غضب وتهديد حكومي بعد قرار حوثي بإعدام 30 ناشطاً

«الشرعية» تقرر تعليق التفاوض حول ملف الأسرى

TT

غضب وتهديد حكومي بعد قرار حوثي بإعدام 30 ناشطاً

أصدرت محكمة خاضعة للميليشيات الحوثية في صنعاء، أمس، أحكاماً غير قانونية، قضت بإعدام 30 ناشطاً يمنياً من المعتقلين في سجون الجماعة منذ سنوات، في سياق عمليات الانتقام السياسي التي تقودها ضد معارضي الانقلاب، وإرهاب السكان من التمرد على حكمها الطائفي.
ولقيت الأحكام الحوثية غضباً حكومياً وحقوقياً، وسط نداءات لتدخل المجتمع الدولي والأمم المتحدة لوقف تنفيذ هذه الأحكام الصادرة عن محكمة غير قانونية، بعد أن كانت الحكومة الشرعية قد وجهت بإلغائها ونقلها إلى مأرب.
وفي أول رد حكومي، وجه رئيس لجنة الأسرى الحكومية رئيس الفريق المفاوض حول ملف الأسرى والمعتقلين الشيخ هادي الهيج نداء إلى المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث للتدخل الفوري، وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن الحكومة ستقرر عدم المضي في التفاوض حول هذا الملف، إذا لم يتدخل غريفيث للضغط من أجل وقف تنفيذ هذه الأحكام غير القانونية المتعارضة مع اتفاق السويد.
وأوضح الهيج أن أي أحكام تصدر ضد ناشطين سياسيين غير قانونية، مشيراً إلى أن هذا التصرف الحوثي قد يدفع الحكومة الشرعية إلى إقامة محاكمات مماثلة لعناصر الجماعة الانقلابية الموجودين في قبضتها، وهو الأمر الذي (بحسب تعبيره) سيؤدي إلى مزيد من التوتر.
وشدد الهيج على أن ما صدر من أحكام لهذه المحكمة غير الشرعية بحق الناشطين السياسيين هو تصرف غير قانوني، ويصب في تعليق ملف الأسرى، وصولاً إلى القضاء عليه.
وقال: «إن الحوثيين نسوا أن التوقيع على اتفاق استوكهولم نص على أن هذا الملف ملف إنساني لا يخضع لأي جوانب سياسية أو عسكرية أو غيرها، بشهادة وإشراف الأمم المتحدة الراعية للاتفاق».
وأضاف المسؤول الحكومي: «نصدر هذا النداء بصوت عالٍ ولغة واضحة: إذا لم يكن للمبعوث الأممي ومكتبه موقف ضد هذه التصرفات، فلا ينتظروا منا السير في هذا الملف (ملف الأسرى والمعتقلين)».
وذكرت مصادر حقوقية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن المحكمة الحوثية المتخصصة في قضايا أمن الدولة والإرهاب، المعروفة بالمحكمة الجزائية المتخصصة، أصدرت أحكامها بإعدام 30 ناشطاً يمنياً، بينهم أساتذة جامعيون، بعد أن وجهت لهم تهماً بالتخابر لمصلحة الشرعية والتحالف الداعم لها.
وقضى منطوق الحكم الحوثي، في القضية المعروفة بقضية الـ36 بإعدام 30 منهم شنقاً وتعزيراً، ومن بينهم أستاذ اللسانيات في جامعة صنعاء الدكتور يوسف البواب.
وذكرت المصادر أن الميليشيات وجهت تهماً لبعض المختطفين لديها، زاعمة أنهم قاموا بها في أثناء وجودهم في المعتقل، وهو ما جعل الجماعة في الأخير تتراجع عن إصدار أحكام بإعدام 6 ناشطين.
من جهتها، استنكرت وزارة حقوق الإنسان اليمنية بأشد العبارات الأحكام الحوثية، ووصفت المحاكمة بالصورية والهزلية، وقالت إنها «منعدمة الولاية، بحسب قرار مجلس القضاء الأعلى».
وجاء ذلك في بيان رسمي للوزارة، ذكرت فيه إعلان الميليشيات أنها ستنفذ أحكام الإعدام خلال 15 يوماً، واصفة الأحكام بأنها «جريمة يندى لها جبين البشرية ضد أناس مدنيين اختطفوا من بيوتهم، وظلوا في حالة إخفاء قسري، ليتم إظهارهم بعد ذلك في المعتقلات الوحشية للميليشيات».
