مصالحة باسيل ـ فرنجية معلقة بانتظار تحرك «حزب الله»

وهاب اقترح المداورة في رئاسة الجمهورية بينهما لحل المشكلة

جبران باسيل
جبران باسيل
TT

مصالحة باسيل ـ فرنجية معلقة بانتظار تحرك «حزب الله»

جبران باسيل
جبران باسيل

دخل الخلاف السياسي بين تيار «المردة» و«التيار الوطني الحر» عامه الرابع، بعدما تحول إلى أشبه بـ«عداوة» تتخذ في كثير من الأحيان الطابع الشخصي بين رئيسي الحزبين سليمان فرنجية ووزير الخارجية جبران باسيل. ولم يقم أي من حلفاء الرجلين، وبالتحديد «حزب الله»، بأي مبادرة طوال الفترة الماضية لرأب الصدع بينهما، مما دفع رئيس حزب التوحيد، وئام وهاب، قبل أيام، لدعوة أمين عام «حزب الله» السيد حسن نصرالله إلى تقديم «اقتراح جريء لإقامة شراكة سياسية بين المردة والوطني الحر لانتخاب فرنجية رئيساً في الفترة المقبلة، وبعد ولاية فرنجية يأتي باسيل رئيساً، على أن يكون هناك برنامج حكم لمدة 12 سنة مقبلة».
وقالت مصادر مطلعة على موقف «حزب الله» إن الحزب ليس بصدد القيام بأي مساعٍ حالياً في هذا المجال، من دون أن تعطي أسباب واضحة لعدم حماسته، وأشارت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن ما تقدم به وهاب طرح شخصي بالكامل، لا علاقة للحزب به.
وساءت العلاقة بين «التيار الوطني الحر» وتيار «المردة» منذ مرحلة الانتخابات الرئاسية، وتنافس رئيسي التيارين بوقتها فرنجية والعماد ميشال عون على موقع رئاسة الجمهورية، وتمسك «حزب الله» بتسمية عون، مما أدى لوصوله بنهاية المطاف إلى قصر بعبدا. إلا أنه، وبدل عودة العلاقة إلى طبيعتها بين التيارين اللذين كانا يجمعهما قبل عام 2015 ما يقولان إنه «تحالف استراتيجي»، حتى أنهما كانا جزءاً من تكتل نيابي واحد عُرف باسم تكتل «التعيير والإصلاح»، اتسعت الهوة بينهما مع مرور الأشهر والسنوات، خصوصاً مع مصالحة وتقارب «الوطني الحر» - «القوات». لكن مع تردي علاقة الأخيرين خلال العام الماضي، بعد اختلافهما على ترجمة بنود الاتفاق الذي وقعاه، عقب رفض «الوطني الحر» تقاسم المقاعد الوزارية المسيحية مناصفة، أتم «المردة» و«القوات» في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي مصالحة تاريخية، ربطها البعض بمحاولتهما التكتل لمواجهة ما يقولان إنها مساع من قبل باسيل للاستئثار بالقرار المسيحي.
ولا يبدو «الوطني الحر» و«المردة» معارضين لأي مساع يبذلها «حزب الله» لرأب الصدع، وإن كان كل فريق يصر على تحميل الآخر مسؤولية ما آلت إليه علاقتهما. ففيما يؤكد قيادي عوني فضّل عدم الكشف عن هويته ترحيب تياره بأي مصالحة مع «المردة»، معتبراً أنه «يجب أن تحصل، وأن أفضل من قد يقوم بمسعى من هذا النوع هو السيد نصر الله»، يذكّر القيادي في تيار «المردة» النائب السابق كريم الراسي أنه لا «خلاف دموياً مع (الوطني الحر)، وبالتالي إذا كان لدى (حزب الله) رغبة في إنجاز أي مصالحة، فإننا لسنا ضد أي اتفاق».
ويتفق القيادي العوني والراسي على أن الخلاف الذي بينهما شخصي، ولا يطال الرؤية الاستراتيجية للطرفين. ويقول الأول لـ«الشرق الأوسط»: «هناك الكثير من الخيارات الكبيرة المشتركة بيننا، والمنطق يقول بأن نكون قريبين بالسياسة، وألا تفرقنا هكذا خلافات، لكن بالنهاية لا نتحمل نحن مسؤولية ما حصل إنما (المردة) الذي لم يتخطَ بعد وصول الرئيس عون إلى سدة الرئاسة، وامتلاكنا أكثرية نيابية ووزارية».
أما الراسي فيتحدث لـ«الشرق الأوسط» عن «تبعية كان يحاول (الوطني الحر) أن يفرضها على (المردة)، حين كنا نتعاطى معه بعفوية وأخوية، وهذا ما رفضناه مصرين على التحالف السياسي، وبالتالي أي اتفاق اليوم يجب أن يكون وفق شروط واضحة، كما على الوزير باسيل أن يعمل على شخصيته، فلا كيمياء بينه وبين نصف الشعب اللبناني»، وأضاف: «نحن نعتقد أن الوزير باسيل نشيط ولديه طاقة مفيدة لنفسه ولتياره، وبالتالي إذا استطاع أن يدمج هذه الهمة مع تعديلات أساسية يدخلها على شخصيته، سيكون ذلك أفضل للجميع».
وفيما اعتبر الراسي أن طرح وهاب المداورة في رئاسة الجمهورية ليس دقيقاً، ولا في مكانه في المرحلة الراهنة، شدد القيادي العوني على عدم إمكانية ربط المصالحة مع «المردة» باستحقاقات انتخابية، مما يجعلها نوعاً من المحاصصة، وأشار إلى أن «ولاية الرئيس عون لا تزال أصلاً في منتصفها، ولا يجوز على الإطلاق أن نفتح النقاش بموضوع الرئاسة المقبلة لأن أصلاً الظروف الداخلية والإقليمية التي ستكون قائمة في عام 2022 هي التي ترجح فرصة إحدى الشخصيات على الأخرى، كما أن الملف ليس بيد باسيل وفرنجية وحدهما، إنما كل القوى السياسية اللبنانية».



أنماط دعاية لحزب مصري جديد تثير اهتماماً وانتقادات

المئات من أنصار «الجبهة الوطنية» في طوابير لتحرير توكيلات تأييد (صفحة الحزب على فيسبوك)
المئات من أنصار «الجبهة الوطنية» في طوابير لتحرير توكيلات تأييد (صفحة الحزب على فيسبوك)
TT

أنماط دعاية لحزب مصري جديد تثير اهتماماً وانتقادات

المئات من أنصار «الجبهة الوطنية» في طوابير لتحرير توكيلات تأييد (صفحة الحزب على فيسبوك)
المئات من أنصار «الجبهة الوطنية» في طوابير لتحرير توكيلات تأييد (صفحة الحزب على فيسبوك)

استطاع حزب «الجبهة الوطنية» الوليد في مصر، أن يلفت الانتباه سريعاً، بسبب دعاية غير تقليدية صاحبت الإعلان عنه، ووُصفت بـ«المثيرة للجدل»، بينها مواكب لسيارات دفع رباعي سوداء تجوب القاهرة ترفع رايات الحزب، فضلاً عن حشود مؤيدين أمام مكاتب «الشهر العقاري» بالمحافظات لتسجيل توكيلات، تمهيداً لتقديم الحزب أوراق تأسيسه.

ويشترط تأسيس حزب جديد التقدم بإخطار للجنة شؤون الأحزاب، يكون مصحوباً بتوكيلات من 5 آلاف عضو من المؤسسين حداً أدنى، على أن يكونوا من 10 محافظات على الأقل، بما لا يقل عن 300 عضو من كل محافظة.

ولا يجد الحزب، الذي أعلن عن نفسه بمؤتمر ضخم في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي بفندق «الماسة» في العاصمة الإدارية، صعوبة في جمع التوكيلات، بل إن عضو الهيئة التأسيسية للحزب، ووزير الزراعة السابق، السيد قصير، قال في تصريحات تلفزيونية، قبل أيام، إن ما لديهم من توكيلات «يفوق بأضعاف ما يحتاج إليه الحزب للتأسيس».

ورغم ذلك، لا تزال السيارات التي تحمل شعار الحزب، تجوب الشوارع إلى اليوم، ملتفاً حولها المئات، ممن حرروا توكيلات للحزب أو ينتظرون توقيعها.

وتداول نشطاء عبر «السوشيال ميديا» صوراً لسيارات «دفع رباعي»، قالو إنها تجوب القاهرة، داعية المواطنين إلى الانضمام للحزب، وانتقد البعض ما عَدُّوه «مبالغة لا تتناسب» مع الطبيعة الجغرافية للعاصمة، حيث توجد هذه السيارات بكثرة في المناطق الصحراوية الوعرة مثل محافظة شمال سيناء.

وربط البعض بين هذه السيارات ورجل الأعمال المصري إبراهيم العرجاني الذي يوجد نجله ضمن الهيئة المؤسِّسة للحزب.

ولم ينفِ الحزب على لسان وكيل مؤسسيه وزير الإسكان السابق عاصم الجزار، دعمه من قِبل العرجاني وغيره من رجال الأعمال، وذلك «لرد الجميل في صورة عمل مجتمعي». وأضاف الجزار خلال تصريحات إعلامية: «قولنالهم لا هنوزع كراتين ولا بطاطين، إحنا عايزين نعلم الناس إزاي يصطادوا ومنديلهمش سمكة».

