سلامة يطلع سلطات طرابلس على نتائج لقائه مع حفتر

حكومة «الوفاق» تعلن استئناف تعاونها الأمني مع فرنسا

TT

سلامة يطلع سلطات طرابلس على نتائج لقائه مع حفتر

في حين واصل غسان سلامة، رئيس بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، أمس، حديثه عن حل سياسي لإنهاء الأزمة التي تمر بها البلاد، استمرت لليوم الثاني على التوالي حالة الهدوء النسبي التي تسود مختلف محاور القتال في العاصمة طرابلس، بين قوات «الجيش الوطني» بقيادة المشير خليفة حفتر والقوات الموالية لحكومة «الوفاق» برئاسة فائز السراج.
وأوضح سلامة، أول من أمس، أن اجتماعه الأخير مع حفتر ركز على التفكير في تقصير المدة التي تفصل البلاد عن حل سياسي، بعد انتهاء العمليات العسكرية، مشيراً في تصريحات لوسائل إعلام محلية، عقب زيارته إلى مدينة بنغازي بشرق ليبيا مساء أول من أمس، إلى أنه وجد «عدداً من العناصر المتطابقة لتقصير مدة العمليات العسكرية، والوصول إلى الحل السياسي، وفق رؤية المشير حفتر».
وفور عودته من جولته داخل المنطقة الشرقية إلى العاصمة طرابلس، ناقش سلامة ونائبته للشؤون السياسية ستيفاني ويليامز مع خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة، الأوضاع الإنسانية، وطرق زيادة دعم الأمم المتحدة في هذا الصدد، وفقاً لما أعلنته البعثة الأممية في بيان مقتضب أمس.
لكن المشري قال في المقابل، في بيان أمس، إن سلامة أطلعه خلال اللقاء على «نتائج زيارته للمنطقة الشرقية»، وأكد أن «المجلس يعمل على إنجاح المبادرات السياسية المعتمدة على الاتفاق السياسي، وأنه لن يقبل التفاوض مع أي طرف يكرس للعدوان، ويفرض الرأي بالقوة»، في إشارة ضمنية إلى حفتر.
كما طالب المشري، الذي يترأس مجلس الدولة غير المعترف به دولياً، البعثة الأممية بالقيام بدورها المهم في بيان حقيقة ما وصفه بـ«العدوان» على العاصمة طرابلس.
وقال بيان للبعثة الأممية إن سلامة بحث أيضاً مع السراج «أطر الإسراع في الانتقال إلى مرحلة الحلول»، مشيراً إلى أن المبعوث الأممي أطلع السراج على نتائج مباحثاته حول الوضع في ليبيا مع عدد من المسؤولين رفيعي المستوى في المجتمع الدولي.
وكان السراج قد بحث، مساء أول من أمس، في طرابلس، مع فتحي باش أغا، وزير داخليته، الوضع الأمني في العاصمة ومحيطها والمدن المجاورة، وما تم اتخاذه من إجراءات لتسيير دوريات للحفاظ على الأمن بمختلف مناطق طرابلس.
وفي غضون ذلك، صوت بعض أعضاء مجلس النواب الموالين لحكومة السراج في طرابلس، خلال اجتماع لهم أمس، على منح الثقة لزميلهم الصادق الكحيلي، باعتباره رئيساً للمجلس لدورة برلمانية واحدة، مدتها 6 أشهر.
وتأتي هذه الخطوة المنفردة باعتبارها واحدة من «المماحكات السياسية» الجديدة بين هؤلاء الأعضاء والسلطات الموازية في شرق البلاد، وذلك بعد أيام فقط على إلغاء الأعضاء أنفسهم الموالين للسراج منصب القائد العام للجيش الوطني.
ويرفض مجلس النواب المعترف به دولياً هذه القرارات، ويعتبر هؤلاء الأعضاء متمردين، بعدما قاطعوا جلساته بمقره الأصلي في مدينة طبرق، بأقصى الشرق الليبي.
إلى ذلك، أعلنت السفارة الفرنسية لدى ليبيا عن ترحيبها بقرار وزارة الداخلية بحكومة السراج بشأن استئناف «التعاون الأمني» مع باريس، وذلك بعد أكثر من شهرين على إيقافه. وأعربت السفارة، في بيان لها أول من أمس، عن «تطلعها لتبادل الآراء من جديد حول مكافحة الإرهاب، وفتح آفاق جديدة في مجالات التدريب، ومكافحة تبييض الأموال والجريمة المنظمة والأمن المدني».
وكانت داخلية السراج قد أوقفت في شهر أبريل (نيسان) الماضي تعاونها الأمني مع باريس، على خلفية ما اعتبرته دعماً تقدمه الحكومة الفرنسية لحفتر الذي أطلق في الرابع من الشهر نفسه عملية عسكرية لـ«تحرير» طرابلس، حيث مقر حكومة السراج التي تدعمها الأمم المتحدة.
وميدانياً، وقعت مناوشات محدودة بين قوات «الجيش الوطني» والقوات الموالية لحكومة السراج، خصوصاً في محور عين زارة، بجنوب العاصمة طرابلس، حيث ما زالت قوات الجيش تسعى لاجتياح التحصينات التي أقامتها قوات السراج.
وأعلنت عملية «بركان الغضب»، التي تشنها قوات السراج، أن سلاح الجو التابع لها شن ضربات جوية، مساء أول من أمس، استهدفت قوات «الجيش الوطني» في محيط العاصمة طرابلس والمنطقة الوسطى، لكنها لم تقدم أي تفاصيل حول الأهداف التي تم استهدافها.
وقال بيان لمكتب منظمة الصحة العالمية في ليبيا، أمس، إن عدد ضحايا النزاع المسلح في العاصمة طرابلس قد ارتفع إلى 739 قتيلاً، بينهم 41 مدنياً، و4407 جرحى، بينهم 137 مدنياً، مشيراً إلى أن المنظمة تواصل شحن الأدوية للتأكد من أن الأطباء لديهم ما يحتاجون إليه لعلاج المصابين.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».