يتمتع لبنان بمناخ فريد وتضاريس تتحوّل من خط ساحلي شبه مداري، إلى جبال تكسوها الثلوج في الداخل. وبفضل التنوّع الأحيائي الغني، تركّز الاهتمام خلال السنوات الأخيرة على حماية أنواع النباتات والحيوانات المهددة بالانقراض والحفاظ على بيئتها في مناطق معينة.
ففي لبنان 14 محمية طبيعية تشكل نحو 3 في المائة من مساحة وطن الأرز، تتميز بتنوعها البيولوجي الغني، إذ فيها نحو 370 نوعا من الطيور المقيمة والمهاجرة، وما يزيد على 2000 نوع من النباتات والأزهار البرية. وكثير من هذه النباتات ينفرد بها لبنان والبعض منها طبية وعطرية ومأكولة، إضافة إلى نحو ثلاثين نوعا من الثدييات، أهمّها الذئب والضبع والهر البري والنيص والسنجاب.
وهذه المحميات تنشأ وتدار تحت إدارة وإشراف وزارة البيئة، وهي تحتوي على معظم غابات الأرز المتبقية في لبنان.
واللافت أن في لبنان 14 محمية طبيعية هي: «حرج إهدن، جزر النخيل، غابة أرز تنورين، مشاع شننعير، بنتاعل، اليمونة، أرز الشوف، شاطئ صور، وادي الحجير، كرم، محميات رامية وكفرا، وبيت ليف، ودبل». يضاف إليها 28 غابة محمية و17 موقعا طبيعيا.
وتعتبر المحميات الطبيعية مخزونا استراتيجيا من التنوع الحيوي للدولة، حيث تحافظ على ثروات البلاد من التنوع الحيوي وخصوصا الأنواع النادرة أو المهددة بالانقراض. مما يضمن عدم الإخلال بمنظومة هذه المحميات.
وتعد هذه المحميات من العوامل الهامة للجذب السياحي حيث ينظّم فيها الأنشطة السياحية، كمراقبة الطيور والحيوانات البرية ورياضة الغطس ومراقبة الأحياء البحرية أو ممارسة رياضة التجول في الغابات أو تسلق الجبال وارتياد الصحراء أو ممارسة السياحة العلمية كالتعرف على التكوينات الجيولوجية والصخرية الشاهدة على تعاقب العصور المختلفة.
وإذا ما أردنا التوقف عند بعض المواقع المهمة بالنسبة للطيور نجد «مستنقع عميق» ذات الأهمية على المستوى العالمي، إلى جانب محمية شاطئ صور، وذلك وفقا لاتفاقية «رامسار» للمناطق الرطبة وهي أقدم اتفاقية عالمية في مجال البيئة.
فالمستنقع الأكثر غنى في التنوع البيولوجي يشمل حقولاً خصبة من البقاع الغربي، والتلال الصخرية والعشبية، والغابات الغنية بالبلوط التي تصل إلى مرتفعات الباروك. ويصنف كواحد من أفضل الأماكن لرؤية الطيور البرية، خصوصا بسبب هجرة المجموعات الكبيرة من اللقالق البيضاء، والبجع، والنسور، والصقور والطيور المائية عبره خلال مواسم الهجرة، كما أنه موطن للطيور المقيمة، والطيور التي تتكاثر في الصيف، وزوار الشتاء. وإضافة إلى الطيور، تستوقف الزائر الزواحف والثدييات والفراشات واليعاسيب والبرمائيات والأسماك والزهور..
ويقع مستنقع عميق على ارتفاع يبلغ 865 متراً عن سطح البحر، فيما تبلغ مساحته نحو 280 هكتارا، نظراً لما تحويه من القصب وأحواض مكشوفة.
ويعاني مستنقع عميق منذ سنوات من ضعف المتساقطات الناتجة من التغير الملحوظ في الأنماط المناخية، مما يهدد التنوع البيولوجي بشكل حاد، وأيضا من ظاهرة الصيد غير المشروع.
ومن بين أنواع الفقاريات الموجودة والثدييات نجد ابن آوى والثعلب الأحمر والخنزير البري والأرنب البري، أما الرخويات واللافقاريات فموجودة بأعداد كثيرة.
وانتقالا إلى محمية شاطئ صور الطبيعية التي أنشئت عام 1998، نجدها تحتوي على أفضل الشواطئ الرملية في لبنان. وقد تم إعلانها منطقة «رطبة ذات أهمية عالمية» وفقاً للاتفاقية ذاتها، وبالتالي باتت موطناً لتنوع غني من النباتات والحيوانات والحشرات، لا سيما أنها تجتذب الكائنات المهددة بالانقراض في لبنان.
وتقع المحمية في مدينة صور (جنوب لبنان)، وتوصف بالمحمية ذات الطبيعة «ثلاثية الأبعاد» لما تجمعه من تنوع بيئي، إذ تجمع الغطاء النباتي الأخضر والكثبان الرملية الصفراء والشاطئ البحري الأزرق، وتصل مساحتها إلى 3.8 كم مربع.
تشكل هذه العناصر فسيفساء من الموائل، التي تشمل التلال الساحلية الوحيدة في البلاد المرتبطة بنباتات وأجسام مائية خاصة بها، بالإضافة إلى شاطئ رملي عريض جاذب لتكاثر نوعين من السلاحف البحرية المعرضة للانقراض عالمياً، هما السلحفاة ضخمة الرأس (Caretta caretta، والسلحفاة الخضراء Chelonia، mydas). والمميز أيضا وجود نبتة «البنكراتيوم» التي لا تنمو إلا على شاطئ المدينة.
ويستمد موقع شاطئ صور فرادته من وجود عيون المياه والينابيع والمستنقعات التاريخية. وتلعب هذه الموارد المائية دوراً هاماً في حياة المجتمع المحلي كمصادر للمياه المستخدمة لري مساحات زراعية شاسعة.
كل ذلك إلى جانب أنواع كثيرة من النباتات، وعصافير المستنقعات التي تنتشر بكثرة فيها، مما يشكل قيمة جمالية وترفيهية.
ويدرك العلماء والزائرون على حد سواء أنها واحدة من أجمل المناظر الطبيعية الخلابة في لبنان ذات أوسع نطاق للتنوع البيولوجي.
أما محمية اليمونة، فتعد من أغنى المحميات بالمياه لكونها تحتضن أكبر تجمّع للمياه العذبة في الشرق الأوسط، وهي تتميز بغزارة مياهها، إذ يوجد فيها نحو 85 نبعاً مائياً أشهرها على الإطلاق نبع الأربعين الأثري. وفيها أربعة أنهر دائمة الجريان ونهران موسميان.
وتحتضن في مياهها العذبة سمكة اليمونة الذهبية، والتي يؤكّد الدكتور ناصر شريف - المختص في علم النبات - بأنها لا توجد في أي مكان في العالم إلا حصرياً فيها.
ويوضح أن المحمية تمتاز بأكثر من 1750 نوعاً من النبات وأشجار كثيفة نسبيا (30% من مساحتها)، بالإضافة إلى 92 نوعاً محلياً تختص بها دون غيرها من المحميات الطبيعية.
وتقع المحمية على السفح الشرقي لملتقى جبلي المكمل والمنيطرة وتمثّل معلماً سياحياً بارزاً ومقصوداً خلال مواسم الاصطياف نظرا لغناها بالآثار والنباتات، والحيوانات والطيور. وترتفع بتفاوت ما بين 1450 و3000 متر عن سطح البحر، الأمر الذي يجعلها تتمتع بخمسة أقاليم مناخية متنوعة.
هذه اللوحة الجمالية اكتملت بآثار تعود إلى حقب زمنية بعيدة (رومانية، بيزنطية، يونانية، وعربية) ومنها «معبد أدريانو» الذي يعود إلى عام 134م. و«معبد إله الماء»، آثار لا تفصلها عن قلعة بعلبك سوى 8 كيلومترات.
دليلك إلى أهم محميات لبنان الطبيعية
ثروة جمالية وثقافية وسياحية تتوزّع في مناطق عدّة
دليلك إلى أهم محميات لبنان الطبيعية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة