فرح الديباني لـ«الشرق الأوسط»: أسعى لتعريب فنون الأوبرا

الفنانة المصرية قالت إن جائزة الغناء الأوبرالي نقلتها إلى مستوى عالمي

حفل تكريم المصرية فرح الديباني في أوبرا باريس
حفل تكريم المصرية فرح الديباني في أوبرا باريس
TT

فرح الديباني لـ«الشرق الأوسط»: أسعى لتعريب فنون الأوبرا

حفل تكريم المصرية فرح الديباني في أوبرا باريس
حفل تكريم المصرية فرح الديباني في أوبرا باريس

لرحلتها الفنية الثرية وصوتها النادر وتألقها على مسارح عالمية في الغناء الأوبرالي اختارت أوبرا باريس عام 2016 المصرية فرح الديباني من بين مئات المواهب الشابة في العالم للعمل بها كمغنية محترفة «ميتزو سوبرانو»، للوقوف بجانب كبار الفنانين الفرنسيين والعالميين لأداء أدوار فنية مهمة على خشبة مسرحها، ومن ذلك دور الأمير أورلوفسكي في أوبرا دي فلديرماوس، لتنجح خلال فترة قصيرة في التمثيل الرسمي لأوبرا باريس في الصين، وعلى مسرح البولشوي في موسكو، وفي بينالي ديل آرت في الجناح الفرنسي في فينيسيا، إلى جانب مشاركتها في العديد من الفعاليات المميزة، بجانب اعتمادها صوتاً رسميا ًفي فيلم دعائي للاحتفال بالتعاون بين دار أوبرا باريس وشركة ديفياليت وهي الشركة الأولى في العالم لإنتاج أفضل تقنيات الصوت.
وبعد هذا المشوار الفني الحافل بالنجاح والتميز منحتها أوبرا باريس جائزة الغناء الأوبرالي لعام 2019. أخيراً، وهو ما تصف أهميته في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط»، قائلة: «أشعر بالفخر والسعادة لحصولي على الجائزة كأول شخص عربي يحصل عليها على الإطلاق، فأن أحصل عليها دوناً عن كل فناني العالم حتى من أوروبا معقل فنون الأوبرا، هو بمثابة تأكيد على أن الشباب العربي يستطيع أن يفعل الكثير»، وتتابع: «شارك في اختياري لجنة تضم كبار الفنانين والأكاديميين، والشخصيات العالمية المرموقة في مختلف المجالات من متذوقي فن الأوبرا».
وتوضح: «تُمنح الجائزة للشباب المغنين المتوقع لهم مستقبل باهر، من وجهة نظر هذه اللجنة، ولأن المنافسة كانت شرسة، فالفوز بها يعني أن المنطقة العربية تقدم للإنسانية شباباً قادراً على إسعاد شعوب العالم بالفن الجميل».
وتُعد فرح الجائزة بداية لنجاح جديد: «منحتني أملاً عظيماً لا سيما أن كل من حصل عليها على مدى تاريخها العريق أصبح اسماً معروفاً، ومنذ اللحظات الأولى جعلتني أقفز إلى مرحلة جديدة، حيث أتاحت لي فرصاً نادرة لحفلات على أكبر دور الأوبرا في العالم».
هذا النجاح هو بدوره نتاج لحياة ثرية عاشتها الفنانة الشابة منذ الطفولة، حيث تأثرت الفنانة بنشأتها في بيت يحتفي بالفنون الرفيعة، تقول «كان الجميع حولي يستمع إلى روائع الموسيقى الكلاسيكية، ولذلك اهتمت أسرتي بتنمية موهبتي منذ نعومة أظافري، فتم إلحاقي لدراسة البيانو والباليه بمعهد الكونسرافتوار بمدينة الإسكندرية حيث نشأت».
وفي مدرستها الألمانية العريقة «سان سارل بورومي Deutsche Schule der Borromäerinne اكتشف مدرس الموسيقى صوتها النادر، ووجهها إلى التخصص في الغناء الأوبرالي، ما أدى إلى التحاقها بفصول فنية متخصصة لصقل موهبتها.
واستمرت فرح في التألق الفني لتحصل على بكالوريوس الغناء الأوبرالي من واحدة من أهم الكليات المتخصصة في العالم وهي Hanns Eisler Berlin، ثم الماجستير من University of Arts Berlin، وذلك جنبا إلى جنب بكالوريوس الهندسة المعمارية من
