روسيا تعوّل على اللقاء الثلاثي لـ«تسوية» في سوريا

TT

روسيا تعوّل على اللقاء الثلاثي لـ«تسوية» في سوريا

أعلنت وزارة الخارجية الروسية تفاصيل عن التحضيرات الجارية لعقد لقاء رؤساء مجالس الأمن القومي، في روسيا والولايات المتحدة وإسرائيل. وقالت إن أبرز أهداف اللقاء «البحث عن خطوات عملية مشتركة للتسوية في سوريا» ولم تستبعد تحول اللقاء إلى «آلية دائمة» لمعالجة الملف السوري وملفات الأزمات في منطقة الشرق الأوسط.
وقال مدير قسم الإعلام والصحافة، إن اللقاء المزمع في القدس الغربية، قبل نهاية الشهر الحالي، سيجمع سكرتير مجلس الأمن الروسي، نيقولاي باتروشيف، مع نظيريه: الأميركي جون بولتون، والإسرائيلي مئير بن شبات. وأوضح أن بين أبرز أهداف اللقاء المرتقب «البحث عن سبل لخطوات عملية مشتركة لتسوية الأزمة في سوريا، وفي منطقة الشرق الأوسط بأسرها».
وتابع بأن موسكو «تولي أهمية كبرى لتحقيق هذا الهدف». وفي إشارة غير مسبوقة إلى احتمال أن يدشن هذا اللقاء آلية ثلاثية دائمة لمناقشة قضايا سوريا والمنطقة، قال الدبلوماسي الروسي إن بلاده ترى في اللقاء «إمكاناً لاستخدام صيغ عمل جديدة من شأنها أن تسهم، من دون أن تستبدل بالصيغ الحالية وصيغة آستانة في المقام الأول، في المضي على طريق السلام والاستقرار في سوريا، في ظل ضمان سيادتها ووحدتها وسلامة أراضيها، وكذلك في القضاء النهائي على الإرهاب الدولي على التراب السوري، وعودة اللاجئين، وإعادة إعمار البلاد اجتماعياً واقتصادياً في أسرع وقت ممكن».
وأضاف أن موسكو تتعامل مع قضايا تنظيم وإجراء اللقاء المرتقب بـ«مسؤولية بالغة»، وتعول على «موقف مماثل من قبل زملائها الأجانب، ومن جانب وسائل الإعلام»، مضيفاً أن «كل التخمينات بشأن صفقة مزعومة قيد الإعداد أو اتفاقات تبادلية لن تؤدي سوى إلى تبعات سلبية».
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قد رحب بعقد الاجتماع الأمني الثلاثي المرتقب بين روسيا وإسرائيل وأميركا. ورأى أنه سيكون «لقاء تاريخياً غير مسبوق» و«قمة مهمة جداً من شأنها ضمان الاستقرار في الشرق الأوسط، في فترة هائجة وحساسة». وأشار إلى أن اللقاء الثلاثي «يجمع بين الدولتين العظميين في إسرائيل، وهذا دليل على مكانة إسرائيل الحالية على الساحة الدولية».
وكان مجلس الأمن الروسي قد كشف عن الموعد المحدد للقاء، وأفاد في بيان بأن قادة المجالس الأمنية الروسية والأميركية والإسرائيلية «سيعقدون اجتماعاً في إسرائيل، يومي 24 و25 يونيو (حزيران) لبحث قضايا الأمن في المنطقة». وأوضح المجلس أنه من المخطط عقد اجتماعين ثنائيين لباتروشيف، مع كل من بولتون وبن شبات، وعقد اجتماع ثلاثي روسي أميركي إسرائيلي.
وأعرب رئيس البعثة الدبلوماسية الأميركية في روسيا، أنطوني غودفري، عن أمل واشنطن في أن يسهم اللقاء الأمني الثلاثي في «بلورة نهج مشترك أكثر فعالية إزاء إيران». في حين أكدت وسائل إعلام روسية أن ملف الوجود الإيراني في سوريا وآليات التوصل إلى تسوية دائمة ستكون على رأس جدول أعمال اللقاء. لكن موسكو شددت على المستوى الرسمي على أن اللقاء «لا يهدف إلى الخروج بصفقات؛ بل إلى إيجاد آليات مشتركة لدفع التسوية». وقال نائب سكرتير مجلس الأمن الروسي، ألكسندر فينيديكتوف، إن بلاده تؤكد على ضرورة أن تراعي الخطوات المشتركة بين الأطراف الثلاثة «مصالح كل الجهات الفاعلة، بما فيها إيران»، مضيفاً: «كل محاولات اللجوء إلى تكتيك الإنذارات محكوم عليها بالفشل سابقاً... وإذا أراد أحد ما دق إسفين بيننا وبين شركائنا في المنطقة بواسطة هذه الأساليب، فإن حساباته خاطئة».
إلى ذلك، اتهم مقر التنسيق الروسي - السوري الذي تديره وزارة الدفاع الروسية، الأمم المتحدة، بأنها «تقلل من حجم الكارثة الإنسانية في مخيم الهول» الواقع في شمال شرقي سوريا، الذي يقطنه حالياً 72 ألف لاجئ.
وأفاد بيان أصدره المركز بأن «تقييمات بعض الهيئات الأممية للوضع في مخيم الهول، والتي تقلل بشكل ملحوظ من نطاق الكارثة الإنسانية في المخيم، تثير قلقاً جدياً لدينا»؛ لافتاً إلى أنه «لم يتم حتى الآن حل أي مشكلة من تلك التي يعاني منها اللاجئون، خلافاً للوعود الأميركية المتكررة».
ووفقاً للبيان: «يعاني نحو 72 ألف شخص، 91 في المائة منهم من النساء والأطفال، في مخيم الهول، ظروفاً معيشية مأساوية؛ خصوصاً أن 65 في المائة منهم هم أطفال دون الـ12 عاماً». وأشار إلى أنه «ليس لدى معظمهم مساكن مقبولة، ويضطر الناس للعيش في خيم يدوية الصنع».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».