الحركة الاحتجاجية في الجزائر تمنع الرئيس ورئيس الوزراء من حضور نهائي الكأس

TT

الحركة الاحتجاجية في الجزائر تمنع الرئيس ورئيس الوزراء من حضور نهائي الكأس

غاب الرئيس الجزائري الانتقالي، عبد القادر بن صالح، ورئيس الوزراء نور الدين بدوي، عن مباراة نهائي كأس الجزائر لكرة القدم، السبت، وذلك لتفادي مواجهة الجمهور في خضم حركة احتجاجية غير مسبوقة تشهدها البلاد، كما نقلت وسائل إعلام.
وحسب وسائل الإعلام، فإن هذه أول مرة يغيب فيها الرئيس أو رئيس الوزراء، الذي ينوب عنه، منذ انطلاق هذه المنافسة في موسم 1962 - 1963، بينما تم تكليف وزير الشباب والرياضة سليم رؤوف برناوي بهذه المهمة، كما ظهر على التلفزيون الحكومي الذي نقل المباراة. وأفادت وكالة الصحافة الفرنسية، بأنه قبل بداية المباراة اندلعت أعمال شغب بين مناصري الناديين: «شباب بلوزداد» و«شبيبة بجاية» في «ملعب مصطفى تشاكر» بالبليدة. ولم تسلم المنصة الرسمية من رمي مقذوفات، ما اضطر قوات الأمن إلى إخراج الوزراء وباقي الرسميين، كما أكد موقع «كل شيء عن الجزائر» الإخباري.
ونشر نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً لرمي قارورات ماء خلف منصة الشرف، وأمكن سماع صيحات «سلطة قاتلة» باللغة الفرنسية، من دون أن تظهر مغادرة الرسميين.
وتأخر انطلاق المباراة المقررة في الساعة الخامسة لنحو 10 دقائق لانتظار إعادة تأمين المدرجات، وعودة الوزير لمصافحة لاعبي الناديين على أرض الميدان، كما أظهر التلفزيون الناقل للمباراة.
وقرّر المصورون مقاطعة نزول الوزير إلى أرض الميدان بوضع كاميراتهم على الأرض، احتجاجاً على تأخير دخولهم إلى الملعب. وانتهت المباراة بفوز «شباب بلوزداد» بنتيجة هدفين لصفر، ليُتوج بالكأس للمرة الثامنة في تاريخه.
ومنذ مرض الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، في 2013، أصبح تسليم الكأس، وهي منافسة تنظمها رئاسة الجمهورية، من مهام رئيس الوزراء، كما فعل أحمد أويحيى في نسخة الموسم الماضي، علماً بأنه تعرض لصيحات استهجان طوال المباراة.
وعلق الباحث الاجتماعي ناصر جابي، على غياب الرئيس ورئيس الوزراء، خوفاً من الجمهور، بأن «ملاعب كرة القدم في الجزائر هي المناطق الأولى من التراب الوطني المحررة من النظام»، كما كتب على صفحته على موقع «فيسبوك».
ويعد جمهور الملاعب من أبرز الناشطين في الحركة الاحتجاجية غير المسبوقة منذ بدايتها في 22 فبراير (شباط)، كما أن أغانيهم التي فيها الكثير من الرسائل السياسية هي الأكثر ترداداً في المظاهرات الأسبوعية كل يوم جمعة.
على صعيد آخر، أوردت وكالة الأنباء الجزائرية أن آراء الطبقة السياسية تباينت إزاء الخطاب الذي وجهه رئيس الدولة عبد القادر بن صالح، للأمة، الخميس، ودعا فيه مجدداً إلى تبني «الحوار الشامل» من أجل «رسم طريق المسار التوافقي» للخروج من الأزمة السياسية، وذلك بين مرحب بذلك ومصر على المطالبة بالتغيير.
وفي هذا الإطار، رحب «التجمع الوطني الديمقراطي» بـ«نداء» رئيس الدولة من أجل الالتحاق بحوار وطني جاد، لتوفير شروط عقد انتخابات رئاسية نزيهة، مؤكداً أن الشعب الجزائري «عبر عن إرادته السيدة من أجل التغيير، وقد حان الوقت لتطبيق المادة 8 من الدستور من خلال انتخاب رئيس الجمهورية الذي سيجسد هذا التغيير والإصلاحات المرجوة».
