«أصوات الحكمة» تعلو في روما لحل خلاف الموازنة مع بروكسل

كونتي يهدد بالاستقالة ويحذر من مغبة الإجراءات العقابية

وزير المالية الإيطالي جيوفاني تيريا
وزير المالية الإيطالي جيوفاني تيريا
TT

«أصوات الحكمة» تعلو في روما لحل خلاف الموازنة مع بروكسل

وزير المالية الإيطالي جيوفاني تيريا
وزير المالية الإيطالي جيوفاني تيريا

صدرت أمس، تصريحات من الحكومة الإيطالية وصفت من جانب مراقبين في بروكسل بأنها «تغلب المصلحة العامة للبلاد» على أي خلافات أو شعارات في ملف الأزمة الحالية بين المفوضية الأوروبية والحكومة الإيطالية، بسبب نية بروكسل اتباع مسار يؤدي إلى فرض إجراءات عقابية ضد روما على خلفية ارتفاع الدين الحكومي، ما جعل البعض يصف التصريحات التي صدرت خلال الساعات القليلة الماضية عن المسؤولين في روما بأنها «صوت العقل والحكمة».
وتعاني إيطاليا بسبب عبء الدين المرتفع الذي وصل إلى 132 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي، بينما المعايير الأوروبية تتطلب ألا تتجاوز النسبة 60 في المائة.
وأعرب وزير المالية الإيطالي جيوفاني تيريا عن قناعته بأن بلاده قادرة على الوصول إلى اتفاق مع مفوضية بروكسل بشأن ملف الدين والإنفاق الحكومي، مضيفاً على هامش مشاركته في اجتماعات وزراء مجموعة العشرين في اليابان، أن بلاده لا تعارض قواعد الموازنة المطبقة، ومن المرجح التوصل إلى اتفاق مع مفوضية بروكسل... لكن مدير البنك المركزي الإيطالي اجنازيو فيسكو، قال إن مديونية بلاده لم تكن موضوعاً للنقاش في اجتماع مجموعة العشرين.
من جهته، حذر رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي طرفي الائتلاف الثنائي الحاكم (حركة خمس نجوم - حزب الرابطة)، من خطورة تحدي المفوضية الأوروبية بشأن خرق القواعد المالية الأوروبية الخاصة بالديون السيادية. وقال كونتي، المحسوب على التكنوقراط، ولكنه أكثر قرباً إلى حركة خمس نجوم، في مقابلة أمس مع صحيفة «كورييري ديلا سيرا»: «إذا فتحت المفوضية حقاً إجراءات العقوبات، فسيضر ذلك بإيطاليا. إنها ليست مجرد مسألة غرامة مالية، بل ستخضعنا لمراقبة وفحص لسنوات. نتيجة ذلك ستكون الحد من سيادتنا في المجال المالي - الاقتصادي؛ ما يشكل مفارقة لحكومة تعتبر نفسها الوصي الغيور على المصلحة الوطنية، دون اعتبار أن مدخرات الإيطاليين يمكن أن تتعرض للخطر».
كما هدد كونتي بالاستقالة إذا لم يتحصل على تفويض كامل من زعيمي الائتلاف الثنائي؛ الرئيس السياسي لحركة خمس نجوم لويجي دي مايو والأمين العام لحزب الرابطة ماتيو سالفيني، للتفاوض مع الجهاز التنفيذي الأوروبي. وقال: «إذا لم يكن الوضع كما كان في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي (حيث قاد حينها المفاوضات في بروكسل حول موازنة 2019)، فإننا نجازف جميعاً بالعودة إلى منازلنا»، أي الاستقالة.
وأردف: «بالتأكيد سأغادر أنا مع وزير المالية والاقتصاد جيوفاني تريا، إذا لم أكن قادراً على إجراء مفاوضات من دون توتر أو تنافر في المواقف». وجدد: «أقول لطرفي الائتلاف وأيضاً للمواطنين الذين ينتجون ويكافحون يومياً: يتعين تجنب فتح الإجراءات الأوروبية بسبب الديون المفرطة. من شأن ذلك أن يعرض إيطاليا لصعوبة في التحكم بمعدلات فوائد الديون وإلى تقلب الأسواق المالية، وفي حالة تخفيض وكالات الائتمان الدولية لتصنيف إيطاليا، سيصعب على الحكومة الاستدانة من الأسواق».



بكين تنتقد مساعي أميركية لإشعال «حرب الثوم»

مزارع يفرز الثوم في إحدى الأسواق الشعبية بمدينة جينشيانغ شرق الصين (رويترز)
مزارع يفرز الثوم في إحدى الأسواق الشعبية بمدينة جينشيانغ شرق الصين (رويترز)
TT

بكين تنتقد مساعي أميركية لإشعال «حرب الثوم»

مزارع يفرز الثوم في إحدى الأسواق الشعبية بمدينة جينشيانغ شرق الصين (رويترز)
مزارع يفرز الثوم في إحدى الأسواق الشعبية بمدينة جينشيانغ شرق الصين (رويترز)

حثت وزارة الخارجية الصينية يوم الجمعة الساسة الأميركيين على ممارسة المزيد من «الحس السليم» بعد أن دعا عضو في مجلس الشيوخ الأميركي إلى إجراء تحقيق في واردات الثوم الصيني، مستشهدا بمخاوف بشأن سلامة الغذاء وممارسات العمل في البلاد.

وكتب السيناتور الجمهوري ريك سكوت إلى العديد من الإدارات الحكومية الأميركية هذا الأسبوع، واصفا في إحدى رسائله الثوم الصيني بأنه «ثوم الصرف الصحي»، وقال إن استخدام البراز البشري سمادا في الصين أمر يثير القلق الشديد.

وفي رسائل أخرى، قال إن إنتاج الثوم في الصين قد ينطوي على ممارسات عمالية استغلالية وإن الأسعار الصينية المنخفضة تقوض جهود المزارعين المحليين، ما يهدد الأمن الاقتصادي الأميركي.

وتعتبر الولايات المتحدة الصين أكبر مورد أجنبي لها للثوم الطازج والمبرد، حيث يتم شحن ما قيمته ملايين الدولارات منه عبر المحيط الهادئ سنويا.

وقالت ماو نينغ، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، عندما سُئلت في مؤتمر صحافي دوري عن رسائل سكوت: «لم يكن الثوم ليتخيل أبداً أنه سيشكل تهديداً للولايات المتحدة... ما أريد التأكيد عليه هو أن تعميم مفهوم الأمن القومي وتسييس القضايا الاقتصادية والتجارية والتكنولوجية وتسليحها لن يؤدي إلا إلى زيادة المخاطر الأمنية على سلسلة التوريد العالمية، وفي النهاية إلحاق الضرر بالآخرين وبنفسنا». وأضافت: «أريد أيضاً أن أنصح بعض الساسة الأميركيين بممارسة المزيد من الحس السليم والعقلانية لتجنب السخرية».

ومن المتوقع أن تتصاعد التوترات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم عندما يعود دونالد ترمب إلى البيت الأبيض في يناير (كانون الثاني)، بعد أن هدد بفرض تعريفات جمركية تتجاوز 60 في المائة على واردات الولايات المتحدة من السلع الصينية.

وخلال فترة ولاية ترمب الأولى، تعرض الثوم الصيني لزيادة التعريفات الجمركية الأميركية إلى 10 في المائة في عام 2018، ثم إلى 25 في المائة في عام 2019. وكان الثوم من بين آلاف السلع الصينية التي فرضت عليها تعريفات جمركية أعلى خلال الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين والتي كانت السمة المميزة لرئاسته.

ومن غير المرجح أن تهز أي إجراءات عقابية على الثوم الصيني وحده التجارة الثنائية الإجمالية، حيث تمثل شحناته جزءاً ضئيلاً فقط من صادرات الصين البالغة 500 مليار دولار إلى الولايات المتحدة العام الماضي.

وفي سياق منفصل، قال المكتب الوطني الصيني للإحصاء يوم الجمعة إن إجمالي إنتاج الحبوب في الصين بلغ مستوى قياسيا يتجاوز 700 مليون طن متري في عام 2024، مع تحرك بكين لتعزيز الإنتاج في سعيها لتحقيق الأمن الغذائي.

وقال وي فنغ هوا، نائب مدير إدارة المناطق الريفية، في بيان، إن إنتاج العام في أكبر مستورد للحبوب في العالم بلغ 706.5 مليون طن، بعد حصاد أكبر من الأرز الأساسي والقمح والذرة. وأظهرت بيانات المكتب أن هذا أعلى بنسبة 1.6 في المائة من حصاد عام 2023 البالغ 695.41 مليون طن.

وقال وي: «كان حصاد الحبوب هذا العام وفيراً مرة أخرى، بعد أن تبنت المناطق والسلطات الصينية بشكل صارم مهام حماية الأراضي الزراعية والأمن الغذائي، مع التغلب على الآثار السلبية للكوارث الطبيعية».

وتعتمد الصين بشكل كبير على الواردات من البرازيل والولايات المتحدة لإطعام سكانها البالغ عددهم 1.4 مليار نسمة. وفي السنوات الأخيرة، كثفت الصين استثماراتها في الآلات الزراعية وتكنولوجيا البذور في إطار الجهود الرامية إلى ضمان الأمن الغذائي. وأظهرت البيانات أن إنتاج الأرز في عام 2024 ارتفع إلى 207.5 مليون طن، بزيادة 0.5 في المائة على أساس سنوي، في حين نما إنتاج القمح بنسبة 2.6 في المائة إلى 140.1 مليون طن. وشهد الذرة قفزة أكبر عند مستوى قياسي بلغ 294.92 مليون طن، بزيادة 2.1 في المائة عن العام السابق. وانخفضت فول الصويا بنسبة 0.9 في المائة إلى 20.65 مليون طن.

ويعزى الحصاد الوفير إلى زيادة زراعة الأرز والذرة، بالإضافة إلى غلة أفضل من الأرز والقمح والذرة.

وقال وي إن المساحة المزروعة بالحبوب على المستوى الوطني بلغت حوالي 294.9 مليون فدان (119.34 مليون هكتار)، بزيادة 0.3 في المائة عن العام السابق في السنة الخامسة على التوالي من التوسع.

وارتفعت مساحة زراعة الأرز للمرة الأولى منذ أربع سنوات، بنسبة 0.2 في المائة على أساس سنوي إلى 71.66 مليون فدان (29 مليون هكتار). كما ارتفعت مساحة زراعة الذرة بنسبة 1.2 في المائة إلى 110.54 مليون فدان (44.74 مليون هكتار). وانكمش حجم زراعة فول الصويا بنسبة 1.4 في المائة إلى 25.53 مليون فدان (10.33 مليون هكتار). كما انخفض حجم زراعة القمح بنسبة 0.2 في المائة إلى 58.32 مليون فدان (23.6 مليون هكتار).

وقالت وزارة الزراعة الصينية إنه على الرغم من زيادة الإنتاج، تظل الصين معتمدة على الإمدادات المستوردة من فول الصويا والذرة.