Technical University of Berlin Bachelo: «لم يكن الأمر سهلاً، أن أدرس التخصصين في وقت واحد، وفي جامعتين ليستا في المكان نفسه، البعض يعتقد أن دراسة الغناء أمر يسير! لكنه في الواقع شديد الصعوبة، ويتطلب تدريباً شاقاً، لكني تمسكت بالجمع بين الفن والهندسة».
عندما تتحدث إلى فرح تدرك إلى أي مدى كان لذلك المزج الدراسي تأثير كبير عليها، فحين تسألها «لماذا فعلتِ ذلك» تلمع عيناها وترتسم على وجهها ابتسامة جميلة معبرة وهي تقول: «هناك فلاسفة كثيرون ربطوا بينهما، وكنت شغوفة للغاية بدراسة الهندسة المعمارية، لأنها فن يشمل الإبداع والابتكار والتخيل، إضافة إلى الدقة والجانب الهندسي، ومنح متعة الحياة للإنسان، وهكذا هو الغناء الأوبرالي يوجد فيه تناغم بين التفاصيل، فالأمر ليس مجرد «نغمة حلوة» إنما هناك بناء ووجود للرياضيات».
ومن هنا كان مشروع تخرجها في الغناء هو عمل يجمع بين الهندسة والأوبرا. تتابع: «منحتني العمارة معرفة واسعة، وإحساساً أكبر عند الغناء وفي الأداء التمثيلي، فكأنني حين أقف على خشبة المسرح أحسب جيداً مكاني وعلاقتي بالمكان هندسياً».
عندما تستمع إلى صوت فرح الديباني يتملكك إحساس إنه يحيط بك من كل جانب، فيأخذك إلى دواخل العمل الفني الذي تقدمه، لأنها تملك صوتاً ذي طبقات عميقة ــ يُطلق عليه فنياً «الصوت الغامق» ــ ما يؤهلها أن تؤدي أدوار «الميتزو سوبرانو»، وهو ما تبحث عنه دور الأوبرا في العالم وتتنافس لاجتذابه، نظراً لندرته الشديدة، وللاحتياج إلى صاحبات هذا الصوت في أداء أدوار بعينها لا يمكن للمغنية السوبرانو ـ أي صاحبة الصوت الرفيع العالي ـ أداؤها.
تشعر الميتزو سوبرانو فرح بالسعادة لتنامي الاهتمام بالأوبرا في الوطن العربي: «برغم أنه فن أوروبي في الأساس، إلا أن مصر نجحت فيه وأصبحت رائدة خلال العقود الماضية، وهي تمتلك مباني للأوبرا أيضاً رائعة لا تقل عن مثيلتها في دول أوروبية عتيقة».
وتتابع: «أصبح هناك أيضاً دور أوبرا عظيمة في العديد من الدول العربية مثل الإمارات وسلطنة عُمان والكويت، وجميعها تتعاون مع فنانين عالميين، وانطلاقاً من ذلك كله، يصبح هناك حاجة للوصول إلى عدد أكبر وشرائح متنوعة من الجمهور العربي، من خلال مساعدته على التخلص من الرؤية المسبقة بأنها صوت رفيع مرتفع «صراخ» لنقتنع أنه فن يقوم على الإحساس، ويتطور إلى حد أنه يوماً وراء يوم يصبح أكثر عصرية في الأداء والإحساس وحتى ملابس المغنيين والممثلين».
وتضيف: «هناك أمل مُلح لتعريب الأوبرا، نعم ليست كل النصوص صالحة للترجمة، لكن ما المانع أن نقدم على ترجمة ما هو ممكن، مثل العديد من دول العالم ومنها روسيا وفرنسا وألمانيا بعد هذه السنوات الطويلة من ممارسة الفنانين العرب لهذا الفن الرفيع، ينبغي ألا نكتفي بالأخذ عن الثقافة الغربية، فقد آن الأوان أن نضيف إليها».
وتسعى فرح من جهتها إلى تعريب الغناء الأوبرالي، حيث لا تكاد تفوت حفلاً لها في أي من مسارح الأوبرا في العالم، دون الغناء الأوبرالي لمجموعة قصائد للشاعر أمل دنقل بموسيقى الفنان شريف محيي الدين: «أصبح جمهوري يطلبها مني، من شدة انبهاره بها، لقد اكتشفت مدى ولعه بالشعر العربي، وتقديره له لا سيما عن تقديمه في قالب فني يحبه ومن صميم ثقافته، وهو الغناء الأوبرالي، وهو ما يدعونا إلى تكرار التجربة، لا سيما أنه لدينا كنوز من الشعر العربي».