وأوضح الحزب، في بيان له، أن «الجزائر تناشد جميع الوطنيين للجلوس معاً، والتوجه مع بعض للانتخابات الرئاسية في أقرب وقت ممكن، لكي نضمن جميعاً الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي للبلاد».
وأكدت «الحركة الشعبية الجزائرية» على «استعدادها للمساهمة» بمشاركتها من أجل إنجاح هذا الحوار الذي دعت إليه الدولة الجزائرية، معتبرة أن موقفها هذا «مبدئي، لأننا على أتم القناعة بأن الأزمة الحالية التي يعيشها بلدنا لن تجد حلاً لها إلا عن طريق مشاورات شاملة وصريحة بين مختلف الشركاء».
وأكدت الحركة أن هذا الحوار «سيفضي إلى انتخابات رئاسية، والتي تعتبر الحل السياسي والديمقراطي الذي يسمح بانتخاب رئيس جديد للجمهورية يتمتع بالشرعية والمصداقية اللازمتين لقيادة مختلف الإصلاحات المطلوبة من طرف الشعب»، مشيرة إلى أن «هذا الرجوع إلى صناديق الاقتراع في أقرب الآجال الممكنة يجب أن يسبقه إنشاء هيئة انتخابية مستقلة تضطلع بمهمة ضمان شفافية وحرية الانتخابات المقبلة».
بدوره، قال «التحالف الوطني الجمهوري» إنه تلقى «بارتياح» مضمون خطاب رئيس الدولة، لا سيما الدعوة لحوار وطني شامل لتوفير أحسن الظروف لإجراء الانتخابات الرئاسية في أقرب وقت ممكن، مؤكداً أن هذه الدعوة «تنسجم مع الموقف الثابت المعبر عنه من طرف الحزب منذ بداية الأزمة السياسية في البلاد، الذي يعتبر أن الحوار الشامل والجاد وغير الإقصائي، هو السبيل الوحيد لتجاوز تعقيدات المرحلة، في إطار الحل الدستوري والانتخابي».
وجدد الحزب دعوته لجميع الشركاء، من أحزاب سياسية ومجتمع مدني وممثلي الحراك الشعبي، إلى «ضرورة تغليب المصالح العليا للأمة فوق المصالح الحزبية أو الشخصية الضيقة، والشروع، دون تضييع لمزيد من الوقت، في حوار مسؤول، واقعي وبناء، بما يسمح بتلبية الطموحات والمطالب المشروعة للحراك الشعبي، وتجسيد الإرادة الشعبية السيدة في كنف انتخابات رئاسية لا تشوبها شائبة، تكون بدايتها التوافق حول هيئة وطنية مستقلة لتنظيم والإشراف على الانتخابات».
وثمنت «حركة الإصلاح الوطني»، مضمون خطاب بن صالح، مبرزة أن آلية الحوار تعد بمثابة «الطريق الأقدر على التقريب بين الرؤى والسبيل الأسلم على إحداث توافق وطني يخرج البلاد من الأزمة الراهنة».
ورأى رئيس الحركة، فيلالي غويني، ضرورة «الذهاب العاجل» إلى جلسات حوار وتشاور تجمع مختلف الفاعلين لتحقيق «توافق وطني واسع تزاوج مخرجاته بين النص الدستوري، وبين الحلول السياسية التي تستنبط تدابيرها من روح الدستور، ووضع بذلك ورقة طريقة توافقية وآمنة، تقود إلى استحقاق رئاسي في أقرب الآجال».
بالمقابل، اعتبرت «جبهة القوى الاشتراكية»، أن خطاب رئيس الدولة يرمي إلى «الإبقاء على الوضع الراهن ومقاومة التغيير»، وإلى «تنفيذ السلطة لخريطة طريق تهدف إلى الحفاظ على نظام عقيم ومستهلك بدل اتباع سبيل الحكمة والاستجابة للمطالب الشعبية». وأكد الأمين الوطني الأول للحزب، حكيم بلحسل، أن «الحلول السياسية موجودة، ولا تنتظر إلا أن تأخذ بعين الاعتبار».



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.