الآلاف من منازلهم.
وما يقلق «ناسا» أكثر هو تأثير ثوايتس على الأنهار الجليدية المجاورة؛ إذ إن النهر الجليدي يشكل «الدعم» الذي يمنع الأنهار الأخرى من الذوبان.
وكان هناك ارتفاع نحو 20 سم في مستوى سطح البحر في آخر 120 عاماً، وترتفع مستويات سطح البحر حالياً بمعدل 3.3 ملليمتر سنوياً، وارتفعت بمقدار 91 ملم منذ عام 1993. وفقا لوكالة «ناسا».
وحسب الدراسة، فإن المدن الساحلية في جميع أنحاء العالم معرضة للخطر إذا استمرت مستويات البحر في الارتفاع، ولا بد من الاستعداد لهذا من خلال تكييف البنية التحتية واتخاذ الإجراءات التي من شأنها منع تفاقم المشكلة.



مايوت... أفقر أقاليم فرنسا تجهد لمحو آثار الإعصار المدمّر

شابّة تسير وسط الدمار بمنطقة مبويوغو في مايوت (أ.ب)
شابّة تسير وسط الدمار بمنطقة مبويوغو في مايوت (أ.ب)
TT

مايوت... أفقر أقاليم فرنسا تجهد لمحو آثار الإعصار المدمّر

شابّة تسير وسط الدمار بمنطقة مبويوغو في مايوت (أ.ب)
شابّة تسير وسط الدمار بمنطقة مبويوغو في مايوت (أ.ب)

بعد أسبوع من أسوأ إعصار يضربها منذ ما يقرب من قرن، لا تزال جزيرة مايوت الفرنسية الفقيرة الواقعة في المحيط الهندي تجهد لإحصاء عدد القتلى واستعادة الخدمات الأساسية ومساعدة السكان المحاصرين، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

والمستشفيات التي تعاني بشكل دائم نقصاً في الإمكانات تكتظ بالمرضى الذين يعانون ليس من الإصابات المرتبطة بالإعصار «شيدو» فحسب، بل أيضاً من الجفاف وسوء التغذية والأمراض. وفي المستشفى الرئيس في مايوت بالعاصمة مامودزو، يواجه الأطباء سلسلة من الأزمات.

وقال الدكتور روجيه سرحال، رئيس قسم التوليد وأمراض النساء في المستشفى: «فقدنا 40 في المائة من غرف المرضى؛ أي نحو 50 إلى 60 سريراً. هناك الكثير من المرضى يأتون إلى المستشفى، وليس لدينا مكان لاستقبالهم».

وفي ظل الإعصار الذي ضرب الأرخبيل في نهاية الأسبوع الماضي مصحوباً برياح سرعتها 220 كيلومتراً في الساعة، أجبرت الأضرار البنيوية التي لحقت بالمستشفى الموظفين على فرز المرضى، وإعطاء الأولوية لأكثر الحالات شدة.

تم تأكيد وفاة خمسة وثلاثين شخصاً حتى أمس (الجمعة) في مايوت، لكن وزيرة الصحة الفرنسية جنفييف داريوسيك، حذرت من أن أي تقديرات من المرجح أن تكون أقل بكثير من الأعداد الحقيقية «مقارنة بحجم الكارثة».

سيندو محمدي يجلس على السرير في المستشفى بعدما أصيب خلال مرور الإعصار «شيدو» (أ.ب)

* دمار شامل

دمرت العاصفة أحياء بأكملها، وتجاهل العديد من الناس التحذيرات، معتقدين أن العاصفة لن تكون شديدة للغاية. والأسوأ من ذلك أن العديد من المهاجرين تجنبوا الملاجئ خوفاً من الترحيل، حسبما قالت السلطات، مضيفة أنه قد يكون هناك مئات أو ربما آلاف الوفيات.

ويخشى الأطباء أن يؤدي نقص المياه النظيفة والكهرباء إلى أزمة صحية. وقال الدكتور فنسان جيل، مدير الطوارئ الطبية في المستشفى: «يأتي المرضى لأن أمراضهم لم تعالَج، ولا ماء ولا كهرباء. نحن قلقون بشأن الأوبئة، مثل تفشي مرض الكوليرا الذي أوقفناه قبل أشهر فقط».

ويواصل طاقم المستشفى العمل بلا كلل، لكن الموارد تنفد بشكل مقلق. وقال سرحال: «إذا هطلت الأمطار سيكون الأمر كارثياً».

من بين المرضى الراقدين في المستشفى، سيندو محمدي (54 عاماً) الذي كُسرت ذراعه والتوى كاحله أثناء العاصفة التي دمرت منزله تماماً. وقال: «أمي مريضة، وأنا مريض، وأحد أطفالي الستة مريض. عائلتي بحاجة إلى تناول الطعام، وبما أني الشخص الذي يحصّل الرزق، فليس لدى أمي وأطفالي شيء الآن».

وأضاف: «لست وحدي. هناك الكثير منا فقدوا كل شيء. أريد من الحكومة أن تهتم بنا، وأن تمنحنا الطعام ومكاناً للنوم».

يُذكر أن مايوت التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، هي أرخبيل يقع بين مدغشقر والقارة الأفريقية. ومما يزيد الاكتظاظ أن قرابة 100 ألف مهاجر يعيشون فيها.

وعانى أفقر أقاليم فرنسا ما وراء البحار لفترة طويلة من الإهمال ونقص الاستثمار؛ لذا يعيش نحو 75 في المائة من سكان مايوت في فقر، في حين أن البنية التحتية للأرخبيل غير مجهزة لتحمل كارثة بهذا الحجم.

نساء يغسلن ملابس في أحد شوارع مامودزو عاصمة مايوت بما جمعنه من مياه الأمطار (أ.ب)

وبينما تبذل سلطات باريس جهوداً لتقديم المساعدات الطارئة، بما في ذلك النقل الجوي للمياه والغذاء، تبقى الحاجات كبيرة بالنظر لحجم الكارثة. ولا يزال مطار مايوت مغلقاً أمام الرحلات المدنية بسبب الأضرار، الأمر الذي يعرقل الخدمات اللوجستية.

وأقر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال زيارته مايوت أمس (الجمعة)، بخطورة الوضع وتعهد بإعادة البناء. لكنه واجه انتقادات من السكان المحبطين من بطء وتيرة المساعدات. وقدرت وزارة الداخلية الفرنسية أن 70 في المائة من السكان تأثروا بشكل خطير، وأن العديد منهم أصبحوا بلا مأوى وعرضة للخطر بعد هذه الكارثة الطبيعية.