«الميلاد» حول العالم... رسائل أمل وسلام واحتفالات تُعيد الحياة

قداس منتصف الليل في كنيسة المهد ببيت لحم في فلسطين المحتلة (رويترز)
قداس منتصف الليل في كنيسة المهد ببيت لحم في فلسطين المحتلة (رويترز)
TT

«الميلاد» حول العالم... رسائل أمل وسلام واحتفالات تُعيد الحياة

قداس منتصف الليل في كنيسة المهد ببيت لحم في فلسطين المحتلة (رويترز)
قداس منتصف الليل في كنيسة المهد ببيت لحم في فلسطين المحتلة (رويترز)

وسط أجواء من الفرح والأنشطة المتنوعة، عادت المدن حول العالم لتزيين شوارعها واستقبال موسم الميلاد بألوان زاهية، من بيت لحم وغزة إلى الأقصر في مصر وسيدني في أستراليا، معبرة عن الأمل وتجدد الحياة رغم التحديات.

قداس عيد الميلاد في كنيسة المهد ببيت لحم مع مسيرة كشافة فلسطينية (أ.ف.ب)

شهدت بيت لحم والأراضي الفلسطينية احتفالات ميلادية بعد عامين خيّم عليهما النزاع في غزة، حيث عادت الحياة تدريجياً بعد اتفاق وقف إطلاق النار. شارك المئات في ساحة المهد وشارع النجمة في قداس ومسيرة للكشافة، وسط أصوات الطبول وألحان الترنيم الميلادي.

رئيس الوزراء الأسترالي ألبانيزي يقدم الطعام في غداء عيد الميلاد بسيدني (إ.ب.أ)

وقالت كاتياب عمايا، إحدى المشاركات في الكشافة، إن عودة الاحتفالات تمثل رمزاً مهماً لوجود المجتمع المسيحي في المنطقة، وتمنح سكان غزة الأمل في مستقبل أفضل. وأكد السكان أن الاحتفالات تعكس رغبتهم في إعادة الحياة إلى المدينة وتحفيز عودة السياح، بعد فترة من عزوف الزوار وارتفاع معدلات البطالة.

في غزة، أحيا المسيحيون قداس الميلاد في الكنيسة الكاثوليكية الوحيدة بعد وقف إطلاق النار، معبرين عن رغبتهم في عودة الحياة الطبيعية إلى المدينة.

شجرة عيد الميلاد المضيئة في إحدى حدائق بكين (أ.ف.ب)

احتفلت الأقصر التاريخية في صعيد مصر بعيد الميلاد بعروض فلكلورية وألعاب التحطيب، على أنغام الربابة والمزمار، مستعرضة إرث المصريين القدماء في الاحتفال بالأعياد والمواسم. واستمرت الاحتفالات طوال فترة الميلاد ضمن فعاليات الدورة الـ15 للمهرجان القومي للتحطيب، ما أضفى بهجة وفرحاً على السكان والزوار.

أعضاء جوقة أغابي يقدمون عرضاً بمتحف الحضارة المصرية بالقاهرة (أ.ب)

شهد شاطئ بونداي في أستراليا احتفالات محدودة بسبب هجوم إرهابي أودى بحياة 15 شخصاً قبل أيام، حيث حافظ المشاركون على طقوس الميلاد مع احترام ذكرى الضحايا، وسط تعزيز الإجراءات الأمنية، بينما قلل الطقس العاصف من عدد المحتفلين.

وفي الوقت نفسه، تواجه بعض مناطق العالم ظروف طقس صعبة، مثل كاليفورنيا التي أعلنت السلطات فيها حالة الطوارئ تحسباً لفيضانات محتملة، ما يعكس التحديات المتعددة التي تواجه المجتمعات خلال موسم الأعياد.

أوكرانيون يرنمون للميلاد حاملين نجوم بيت لحم وسط مدينة لفيف (إ.ب.أ)

على الرغم من الظروف الصعبة، حملت الاحتفالات الميلادية هذا العام رسائل فرح وتجدد للأمل، سواء في فلسطين أو مصر أو أستراليا. وتجسد هذه الفعاليات قدرة المجتمعات على التعبير عن التضامن والحياة المشتركة، والحفاظ على التراث والثقافة، حتى في أصعب الأوقات.


«مقابر الخالدين» تفشل في ابتلاع انتقادات هدم ضريح «أمير الشعراء»

الضريح الذي دُفن فيه أحمد شوقي يخص عائلة زوجته (صفحة «جبانات مصر» على «فيسبوك»)
الضريح الذي دُفن فيه أحمد شوقي يخص عائلة زوجته (صفحة «جبانات مصر» على «فيسبوك»)
TT

«مقابر الخالدين» تفشل في ابتلاع انتقادات هدم ضريح «أمير الشعراء»

الضريح الذي دُفن فيه أحمد شوقي يخص عائلة زوجته (صفحة «جبانات مصر» على «فيسبوك»)
الضريح الذي دُفن فيه أحمد شوقي يخص عائلة زوجته (صفحة «جبانات مصر» على «فيسبوك»)

رغم إعلان محافظة القاهرة نقل رفات أمير الشعراء أحمد شوقي (1868 - 1932) إلى مقابر الخالدين التي تضم رفات رموز المجتمع المصري من ساسة ومبدعين وعلماء وأمراء، فإن خبر هدم ضريح أحمد شوقي في مكانه التاريخي قوبل بردود فعل غاضبة، جاء معظمها من مهتمين بتراث المقابر ذات الطرز المعمارية المتميزة، وأضرحة الشخصيات التاريخية، والعارفين بقدر شوقي، ومكانته في تاريخ الشعر المصري والعربي الحديث.

ويؤكد الباحث في التاريخ الدكتور مصطفى الصادق أن «هدم ضريح أمير الشعراء أحمد شوقي، يأتي ضمن لائحة طويلة من قبور المشاهير والعظماء التي تمت إزالتها»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «هناك غضب كبير، إلا أن عملية الهدم نفسها غير مستغرَبة، ومتوقَّعة، فقد سبقه كثيرون، جرفتهم المعاول، حيث سبق هدم ضريح محمود الفلكي، والسردار راتب باشا، وكثيرون آخرين».

وتحدث الصادق عن «وعود لم يفِ بها أحد»، على حد قوله، مضيفاً: «بعد هدم قبة حليم بن محمد علي باشا، أعلن المسؤولون أن أعمال الهدم سوف تتوقف، لكن ما جرى بعدها فاق الوصف، كانت أعمال الإزالة بعد ذلك خرافية»، ولفت إلى أن الحديث الذي يدور حالياً عن «مقابر فاخرة» لا معنى له في ظل هدم أضرحة لا مثيل لها في الفخامة والإبداع والعمارة.

من جهتها أعلنت محافظة القاهرة قرب افتتاح «مقابر تحيا مصر للخالدين»، التي «أقامتها الدولة خصيصاً لنقل رفات الشخصيات التاريخية، وسيخصص جزء منها لعرض التراكيب المعمارية الفريدة ذات الطراز المعماري المتميز».

جانب من أعمال الهدم في المقابر (صفحة «جبانات مصر» على «فيسبوك»)

وقالت المحافظة في بيان: «إن المقابر شرفت بإعادة دفن رفات شوقي، إذ تم وضعه في المكان الذي يليق بمكانته الأدبية والتاريخية». فيما قال الروائي المصري إبراهيم عبد المجيد لـ«الشرق الأوسط» إن «هدم ضريح شوقي جاء على خلاف ما أعلن عنه المسؤولون، فقد كان الحديث عن عدم المساس به، لكننا فوجئنا بنقل رفاته منذ شهور، ثم هدم المقبرة الذي لم يراع مكانة شوقي؛ فهو أشهر شعراء العربية في العصر الحديث».

وأضاف عبد المجيد أن «الخبر مؤلم جداً، خصوصا أنه يأتي في ظل الحديث عن هدم أضرحة رموز إبداعية مهمة في تاريخ مصر، بدءاً من مدفن محمود سامي البارودي، وصولاً إلى ضريح عميد الأدب العربي طه حسين، الذي يختفي الآن تحت الجسر».

