صداع رئاسي فرنسي بسبب معركة الانتخابات البلدية في العاصمة

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يحضر نفسه لـ«معركة باريس» (رويترز)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يحضر نفسه لـ«معركة باريس» (رويترز)
TT

صداع رئاسي فرنسي بسبب معركة الانتخابات البلدية في العاصمة

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يحضر نفسه لـ«معركة باريس» (رويترز)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يحضر نفسه لـ«معركة باريس» (رويترز)

خرج الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من معركتين سياسيتين «منتصراً» إلى حد بعيد: معركة الانتخابات الأوروبية في مايو (أيار) الماضي، ومعركة اختيار فريق القادة الأوروبيين الخمسة الرئيسيين الذين سيتولون قيادة الاتحاد للسنوات الخمس المقبلة. لكن ثمة معركة سياسية ثالثة تنتظره لا تقل أهمية عن سابقتيها، لا بل إنها بمعنى ما، أكثر أهمية، لأنها تتناول تجذر الحزب الرئاسي «الجمهورية إلى الأمام» في النسيج السياسي والشعبي المحلي، وهي معركة الانتخابات المحلية (البلدية) التي ستجري على دورتين في 23 و30 مارس (آذار) المقبل. طموح الحزب الرئاسي هو الفوز في المدن الرئيسية الثلاث، وهي باريس وليون ومرسيليا. والحال أنه يواجه صعوبات في التوصل إلى تركيبة رابحة بسبب الخلافات الداخلية والطموحات الشخصية.
بيد أن «معركة باريس» بالنسبة لماكرون وحزبه، هي بلا شك، الأهم. فباريس هي العاصمة السياسية والاقتصادية والثقافية والفنية. والبصمة الباريسية تكون حاسمة في بلد اختار منذ قرون وبعكس بلدان أوروبية كبيرة، كألمانيا مثلاً الفيدرالية أو اللامركزية الموسعة مثل إسبانيا. وباريس ومنطقتها تمثل ثلث الثروة الوطنية الفرنسية، ثم إن رئاسة بلدية باريس يمكن أن تشكل رافعة لطموحات رئاسية كما كانت حال الرئيس الأسبق جاك شيراك الذي انتقل من القصر البلدي الواقع في قلب العاصمة، المطل على نهر السين وكاتدرائية نوتردام إلى قصر الإليزيه. كذلك، فإن رئاسة بلدية باريس توفر لصاحبها حضوراً وطنياً ودولياً. وعلى سبيل المثال، فإن كل «زيارة دولة» لكل رئيس تفترض تعريجاً على القصر البلدي.
حتى اليوم، ثمة خمسة مرشحين من الحزب ترك اثنان منهم الحكومة، وهما بنجامين غريفو، الناطق السابق باسم الحكومة، ومنير محجوبي، وزير الدولة للاقتصاد الرقمي، للتفرغ لـ«معركة باريس»، وثالثهما النائب عن الحزب الرئاسي، وعالم الرياضيات سيدريك فيلاني. وكان غريفو المقرب من ماكرون، الذي يعتبره كثيرون مرشحه المفضل، حتى وقت قصير، الأكثر حظاً في أن تختاره لجنة الترشيحات في الحزب ليخوض المعركة ضد رئيسة بلدية باريس الحالية الاشتراكية، آن هيدالغو. إلا أن انسحاب محجوبي لصالح فيلاني أعاد خلط الأوراق من جديد وسط اتهامات من قبل الاثنين لإدارة الحزب بأنها تخلت عن الممارسة الديمقراطية الداخلية، لأنها رفضت مقترحاً يقضي بالاحتكام إلى المحازبين لاختيار أفضل المرشحين. ويُنتظر أن تجتمع اللجنة المذكورة يوم الأربعاء المقبل في جلسات استماع للمرشحين الخمسة، تعمد بعدها إلى الإعلان عن اختيارها، بيد أن عنصراً إضافياً جاء في الساعات الأخيرة ليعرقل هذا السيناريو؛ فقد دعا أنطوان روفناخت، عرّاب رئيس الحكومة السياسي الحالي إدوار فيليب القادم من اليمين، الذي لم ينتسب بعد إلى حزب «فرنسا إلى الأمام» إلى ترشيح الأخير، لأنه يرى فيه الرجل المناسب في المكان المناسب والشخصية الوازنة القادرة على استعادة رئاسة بلدية العاصمة من الاشتراكيين.
وعرض روفناخت الأسباب التي دفعته إلى إطلاق هذا النداء في رسالة نشرتها أمس صحيفة «لو فيغارو» اليمينية.
حقيقة الأمر أن فرضية ترشيح رئيس الحكومة لخوض المنافسة البلدية في العاصمة ليست جديدة. لكن الجديد فيها أنها تصدر قبل أيام قليلة من اجتماع لجنة الترشيحات وعن شخصية تربطها بإدوار فيليب علاقات قديمة. وتجدر الإشارة إلى أن فيليب الذي شغل سابقاً رئاسة بلدية مدينة «لو هافر» كان قد ورث هذا المنصب عن روفناخت نفسه، وبالتالي فإن للثاني تأثيراً حقيقياً على الأول. والحال أن فيليب لم يصدر أي تعليق على دعوة روفناخت. لكنه سابقاً وعندما أُثيرت معه هذه المسألة كان جوابه الذي لا يتغير أنه «مرتاح وسعيد» بما يقوم به على رأس الحكومة.
يعتبر الخبراء السياسيون أن قرار فيليب الاستجابة مربوط إلى حد بعيد بما يريده الرئيس ماكرون، وبما يخطط له، ولكن أيضاً بحظوظ المرشحين للفوز ببلدية العاصمة. ومن بين رؤساء حكومات العهود المتعاقبة، وحده فرنسوا فيون نجح في أن يبقى رئيساً لكل حكومات عهد الرئيس ساركوزي، أي طيلة خمس سنوات، بينما متوسط المدة الزمنية لرئيس الحكومة عامان. وحتى الآن، أمضى فيليب عامين في منصبه الحكومي. ولم يصدر عن ماكرون أي مؤشر يشي بعزمه استبدال رئيس حكومته الذي يظهر له الولاء التام وينفذ سياسته بحرفيتها. لكن مقابل ذلك، ثمة إغراءات قد تدفع فيليب لاختيار الترشح، ومنها أن فوزه بالعاصمة سيمكّنه من البقاء في منصب استراتيجي طيلة ست سنوات بانتظار أن «يحل دوره» للترشح للمنصب الرئاسي.
وثمة عامل آخر يتمتع به فيليب، وهو أنه آتٍ من صفوف اليمين، ما يسهّل التفاهم السياسي بينه وبين اليمين للإطاحة بالرئيسة الاشتراكية. ويرى كثيرون أن تحقيق هدف كهذا يفترض أن ينجح مرشح «الجمهورية إلى الأمام» في عقد صفقة انتخابية مع بعض شخصيات اليمين الذي مُنِي بهزيمة ساحقة في الانتخابات الأوروبية، لا بل إنه في طور الانقراض أو، في حال لم يتوفر له ذلك، أن تكون لديه القدرات لاجتذاب الناخبين المنتمين لصفوف اليمين. لا أحد يتوقع أن يعلن أدوار فيليب عن مشاريعه الانتخابية سريعاً. لكن اقتراب موعد اجتماع لجنة الترشيحات يضعه في موقع حرج بعض الشيء، لأنه سيكون من الصعب على الحزب اختيار مرشح الأسبوع المقبل، ثم التخلي عنه لاحقاً بحجة أن فيليب سيخوض غمار المعركة البلدية في العاصمة.



مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.