وأضاف البيان: «ومع استمرار المطالبات بإطلاق سراحهم، ضمن كل من قامت الميليشيات باختطافهم، وطالبت بهم الحكومة الشرعية مراراً، بل وقبلت بمبادلتهم بأسرى حرب أخذوا في المعارك المختلفة مع الميليشيات، فإن تعنت ميليشيات الحوثي في تنفيذ ما جاء في اتفاق استوكهولم بخصوص الأسرى والمختطفين ظهر في هذه المحاكمات الصورية، عبر قضاء غير شرعي أقرب ما لديه هو أحكام الإعدام التي اعتدنا أن نسمعها في محاكمات لا تزيد مدتها على دقائق».
وطالبت الوزارة المجتمع الدولي والمنظمات الدولية والمبعوث الأممي إلى اليمن بسرعة التحرك لإنقاذهم، مشيرة إلى أنه «ليس لهم من جرم إلا أنهم يعيشون في مناطق تسيطر عليها الميليشيات الكهنوتية»، بحسب البيان.
وقالت الوزارة إنها أعدت بلاغاً بهذا الشأن سيقدم إلى المقرر الخاص المعني بالحق في حرية الرأي والتعبير، والمقرر الخاص المعني بحالات الإعدام خارج القضاء، أو بإجراءات موجزة أو تعسف في مجلس حقوق الإنسان.
وأثارت الأحكام الحوثية غضباً في الأوساط الحقوقية اليمنية، حيث أدانتها رابطة أمهات المختطفين، وهي منظمة حقوقية يمنية معنية بقضايا المختطفين في السجون، حيث قالت في بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه إنها «تستنكر صدور هذه الأحكام من قبل المحكمة الجزائية المتخصصة المنعدمة الولاية، برئاسة القاضي عبده راجح المعين من قبل جماعة الحوثي المسلحة، الذي أشار إلى أن تنفيذ الحكم سيكون خلال 15 يوماً».
وأشارت الرابطة الحقوقية إلى أن الحوثيين «لم يكتفوا بمحاكمة المختطفين محاكمة هزلية لأكثر من عامين، وإبقائهم مختطفين منذ 3 سنوات، وكذلك تعرضهم للإخفاء القسري لعدة أشهر تعرضوا خلالها لأساليب وحشية من التعذيب النفسي والجسدي، من ضمنها الصعق بالكهرباء، والتعليق والضرب المبرح، ونزع الأظافر، وإدخال الإبر تحت الأظافر، وربط الأعضاء التناسلية بالبوابات، وإجبارهم على التعري الكامل، وشرب مياه المجاري».
وحملت الرابطة الحقوقية في بيانها المجتمع الدولي، وعلى رأسهم الأمم المتحدة ومبعوثها الأممي إلى اليمن، مسؤولية ما آلت إليه قضية المختطفين، كما حملت جماعة الحوثي المسلحة المسؤولية عن حياة وسلامة جميع المختطفين والمخفيين قسراً.
وسبق أن أصدرت الجماعة الحوثية منذ انقلابها عشرات الأحكام بالإعدام والسجن على ناشطين ومدنيين يمنيين، بعد أن لفقت لهم تهماً متنوعة، في صدارتها الزعم بأنهم من أتباع الشرعية، وأنهم يقومون بالتخابر لمصلحتها ولمصلحة تحالف دعم الشرعية، إلى جانب اتهام بعضهم بالانتماء إلى تنظيمات إرهابية.
وكانت الحكومة الشرعية والجماعة الحوثية قد اتفقا في السويد على تحييد ملف المعتقلين والأسرى لديهما، باعتباره ملفاً إنسانياً، على أن يتم التوافق لاحقاً على آليات لإطلاق جميع الأسرى والمختطفين، على مبدأ «الكل مقابل الكل»، غير أن الجماعة الحوثية ابتدعت المزيد من العراقيل أمام تنفيذ الاتفاق.
وحققت المحادثات التي رعتها الأمم المتحدة في العاصمة الأردنية عمان بعض التقدم، إلا أن قادة الجماعة الموالية لإيران رفضوا التوصل إلى نتيجة نهائية، بحسب ما أكده مفاوضو الجانب الحكومي.
وتشير تقارير حقوقية يمنية إلى أن الجماعة الحوثية قد اعتقلت أكثر من 18 ألف شخص منذ انقلابها في صنعاء وبقية المحافظات الخاضعة لها، وأنشأت عشرات السجون والمعتقلات غير القانونية في العاصمة صنعاء ومدن أخرى، مثل ذمار وإب.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.