عودة الحياة ببطء في السودان...والإفراج عن قادة الحركة الشعبية

في ثاني أيام العصيان المدني

امرأة تسير في أحد شوارع مدينة أم درمان السودانية (إ.ب.أ)
امرأة تسير في أحد شوارع مدينة أم درمان السودانية (إ.ب.أ)
TT
20

عودة الحياة ببطء في السودان...والإفراج عن قادة الحركة الشعبية

امرأة تسير في أحد شوارع مدينة أم درمان السودانية (إ.ب.أ)
امرأة تسير في أحد شوارع مدينة أم درمان السودانية (إ.ب.أ)

أطلقت السلطات السودانية، اليوم (الاثنين)، سراح ثلاث قيادات بالحركة الشعبية السودانية، وهم ياسر عرمان وخميس جلاب ومبارك أردول، حسب وكالة الأنباء السودانية الرسمية (سونا)،  فيما عادت الحياة ببطء إلى الخرطوم في ثاني أيام العصيان المدني.  
وكان عرمان قد وصل للبلاد عقب نجاح الثورة السودانية، وقد أعلن عرمان قبيل اعتقاله أنه تلقى خمس رسائل من المجلس العسكري الانتقالي تطالبه فيها بمغادرة الخرطوم، كما أنه شارك في عدد من فعاليات قوى الحرية والتغيير بعد وصوله للخرطوم، حسب وكالة الأنباء الألمانية.
وعاد عدد من المحلات التجارية ومحطات تزويد الوقود للعمل في الخرطوم اليوم، فيما شوهدت حافلات المواصلات العامة تنقل ركاباً في الشوارع، في ثاني أيام حملة العصيان المدني الذي دعا إليه المحتجون.
وبدأ العصيان المدني أمس (الأحد) بناء على دعوة من قادة حركة الاحتجاج، وبعد أسبوع من فض الاعتصام أمام مقر القيادة العامة للجيش وسط العاصمة، والذي خلّف عشرات القتلى.
وفي أول أيام العصيان، قتل أربعة أشخاص، اثنان في الخرطوم واثنان في أم درمان، المدينة التوأم للعاصمة. وأغلق المحتجون عدداً من الطرق أمس في مناطق مختلفة بالعاصمة، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
ونقلت الوكالة عودة محال تجارية ومحطات وقود وبعض الوحدات في البنوك التجارية للعمل اليوم بعد أن كانت مقفلة أمس، كما شوهدت حافلات المواصلات العامة تقل الركاب.
وقال سائق إحدى الحافلات عبد الماجد محمد: «أن أعمل ليس معنى ذلك أنني ضد الثورة، ولكن يجب أن أعمل لمساعدة أسرتي في الحصول على النقود».
وحمّل العسكريون المحتجين مسؤولية تدهور الأوضاع الأمنية في الخرطوم، وأصدر المجلس العسكري بياناً مساء أمس (الأحد) حمّل فيه «قوى إعلان الحرية والتغيير» التي تقود الاحتجاج «المسؤولية الكاملة لكلّ الأحداث المؤسفة التي تسببت فيها الممارسات غير الرشيدة التي تقوم بها ما تسمى بلجان المقاومة بالأحياء».
ويقوم أفراد هذه اللجان بقطع الطرق بالعوائق والحجارة التي يكدسونها لتشكل ما يسمونه «متاريس» في إطار مقاومتهم للمجلس العسكري الذي تسلم السلطة بعد الإطاحة بالرئيس عمر البشير في 11 أبريل (نيسان) الماضي تحت ضغط الشارع.
وقرّر المجلس العسكري، نتيجة ذلك، «تعزيز الوجود الأمني للقوات المسلحة وقوات الدعم السريع والقوات النظامية الأخرى لإعادة الحياة إلى طبيعتها وتأمين المواطنين العزّل وفتح الطرق وتسهيل حركة الناس وحركة المركبات العامة والخاصة وحراسة المرافق الاستراتيجية والأسواق»، بحسب ما جاء في بيانه.



ميزانية حوثية لكبار القادة وعائلاتهم لتعزيز طرق التخفي والحماية

القيادي محمد علي الحوثي في اجتماع سابق مع كيان استحدثه للسيطرة على العقارات (إكس)
القيادي محمد علي الحوثي في اجتماع سابق مع كيان استحدثه للسيطرة على العقارات (إكس)
TT
20

ميزانية حوثية لكبار القادة وعائلاتهم لتعزيز طرق التخفي والحماية

القيادي محمد علي الحوثي في اجتماع سابق مع كيان استحدثه للسيطرة على العقارات (إكس)
القيادي محمد علي الحوثي في اجتماع سابق مع كيان استحدثه للسيطرة على العقارات (إكس)

أفادت مصادر يمنية مطلعة في صنعاء بأن الجماعة الحوثية خصصت ميزانية مالية ضخمة من موارد المؤسسات الحكومية المختطفة، على هيئة نفقات يومية لكبار القادة وأُسرهم، وذلك منذ انتقالهم من صنعاء إلى وجهات غير معلومة ضمن إجراءات احترازية لتجنب الاستهداف المباشر من المقاتلات الأميركية.

وكشفت المصادر لـ«الشرق الأوسط» عن أن مكتب زعيم الجماعة الحوثية أصدر في أواخر مارس (آذار) الماضي توجيهات إلى وزارة المالية في الحكومة غير المعترف بها، وهيئتي «الزكاة» و«الأوقاف» المستحدثتين، إلى جانب مؤسسات مالية أخرى تُدير أموال الجماعة المنهوبة، بتخصيص مليارات الريالات اليمنية لصالح قادة الصفين الأول والثاني ولأسرهم، لتغطية نفقات فترة اختفائهم عن الأنظار. (الدولار بنحو 535 ريالاً في مناطق سيطرة الجماعة).

ووفق المصادر ذاتها، فقد شددت التوجيهات على أن يُقتطع جزء من هذه الميزانية من التبرعات الشعبية التي جمعتها الجماعة سابقاً في مناطق سيطرتها تحت لافتة دعم القضية الفلسطينية.

وفي وقت تستمر فيه الجماعة في رفضها صرف رواتب الموظفين الحكوميين منذ سنوات، اتهمت مصادر عاملة في وزارة مالية الانقلاب تورط ثلاث قيادات حوثية بارزة هم: محمد علي الحوثي، ومهدي المشاط، وأحمد حامد، في الاستحواذ على النصيب الأكبر من تلك المبالغ المخصصة لكبار القادة.

ضربات أميركية دمّرت ميناء رأس عيسى اليمني الخاضع للحوثيين (رويترز)
ضربات أميركية دمّرت ميناء رأس عيسى اليمني الخاضع للحوثيين (رويترز)

وأكدت المصادر أن القيادي محمد علي الحوثي، ابن عم زعيم الجماعة، ومهدي المشاط، رئيس مجلس حكمها الانقلابي ومدير مكتبه أحمد حامد، حصلوا على الجزء الأكبر من تلك النفقات، رغم الأوضاع الإنسانية المتدهورة في البلاد.

نهب للموارد

في ظل هذا النهب المنظم للموارد، يعيش أكثر من ثلثي السكان في مناطق سيطرة الحوثيين على حافة الفقر والمجاعة، بينما تستمر الجماعة في التوسع في مشروعها المالي الخاص عبر استغلال الموارد العامة وتوظيفها لصالح القادة وأُسرهم.

كان ناشطون موالون للحوثيين قد كشفوا عن أن مصروفات أحد قادة الجماعة من الصف الرابع بلغت خلال عام واحد فقط أكثر من ملياري ريال يمني، وهو ما يعكس حجم الفساد المالي في صفوف الجماعة حتى في المستويات الدنيا من القيادة.

وتزامناً مع الإنفاق السخيّ على القيادات، كثّفت الجماعة من فرض الإتاوات والجبايات غير القانونية على المواطنين والتجار في مختلف المناطق الخاضعة لها، لتعويض النفقات المتزايدة للقادة المختفين عن الأنظار.

ومنذ بدء الغارات الأمريكية ضد الحوثيين في 15 مارس الماضي، نفَّذت قيادات حوثية عمليات نهب واسعة شملت مؤسسات حكومية ومقرات رسمية في صنعاء ومدناً أخرى، كما باعت أراضي وعقارات تعود ملكيتها إلى الدولة أو صودرت سابقاً من مواطنين.

تلاعُب بالمساعدات

في موازاة ذلك، اتهمت مصادر حقوقية الجماعة الحوثية بمحاولة وقف صرف المساعدات النقدية التي تقدمها منظمات أممية ودولية ضمن المرحلة الـ19 المخصصة للحالات الفقيرة في صنعاء وريفها، ومحافظات إب، وعمران، وذمار، وريمة، والحديدة.

نازح يحمل مساعدات غذائية على أطراف صنعاء (إ.ب.أ)
نازح يحمل مساعدات غذائية على أطراف صنعاء (إ.ب.أ)

وتستمر الجماعة الحوثية في وضع العراقيل أمام صرف هذه المساعدات، مما تسبب في حرمان مئات الأسر المستحقة في مديريات صنعاء مثل معين وبني الحارث وصنعاء القديمة وبني مطر وأرحب، إضافة إلى مناطق ريفية أخرى.

واشتكى عدد من المستفيدين في صنعاء ومحافظات أخرى لـ«الشرق الأوسط» من ممارسات حوثية تهدف إلى عرقلة عملية صرف المساعدات في بعض مراكز التوزيع، مما فاقم من معاناتهم في ظل أوضاع معيشية متدهورة.