تحليل جديد لبيانات الزلازل يقود الموجة التالية في التنقيب عن النفط

طريقة حسابية طورها علماء «كاوست»

شِن - دونغ جانغ ومشرفه على رسالة الدكتوراه طارق الخليفة يمهدان الطريق أمام طرق جديدة في مجال معالجة البيانات الزلزالية
شِن - دونغ جانغ ومشرفه على رسالة الدكتوراه طارق الخليفة يمهدان الطريق أمام طرق جديدة في مجال معالجة البيانات الزلزالية
TT

تحليل جديد لبيانات الزلازل يقود الموجة التالية في التنقيب عن النفط

شِن - دونغ جانغ ومشرفه على رسالة الدكتوراه طارق الخليفة يمهدان الطريق أمام طرق جديدة في مجال معالجة البيانات الزلزالية
شِن - دونغ جانغ ومشرفه على رسالة الدكتوراه طارق الخليفة يمهدان الطريق أمام طرق جديدة في مجال معالجة البيانات الزلزالية

طور باحثون في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) طريقة حسابية متقدمة لمعالجة البيانات الزلزالية تسمح بتصوير البنية المفصلة لمخزونات النفط العميقة بدقة لم يسبق لها مثيل، ما يفتح الطريق أمام بزوغ إمكانيات جديدة لمجابهة التحدي الذي يزداد صعوبة، المتمثل في البحث عن احتياطيات جديدة.
وتتسم عملية التنقيب عن النفط بالغموض والصعوبة الفنية في الوقت ذاته؛ فغالباً ما توجد مخزونات النفط على عمق عدة كيلومترات تحت سطح الأرض، مع غياب تام تقريباً لأي تلميحات ظاهرة على السطح بشأن ما يوجد في الأسفل.
ويُعد المسح الزلزالي إحدى التقنيات المهمة المستخدمة في استكشاف النفط لرصد البنية الجيولوجية الخفية التي يرجح أن تحتفظ بالنفط والغاز المحتجز في التربة.
وتتضمن تقنية المسح الزلزالي إطلاق موجات صدمة قوية في باطن الأرض وتسجيل الاهتزازات الصوتية الضعيفة التي تعود إلى السطح.
وتُستخدم المسوحات الزلزالية بوصفها وسيلة أولية لتحديد البنى الجيولوجية الواعدة، التي يجري حفرها بعد ذلك لتأكيد الاكتشاف النفطي، غير أن عملية حفر الآبار تظل باهظة التكلفة على نحوٍ استثنائي، إذ تتكلف أحياناً عشرات الملايين من الدولارات لكل بئر، لذا فإن صناعة التنقيب عن النفط تعتمد إلى حدٍّ كبير على المسوح الزلزالية غير المكلفة نسبيّاً.
وتحمل الاهتزازات المسجلة في المسح الزلزالي قدراً مدهشاً من المعلومات، إذ ترتد موجة الصدمة (المتولدة عن انفجار صغير أو لوح هزاز ثقيل) عند الاصطدام بالحدود الفاصلة بين أنواع الصخور المختلفة. ويولِّد هذا تسلسلاً معقداً من الاهتزازات على السطح، ويمكن لهذا التسلسل أن يكشف عن بنى جيولوجية رئيسية. ويوفر مزيدٌ من التحليل لاتساع الموجة المسجلة والطور الموجي (المعروف باسم «الانعكاس الموجي الكامل») full waveform inversion مستوى آخر من التفصيل البنيوي للمساعدة في عملية الاستكشاف.
ولما كان أغلب احتياطيات النفط القابلة للاكتشاف بسهولة على كوكب الأرض قد جرى استغلاله بالفعل، إضافة إلى التكاليف المتزايدة لعمليات الاستكشاف، فقد أصبح التنقيب عن النفط يزداد صعوبة.
وإلى ذلك، حقق الفريق المكون من طارق الخليفة وطالب الدكتوراه شِن - دونغ جانغ تقدماً كبيراً في معالجة البيانات الزلزالية، من شأنه إعادة تعريف العملية بأكملها.
من جانبه، أوضح الخليفة أن الأساليب التقليدية لتوصيف مخزونات البترول تستند إلى انعكاس زلزالي أحادي البعد. وأضاف: «هذه الأساليب مستقرة، ولكنها تعتمد على افتراضات حول الخصائص الجيولوجية، وكذلك على دقة عملية التصوير الزلزالي. أما طريقتنا (التي تستخدم الانعكاس الموجي الكامل)، فتدمج معلومات إضافية أكثر دقة لحصر النتائج على نحو أفضل».
وبناءً على الانعكاس الموجي الكامل، أضاف الفريق القدرة على دمج متغيرات متعددة لبنية باطن الأرض اعتماداً على المعرفة والخبرة الجيولوجية، أو بيانات آبار التنقيب.
ولفت الخليفة إلى أن الفكرة الأساسية هي تحقيق وصف فيزيائي أكثر تعقيداً لموقع المخزون النفطي عن طريق تحديد العوامل المتغيرة (من بينها عوامل إضافية) المتعلقة بمحتوى السائل واتجاه الصدوع وكثافتها.
وبمساعدة المعلومات الإضافية الصحيحة، تستطيع طريقة الانعكاس الجديدة توفير صورة البنية الجيولوجية بدقة غير مسبوقة، وتحديد معلومات حاسمة مثل اتجاه الصدوع وكثافتها، وهي معلومات مفيدة لاتخاذ قرارات الحفر وتحديد موقع الحفر.
بدوره، أوضح شِن - دونغ جانغ، أنه رغم كون الطريقة التي طورها الفريق تحتاج إلى قدرات حوسبية ضخمة، وتفرض متطلبات جودة أعلى للبيانات الزلزالية، فإن كثيراً من الاهتمام موجه إلى هذا الموضوع الساخن جدّاً في أوساط استكشاف النفط وإنتاجه. وتابع: «مع وتيرة التقدم في قوة الحوسبة، نُعد في وضع جيد للاستفادة من الموجة المتوقعة من الاهتمام بالأساليب التي يمكن أن توفر توصيفات أكثر دقة وتحديداً لمستودعات النفط المتصدعة».


مقالات ذات صلة

زلزال بقوة 7 درجات قبالة كاليفورنيا وإلغاء تحذير من تسونامي

الولايات المتحدة​ رجل يحمي نفسه من المطر أثناء سيره على طول رصيف شاطئ هنتنغتون (أ.ب)

زلزال بقوة 7 درجات قبالة كاليفورنيا وإلغاء تحذير من تسونامي

ألغت الولايات المتحدة التحذير من خطر حدوث تسونامي، الذي أصدرته في وقت سابق الخميس في كاليفورنيا، بعدما ضرب زلزال بقوة 7 درجات.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس )
شؤون إقليمية فرق الإنقاذ التي تبحث عن ناجين وسط الركام بعد الزلزال الذي ضرب مدينة كاشمر في شمال شرقي إيران يونيو الماضي (أرشيفية - إيسنا)

زلزال بقوة 5.6 درجة يضرب غرب إيران

قالت هيئة المسح الجيولوجي الأميركية إن زلزالاً بقوة 5.6 درجة ضرب غرب إيران، اليوم (الخميس).

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا عمارات على النيل في وسط العاصمة المصرية القاهرة (أ.ف.ب)

هزة أرضية بقوة 4.8 درجة تضرب شمال مصر

سجلت مصر اليوم هزة أرضية بقوة 4.8 درجة على بعد 502 كيلومتر شمالي دمياط في شمال شرقي البلاد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق هل تتنبأ الحيوانات بالكوارث الطبيعية؟ قمر اصطناعي يراقب سلوكها لتقديم إنذار مبكر

هل تتنبأ الحيوانات بالكوارث الطبيعية؟ قمر اصطناعي يراقب سلوكها لتقديم إنذار مبكر

يعكف علماء على مراقبة سلوك الحيوانات باستخدام أجهزة تعقب متطورة تُثبّت على أجسادها، وترتبط بقمر اصطناعي جديد يُطلق العام المقبل

«الشرق الأوسط» (برلين)
أوروبا شخص ينظر إلى الأنقاض والحطام بعد زلزال في كهرمان مرعش بتركيا 8 فبراير 2023 (رويترز)

تركيا: زلزال بقوة 5.3 درجة قرب بحر إيجه

أفاد التلفزيون التركي، اليوم الأحد، بوقوع زلزال بقوة 5.3 درجة قرب بحر إيجه.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
TT

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها

قبل بضع سنوات، وجدت شانون فالور نفسها أمام تمثال «بوابة السحاب (Cloud Gate)»، الضخم المُصمَّم على شكل قطرة زئبقية من تصميم أنيش كابور، في حديقة الألفية في شيكاغو. وبينما كانت تحدق في سطحه اللامع المرآتي، لاحظت شيئاً، كما كتب أليكس باستيرناك (*).

وتتذكر قائلة: «كنت أرى كيف أنه لا يعكس أشكال الأفراد فحسب، بل والحشود الكبيرة، وحتى الهياكل البشرية الأكبر مثل أفق شيكاغو... ولكن أيضاً كانت هذه الهياكل مشوَّهة؛ بعضها مُكبَّر، وبعضها الآخر منكمش أو ملتوٍ».

الفيلسوفة البريطانية شانون فالور

تشويهات التعلم الآلي

بالنسبة لفالور، أستاذة الفلسفة في جامعة أدنبره، كان هذا يذكِّرنا بالتعلم الآلي، «الذي يعكس الأنماط الموجودة في بياناتنا، ولكن بطرق ليست محايدة أو موضوعية أبداً»، كما تقول. أصبحت الاستعارة جزءاً شائعاً من محاضراتها، ومع ظهور نماذج اللغة الكبيرة (والأدوات الكثيرة للذكاء الاصطناعي التي تعمل بها)، اكتسبت مزيداً من القوة.

مرايا الذكاء الاصطناعي مثل البشر

تبدو «مرايا» الذكاء الاصطناعي مثلنا كثيراً؛ لأنها تعكس مدخلاتها وبيانات التدريب، مع كل التحيزات والخصائص التي يستلزمها ذلك. وبينما قد تنقل القياسات الأخرى للذكاء الاصطناعي شعوراً بالذكاء الحي، فإن «المرآة» تعبير أكثر ملاءمة، كما تقول فالور: «الذكاء الاصطناعي ليس واعياً، بل مجرد سطح مسطح خامل، يأسرنا بأوهامه المرحة بالعمق».

غلاف كتاب «مرايا الذكاء الاصطناعي»

النرجسية تبحث عن صورتها

كتابها الأخير «مرآة الذكاء الاصطناعي (The AI Mirror)»، هو نقد حاد وذكي يحطِّم عدداً من الأوهام السائدة التي لدينا حول الآلات «الذكية». يوجه بعض الاهتمام الثمين إلينا نحن البشر. في الحكايات عن لقاءاتنا المبكرة مع برامج الدردشة الآلية، تسمع أصداء نرجس، الصياد في الأساطير اليونانية الذي وقع في حب الوجه الجميل الذي رآه عندما نظر في بركة من الماء، معتقداً بأنه شخص آخر. تقول فالور، مثله، «إن إنسانيتنا مُعرَّضة للتضحية من أجل هذا الانعكاس».

تقول الفيلسوفة إنها ليست ضد الذكاء الاصطناعي، لكي نكون واضحين. وسواء بشكل فردي، أو بصفتها المديرة المشارِكة لمنظمة «BRAID»، غير الربحية في جميع أنحاء المملكة المتحدة المكرسة لدمج التكنولوجيا والعلوم الإنسانية، قدَّمت فالور المشورة لشركات وادي السيليكون بشأن الذكاء الاصطناعي المسؤول.

نماذج «مسؤولة» ومختبرة

وهي ترى بعض القيمة في «نماذج الذكاء الاصطناعي المستهدفة بشكل ضيق والآمنة والمختبرة جيداً والمبررة أخلاقياً وبيئياً» لمعالجة المشكلات الصحية والبيئية الصعبة. ولكن بينما كانت تراقب صعود الخوارزميات، من وسائل التواصل الاجتماعي إلى رفاق الذكاء الاصطناعي، تعترف بأن ارتباطها بالتكنولوجيا كان مؤخراً «أشبه بالوجود في علاقة تحوَّلت ببطء إلى علاقة سيئة. أنك لا تملك خيار الانفصال».

فضائل وقيم إنسانية

بالنسبة لفالور، إحدى الطرق للتنقل وإرشاد علاقاتنا المتزايدة عدم اليقين بالتكنولوجيا الرقمية، هي الاستفادة من فضائلنا وقيمنا، مثل العدالة والحكمة العملية. وتشير إلى أن الفضيلة لا تتعلق بمَن نحن، بل بما نفعله، وهذا جزء من «صراع» صنع الذات، بينما نختبر العالم، في علاقة مع أشخاص آخرين. من ناحية أخرى، قد تعكس أنظمة الذكاء الاصطناعي صورة للسلوك أو القيم البشرية، ولكن كما كتبت في كتابها، فإنها «لا تعرف عن التجربة الحية للتفكير والشعور أكثر مما تعرف مرايا غرف نومنا آلامنا وأوجاعنا الداخلية».

الخوارزميات والعنصرية وعدم المساواة

في الوقت نفسه تعمل الخوارزميات المدربة على البيانات التاريخية، بهدوء، على تقييد مستقبلنا بالتفكير نفسه الذي ترك العالم «مليئاً بالعنصرية والفقر، وعدم المساواة، والتمييز، وكارثة المناخ».

«كيف سنتعامل مع تلك المشكلات الناشئة التي ليست لها سابقة؟»، تتساءل فالور، وتشير: «مرايانا الرقمية الجديدة تشير إلى الوراء».

الاعتماد على السمات البشرية المفيدة

مع اعتمادنا بشكل أكبر على الآلات، وتحسينها وفقاً لمعايير معينة مثل الكفاءة والربح، تخشى فالور أننا نخاطر بإضعاف عضلاتنا الأخلاقية أيضاً، وفقدان المسار للقيم التي تجعل الحياة تستحق العناء.

مع اكتشافنا لما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي، سنحتاج إلى التركيز على الاستفادة من السمات البشرية الفريدة أيضاً، مثل التفكير القائم على السياق والحكم الأخلاقي، وعلى تنمية قدراتنا البشرية المتميزة. كما تعلمون. وهي تقول: «لسنا بحاجة إلى هزيمة الذكاء الاصطناعي. نحن بحاجة إلى عدم هزيمة أنفسنا».

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً