موجة الأكشن تكتسح موسم سينما العيد في مصر

موجة الأكشن تكتسح موسم سينما العيد في مصر
TT

موجة الأكشن تكتسح موسم سينما العيد في مصر

موجة الأكشن تكتسح موسم سينما العيد في مصر

يُعزز اكتساح إيرادات أفلام مصرية من نوع «الأكشن» في موسم أفلام عيد الفطر السينمائي الجاري، إعادة قراءة نوعية الأفلام السينمائية المطروحة خلال الآونة الأخيرة في مصر، فبينما تربعت «أفلام الأكشن» على الساحة تماماً، لم تعد فيها أفلام الكوميديا هي الحصان الأسود لرهان المنتجين في أفلام موسم العيد كما اعتادوا منذ سنوات.
فمن بين خمسة أفلام لهذا الموسم استطاعت أفلام الأكشن، وهي «كازابلانكا» و«الممر» و«حملة فرعون»، أن تحصد أعلى الإيرادات في مقابل فيلمي الكوميديا «سبع البرومبة» وبطله الفنان رامز جلال، و«محمد حسين» للفنان محمد سعد الذي احتل المرتبة الأخيرة في شباك التذاكر، فيما فاقت إيرادات فيلم «كازبلانكا» الأسبوع الماضي، 2.3 مليون دولار، وهو فيلم يشترك في بطولته عدد كبير من النجوم على رأسهم أمير كرارة وغادة عادل، وإياد نصار وعمرو عبد الجليل، وإخراج بيتر ميمي.
الكاتب والناقد المصري الدكتور حاتم حافظ، يرى أن تراجع الأفلام الكوميدية في مصر، لصالح الأكشن، كان متوقعاً جداً، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «هناك مؤشر سابق على هذا التوقع، وهو تراجع الأعمال الدرامية الكوميدية في التلفزيون آخر عامين تقريباً، حدث ذلك بسبب التشبع الذي شعر به الجمهور، لأن سوق الدراما التلفزيونية والسينمائية كأي سوق استثماري بدائي يقوم فيه المستثمرون بمراقبة السوق وما أن يكتشفوا رواج سلعة ما حتى يبدأوا في طرحها بأعداد تفوق حاجة المستهلك حتى يتشبع السوق تماماً، فيتم البحث عن طلب جديد ومن ثم على منتج جديد».
يوضح حافظ، قائلاً: «كلنا مثلاً يذكر الفترة التي تحولت فيها الدراما كلها إلى شكل (السيت كوم)، بعد نجاح أول عمل من هذا النوع، حتى أفرط المنتجون في إنتاجه، ثم فجأة اختفى تماماً كأنه لم يعرض من قبل، وطالما أن السوق الدرامي يدار بهذه العشوائية سوف نستمر طول الوقت في إنتاج لون معين، ثم يختفي ويظهر آخر بدلاً منه».
أزمة عدم توافر الأفكار الكوميدية البرّاقة والجيدة في السوق الدرامية المصرية، خلال السنوات الأخيرة، سمحت باعتلاء أفلام الأكشن والإثارة للإيرادات، بعد إدخال تكنيكات حديثة في إخراج المعارك، وهو ما سيؤدي في النهاية إلى زيادة إقبال الجمهور على مثل هذه النوعية من الأفلام خلال الفترة المقبلة، لا سيما بعد اهتمام المنتجين بها، وفق النقاد المصريين، الذين يؤكدون أن نجاح الأفلام الكوميدية في تسعينيات القرن الماضي، تسبب في اتجاه عدد كبير من الفنانين والمنتجين إلى صناعة الأعمال الكوميدية المُربحة، والعزوف عن إنتاج الأفلام الاجتماعية والسياسية.
ويرجع حافظ التحولات والتغيرات المتكررة في المشهد السينمائي المصري إلى «تشبع الجمهور بالأعمال المكررة وغير المبتكرة، في وقت يشاهدون فيه أعمالا أميركية ذات جودة عالية من حيث التكنيك والأفكار».
ويشير إلى أن السوق الحالي لا يطلب مخرجين أصحاب رؤى ومشروعات فكرية، بل يطلب مخرجين يحترفون تكنيك الأكشن والمعارك. محملاً المنتجين المصريين المسؤولية الذين يبحثون عن الأرباح المضمونة ويبتعدون عن المغامرات.
انتقادات عدة نالتها صناعة الأعمال الكوميدية في مصر، خلال السنوات الأخيرة، بعد الاعتماد على منهج «الإفيه» لإضحاك الجمهور، لدرجة أن تم وصفه بـ«الاستخفاف بعقل الجمهور».
وهو ما تؤكد عليه الناقدة الفنية المصرية صفاء الليثي بقولها إن «الجمهور ملّ من الكوميديا الحالية لأنها تفتقد للفكرة والرؤية، مثل بعض الأعمال الكوميدية التي عرضت في شهر رمضان الماضي، فالكوميديا فن صعب يتطلب كتابة من نوع خاص تعتمد على كوميديا الموقف والمفارقات المدهشة وليس إلقاء (الإفيهات) فقط التي ملّ منها الجمهور وتشبع منها وربما كانت سببا في عدم إقباله عليها بشكل ملحوظ في هذا الموسم، في الوقت الذي ارتفعت فيه مقومات الإنتاج السينمائي في مجال الأكشن والاستعانة بخبراء أجانب في مجال صناعة المعارك وغيرها من آليات تلك الصناعة البراقة، بجانب بروز نجم أكشن جديد مثل أمير كرارة الذي استطاع العام الماضي كذلك تحقيق إقبال مرتفع على فيلمه».
تضيف الليثي أن «الجمهور المستهدف من أفلام العيد، يكون في المقام الأول من الشباب الذي تستهويه نوعية أفلام الأكشن، لا سيما مع ارتفاع ثمن تذاكر السينما التي جعلت طقس دخول العائلة للسينما مكلفا ماديا».
ولفتت: «رغم عدم وجود دراسات دقيقة في مصر عن الجمهور المستهدف واختيارات المشاهدة السينمائية لدى قطاعات المجتمع المختلفة إلا أن المنتجين والموزعين على وعي بشكل كبير بنوعية الأفلام التي تستهدف كل جمهور بما فيهم جمهور مواسم الأعياد».



