الاقتصاد الباكستاني ينتظر جرعة الأكسجين الصينية

الاقتصاد الباكستاني ينتظر جرعة الأكسجين الصينية
TT

الاقتصاد الباكستاني ينتظر جرعة الأكسجين الصينية

الاقتصاد الباكستاني ينتظر جرعة الأكسجين الصينية

عندما كان في المعارضة، كان رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان يردد أن على بلاده التوقف عن طلب دعم صندوق النقد الدولي، لأن اهتمامه كان مركزاً على محاربة التهرب الضريبي، السبيل الوحيد برأيه لزيادة الإيرادات التي تحول دون «مد اليد» لطلب الدعم المالي من الخارج عموما والدول الغربية خصوصاً. أما الآن، وبعدما وصل إلى سدة السلطة بات أمام الواقع الصعب، ويحاول جاهدا إنقاذ الاقتصاد من براثن الركود ويسعى لتنفيذ جملة خطط متوازية على أكثر من صعيد مع إبقاء الأمل معقوداً بقوة «على جرعة الأكسجين» الصينية كما يؤكد اقتصاديون في إسلام آباد.
وأعلن صندوق النقد الدولي في منتصف مايو (أيار) الماضي اتفاقا مع إسلام آباد لإقراضها 6 مليارات دولار تصرف خلال 3 سنوات. وتطلب ذلك الاتفاق مفاوضات في مدى 8 أشهر تغير خلالها وزير المالية ومحافظ البنك المركزي وذلك لتسهيل الاتفاق الذي كان مشروطاً بإصلاحات. وهذا القرض يعزز احتياطات النقد الأجنبي التي لا تغطي أكثر من شهري استيراد.
في المقابل، تعهدت الحكومة بتنفيذ خطة لزيادة الإيرادات عبر مكافحة الغش الضريبي، وتخفيض خسائر الشركات الحكومية خصوصا في قطاع الطاقة.
وتؤكد الحكومة أن الإجراءات الإصلاحية التقشفية لن تمس المساعدات المقدمة للفقراء، لا بل أعلنت أن تلك المساعدات لا سيما الاجتماعية منها سترتفع بواقع 80 مليار روبية (560 مليار دولار)، وتعهدت ألا تطال زيادة تعرفة الكهرباء إلا ربع المشتركين أصحاب الاستهلاك المرتفع.
لكن هناك من يشكك في قدرة الحكومة على الالتزام بتعهداتها استنادا إلى تجارب سابقة. ففي الفترة بين 2008 و2013 وعدت الحكومة آنذاك بتوسعة الصحن الضريبي وتخفيض الخسائر التي تمنى بها الشركات العامة، وذلك مقابل قرضين من صندوق النقد الدولي مجموعهما أكثر من 14 مليار دولار. واللجوء الجديد إلى صندوق النقد يظهر مدى التعثر الذي واجه الإصلاح، بعدما زاد الدين العام ولم تفلح برامج النمو والتنمية ولم تزد الصادرات، ولم يرتفع نصيب الفرد من الناتج، لا بل انخفض بنسبة 8 في المائة العام الماضي.
وتعد الحكومة بأن القرض الجديد سيكون آخر قرض تأخذه من الصندوق لأن الآمال معلقة على الاستثمارات الصينية الضخمة التي أعلن عنها في 2015 وتبلغ 60 مليار دولار وتندرج في سياق مسارات طريق الحرير أو ما بات يسمى مبادرة الحزام والطريق العابرة للقارات.
وتلك الاستثمارات وضعت في خطة اسمها «الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني» ويمتد تنفيذها حتى 2030، وتطمح إلى تحديث البنى التحتية لا سيما في قطاعات المواصلات والموانئ والطاقة فضلاً عن التعاون الصناعي، وإقامة مناطق تجارة حرة أو مناطق اقتصادية بشروط تيسيرية خاصة، هدفها الأول خلق فرص عمل كثيرة للباكستانيين. وتعزيز تدفق الاستثمارات الخاصة وزيادة الصادرات. وهناك من يعتقد في إسلام آباد أن تنفيذ تلك الخطة سيحول باكستان إلى نمر اقتصادي جديد في آسيا.
وفي التفاصيل ستشمل تلك الاستثمارات 3 آلاف كيلومتر من الطرقات وخطوط السكة الحديد، ومد أنابيب غاز وشبكة ألياف ضوئية.
وتصف بكين تلك الخطط بأنها نموذج يحتذى به في التعاون والتنمية الإقليمية والدولية. وأقرت الاتفاقيات الخاصة بكل ذلك بين الحكومتين على أن التمويل وبنسبة 80 في المائة يأتي من الصين والباقي عبارة عن قروض واستثمارات متفرقة. وفي نهاية 2018 أطلقت عدة مشاريع أبرزها 7 في قطاع الطاقة باستثمارات تبلغ 5 مليارات دولار، وهناك تحضير الآن لإطلاق 5 مشاريع أخرى مماثلة باستثمارات تزيد على 8 مليارات دولار. وفي قطاع النقل 3 مشاريع أطلقت كلفتها 6 مليارات دولار.
مقابل ذلك التفاؤل يحذر اقتصاديون من بعض الاستثمارات الصينية التي تتخذ شكل قروض، إذ من شأن ذلك زيادة الدين العام أكثر، علما بأنه في 4 سنوات ارتفعت نسبة ذلك الدين إلى الناتج من 63 إلى 77 في المائة وفقا لتقرير البنك المركزي. وتزامن تفاقم الاستدانة مع استمرار العجز التجاري بين 2013 و2018. وفي السنة الممتدة من مايو (أيار) 2018 إلى أبريل (نيسان) 2019 بلغ العجز التجاري 30 مليار دولار بحسب أرقام البنك المركزي، ويمثل العجز مع الصين ربع الإجمالي. وعلى الرغم من إطلاق برامج الاستثمارات الصينية في 2015 فإن النمو الاقتصادي المتوقع هذه السنة بحسب توقعات صندوق النقد الدولي سيتراجع نحو 2.9 في المائة.
ولا يعول المستثمرون كثيرا على التعهدات الإصلاحية الجديدة ويبرز ذلك في تدهور سعر العملة المستمر منذ نحو شهر تقريبا، أي منذ إعلان القرض الجديد لصندوق النقد الدولي، حيث فقدت الروبية 10 في المائة وهبطت قيمتها من 141 روبية مقابل الدولار إلى 156 روبية، علماً بأن سعر الصرف تراجع بنسبة تقترب من 30 في المائة خلال سنة تقريباً. لكن لتراجع العملة فوائد أبرزها زيادة الصادرات التي تعول عليها باكستان كثيرا لتتحول إلى قاعدة إنتاجية وصناعية قادرة على جذب المستثمرين كما فعلت معظم جاراتها التي انتعشت فيها الصناعة كثيرا وجذبت المستثمرين الدوليين الباحثين عن كلفة إنتاج منخفضة ويد عاملة ماهرة بأسعار زهيدة مقارنة بالكلفة السائدة في الدول الصناعية المتقدمة.