وعَدَّ نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور عمرو هاشم ربيع، مشهد خروج حزب «الجبهة الوطنية» الجديد «مفتعلاً، ولا يعبِّر عن حراك حقيقي في الحياة الحزبية في مصر»، بل يراه «إعادة استنساخ لتجربة حزب (مستقبل وطن)» صاحب الأغلبية البرلمانية حالياً والموالي للسلطة.

وانتقد ربيع في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، الدعم الرسمي الكبير للحزب، والذي يظهر في «فتح القاعات الكبرى له، وتعليق دعايته على جدران المؤسسات الرسمية»، مؤكداً أن ذلك سيفضي إلى «نتائج عكسية، ويعكس غياب النزاهة والشفافية».

سيارة تابعة للحزب من أجل جمع التوكيلات (صفحة الحزب - فيسبوك)

وربط ربيع بين تجربة الحزب الجديد وتجربة «الاتحاد الاشتراكي» في ستينات القرن الماضي، والذي أسسه النظام الناصري ليضم فئات مختلفة من الفلاحين والعمال والمثقفين والرأسمالية الوطنية، بغرض دعم مصطلحات يصفها بـ«المائعة» مثل: دعم القيادة السياسية، والاصطفاف والتوحد خلف الدولة المصرية، وغيرها من المصطلحات التي تعني الحشد والتعبئة، مؤكداً أن «ذلك لا يمثِّل بديلًا للحاجة الملحة لوجود حياة سياسية حقيقية، وفتح المجال العام في مصر».

وكان وكيل مؤسسي الحزب قال في تصريحات عدة إن الحزب سيضم كل أطياف المجتمع المصري، وإنه لا يسعى للموالاة ولا المعارضة، ولا يسعى إلى الحكم، وإنما هدفه «تحسين الحياة السياسية».

لكن النائبة فريدة الشوباشي، وهي عضوة الهيئة التأسيسية للحزب، انتقدت الهجوم عليه دون حتى انتظار لرؤية ما سيحققه على الأرض، قائلة لـ«الشرق الأوسط»: «ما جذبني للحزب أنه حزب لجميع المصريين كما خرج شعاره، مؤكدة أنها لمست بنفسها حماساً جماهيرياً كبيراً واستبشاراً بالحزب خلال جولة لها في محافظة المنصورة (دلتا النيل)».

وأضافت: «لا أحد يستطيع أن يمنع الانتقادات، لكن من يدّعي أن الحزب يحشد هؤلاء الجماهير، فعليه أن يُثبت كلامه»، مشيرةً إلى أنها عادةً ما تتجاهل مثل هذه الآراء التي تهدف إلى «الهدم وليس البناء».

من جانبه، انتقد أستاذ الإعلام في جامعة القاهرة الدكتور حسن عماد مكاوي، مشهد «الدعاية المبالغ فيه لحزب (الجبهة الوطنية) الجديد»، مرجعاً ذلك إلى أن «كثيراً من الأحزاب السياسية في مصر ليس لها دور، وهي عبارة عن فقاعات تطفو على السطح، وسرعان ما تختفي، كونها مصطنعة، وليست نابعة من الشارع».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»، أن المواطنين عادةً ما يتجاهلون هذا النوع من الدعاية، ويقابلونه بحالة من «اللامبالاة»، على حد وصفه.

وبينما تتواصل الانتقادات، يستمر الحزب في دعايته، من ضمنها جلسة مع عدد من السيدات في محافظة الجيزة للتعريف بالحزب، قائلًا في بيان عبر صفحته على «فيسبوك»، الأحد، إن اللقاء «ضمن استراتيجية للتفاعل المباشر مع المواطنين في مختلف محافظات الجمهورية، والاستماع لمقترحاتهم وتطلعاتهم، تفعيلاً لمبدأ الشفافية، وتعزيز المشاركة المجتمعية وتبادل الأفكار والرؤى بهدف إعلاء المصلحة العليا للوطن والمواطن».

لقاء جماهيري لحزب الجبهة الوطنية في الجيزة (صفحة الحزب على فيسبوك)

ويرى عضو هيئة المؤسِّسين بالحزب محمد مصطفى شردي، أن الحزب لم يحرك أي جمهور أو مظاهرة سياسية لدعمه، معلقاً: «لا تعتبوا على حزب لم يبدأ نشاطه السياسي بعد». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»، ما حدث أن «قيادات سياسية كبيرة وبالبرلمان أعلنوا في دوائرهم تأييدهم الحزب الجديد، فهبَّ مؤيدوهم إلى تحرير توكيلات، لإظهار الترحيب».