بينما سيطر القلق على أسواق الأسهم العالمية أمس، تجاوز سعر الذهب عتبة 1400 دولار للأونصة، هو الأعلى له منذ ست سنوات، الجمعة وسط ضعف الدولار ومخاوف اقتصادية وتوترات جيوسياسية دفعت المستثمرين إلى شراء السلعة التي تعد ملاذا آمنا.
ويتجه الذهب صوب تحقيق أكبر مكسب أسبوعي منذ الأسبوع المنتهي في 29 أبريل (نيسان) 2016، كما أنه بصدد الارتفاع للأسبوع الخامس على الترتيب. وارتفع الذهب في العقود الأميركية الآجلة 0.9 في المائة إلى 1408.90 دولار للأوقية، وهو أعلى سعر للذهب منذ سبتمبر (أيلول) 2013، وكانت أسعار الذهب قد سجلت ارتفاعا بنسبة 10 في المائة تقريبا في يونيو (حزيران) الجاري.
وارتفع الطلب على الذهب بعد تلميح الاحتياطي الفيدرالي الأميركي الأربعاء إلى احتمال خفضه معدلات الفائدة قريبا - للمرة الأولى منذ عقد - ما أدى إلى تراجع الدولار وبالتالي جعل شراء المعدن الأصفر أقل كلفة.
وقال البنك المركزي الأميركي الأسبوع الجاري إنه مستعد للتصدي لتنامي المخاطر الاقتصادية المحلية والعالمية، ملمحا إلى البدء في خفض أسعار الفائدة الشهر القادم. ومنذ يوم الأربعاء، ارتفع الذهب 70 دولارا بعد تصريحات المركزي الأميركي التي تميل إلى التيسير النقدي وتزايد التوترات في الشرق الأوسط.
وجاء إعلان الاحتياطي الفيدرالي في وقت تبنت مصارف مركزية في أنحاء العالم نهجا يفضل إبقاء معدلات الفائدة عند مستويات منخفضة بوجه اقتصاد دولي يواجه صعوبات، وقلق المستثمرين بشأن آفاق التجارة فيما تخوض الولايات المتحدة والصين نزاعا تجاريا. ويتزامن أيضا مع الأنباء بأن إيران أسقطت طائرة «مسيرة» أميركية، ما فاقم أزمة مع واشنطن وعزز المخاوف من اندلاع نزاع.
وقال الشريك في مؤسسة فانغارد ماركتس المالية ستيفن إينيس: «كانت عائدات السندات المتراجعة تاريخياً بمثابة مؤشرات هامة لنبض الأسواق». وأضاف أن «تراجع العائدات لا يزال مستمرا مع مخاوف من الركود، فيما تنذر قوة الين بقلق الأسواق، ما يشير إلى أن الطلب على الملاذ الآمن يزيد من المخاطر على العائدات مع تزايد احتمال حدوث توترات جيوسياسية».
وبالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، ربحت الفضة 0.3 في المائة إلى 15.43 دولار للأوقية، وهو أعلى مستوياتها في ثلاثة أشهر تقريبا، وتتجه صوب تحقيق أكبر ارتفاع أسبوعي بالنسبة المئوية منذ بداية العام الجاري. وصعد البلاتين 1.1 في المائة إلى 811.08 دولار للأوقية، فيما زاد البلاديوم واحدا في المائة إلى 1492.82 دولار للأوقية ويتجه صوب الارتفاع للأسبوع الثالث على التوالي.
ويأتي ارتفاع الذهب بينما يتجه الدولار صوب تكبد خسارة أسبوعية مقابل عملات رئيسية، وانخفضت عوائد سندات الخزانة الأميركية القياسية لأجل عشر سنوات دون اثنين في المائة للمرة الأولى في أكثر من عامين ونصف العام.
وقال متعاملون ومحللون إن انخفاض عوائد سندات الخزانة الأميركية القياسية لأجل عشر سنوات إلى أقل من اثنين في المائة، وارتفاع الذهب فوق مستوى مقاومة فني رئيسي إلى أعلى مستوى في ست سنوات تقريبا، يشيران إلى أن الدولار قد يواجه فترة طويلة من ضغوط البيع.
ويتحول التركيز حاليا إلى ما إذا كان بمقدور الولايات المتحدة والصين حل نزاعهما التجاري في قمة زعماء مجموعة العشرين التي تُعقد في مدينة أوساكا الواقعة غرب اليابان، لكن محللين يحذرون من أن فرص حدوث انفراج حاسم منخفضة.
وجرى تداول الدولار أمس عند 107.11 ين، لكنه انخفض خلال الجلسة إلى أدنى مستوى في خمسة أشهر عند 107.04 مع استمرار تعرضه لضغوط جراء تلميح رئيس الفيدرالي إلى أن البنك المركزي سيخفض أسعار الفائدة في اجتماعه القادم بشأن السياسة النقدية في يوليو (تموز).
وفي الأسبوع، تراجع الدولار 1.4 في المائة مقابل الين، متجها صوب تسجيل أكبر انخفاض منذ أواخر مارس (آذار). وبلغ مؤشر الدولار الذي يتتبع أداء العملة الأميركية مقابل ست عملات مناظرة 96.586، لينخفض واحدا في المائة على أساس أسبوعي.
وجرى تداول الجنيه الإسترليني عند 1.2704 دولار، ليتجه صوب الارتفاع 0.9 في المائة على أساس أسبوعي، فيما سيشكل أفضل أداء له في سبعة أسابيع. وسجل اليورو 1.1295 دولار في التعاملات، دون تغيير يذكر خلال الجلسة، لكنه ارتفع 0.8 في المائة في الأسبوع.
أسواق حمراء:
وفي أسواق الأسهم، فتحت وول ستريت على انخفاض متواضع أمس الجمعة، في الوقت الذي تسبب فيه تزايد التوترات بين الولايات المتحدة وإيران في أن يظل المستثمرون في حالة من القلق، ما محا أثر صعود في الجلسة السابقة دفع المؤشر ستاندرد آند بورز 500 إلى مستوى قياسي مرتفع. وهبط المؤشر ستاندرد آند بورز 500 بمقدار 1.47 نقطة أو 0.05 في المائة إلى 2952.71 نقطة، ونزل المؤشر ناسداك المجمع 22.65 نقطة أو 0.28 في المائة إلى 8028.69 نقطة، بينما انخفض المؤشر داو جونز الصناعي 4.05 نقطة أو 0.02 في المائة إلى 26749.12 نقطة.
وفي أوروبا، تسبب تزايد التوترات بين الولايات المتحدة وإيران في وقف ارتفاع سوق الأسهم الأوروبية الجمعة. وذكرت صحيفة نيويورك تايمز الجمعة أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب وافق على توجيه ضربات عسكرية لإيران ردا على إسقاط طائرة أميركية مسيرة، قبل أن يتراجع عن شن تلك الهجمات.
وقاد ذلك أسواق الأسهم الآسيوية للانخفاض، وأبقي المؤشر ستوكس 600 الأوروبي، الذي ارتفع نحو خمسة في المائة منذ بداية الشهر، مستقرا عند الفتح. وسجل قطاع الاتصالات أداء يفوق السوق، ليرتفع 0.4 في المائة بعد أن وقعت تليكوم إيطاليا اتفاقا يفتح الباب أمام تكامل بين شبكتها للألياف الضوئية مع منافستها الأصغر أوبن فايبر.
وأغلق المؤشر نيكي في بورصة طوكيو للأوراق المالية منخفضا الجمعة في الوقت الذي يترقب فيه المستثمرون مؤشرات من محادثات تجارية بين الولايات المتحدة والصين، بينما لقت أسهم شركات النفط والتعدين طلبا في ظل تنامي المخاطر الجيوسياسية في الشرق الأوسط.
وهبط المؤشر نيكي واحدا في المائة ليغلق عند 21258.64 نقطة. وزاد المؤشر القياسي 0.7 في المائة في الأسبوع وسجل ثالث مكسب أسبوعي بفضل آمال بأن البنك المركزي الأميركي سيخفض أسعار الفائدة الشهر القادم. وهبط المؤشر توبكس الأوسع نطاقا 0.9 في المائة إلى 1545.90 نقطة.
«المخاوف» تدفع الذهب لتخطي حاجز 1400 دولار
القلق يجثم على أسواق الأسهم... والدولار يسجل خسائر أسبوعية
«المخاوف» تدفع الذهب لتخطي حاجز 1400 دولار
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة