الأردن: مذكرة نيابية لحجب الثقة عن الحكومة

دورة استثنائية لمجلس الأمة الشهر المقبل

TT

الأردن: مذكرة نيابية لحجب الثقة عن الحكومة

دعا العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني أمس الثلاثاء مجلس الأمة (النواب والأعيان) للانعقاد في الحادي والعشرين من الشهر المقبل في دورة استثنائية من المتوقع أن تشهد مواجهات نيابية مع الحكومة.
وبالتزامن مع الدعوة الملكية لمجلس الأمة للانعقاد، أودعت كتلة الإصلاح النيابية المحسوبة على حزب جبهة العمل الإسلامي، لدى الأمانة العامة لمجلس النواب مذكرة لحجب الثقة عن حكومة عمر الرزاز، على خلفية قرارها المشاركة في مؤتمر البحرين، الذي انطلقت أعماله في العاصمة المنامة، والذي يوصف بالمقدمة الاقتصادية لخطة السلام الأميركية (صفقة القرن).
وفيما وقع على المذكرة نحو 17 نائبا، فإن مجلس النواب لا يستطيع مناقشة أي موضوع خارج جدول أعمال الدورة الاستثنائية الوارد في نص الإرادة الملكية، وذلك التزاما بنصوص الدستور التي تحكم أعمال الدورة تشريعيا وليس رقابيا. في وقت يستطيع النواب تأجيل بحث مذكرتهم إلى حين انعقاد الدورة العادية الأخيرة من عمر مجلس النواب الحالي التي يُلزم الدستور الدعوة لها بين شهري أكتوبر (تشرين الأول) إلى ديسمبر (كانون الأول) نهاية العام.
كما تأتي الدعوة للدورة الاستثنائية على بعد أيام من نشر نتائج استطلاع للرأي أعده مركز الدراسات الاستراتيجية للجامعة الأردنية الحكومي، أظهر حصول حكومة الرزاز على ثاني أدنى تقييم بين الحكومات الأردنية المتعاقبة منذ 2011، وأن 41 في المائة من الأردنيين يعتقدون أن الحكومة غير قادرة على القيام بمسؤولياتها.
في حين أظهر تقرير محلي أعده مركز الحياة «راصد» لتنمية المجتمع المدني لمراقبة أداء حكومة عمر الرزاز بعد عام من تشكيلها، إنجاز ما نسبته 14 في المائة فقط من حجم تعهداتها التي أعلنت عنها منذ تشكيلها في 14 يونيو (حزيران) 2018، والتي بلغت 299 تعهدا والتزاما.
وفي السياق أكدت مصادر حكومية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن أبرز ما سيتضمنه جدول أعمال الدورة النيابية قوانين النزاهة ومكافحة الفساد، وقانون الأمن السيبراني، وقانون معدل لقانون الضمان الاجتماعي، ومشروع قانون معدل لقانون السير، ومشروع قانون الأسلحة والذخائر.
فيما توقعت المصادر أن يصدر ملحق بإضافة مشاريع تعديلات على قوانين الإدارة المحلية والبلديات واللامركزية ومجالس الحكم المحلي، وذلك استجابة لتغيير أسماء الوزارات بعد التعديل الوزاري الأخير الشهر الماضي.
وكانت «الشرق الأوسط» نقلت عن مصادر سياسية في وقت سابق إصرار رئيس الحكومة عمر الرزاز الطلب على عقد دورة استثنائية لمجلس الأمة بغرفتيه (النواب والأعيان).
ليتجاوز الرزاز نصائح مقربين منه، بتأجيل أي مواجهة نيابية حكومية خلال الصيف الحالي، لأسباب تتعلق بعدم وجود أولوية لإقرار تشريعات من جهة، وأسباب أخرى تتعلق بالمزاج النيابي الذي يستعد لرفع سقف معارضته خلال الأشهر الأخيرة من عمر مجلس النواب الثامن عشر.
ومن المتوقع بحسب ما استمعت إليه «الشرق الأوسط» من مراجع سياسية أن يستكمل مجلس النواب الثامن عشر مدته الدستورية خلال أربع دورات نيابية عادية، تنتهي آخرها في شهر أبريل (نيسان) القادم، لتبدأ الاستعدادات لإجراء الانتخابات في موعدها الدستوري قبل نهاية العام المقبل.
وفيما يحظر الدستور الأردني مناقشة أي أمر خارج عن جدول أعمال الدورة الاستثنائية المخصصة لمناقشة التشريعات تحت قبة البرلمان، فإن النواب عادة ما يلجأون إلى خارج القبة لعقد اجتماعاتهم وإصدار بيانات تعاكس التوجهات الحكومية.
وتوقع نواب التقتهم «الشرق الأوسط» أن تشهد الدورة الاستثنائية المقبلة سجالا نيابيا حكوميا على خلفية التعديل الحكومي الأخير الذي أبقى على وزراء يصفهم النواب بوزراء «التأزيم»، وذلك على خلفية تغيير أسماء الوزارات، واستدعاء وزير الداخلية سلامة حمّاد إلى التعديل بعد أن كان المجلس الحالي قد أخرجه من الحكومة بمذكرة نيابية طالبت بطرح الثقة به العام 2016 على خلفية أحداث الكرك الإرهابية جنوب البلاد والتي راح ضحيتها نحو 11 من عناصر قوات الدرك الأردنية ومواطنين مدنيين وسائحة أجنبية.
أمام ذلك استبعدت مصادر رسمية متطابقة طرح أي تعديلات دستورية خلال أعمال الدورة، بعد أن روجت قوى سياسية في البلاد لفكرة طرحها خلال الدورات النيابية القادمة. في حين أكدت نفس المصادر أن قانون الانتخاب لم يحن موعد عرضه على مجلس النواب لأسباب تتعلق باستكمال مركز القرار لمناقشاته حول التعديلات المرتقبة على القانون الأكثر جدلا في البلاد، وأن موعد عرض القانون سيكون في الأشهر الأخيرة للدورة العادية الأخيرة للمجلس الثامن عشر في الربع الأول من العام المقبل.
في حين ذهبت مصادر مطلعة إلى أن قانون الانتخاب قد يتضمن تعديلات إجرائية، وتعديلات تتعلق بالمقاعد المخصصة للنساء واحتمال دمجها مع القوائم المرشحة على الدوائر الانتخابية العامة، ما يعني خفض عدد مقاعد المجلس بنحو 15 نائبا وهي مقاعد الكوتا النسائية، كما تتحدث المصادر عن دمج متوقع لدوائر البادية الشمالية والوسطى والجنوبية مع المحافظات القريبة منها، دون العبث بتقليص عدد مقاعد محافظات الأطراف التي تمثل العشائر الأردنية.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».