ووفق عبد المجيد: «هناك أضرحة عديدة هدموها وكانت بمثابة متاحف زاخرة بالتحف والتماثيل والرسومات والزخارف الفنية المرصعة بالمعادن، تعرضت للسرقة وبيعت في السوق، وبينها شواهد قبور وتركيبات لمشاهير كان يجب حمايتها ومنع المساس بها».

المحزن في واقعة هدم ضريح شوقي، وفق الباحث في التراث إبراهيم طايع، أن «عمليات الإزالة سبقها بشهور نقل رفاته، وقام مجهولون بسرقة تركيبات عدد من المقابر داخل الضريح»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «كان من الواضح أن مصير الضريح إلى زوال، لأن كل ما حوله من مدافن جرفتها المعاول».

من جهته وصف الشاعر المصري، أحمد عبد المعطي حجازي، إزالة مقبرة شوقي بأنها بمنزلة «هدم جسم حي وكيان باقٍ وخالد بأيدي فانين وعاجزين عن تقدير القيم». وأضاف في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «ما يحدث لمقبرة شوقي يطول الثقافة المصرية كلها، منذ عقود وحتى الآن، ومَن هدموا مقبرة شوقي هم أنفسهم الذين يهدمون الثقافة المصرية».

دُفن أمير الشعراء في مقبرة تخص عائلة زوجته، وتعود لحسين باشا شاهين، وهناك يوجد رفاته أيضاً، ورفات زوجته ووالده. «أكثر من 5 تركيبات اختفت قبل هدم الضريح، ولم يتبقَّ سوى التركيبة الرخامية الخاصة بشوقي، التي ظلت حتى هدم الضريح»، وفق طايع.


«بين ثقافتين» يَعبر الحدود ويبرز تنوع الثقافتين السعودية والصينية تحت سقف واحد

ثقافتان تتشاركان التعبير عن الموروث وصور الإبداع في مكانٍ واحد (وزارة الثقافة)
ثقافتان تتشاركان التعبير عن الموروث وصور الإبداع في مكانٍ واحد (وزارة الثقافة)
TT

«بين ثقافتين» يَعبر الحدود ويبرز تنوع الثقافتين السعودية والصينية تحت سقف واحد

ثقافتان تتشاركان التعبير عن الموروث وصور الإبداع في مكانٍ واحد (وزارة الثقافة)
ثقافتان تتشاركان التعبير عن الموروث وصور الإبداع في مكانٍ واحد (وزارة الثقافة)

من جديد، يعود مهرجان «بين ثقافتين» ليعبر حدود الثقافة، ويحتفي بتجارب استثنائية تجمع بين الفنون والموسيقى ومذاقات المأكولات التقليدية وشتى العروض الحيّة، جامعاً في نسخته الثالثة بين الثقافتين السعودية والصينية، لإبراز التنوع الثقافي وحدود التلاقي بينهما في قلب الرياض.

وأطلقت وزارة الثقافة النسخة الثالثة من مهرجان «بين ثقافتين» التي تستضيف جمهورية الصين وثقافتها وتقاليدها المتنوعة، وذلك في قاعة «الملفى» بمدينة محمد بن سلمان غير الربحية «مدينة مسك» في العاصمة الرياض، ضمن حدث دولي يُقام بالتزامن مع العام الثقافي السعودي الصيني 2025؛ بهدف ترسيخ الحوار الحضاري، وتعزيز التبادل الثقافي بين السعودية والصين.

وتُقدم الفعالية تجربة فنية متكاملة تستعرض الإرث الحضاري والممارسات الثقافية لكلا البلدين، وتكشف عن أوجه التشابه والتكامل بينهما في مجالات الفنون والطهي والحرف اليدوية والموسيقى، ما يعكس عمق الروابط التي تجمع الشعبين.

ويضم المهرجان معرضاً فنياً يزخر بأعمال لفنانين سعوديين وصينيين بارزين، ومتاجر متنوعة تُقدم منتجات من كلتا الثقافتين، وفعاليات تفاعلية تشمل عروضاً أدائية حية، وتجارب طهي فريدة، وأنشطة ثقافية مصممة لإثراء تجربة الزوار.