اختتام الجولة الأولى من مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بين دول الخليج واليابان

الجولة الأولى من المفاوضات التي قادتها السعودية بين دول الخليج واليابان (واس)
الجولة الأولى من المفاوضات التي قادتها السعودية بين دول الخليج واليابان (واس)
TT

اختتام الجولة الأولى من مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بين دول الخليج واليابان

الجولة الأولى من المفاوضات التي قادتها السعودية بين دول الخليج واليابان (واس)
الجولة الأولى من المفاوضات التي قادتها السعودية بين دول الخليج واليابان (واس)

ناقشت الجولة الأولى من مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بين دول مجلس التعاون الخليجي واليابان، عدداً من المواضيع في مجالات السلع، والخدمات، وقواعد المنشأ، والإجراءات الجمركية، والنصوص والأحكام العامة، والتجارة الرقمية، والملكية الفكرية.

وقد اختتمت الجولة الأولى المنعقدة بين 10 و12 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، بمدينة الرياض، بمشاركة المملكة ممثلةً بالهيئة العامة للتجارة الخارجية. وأكَّد وكيل محافظ هيئة التجارة الخارجية للاتفاقيات والمنظمات الدولية رئيس الفريق التفاوضي السعودي فريد بن سعيد العسلي، أن الجولة تمثل خطوة مهمة نحو تعزيز الشراكة الاقتصادية بين الجانبين؛ وستعمل على زيادة حجم التبادل التجاري، ودعم التكامل الاقتصادي والاستثماري، مشيراً إلى أن اليابان تُعد شريكاً رئيساً لدول مجلس التعاون، مما يجعلها سوقاً أساسية لصادرات دول الخليج.

وشارك في الوفد الحكومي للمملكة الذي ترأسه الهيئة العامة للتجارة الخارجية، كل من: وزارة الطاقة، ووزارة الاستثمار، ووزارة البيئة والمياه والزراعة، ووزارة الصناعة والثروة المعدنية، ووزارة الاقتصاد والتخطيط، وزارة الداخلية، والهيئة السعودية للملكية الفكرية، وهيئة الزكاة والضريبة والجمارك، والهيئة الوطنية للأمن السيبراني، وهيئة تنمية الصادرات السعودية، والبنك المركزي السعودي.

يذكر أن هيئة التجارة الخارجية تعمل على تعزيز مكاسب المملكة التجارية الدولية، وزيادة حجم وجودها الدولي ومشاركتها الفعّالة في عدد من المنظمات الدولية؛ لضمان تحقيق الأهداف المشتركة وتحقيق التنمية المستدامة.