بعيداً عن الخطوط الأمامية، يمد متطوعون يد المساعدة في الحرب على الرئيس السوري بشار الأسد، إما بطهي الطعام أو تعبئة أكياس التراب أو جمع إطارات السيارات القديمة أو حفر الخنادق، بهدف المساهمة في درء هجوم قوات النظام السوري على الشمال الغربي في البلاد.
ويمثل ذلك جزءاً من المجهود المدني للمساهمة في الدفاع عن آخر معقل رئيسي للمعارضة، من جانب قوات الأسد وحلفائه الروس الذين يقصفون المنطقة منذ أسابيع.
يقول أبو عبدو (51 عاماً) إنه يؤدي دوره بجمع إطارات السيارات القديمة، لكي يحرقها المقاتلون لصنع ستائر الدخان لتحميهم من الطائرات الحربية المعادية. ويضيف وهو يرص الإطارات في الصندوق الخلفي لشاحنة، بمساعدة أبنائه، في مدينة سلقين بمحافظة إدلب شمال غربي سوريا: «نحن نذهب لأماكن تجميع الإطارات القديمة لدى محلات تصليح الإطارات (الكومجية) نأخذ الإطارات للمرابطين والثوار». ويتابع بينما كان اثنان من أبنائه يجلسان أعلى الإطارات المرصوصة في الشاحنة: «هذا الدولاب (الإطار) ليست له قيمة، ولكنه يحميهم، ويشغل العدو، ويحجب عن المقاتلين الطيران بالدخان ويحمي ثوارنا».
وفي السنوات الأخيرة تدفق خصوم الأسد على الشمال الغربي في سوريا من مناطق أخرى في البلاد، انتزعت قوات النظام السيطرة عليها من أيدي المعارضة. وتضم تلك المنطقة محافظة إدلب وأجزاء من محافظات مجاورة، ويقدر أن عدد سكانها يبلغ ثلاثة ملايين نسمة، فر نصفهم تقريباً من القتال إلى مناطق أخرى، وفقاً لما تقوله الأمم المتحدة.
ويهتم كثيرون بالعمل على صد الهجوم على الشمال الغربي لعدم وجود أي مكان آخر يفرون إليه. ولهذا الغرض أطلق ناشطون ومشايخ ودعاة سوريون حملة شعبية في مايو (أيار) تحت شعار «ارمِ معهم بسهم». ويعمل متطوعون في مطبخ بمدينة الأتارب في إعداد 2000 وجبة كل يوم للمقاتلين في إطار تلك الحملة. ويتولون توزيع كبسة من أواني الطهي الضخمة على أطباق من «البوليسترين» وحساء العدس في أكياس لتسليمه للمقاتلين.
وقال رجل عمره 40 عاماً لـ«رويترز»، وهو يعمل في المطبخ، واسمه أبو وائل، «نقوم بإعداد الوجبات وتقديمها للإخوة. تنطلق من عندنا سيارة إلى الجبهات تحت القصف والطيران والاستطلاع، وأحياناً نتعرض للقصف القريب، ولكن بإذن الله مستمرون حتى نوصل هذه السلعة للمقاتلين. نحن جنباً إلى جنب مع المقاتلين».
وتجري تعبئة أكياس التراب وحفر الخنادق في منطقة قريبة، إذ يعبأ التراب في أكياس كانت في الأصل أكياساً للأرز، لاستخدامها في إقامة الدفاعات. وقال خالد الجمال (26 عاماً)، وهو يعمل مع مجموعة من المتطوعين «صرنا نعبئ على طلب نقاط الرباط، غرفة العمليات مثلاً تطلب 200 كيس أو ألف كيس على إحدى النقاط».
وقال الجمال: «كنت طالباً قبل الثورة، خلصت البكالوريا، وما سجلت بالجامعة، بسبب الأوضاع». ويأمل الجمال أن يفيد جهده المقاتلين حتى «ما يتكلف العسكري بتعبئة الكيس وتدشيم نقطة، ويكون جهده موجهاً كله لصد النظام».
وفي سلقين، يستخدم الرجال المعاول والفؤوس وأجهزة الحفر بالهواء المضغوط لحفر خندق في بستان زيتون في إطار حملة مدنية أخرى تحت اسم «سرايا المقاومة الشعبية».
وعلى مسافة بعيدة عن الخط الأمامي، يقول يحيى الشيخ (38 عاماً) إن الخندق الذي يحفره مع آخرين سيوفر الحماية من الضربات الجوية لأسرة تعيش بالقرب منه. وقال: «نحنا جينا نحفر خنادق ودشم لندافع عن نفسنا وعن أهلنا ونساند إخواننا (المجاهدين)، الله ينصرهم، ضد بشار الأسد».
ويقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، إن نحو 300 ألف في الشمال الغربي اضطروا للنزوح منذ أواخر أبريل (نيسان). وتحدثت مصادر محلية عن سقوط مئات القتلى بين المدنيين، بمن فيها نساء وأطفال. والفصيل المسيطر إلى حد كبير على المنطقة هو «هيئة تحرير الشام»، التي تكونت من «جبهة النصرة» الجناح السابق لتنظيم «القاعدة» في سوريا، وذلك رغم أن جماعات أخرى تقاتل تحت لواء «الجيش السوري الحر» لها وجود في المنطقة.
متطوعون يحفرون الخنادق ويطهون الطعام في مواجهة النظام وحلفائه
نصفهم فرّ من القتال إلى إدلب وأجزاء من محافظات مجاورة
متطوعون يحفرون الخنادق ويطهون الطعام في مواجهة النظام وحلفائه
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة