نيجيرفان يطوي صفحة الاستفتاء ويرمم العلاقات مع بغداد

زار العاصمة العراقية والتقى عبد المهدي وناقشا ملفي النفط والتنسيق الأمني

TT

نيجيرفان يطوي صفحة الاستفتاء ويرمم العلاقات مع بغداد

طوى نيجيرفان بارزاني الرئيس الجديد لإقليم كردستان في أول زيارة يقوم بها إلى بغداد بعد تنصبه رئيسا لإقليم كردستان قبل نحو أسبوعين خلفا لعمه مسعود بارزاني صفحة الاستفتاء (سبتمبر/أيلول عام 2017) التي سممت لأكثر من سنتين العلاقات بين بغداد وأربيل. وكان بارزاني وصل إلى بغداد أمس الخميس حيث التقى رؤساء الجمهورية برهم صالح والوزراء عادل عبد المهدي والبرلمان محمد الحلبوسي. ورغم العلاقة الجيدة بين بغداد وأربيل لا سيما بعد وصول عادل عبد المهدي إلى منصب رئاسة الوزراء، حيث يحتفظ بعلاقات جيدة مع الأكراد فإن المراقبين السياسيين يتوقعون أن الملفات التي سيبحثها بارزاني في بغداد ستواجه بموقف رسمي متشدد من قبل رئيس الوزراء نتيجة لما بات يشعر به من إحراج جراء عدم تعاطي أربيل مع ما أبداه عبد المهدي من تسهيلات لهم.
وفي هذا السياق أبلغ مصدر عراقي مطلع «الشرق الأوسط» أن رئيس الوزراء عادل عبد المهدي «محرج جدا من السلوك السياسي الكردي حياله رغم كل التسهيلات والتنازلات التي قدمها للإقليم منذ توليه منصبه رئيسا للوزراء طبقا لما يراه الآخرون وبخاصة شركاؤه في التحالف الشيعي الذي أوصله إلى السلطة بتوافق بين أهم كتلتين شيعيتين وهما سائرون (المدعومة من مقتدى الصدر) والفتح بزعامة هادي العامري».
وأضاف المصدر أن «عبد المهدي أبلغ الكرد وبخاصة الحزب الديمقراطي الكردستاني وزعيمه مسعود بارزاني (الرئيس السابق لإقليم كردستان) بهذا الحرج الذي بدأ يشعر به حيال شركائه، لا سيما على صعيد موضوع النفط وعدم قيام الإقليم بتسليم بغداد الكمية المقررة مقابل استمرار بغداد دفع رواتب موظفي الإقليم»، مضيفاً أن «عتب عبد المهدي قد يكون أحد الأسباب الرئيسية لقدوم رئيس الإقليم الجديد نيجيرفان بارزاني إلى بغداد ومخاطبته عبد المهدي: إنك رئيسي وإن بغداد هي عاصمتنا وعمقنا، حيث كان يفترض أن يقوم عبد المهدي بزيارة إلى الإقليم لكنها تأجلت لأسباب غير معروفة»، وطبقا للمصدر نفسه فإن بارزاني سوف يناقش الكثير من الملفات والقضايا العالقة مع بغداد، وأهمها النفط والتنسيق الأمني والموازنة والمناطق المتنازع عليها والمشمولة بالمادة 140 من الدستور.
وفي هذا السياق تقول رئيسة كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني في البرلمان العراقي فيان صبري في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «هذه الزيارة تكتسب أهميتها كونها هي الأولى لنيجيرفان إلى بغداد بعد تنصيبه رئيسا للإقليم وبالتالي فإن هناك ملفات يجب أن تبحث، ومنها ملفات عالقة وتتناول قضايا كثيرة لم تحسم بين الطرفين على مدى السنوات الماضية». وأضافت صبري أن «أجواء العلاقة الآن بين الطرفين إيجابية جدا وبالتالي فإن من شأن هذه الأجواء المساعدة على حل أو حلحلة الكثير من تلك القضايا»، مبينة أن «رئيس الإقليم سيبحث كل النقاط العالقة وآفاق المستقبل سواء مع رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، حيث ستكون الملفات ذات الجانب التنفيذي والتي يمكن أن تبحث تفصيليا في الزيارة المقبلة لرئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني إلى بغداد أو مع رئيسي الجمهورية والبرلمان».
وأوضحت صبري أنه «كان مقررا أن يقوم رئيس الوزراء عادل عبد المهدي بزيارة الإقليم لكن الزيارة تأجلت، فتم الاتفاق أن يكون اللقاء بين رئيس الإقليم ورئيس الوزراء في بغداد».
كما أكدت النائبة الكردية عن تحالف بغداد آلا طالباني في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «زيارة بارزاني إلى بغداد في هذا الوقت تأتي لبحث عدة ملفات منها ملف الموازنة المالية بشكل عام وتحديدا موضوع الرواتب والنقاط الجمركية وملف تصدير وتسليم واردات النفط وهي من النقاط المركزية التي سوف تبحث». وحول رؤيتها لطبيعة العلاقة بين الطرفين قالت طالباني إن «العلاقة جيدة الآن بين الجانبين لكن هناك أمور يجب أن تتوضح في سياق هذه العلاقة سواء للشعب العراقي بشكل عام أو للشعب الكردي بشكل خاص». وبشأن ما إذا كان بارزاني سوف يطلب الوساطة مع عبد المهدي بشأن محافظ كركوك المقال نجم الدين كريم الذي اعتقله الإنتربول في لبنان ومن ثم أطلق سراحه وهو الآن في أربيل أكدت طالباني أنها «لا تملك معلومات محددة بهذا الشأن لكن ملف نجم الدين كريم بيد القضاء وليس بوسع عبد المهدي التعامل بشأنه، خصوصا أنه أثير بشأنه كلام كثير في الأوساط السياسية والإعلامية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.