استكمال التحقيق في أحداث الجبل ينتظر قيام أرسلان بتسليم مشبوهين

TT

استكمال التحقيق في أحداث الجبل ينتظر قيام أرسلان بتسليم مشبوهين

تترقب الأوساط السياسية النتائج التي يمكن أن تترتب على الاتصالات التي يتولاها المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، والتي تلقى ترحيباً من جميع الأطراف، لاستيعاب الارتدادات الأمنية والسياسية الناجمة عن حادثة قبر شمون، وإخراج البلد من حالة التأزّم التي ستؤدي في حال استمرت إلى تعطيل دور الحكومة وإلى اقتراب البلد من الانهيار الاقتصادي.
ومع أن اللواء إبراهيم ما زال يتحرك في كل الاتجاهات، فإن هناك ضرورة لإضفاء أجواء إيجابية على المشاورات التي يقوم بها، وإن كانت حتى الساعة، كما قالت مصادر وزارية لـ«الشرق الأوسط»، لم تؤدِّ إلى السيطرة على التأزم السياسي. ولفتت المصادر إلى أن مهمة إبراهيم ما زالت تتراوح بين هبّة باردة وأخرى ساخنة، لكنه يرفض الاستسلام أو التسليم بأن مهمته أصبحت مستحيلة، وقالت إن جميع الأطراف تتعامل مع ما يطرحه بإيجابية وانفتاح؛ وإن كان بعضها لا يزال يتعامل بحذر.
وكشفت المصادر نفسها عن أن اللواء إبراهيم يحاول من خلال لقاءاته شبه اليومية مع رئيس «الحزب الديمقراطي اللبناني» النائب طلال أرسلان إقناعه بضرورة التجاوب مع طلبه بأن يبادر إلى تسليم الأشخاص الذين هم الآن موضع شبهة من أجل تسهيل التحقيقات الأمنية التي تجريها «شعبة المعلومات» في قوى الأمن الداخلي بتكليف من النيابة العامة التمييزية، رغم أنها تقتصر حالياً على محازبين ومناصرين تابعين لـ«الحزب التقدمي الاشتراكي» الذي كان رئيسه وليد جنبلاط بادر إلى تسليمهم للاشتباه بضلوعهم في الحادثة.
وأكدت المصادر نفسها أن أرسلان أبدى تفهّماً لطلب اللواء إبراهيم ووعد بدراسة طلبه، لكن حتى الساعة لم يترجم هذا التفهّم إلى خطوة ملموسة من شأنها أن تساعد على إجراء تحقيق أمني متوازن بإشراف النيابة العامة التمييزية. ورأت أن هناك ضرورة لإضفاء طابع من التوازن على التحقيق الأمني بعيداً عن الابتزاز والتهويل، وقالت إن مجرد اقتصاره على محازبين ومناصرين ينتمون لـ«التقدمي» يعني أن من يرفض التجاوب مع مهمة اللواء إبراهيم يتطلع إلى إلصاق تهمة جاهزة بفريق دون الآخر، وبالتالي تحميله كامل المسؤولية عما جرى في الجبل.
وعدّت المصادر أن تجاوب أرسلان مع طلب اللواء إبراهيم يشكّل المعبر الإلزامي لإجراء تحقيق أمني متوازن تمهيداً لإحالته إلى القضاء، على أن يُقرِّر الخطوات القضائية اللاحقة في ضوء ما يتوصل إليه، بدلاً من إصرار البعض على حرق المراحل وصولاً إلى استهداف «التقدّمي». وأكدت أن التجاوب مع طلب أرسلان ومن خلاله بعض القوى السياسية بإحالة حادثة الجبل إلى المجلس العدلي في غياب الآلية القضائية المعتمدة في هذا الخصوص، سيلقى معارضة ولن يعبر إلى طاولة مجلس الوزراء.
وقالت إن مستشار رئيس الحكومة الوزير السابق غطاس خوري كان نقل رسالة شفوية من الحريري إلى رئيس الجمهورية ميشال عون، وأن الأخير وعد بأن يجري مشاورات مع عدد من الأطراف من دون أن يحسم موقفه حيال رغبة الحريري في انتظار نتائج التحقيق الأمني للتأكد مما إذا كانت حادثة الجبل كانت نتيجة مخطط لدى «التقدّمي» لاغتيال الوزير صالح الغريب، أم إنها تصب في خانة تهديد السلم الأهلي والاعتداء على أمن الدولة.
ورأت المصادر أن من غير الجائز القفز فوق ما سيتوصل إليه التحقيق الأمني الذي لن يكتمل إلا بعد قيام أرسلان بتسليمه المشتبه بهم من محازبيه أو مناصريه، وقالت: «أما إذا كان هناك من يخطط سياسياً - وهذا ما ينطبق على (التيار الوطني الحر) - لتحميل (التقدمي) المسؤولية حيال الحادثة؛ فإن الرئيس الحريري وأطرافاً أخرى ليسوا في وارد تمرير أي محاولة لاستهداف جنبلاط».
وأكدت المصادر الوزارية أنه لا بد من التريث إلى أن ينتهي الرئيس عون من الاتصالات والمشاورات التي قرر أن يجريها، وعدّت أن ما يشاع عن حدوث بعض التقدّم لم يُترجم إلى خطوات تنفيذية تبدأ بتجاوب أرسلان بتسليم مطلوبين من حزبه. وترى المصادر أن الرئيس الحريري باقٍ على موقفه في قطع الطريق على إقحام الحكومة في اشتباك سياسي سيؤدي إلى تعطيلها، رغم أن الجميع يقرّ بأن دفع الأمور في هذا الاتجاه سيأخذ البلد إلى المجهول.



​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
TT

​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)

يتكبد المزارعون اليمنيون خسائر كبيرة بسبب موجة الصقيع التي تشهدها البلاد بفعل الموجة الباردة التي تمر بها منطقة شبه الجزيرة العربية تزامناً مع عبور منخفض جوي قطبي، فيما يحذر خبراء الأرصاد من اشتدادها خلال الأيام المقبلة، ومضاعفة تأثيراتها على السكان والمحاصيل الزراعية.

واشتكى مئات المزارعين اليمنيين في مختلف المحافظات، خصوصاً في المرتفعات الغربية والوسطى من تضرر محاصيلهم بسبب الصقيع، وتلف المزروعات والثمار، ما تسبب في خسائر كبيرة لحقت بهم، في ظل شحة الموارد وانعدام وسائل مواجهة الموجة، مع اتباعهم طرقاً متعددة لمحاولة تدفئة مزارعهم خلال الليالي التي يُتوقع فيها زيادة تأثيرات البرد.

وشهد عدد من المحافظات تشكّل طبقات رقيقة من الثلج الناتجة عن تجمد قطرات الندى، خصوصاً فوق المزروعات والثمار، وقال مزارعون إن ذلك الثلج، رغم هشاشته وسرعة ذوبانه، فإنه أسهم في إتلاف أجزاء وكميات من محاصيلهم.

وذكر مزارعون في محافظة البيضاء (270 كيلومتراً جنوب شرقي صنعاء) أن موجة الصقيع فاجأتهم في عدد من الليالي وأتلفت مزروعاتهم من الخضراوات، ما دفعهم إلى محاولات بيع ما تبقى منها قبل اكتمال نضوجها، أو تقديمها علفاً للمواشي.

خضراوات في محافظة عمران أصابها التلف قبل اكتمال نضجها (فيسبوك)

وفي مديرية السدة التابعة لمحافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، اشتكى مزارعو البطاطس من تلف الثمار خلال الأيام الماضية، بينما كانوا ينتظرون اكتمال نضوجها للبدء في تسويقها ونقلها إلى منافذ البيع.

ويعتزم غالبية المزارعين التوقف عن الزراعة خلال الأسابيع المقبلة حتى تنتهي موجة الصقيع، مشيرين إلى أن تأثير الموجة يكون أشد على المزروعات في بداية نموها، بينما يمكن للمزروعات التي نمت بشكل كافٍ أن تنجو وتكمل نموها، إلا أنها لن تصل إلى مستوى عالٍ من الجودة.

أسبوع من الخطر

في غضون ذلك حذّر مركز الإنذار المبكر في محافظة حضرموت السكان من موجة برد شديدة، وتشكّل الصقيع على مناطق الداخل، خلال الأيام المقبلة، داعياً إلى اتخاذ أقصى التدابير، واتباع الإرشادات الصحية للوقاية من ضربات البرد القارس، واستخدام وسائل التدفئة الآمنة مع رعاية كبار السن والأطفال من تأثيراتها.

طفلة يمنية بمحافظة تعز تساعد عائلتها في أعمال الزراعة (فيسبوك)

ونبّه المركز المزارعين لضرورة اتباع إرشادات السلامة لحماية محاصيلهم من آثار تشكل الصقيع المتوقع تحديداً على المرتفعات والأرياف الجبلية في مختلف المحافظات.

وخصّ بتحذيراته الصيادين والمسافرين بحراً من اضطراب الأمواج، واشتداد الرياح في مجرى المياه الإقليمية وخليج عدن وحول أرخبيل سقطرى في المحيط الهندي، وسائقي المركبات في الطرق الطويلة من الغبار وانتشار العوالق الترابية نتيجة هبوب رياح نشطة السرعة، وانخفاض مستوى الرؤية الأفقية.

وطالب المركز باتخاذ الاحتياطات لتجنيب مرضى الصدر والجهاز التنفسي مخاطر التعرض للغبار خاصة في المناطق المفتوحة والصحراوية.

وتتضاعف خسائر المزارعين في شمال اليمن بسبب الجبايات التي تفرضها الجماعة الحوثية عليهم، فعلى الرغم من تلف محاصيلهم بسبب الصقيع، فإن الجماعة لم تعفهم من دفع المبالغ المقررة عليهم، خصوصاً أنها - كما يقولون - لجأت إلى فرض إتاوات على محاصيلهم قبل تسويقها وبيعها.

طبقة من الثلج تغطي خيمة نصبها مزارع يمني لحماية مزروعاته من الصقيع (إكس)

ومن جهتهم، حذّر عدد من خبراء الأرصاد من خلال حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من موجة برد شديدة تستمر حتى مطلع الأسبوع المقبل، على مختلف المناطق والمحافظات، بما فيها الصحارى، وتصل فيها درجة الحرارة إلى ما دون الصفر، مع احتمالات كبيرة لإتلاف مختلف المزروعات والمحاصيل.

صقيع وجراد

وتؤثر موجات الصقيع على أسعار الخضراوات والفواكه بسبب تراجع الإنتاج وارتفاع تكلفته، وإلى جانب ذلك تقل جودة عدد من المنتجات.

وأوضح خبير أرصاد في مركز الأرصاد الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية أن كتلة هوائية قطبية بدأت، أخيراً، التقدم باتجاه المناطق الشمالية والصحراوية، مع هبوب الرياح الشمالية الجافة، متوقعاً أن تسهم في إثارة ونقل كميات كبيرة من الغبار يمتد تأثيرها إلى خارج البلاد.

يمني في محافظة ذمار يتجول على دراجته ملتحفاً بطانية (فيسبوك)

ووفق الخبير الذي طلب التحفظ على بياناته، بسبب مخاوفه من أي عقوبات توقعها الجماعة الحوثية عليه بسبب حديثه لوسائل إعلام غير تابعة لها، فمن المحتمل أن تكون هذه الكتلة الهوائية القطبية هي الأشد على البلاد منذ سنوات طويلة، وأن تمتد حتى السبت، مع وصول تأثيراتها إلى كامل المحافظات.

وبيّن أن التعرض للهواء خلال هذه الفترة قد يتسبب في كثير من المخاطر على الأفراد خصوصاً الأطفال وكبار السن، في حين سيتعرض كثير من المزروعات للتلف، خصوصاً في المرتفعات والسهول المفتوحة، مع احتمالية أن تنخفض هذه المخاطر على المزارع في الأودية والمناطق المحاطة بالمرتفعات.

ووفقاً للخبراء الزراعيين، فإن الصقيع يتسبب في تجمد العصارة النباتية في أوراق النباتات وسيقانها الطرية، وبمجرد شروق الشمس، وتغيّر درجات الحرارة، تتشقق مواضع التجمد أو تذبل، تبعاً لعوامل أخرى.

تحذيرات أممية من عودة الجراد إلى اليمن خلال الأسابيع المقبلة (الأمم المتحدة)

وطبقاً لعدد من الخبراء استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم، فإن تأثيرات الصقيع تختلف بحسب تعرض المزارع للرياح الباردة، إلا أن تعرض المزروعات للرياح الباردة في المرتفعات لا يختلف كثيراً عن وقوع نظيرتها في الأودية والسهول تحت تأثير الهواء الساكن شديد البرودة.

وفي سياق آخر، أطلقت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) تحذيراً من غزو الجراد في اليمن، بعد انتشار مجموعات قليلة منه على سواحل عدة دول مطلة على البحر الأحمر، بما فيها السواحل اليمنية.

وتوقعت المنظمة في تقرير لها أن تزداد أعداد الجراد وتتكاثر في اليمن خلال فصل الشتاء، وأن تتجه الأسراب إلى سواحل البحر الأحمر للتكاثر، ما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في أعداد الجراد في المنطقة، بما يشمل اليمن.

ويعدّ الجراد من أكثر التهديدات التي تواجهها الزراعة في اليمن، ويخشى أن يؤثر وصول أسرابه إلى البلاد على الأمن الغذائي.