موسوعة لتوثيق أعمال سعيد العدوي مؤسس جماعة التجريبيين بمصر

أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
TT

موسوعة لتوثيق أعمال سعيد العدوي مؤسس جماعة التجريبيين بمصر

أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)

تأتي موسوعة الفنان سعيد العدوي (1938-1973) لترصد مسيرة مؤسس جماعة التجريبيين المصريين وأحد أبرز فناني الحفر والجرافيك في النصف الثاني من القرن العشرين.

وتتضمن الموسوعة، حسب قول المشرف عليها والباحث في شؤون الحركة الفنية المصرية الدكتور حسام رشوان، المئات من أعمال العدوي ويومياته ومذكراته واسكتشاته، مدعومة بعدد كبير من الدراسات التي تم إعداد بعضها خصوصاً من أجل هذه الموسوعة، ومعها دراسات أخرى نشرها أصحابها في صحف ومجلات ومطبوعات خاصة بالفن في مصر والوطن العربي.

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن مقدمة الدكتورة أمل نصر تتناول جميع المقالات، والزاوية التي نظر منها الناقد لأعمال العدوي موضع الدراسة، كما تقوم بقراءتها وتحليلها وبسط عناصرها أمام الباحثين ومحبي فنه».

موسوعة العدوي تضمنت اسكتشاته ورسوماته (الشرق الأوسط)

وتأتي موسوعة العدوي التي نشرتها مؤسسة «إيه آر جروب» التي يديرها الفنان أشرف رضا، في صورة مونوغراف جامع لكل أعماله، التي تعبق برائحة الماضي، وعالم الموشحات، وحلقات الذكر والمشعوذين، وعربات الكارو والحنطور، وتجمعات الموالد والأسواق والأضرحة، فضلاً عن لوحة «الجنازة» بعد رحيل عبد الناصر. وجمعت الموسوعة كل كراساته واسكتشاته بالكامل، ومذكراته الخاصة التي كتبها وتعتبر دراسات نفسية قام بكتابتها، وقد ساعدت هذه المذكرات النقاد والباحثين في فن العدوي على تناول أعماله بصورة مختلفة عن سابقيهم الذين تصدوا لفنه قبل ظهورها، وفق رشوان.

ولأعمال العدوي طابع خاص من الحروفيات والزخارف والرموز ابتكرها في إبداعاته وهي تخصه وحده، وتخرّج العدوي ضمن الدفعة الأولى في كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية عام 1962، وأسس مع زميليه محمود عبد الله ومصطفى عبد المعطي جماعة التجريبيين. وتأتي الموسوعة باللغة العربية في قطع كبير بالألوان، تزيد على 600 صفحة، من تصميم وتجهيز وإنتاج طباعي «إيه آر جروب» للتصميم والطباعة والنشر.

الموسوعة ضمت العديد من الأعمال الفنية ودراسات عنها (الشرق الأوسط)

وتتضمن الموسوعة، وفق رشوان، دراستين جديدتين للدكتور مصطفى عيسى، ودراسة لكل من الدكتورة ريم حسن، وريم الرفاعي، والدكتورة أمل نصر، ودراسة للدكتورة ماري تيريز عبد المسيح باللغة الإنجليزية، وجميعها تم إعدادها خصوصاً للموسوعة، وهناك دراسات كانت موجودة بالفعل للدكتور أحمد مصطفى، وكان قد جهّزها للموسوعة لكن عندما أصدرت مجلة فنون عدداً خاصاً عن فن العدوي قام بنشرها ضمن الملف، وإلى جانب ذلك هناك بحث عن أعمال العدوي للراحلين الدكتور شاكر عبد الحميد والفنان عز الدين نجيب وأحمد فؤاد سليم ومعهم عدد كبير من النقاد والفنانين الذي اهتموا برائد التجريبيين المصري وأعماله.

والتحق سعيد العدوي بمدرسة الفنون بالإسكندرية سنة 1957، وقبلها بعام كان في كلية الفنون بالزمالك، وقضى خمس سنوات لدراسة الفن في عروس البحر المتوسط، أما الأعمال التي تتضمنها الموسوعة وتوثق لها فتغطي حتى عام 1973؛ تاريخ وفاته. وهناك عدد من رسوم الكاريكاتير كان قد رسمها وقت عمله بالصحافة، وهذه الأعمال اهتمت بها الموسوعة ولم تتجاهلها لأنها تكشف عن قدرات كبيرة للعدوي وسعيه للدخول في مجالات عديدة من الفنون التشكيلية، وفق كلام رشوان.

من أعمال العدوي (الشرق الأوسط)

ولفت إلى أن «تراث العدوي بكامله بات متاحاً من خلال الموسوعة للباحثين في فنه والمهتمين بأعماله وتاريخ الفن التشكيلي المصري، وقد توفر لدى كتّاب الموسوعة عدد مهول بالمئات من اللوحات الكراسات والاسكتشات، فأي ورقة كان يرسم عليها اعتبرناها وثيقة وعملاً فنياً تساعد في الكشف عن رؤية العدوي التشكيلية وعالمه الخَلَّاق».

ولا تعتمد الموسوعة فكرة التسلسل الزمني، لكنها توثق عبر المقالات كل الأعمال التي تناولتها، من هنا بنى رشوان رؤيته وهو يرسم الخطوط الرئيسية لفن العدوي على الدراسات البانورامية التي تشتغل بحرية كاملة على الأعمال دون التقيد بتاريخها.

وسبق أن أصدر الدكتور حسام رشوان، بالاشتراك مع الباحثة والناقدة الفرنسية فاليري هيس، موسوعة فنية عن رائد التصوير المصري محمود سعيد عن دار «سكيرا» الإيطالية عام 2017 بمناسبة مرور 120 عاماً على ميلاد محمود سعيد، وتضمنت الموسوعة في جزئها الأول أكثر من 500 لوحة و11 مقالاً ودراسة نقدية.