موسكو: الغرب أنفق مليارات لدعم المعارضة السورية

مبعوث الرئيس الروسي يدعو بغداد وبيروت إلى المشاركة في اجتماعات آستانة

TT

موسكو: الغرب أنفق مليارات لدعم المعارضة السورية

أعلن رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية الروسية سيرغي ناريشكين، أن الغرب «أنفق المليارات من الدولارات على دعم المعارضة المسلحة في سوريا»، محذراً من «انتقال المتطرفين الفارين من ضربات الجيش السوري لإغراق المدن الأوروبية».
وقدم ناريشكين أمس، خلال افتتاح مؤتمر أمني دولي يعقد في مدينة أوفا عاصمة جمهورية بشكيرستان الروسية عرضاً لإنجازات الأجهزة الأمنية والعسكرية الروسية في سوريا. وقال إن المعطيات التي قدمتها الأجهزة الأمنية أسهمت بشكل فعال في تقويض قدرات المجموعات المتطرفة في غالبية الأراضي السورية. ولفت إلى ملاحقة المتشددين الذين ينتمون إلى أصول روسية أو إلى جمهوريات الفضاء السوفياتي السابق. وقال المسؤول الأمني إنه «جرى في سوريا إنفاق المليارات من الدولارات لدعم جماعات المعارضة المسلحة، غير أن الدول الغربية لم تتمكن برغم كل ذلك من الفصل بين الجماعات المعتدلة وجبهة النصرة الإرهابية».
وزاد أن الوضع «تغير بشكل جذري حالياً» مضيفاً أن «المتطرفين، الهاربين من ضربات القوات السورية الحكومية، ينتقلون الآن لإغراق المدن الأوروبية».
وحذر ناريشكين البلدان الغربية من «عواقب محاولتها مغازلة الجماعات الإرهابية في سوريا والعراق»، واصفا ذلك بأنه «أمر خطير للغاية».
أوضح أنه «من الممكن أن البعض في الغرب كان يأمل بانتقال الجبهة الإرهابية، بعد فشل مشروع إنشاء الخلافة على الأراضي السورية والعراقية، إلى منطقة أخرى تقع بعيداً عن أوروبا، في أفغانستان أو آسيا الوسطى... وخاصة إذا ما جرى دعم هذه الآمال بأعمال حقيقية لنقل المقاتلين إلى هناك»، مضيفا: هذه الحسابات خطرة ونرى كيف يحاول كثيرون الانتقال إلى أوروبا.
على صعيد آخر، أعلن في موسكو أمس، أن المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرينتييف، أجرى في بغداد أول من أمس، محادثات مع رئيس الوزراء العراقي، عادل عبد المهدي، تطرقت إلى مشاركة بغداد في مفاوضات آستانة.
ورافق لافرينتييف في زيارته نائب وزير الخارجية سيرغي فيرشينين وعدد من المسؤولين في وزارتي الخارجية والدفاع الروسيتين. وبحث الطرفان وفقاً لمعطيات روسية وعراقية تطورات الأوضاع في سوريا والجهد المبذول لتحقيق الاستقرار فيها، فضلاً عن الاستعدادات الجارية لعقد لقاء جديد في إطار «مسار آستانة».
ونقل المبعوث الروسي تأكيدات الرئيس فلاديمير بوتين حول رغبة روسيا في «استمرار التعاون بين البلدين الصديقين وتعزيز العلاقات الثنائية المتنامية، وترحيب بلاده بعودة العراق إلى دوره في المنطقة بقوة، والعمل المشترك بين العراق وروسيا فيما يخص محاربة الإرهاب والسعي لتحقيق الاستقرار في سوريا وعموم المنطقة، واهتمام روسيا بمشاركة العراق في لقاءات آستانة كمراقب، وضرورة تعاون دول الجوار لإنهاء حالة الحرب فيها واستمرار جهود محاربة الإرهاب والقضاء على بقايا تنظيم داعش».
يذكر أنه تم في الاجتماع الأخير في إطار مسار آستانة، الذي انعقد الشهر الماضي في عاصمة كازاخستان نور سلطان التوصل إلى تفاهم بين الأطراف الضامنة وقف النار في سوريا (روسيا وتركيا وإيران) لضم العراق ولبنان إلى الأطراف المشاركة في مسار آستانة، بصفة مراقبة. علماً بأن الأردن كان البلد العربي الوحيد الذي شارك في جولات سابقة في إطار هذا المسار.
وغدت بيروت المحطة الثانية في جولة لافرينتييف في المنطقة، إذ وصل أمس إلى العاصمة اللبنانية لبحث الملف ذاته.
ونقلت وسائل إعلام روسية أن الوفد الروسي ركز خلال الزيارة على تطورات الأوضاع في سوريا، وعملية إعادة الإعمار والمبادرة الروسية لعودة النازحين السوريين إلى بلادهم، وغيرها من الملفات».
وقام لافرينتييف وفقاً للمصادر بتوجيه الدعوة رسميا إلى لبنان لحضور أعمال جولة آستانة الجديدة التي تم التوافق على تنظيمها الشهر المقبل في نور سلطان. ولفتت إلى أن «أهمية حضور لبنان تكمن في أن الجولة المقبلة ستضع إطاراً محدداً للبدء بإعادة النازحين السوريين إلى المناطق الآمنة «ما يمكن لبنان من طرح رؤيته حول طرق معالجة هذا الملف».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.