خبراء يؤكدون أن تحدي الإرهاب يحد من تنافسية أفريقيا في العالم

خلال المؤتمر الأفريقي للسلام والأمن بالرباط

جانب من فعاليات المؤتمر الأفريقي للسلام والأمن في الرباط (الشرق الأوسط)
جانب من فعاليات المؤتمر الأفريقي للسلام والأمن في الرباط (الشرق الأوسط)
TT

خبراء يؤكدون أن تحدي الإرهاب يحد من تنافسية أفريقيا في العالم

جانب من فعاليات المؤتمر الأفريقي للسلام والأمن في الرباط (الشرق الأوسط)
جانب من فعاليات المؤتمر الأفريقي للسلام والأمن في الرباط (الشرق الأوسط)

أجمع المتدخلون في الدورة الثالثة من المؤتمر الأفريقي للسلام والأمن، الذي أنهى أشغاله أمس في الرباط، على أن الإرهاب والنزاعات في أفريقيا تمثل تحديات كبرى، تحدّ من تنافسية القارة في العالم، مشددين على أهمية تكثيف الجهود من أجل مواجهة هذه الظواهر، وتبوؤ القارة السمراء المكانة التي تستحقها.
وقال كريم العيناوي، رئيس مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد بالمغرب، خلال افتتاح المؤتمر الذي نظم تحت شعار «مكانة أفريقيا وتأثيرها في عالم متغير»، مساء أول من أمس، إن الأفارقة «مطالبون اليوم بتحديد المكانة التي يجب أن تتبوأها القارة في العالم، من خلال اتخاذ قراراتهم انطلاقاً من واقعهم في عدد من القضايا المحورية».
وأكد العيناوي على أهمية إبراز المكانة الحقيقية التي ينبغي أن تضطلع بها القارة الأفريقية في مقابل أوروبا ودول آسيا وأميركا، مبرزاً أن المؤتمر الذي يشارك فيه عدد من الخبراء، سيبحث مستقبل القارة الأفريقية وكيفية مواجهة تحديات الأمن والاستقرار والتنمية، التي تواجهها معظم دول وشعوب المنطقة.
كما شدّد العيناوي على أهمية اعتماد الدراسات والبحوث العلمية التي تعدها مراكز البحث والتفكير حول بلدان القارة الأفريقية، وذلك من أجل استشراف مستقبل آمن لشعوبها، داعياً إلى الاهتمام أكثر بالبحث والتخطيط الاستراتيجي لتحقيق النتائج المرجوة.
من جهته، اعتبر رشيد الحضيكي، الباحث في مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، أن مراكز التفكير والبحث في القارة الأفريقية «مطالبة بصياغة نماذج ومفاهيم وأفكار، تخدم حاجات القارة الأفريقية في المجال الاستراتيجي والأمني والجيو - اقتصادي». مشيراً إلى أن واقع القارة يفرض «تقييم جميع الديناميات المؤسساتية، سواء على المستوى القاري والإقليمي، وعلى مستوى العلاقات الثنائية بين الدول»، ومشدداً على ضرورة ترجمة جميع المعلومات المتعلقة بأفريقيا إلى «معارف علمية لإنتاج نماذج قادرة على دعم ديناميات التقارب الاستراتيجي والجيوسياسي في أفريقيا». وفي هذا السياق، أكد الحضيكي أن عقد المؤتمر الثالث يأتي في إطار استمرار البحث والاهتمام بالقارة الأفريقية والتركيز على مستقبلها، في ظل التحديات التي تواجهها دول المنطقة.
بدوره، أكد خالد الشكراوي، الباحث والأكاديمي المغربي، أن مشكل الأمن والسلم في أفريقيا «حاد ومرتبط بتدبيره من لدن الدول والتناقضات الموجودة فيما بينها»، لافتاً إلى أن هناك حكومات «تستغل هذا المشكل لضرب جارتها أو من تتناقض معه سياسياً، ورغم أنها مرتبطة بمنظمات جهوية، فإنها في غالب الأحيان لا تحترم مقومات هذه المنظمات التي تتأسس على حماية الوحدة الوطنية لكل دولة، وحماية المسارات الديمقراطية لهذه الدول».
وأفاد الشكراوي بأن غياب الديمقراطية عامل مؤثر في القارة وتنافسيتها، معتبراً أن غالبية الدول «لها مشكل حدودي مع جاراتها... ولا تتمتع بالحكامة الجيدة، ولا تحترم مقتضياتها». كما شدّد على أن أفريقيا ينبغي أن تتخلص من «فكرة الارتباط بالأب المؤسس، وأعتقد أن الأفارقة يجب عليهم أن يصلوا إلى مستوى قتل الأب السيكولوجي، وهذا ما لم نصل إليه لحد الآن».
في سياق ذلك، أشار الشكراوي إلى أن تحدي الإرهاب أصبح دولياً، مبرزاً أن حضوره في أفريقيا «مغاير لما نعيشه في العالم الآسيوي، وخصوصاً الشرق الأوسط، وعلينا ألا نقرن ما يحدث في الشرق الأوسط بما يحدث في أفريقيا».
ومضى الشكراوي مبيناً أن الإرهاب مرتبط بمجموعة من «التناقضات الداخلية، وأعتقد أننا ما زلنا في حاجة إلى إنتاج براديغمات جديدة لفهم هذه الظاهرة الخطيرة وجدّ المؤثرة»، وفق تعبيره.
وفي مداخلة لديانغو سيسوكو، رئيس الوزراء الأسبق بمالي، اعتبر أن «اقتسام الأرباح في العلاقات السياسية والاقتصادية بين الدول الأوروبية والأفريقية بنسبة 50 في المائة لكل طرف أمر مستحيل». مضيفاً أن الوضع الذي تعيشه بلدان القارة السمراء «لا يسمح لها بأن تكون «نداً للدول الأوروبية في العلاقات التي تجمعها بها».
وأكد رئيس الوزراء المالي الأسبق، أن النزاعات والحروب التي تعيشها عدة دول في القارة تؤثر «سلباً على الاستقرار والتنمية في القارة»، كما شدّد على أهمية التكتل والتعاون، من أجل «طيّ الخلافات وتحقيق النهضة الاقتصادية والاجتماعية المطلوبة لشعوب القارة».
ومثّل المؤتمر فرصة لتبادل وجهات النظر حول مكانة أفريقيا على المستوى العالمي؛ حيث ناقش خبراء من 20 جنسية، محاور أساسية، توزعت بين «أفريقيا والعالم، وكيفية التخلص من الصور النمطية المتبادلة، وأفريقيا وإنتاج المعرفة الاستراتيجية والمعيارية، وبناء قدرة القارة الأفريقية على الصمود من خلال تعبئة الجهود، والقدرات الأفريقية في مجال الأمن، وسبل صوغ استراتيجية أفريقية مشتركة في مواجهة القوى الدولية».


مقالات ذات صلة

تركيا مستعدة لدعم السلطة السورية الجديدة... وأولويتها تصفية «الوحدات الكردية»

المشرق العربي جانب من لقاء وزير الدفاع التركي الأحد مع ممثلي وسائل الإعلام (وزارة الدفاع التركية)

تركيا مستعدة لدعم السلطة السورية الجديدة... وأولويتها تصفية «الوحدات الكردية»

أكدت تركيا استعدادها لتقديم الدعم العسكري للإدارة الجديدة في سوريا إذا طلبت ذلك وشددت على أن سحب قواتها من هناك يمكن أن يتم تقييمه على ضوء التطورات الجديدة

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية جانب من الدمار الذي خلفه الهجوم المزدوج في ريحانلي عام 2013 (أرشيفية)

تركيا: القبض على مطلوب متورط في هجوم إرهابي وقع عام 2013

أُلقي القبض على أحد المسؤولين عن التفجير الإرهابي المزدوج، بسيارتين ملغومتين، الذي وقع في بلدة ريحانلي (الريحانية)، التابعة لولاية هطاي جنوب تركيا، عام 2013

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا أسلحة ومعدات كانت بحوزة إرهابيين في بوركينا فاسو (صحافة محلية)

بوركينا فاسو تعلن القضاء على 100 إرهابي وفتح 2500 مدرسة

تصاعدت المواجهات بين جيوش دول الساحل المدعومة من روسيا (مالي، والنيجر، وبوركينا فاسو)، والجماعات المسلحة الموالية لتنظيمَي «القاعدة» و«داعش».

الشيخ محمد (نواكشوط)
آسيا الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)

الملا عثمان جوهري يستذكر العمليات ضد الأميركيين

قاد الملا عثمان جوهري واحدة من أعنف الهجمات على القوات الأميركية في أفغانستان، وهي معركة «ونت» التي باتت رمزاً للحرب ذاتها.

عزام أحمد (إسلام آباد - كابل)
أوروبا استنفار أمني ألماني في برلين (أرشيفية - متداولة)

ألمانيا: دراسة تكشف استمرار ارتباط كراهية اليهود باليمين المتطرف بشكل وثيق

انتهت نتائج دراسة في ألمانيا إلى أن كراهية اليهود لا تزال مرتبطة بشكل وثيق باليمين المتطرف.

«الشرق الأوسط» (بوتسدام )

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».