‏أصالة الموروث السعودي والصيني تتجلّى في عروض ثقافية متنوّعة في ⁧‫المهرجان (وزارة الثقافة)

حينما تهب الرياح شرقاً

يحضر الفن في المهرجان بوصفه لغةً وجسراً يربط بين ثقافتين وشعبين اختارا، عبر العصور، التعبير عن مكنونات ثقافتيهما من خلال العطاء الفني والإبداعي الرصين. وفي معرض يحمل عنوان «حينما تهبّ الرياح شرقاً»، تلتقي الأعمال السعودية والصينية في حوار إبداعي يعكس التلاقي الثقافي المعاصر، من خلال لوحات ومنحوتات وأعمال تركيبية، تسعى إلى استكشاف نقاط الالتقاء بين الطبيعة والفكر، وبين الماضي والحاضر، ضمن رؤية فنية مشتركة.

‏تناغم ثقافي يتوهّج بألوان الفن في ⁧‫المهرجان (وزارة الثقافة)

وتتوزع أعمال المعرض في 3 أقسام؛ حيث تلتقي الصحراء ببحر الذاكرة في القسم الأول من المعرض الفني، ويتناول كيف تُشكِّل الصحراء والبحر ذاكرة الفنانين ورؤيتهم الفنية، إذ تتحول العناصر الطبيعية إلى لغة للتأمل تربط بين ثبات الأرض وسيولة الزمن.

وفي قسم «نسيج من نور وتراب»، وهو القسم الثاني من المعرض، يُسلط الضوء على العلاقة بين المادي واللامادي، إذ يذيب الفنانون الحدود بين الضوء والطين والنسيج ليكشفوا جوهر المادة واتحاد الروح بالبيئة.

وفي قسم «آثار المستقبل»، تُركز المعروضات على إعادة قراءة التقاليد برؤية معاصرة تمزج بين الذاكرة والابتكار، لتغدو الأعمال بمثابة خريطة زمنية تصل الماضي بالحاضر، وتستشرف ملامح المستقبل.

‏صور توثّق الالتقاء الثقافي البديع بين المملكة والصين (وزارة الثقافة)

14 يوماً من جسور الثقافة

يُقدم المهرجان الذي سيستمر حتى 6 يناير (كانون الثاني) 2026، تجربة ثقافية شاملة تُبرز عُمق الحضارة الصينية وتَنوُّعَ موروثها، كما يستعرض أوجه التلاقي والتباين بينها وبين الثقافة السعودية، وذلك في إطار جهود وزارة الثقافة لمدّ جسور التواصل الحضاري، وتعزيز حضور السعودية إقليمياً ودولياً، وترسيخ مكانتها بوصفها مركزاً فاعلاً للحوار الثقافي العالمي.

ويستهدف المهرجان العائلات والأفراد، والسياح والزوار الأجانب، والوفود الرسمية، والمهنيين في القطاعات الثقافية، من خلال برنامج متنوع يشمل معرضاً فنياً، وتجربة «الشارع الصيني» التي تجمع بين الثقافتين عبر الحِرف اليدوية، إلى جانب العروض الأدائية والموسيقية، وغيرها من الفعاليات التي تعكس القيم المشتركة في التراث والهوية، وتُسهم في تعزيز التقارب الإنساني عبر الثقافة بوصفها لغةً عالمية.

من الصين إلى المهرجان وجوه متعددة للمتعة واستكشاف الفن والتراث (وزارة الثقافة)

يُذكر أن النسخة الأولى من مهرجان «بين ثقافتين» استضافت الثقافة اليمنية، فيما استضافت النسخة الثانية الثقافة العراقية، إذ شهدت النسختان إقبالاً جماهيرياً واسعاً وتفاعلاً ملحوظاً من المهتمين والمثقفين؛ ما أسهم في ترسيخ مكانة الفعالية منصة ثقافية سنوية تحتفي بالتنوّع الحضاري الإنساني.

وتسعى وزارة الثقافة، من خلال مهرجان «بين ثقافتين»، إلى تقديم الثقافة السعودية في سياق تفاعلي مُقارَن، يُبرز أوجه التقارب والاختلاف مع ثقافات العالم، ويُعزز الوعي بالتنوّع الثقافي، ويدعم تمكين المبدعين والحرفيين والفنانين، ويوسّع آفاق فرص التعاون الثقافي الدولي، إلى جانب بناء شراكات استراتيجية تُسهم في تنمية الصناعات الإبداعية، بما ينسجم مع مستهدفات الاستراتيجية الوطنية للثقافة تحت مظلة «رؤية 2030».

أبعاد ثقافية رحبة يضمها المهرجان بين الثقافتين (وزارة الثقافة)