تصاعد العنف في منطقة الساحل رغم تمديد مهام بعثة الأمم المتحدة

مصرع 18 جندياً من النيجر بهجوم إرهابي على الحدود مع مالي

TT

تصاعد العنف في منطقة الساحل رغم تمديد مهام بعثة الأمم المتحدة

نفذ إرهابيون مجهولون، أول من أمس (الاثنين)، هجوماً بالسيارات المفخخة ضد وحدة من جيش النيجر، في منطقة إيناتيس غربي النيجر والقريبة من الحدود مع دولة مالي المجاورة، وقد خلف الهجوم 18 قتيلاً في صفوف عناصر الجيش وفق ما أعلنت وزارة دفاع النيجر أمس (الثلاثاء). وقالت الوزارة في بيان رسمي، إن الهجوم نفذه «إرهابيون مجهولون» ضد معسكر تابع لجيش النيجر، وأشارت الوزارة إلى أن الجيش النيجري نجح في «صد الهجوم الإرهابي». وأعلنت الوزارة، أن «الحصيلة الأولية هي التالية: من جهتنا، نأسف لسقوط 18 قتيلاً وفقدان أربعة أشخاص. من جهة العدو، شُلت حركة عدد من الإرهابيين ودُمرت شاحنة بضربات جوية، بالإضافة إلى تدمير آليتين في داخلهما انتحاريون». وبخصوص الضربات الجوية التي تم تنفيذها قالت الوزارة، إنها «تلقت دعماً جوياً من الشركاء الفرنسيين والأميركيين». وتوجد في النيجر قاعدتان جويتان لطائرات درون، إحداهما في العاصمة نيامي تابعة للجيش الفرنسي، وأخرى في مدينة أغاديز تابعة للجيش الأميركي، وتساهم هذه الطائرات المسيرة في مراقبة الصحراء الكبرى وتجميع المعلومات الاستخباراتية عن تحركات الإرهابيين، كما تقدم بعض الإسناد الجوي في بعض الحالات الطارئة، كما يملك الفرنسيون عدة طائرات رفال ومروحيات عسكرية في مطار نيامي العسكري، في إطار تعاون عسكري مع النيجر لمحاربة الإرهاب، ضمن عملية «بركان» العسكرية التي يقودها الفرنسيون في منطقة الساحل الأفريقي.
وتشهد مناطق واسعة من غرب النيجر هجمات إرهابية متكررة تنفذها جماعات إرهابية كثيرة، من ضمنها «جماعة داعش في الصحراء الكبرى» وجماعات أخرى مرتبطة بتنظيم «القاعدة في بلاد المغرب».
وكان الهجوم ذاك الذي وقع نهاية العام الماضي وراح ضحيته ثلاثة عناصر من القوات الخاصة الأميركية وستة جنود نيجريين، في كمين نفذته «داعش»، وكشف عن الوجود العسكري الأميركي الميداني في منطقة الساحل الأفريقي. وكان تنظيم «داعش» الإرهابي قد تبنى شهر مايو (أيار) الماضي هجوماً راح ضحيته 28 جندياً من جيش النيجر، راحوا ضحية كمين وقع في منطقة غربي النيجر، وهو الهجوم الذي دفع مجلس الأمن الدولي إلى التعبير عن قلقه حيال «تدهور الوضع الأمني والإنساني» في منطقة الساحل الأفريقي. وتشهد منطقة الساحل الأفريقي، وبخاصة دولة مالي، تصاعد أعمال العنف التي بدأت تأخذ طابعاً عرقياً في وسط البلاد؛ إذ قتل ما لا يقل عن 23 شخصاً، واعتبر نحو 300 آخرين في عداد المفقودين، خلال هجوم شنّه مسلحون على إحدى القرى وسط مالي نهاية الأسبوع الماضي.
وأعلنت السلطات في دولة مالي عبر بيان رسمي صدر أول من أمس (الاثنين)، أن مسلحين هاجموا قرية تقطنها قبائل «الفولاني» وقتلوا 23 شخصاً، في حين لم يعرف مصير نحو 300 آخرين إلى حد الآن، وفق نص البيان. وأوردت مصادر محلية في وسط مالي أن قريتين أخريين تسكنهما عرقية «الفولاني» تعرضتا مساء الأحد الماضي لهجوم مماثل من قبل مسلحين يعتقد أنهم من عرقية «الدوغون»، دون معرفة حصيلة المعارك، مشيرة إلى أن هذين الهجومين يأتيان ضمن سلسلة من الهجمات الدامية المتبادلة بين الرعاة والمزارعين، التي أججها هذا العام الوجود المتزايد لجماعات إرهابية في المنطقة.
وقال شيخ هارونا سنكاري، رئيس بلدية أوينكورو المجاورة للقرى التي تعرضت للاعتداء، في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية: «هاجم مسلحون نهار الأحد وخلال الليل قرى بيدي وسانكورو وساران وقتلوا 23 من سكانها»، مشيراً إلى أن «الوضع خطير وعلى الجيش أن يتحرك لطمأنة السكان».
وهاجم مسلحون مجهولون قرية أوينكورو، القريبة من القريتين السابقتين، لكنهم وجدوا أن سكان القرية قد فروا نحو الجبال والغابات، فأضرموا النيران في القرية المكونة من أكواخ القصب واستولوا على الماشية.
وكان مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية قد عبّر قبل أيام عن قلقه حيال تصاعد العنف المسلح في منطقة الساحل الأفريقي، معتبراً أن ما يحدث أدى إلى «مستويات غير مسبوقة من النزوح القسري وحالات الطوارئ الإنسانية في المنطقة». وتعيش مالي أوضاعاً أمنية صعبة منذ عام 2012 عندما سيطرت جماعات إرهابية مسلحة على مناطق واسعة من شمال البلاد، وحاولت هذه الجماعات المرتبطة بتنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» أن تقيم إمارة إسلامية في المنطقة، لكن التدخل العسكري الدولي الذي تقوده فرنسا أفشل هذه الخطط عام 2013، لتبدأ حرب عصابات لا تزال مستمرة.



إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.