3 آلاف غارة خلال 3 أيام على «مثلث الشمال» السوري

عشرات القتلى في قصف ريف إدلب

سيارة مدمرة بعد غارة على معرة النعمان في إدلب أمس (أ.ف.ب)
سيارة مدمرة بعد غارة على معرة النعمان في إدلب أمس (أ.ف.ب)
TT

3 آلاف غارة خلال 3 أيام على «مثلث الشمال» السوري

سيارة مدمرة بعد غارة على معرة النعمان في إدلب أمس (أ.ف.ب)
سيارة مدمرة بعد غارة على معرة النعمان في إدلب أمس (أ.ف.ب)

ارتفعت حصيلة قتلى الغارات الجوية على منطقة المسطومة بريف إدلب الجنوبي، شمال غربي سوريا، إلى 25 شخصاً، بينهم 8 أطفال، في وقت استمرت فيه المعارك بين قوات النظام السوري وفصائل معارضة، شمال حماة، وسط أنباء عن شنّ 3 آلاف غارة خلال 3 أيام.
وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس إن «عدد الغارات التي نفذتها طائرات النظام الحربية، ارتفع إلى 54، منذ صباح أمس، مستهدفة أماكن في كل من الهبيط وحيش ومدايا والمسطومة وجبل الأربعين ومعربليت ومحيط سرمين والركايا وخان شيخون والشيخ مصطفى بريفي إدلب الجنوبي والشرقي، والجبين وكفر زيتا والأربعين والزكاة ولطمين وحصرايا واللطامنة بريفي حماة الشمالي والشمالي الغربي، بالإضافة إلى الفوج 46 وريف المهندسين الثاني في ريف حلب الغربي، في حين ارتفع إلى 320 عدد القذائف الصاروخية والمدفعية التي أطلقتها قوات النظام منذ ما بعد منتصف الليل حتى اللحظة على أماكن متفرقة في ريفي حماة الشمالي والشمالي الغربي وريف إدلب الجنوبي، بينما استهدفت الفصائل بالقذائف الصاروخية مواقع قوات النظام والميليشيات الموالية لها في قرية الجرنية بريف حماة الشمالي الغربي».
وأشار «المرصد» إلى أنه «خلال 72 ساعة، شنّ أكثر من 3000 ضربة جوية وبرية، برفقة المعارك، وقتل 205 من المدنيين وقوات النظام والفصائل» شمال حماة وجنوب إدلب.
ومع سقوط مزيد من الخسائر البشرية، يرتفع إلى 1869 شخصاً، عدد من قتلوا منذ بدء التصعيد الأعنف على الإطلاق ضمن منطقة «خفض التصعيد» في 30 أبريل (نيسان) الماضي.
وتخضع محافظة إدلب ومحيطها؛ حيث يقطن نحو 3 ملايين شخص، منذ سبتمبر (أيلول)، لاتفاق روسي - تركي، ينص على إقامة منطقة منزوعة السلاح، لكنه لم يُستكمل تنفيذه. وتتعرّض المنطقة منذ نحو شهرين لتصعيد في القصف، يترافق مع معارك عنيفة في ريف حماة الشمالي المجاور.
وأحصى «المرصد» مساء الخميس، في حصيلة جديدة، مقتل 20 مدنياً، بينهم 8 أطفال، جراء غارات نفذتها طائرات سورية على مناطق عدة في محافظة إدلب، التي تديرها «هيئة تحرير الشام» (النصرة سابقاً)، وتوجد فيها فصائل إسلامية أخرى أقل نفوذاً.
ومن بين القتلى، وفق «المرصد»، 3 مسعفين من منظمة «بنفسج» الإنسانية المحلية، وامرأة جريحة، كانوا داخل سيارة إسعاف، استهدفها القصف في مدينة معرة النعمان. وشوهدت سيارة الإسعاف المستهدفة. وقال إن مسعفين من «الخوذ البيضاء» (الدفاع المدني في مناطق سيطرة الفصائل) عملوا على نقل مسعف جريح من طاقم عمل «بنفسج»، كان داخل سيارة الإسعاف. وأضاف: «القصف طال بشكل مباشر سيارة الإسعاف»، وتسبب بمقتل المسعفين الثلاثة، والمرأة التي كان الفريق يقلّها إلى أحد المستشفيات.
وأصيب 3 مسعفين آخرين كانوا في سيارة الإسعاف بجروح، أحدهم في حالة خطرة، وفق سيد عيسى. وندّدت المنظمة بهذا «الاستهداف الذي يخرق كل الاتفاقيات الدولية، ويعرّض المسعفين والمراكز الإنسانية للخطر المباشر». وبحسب الأمم المتحدة، تعرض 23 مستشفى ومرفقاً طبياً على الأقل للقصف منذ بدء التصعيد في منطقة إدلب.
وتشهد محافظة إدلب وجوارها منذ نهاية أبريل تصعيداً عسكرياً، مع استهداف الطائرات الحربية السورية والروسية لمناطق عدة، ما يسفر بشكل شبه يومي عن سقوط قتلى في صفوف المدنيين.
وتدور منذ أسابيع معارك عنيفة بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، والفصائل، على رأسها «هيئة تحرير الشام»، من جهة ثانية، في ريف حماة الشمالي المحاذي لجنوب إدلب. وتسببت المعارك المستمرة الخميس بمقتل 50 مقاتلاً من الطرفين، أكثر من نصفهم من قوات النظام.
وكانت حصيلة أولية لـ«المرصد» أفادت بمقتل 43 من الطرفين.
وحقّقت قوات النظام تقدماً ميدانياً محدوداً في ريف حماة الشمالي، إلا أن الفصائل تشنّ بين الحين والآخر هجمات واسعة ضد مواقع قوات النظام، تسفر عن معارك عنيفة.
وقتل أكثر من 90 مقاتلاً من الطرفين خلال المعارك، وجراء القصف خلال اليومين الماضيين، بحسب «المرصد». وباتت مدن وبلدات في هذه المنطقة شبه خالية من سكانها، بعدما فروا جراء القصف العنيف والمعارك. وأجبر التصعيد منذ مطلع مايو (أيار) نحو 330 ألف شخص على الفرار من منازلهم، وفق آخر تحديث لبيانات الأمم المتحدة.
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الثلاثاء، روسيا وتركيا، ضامني اتفاق سوتشي، إلى العمل «من دون تأخير على استقرار الوضع» في إدلب، معرباً عن قلقه الشديد إزاء «احتدام» المعارك.
وسبق للأمم المتحدة أن أعربت مراراً عن خشيتها من حصول «كارثة إنسانية» في حال استمرت أعمال العنف في إدلب ومحيطها.
وتتهم دمشق أنقرة، الداعمة للفصائل، بـ«التلكؤ» في تنفيذ الاتفاق الذي أبرمته مع موسكو بشأن إدلب.
وكان وزير الخارجية السوري وليد المعلم قال: «إدلب محافظة سورية، وما يقوم به الجيش السوري من عمليات هو ضمن الأراضي السورية، وهو حق مشروع من أجل تحرير الأرض».
وبحث الرئيس السوري بشار الأسد مع المبعوث الخاص للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى سوريا، ألكسندر لافرنتييف، في دمشق، الخميس، تطورات الأوضاع و«العمل السوري الروسي المشترك فيما يتعلق بهذه التطورات، وفي مقدمتها القضاء على الإرهاب في المناطق التي ما زال يوجد فيها»، وفق ما نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا). وأكد لافرنتييف «دعم بلاده المستمر للجهود التي تبذلها الدولة السورية لاستعادة الأمن والاستقرار إلى كامل أراضيها».
وتكرر دمشق إعلان عزمها على استعادة كل الأراضي الخارجة عن سيطرتها، عبر القوة العسكرية، أو من خلال إبرام اتفاقات تسوية.
ويرجّح محللون ألا يتحول التصعيد إلى هجوم واسع النطاق للسيطرة على إدلب، كون تركيا وروسيا لا تريدان سقوط الاتفاق.
ويقول أحد الباحثين الدوليين إنه «لا تزال دمشق حتماً عازمة على السيطرة على كامل إدلب، وجميع الأراضي السورية» الخارجة عن سيطرتها، «لكن روسيا هي التي أتاحت هذه الاندفاعة العسكرية الأخيرة، والتي يبدو أنها ذات أهداف محدودة». ويرى أن الهدف من التصعيد هو ضمان أمن مناطق مجاورة لإدلب، بينها قاعدة حميميم الروسية في محافظة اللاذقية الساحلية، بالإضافة إلى ممارسة مزيد من الضغط على تركيا للمضي في تنفيذ الاتفاق.
وتشهد سوريا نزاعاً دامياً تسبب منذ اندلاعه عام 2011 بمقتل أكثر من 370 ألف شخص، وأحدث دماراً هائلاً في البنى التحتية، وأدى إلى نزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».